هل تستجيب ميزانية قطاع التعليم لسنة 2013 لتحديات ورهانات المنظومة التربوية؟

هل تستجيب ميزانية  قطاع التعليم لسنة 2013 لتحديات ورهانات المنظومة التربوية؟

أخبارنا المغربية

 

قام السيد وزير التربية الوطنية يوم الأربعاء 14 نونبر 2012 بعرض أمام لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب لأولويات مشروع برنامج العمل السنوي، و للخطوط العامة لبرنامج العمل المتوسط المدى للوزارة ، وكذا لمضامين مشروع ميزانيتها السنوية برسم السنة المالية 2013.

  ويتشكل برنامج العمل المتوسط المدى 2013/2016 من خمس مجالات  أساسية : العرض المدرسي ،جودة التعليم ،المؤسسة التعليمية ،الحكامة ،الموارد البشرية. كما تركز أولويات برنامج العمل لسنة 2013 على مجموعة من المحاور أهمها: البناءات المدرسية، الدعم الاجتماعي، تدبير المؤسسات، تدبير الموارد البشرية،  التكوين المستمر.

وتبقى مسألة التأطير الميزانياتي لهذه البرامج و مصادر وطرق  تمويلها و مدى استجابتها لتحديات و رهانات المنظومة التربوية، الإشكالية الأساسية التي يتمحور حولها مشروع ميزانية وزارة التربية الوطنية لسنة 2013 ، وهذا يستدعي منا طرح مجموعة من التساؤلات الملحة :

·        هل المجهود المالي المبذول في ميزانية 2013 يعكس بجلاء ملامح خطة إصلاح المنظومة التربوية التي تمركز حولها الخطاب الملكي الأخير ل20 غشت، و يترجم في نفس الوقت مضامين التصريح الحكومي في شقه المتعلق بقطاع التربية والتعليم ؟

·        إلى أي حد يمكن اعتبار الميزانية المرصودة لقطاع التربية والتعليم لسنة 2013، إجابة عملية على إكراهات و صعوبات المنظومة التربوية، على اعتبار تداعيات الأزمة الاقتصادية و تأثيرها المباشر على تقليص الإعتمادات المالية المخصصة للقطاعات الاجتماعية و على رأسها قطاع التربية و التكوين؟

·        ما مدى قدرة الميزانية المخولة لقطاع التربية و التعليم برسم السنة المالية 2013 على تمويل برنامج العمل السنوي للوزارة الذي يندرج بدوره في إطار برنامج العمل المتوسط المدى 2013/2016 ؟

إننا لا ندعي امتلاك الإجابة الشافية على هذه التساؤلات و الإشكاليات المالية المؤرقة، بقدر ما سنحاول  في هذه الورقة، مقاربتها و إماطة اللثام عن بعض الإكراهات و الصعوبات، من خلال عرض و قراءة للخطوط العريضة لمشروع ميزانية وزارة التربية الوطنية لسنة 2013، ومحاولة تسليط الضوء على بعض نقط القوة و نقط الضعف التي تطبع هذا المشروع المالي.

تحديات ورهانات كبرى في مقابل اعتمادات مالية محدودة

لابد من التذكير في البداية أن مشروع ميزانية وزارة التربية الوطنية لسنة 2013، يأتي في ظرف دقيق. فمن جهة، فهو يتزامن مع نهاية البرنامج الإستعجالي الذي تطلب من الدولة مجهود مالي جد مهم،  واستنزف اعتمادات مالية ضخمة لم تمكنه من تحقيق الأهداف المسطرة ولا من تقديم الإجابات العملية على الإشكاليات الكبرى للمنظومة التربوية.

 و من جهة أخرى، يصادف إعداد مشروع ميزانية لسنة 2013 ، استمرار الأزمة الاقتصادية وتداعياتها السلبية على القطاعات الاجتماعية ، الشيء الذي أجبر الحكومة على التقليص من الإعتمادات المخصصة لقطاع التربية و التعليم، و بالتالي الرجوع إلى الوضعية المالية لما قبل 2008. و هذا يظهر جليا في حجم الاعتمادات المالية المرصودة في ميزانية 2013، و في التراجع  الذي مس أهم المؤشرات المالية المرتبطة بها.

انخفاض أهم المؤشرات المالية:

فرغم استقرار نسبة لاتمركز التدبير المالي في 90 %، و التي تعكس التوجه نحو تكريس  خيار اللامركزية و اللاتركيز الذي تنهجه الدولة في أفق ترسيخ الجهوية الموسعة،  فإننا نلاحظ بالمقابل انخفاض الإعتمادات المرصودة للأكاديميات برسم السنة المالية 2013 مقارنة مع سنة 2012.

فميزانية التسيير مثلا)المعدات والنفقات المختلفة (انخفضت من3 404  مليون درهم سنة 2012  إلى 3 350 مليون درهم سنة 2013 ،  كما أن ميزانية الاستثمار (التزام+ أداء)  تقلصت من 13 486  مليون درهم برسم السنة المالية 2012  إلى 8 079  مليون درهم سنة 2013، و هذا راجع بالأساس إلى  سياسة التقشف التي تنهجها الحكومة نتيجة تداعيات الأزمة الاقتصادية التي أثرت بشكل  مباشر على مخصصات القطاعات الاجتماعية و على رأسها قطاع التربية و التكوين.

و بخصوص الإعتمادات المرصودة للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين فقد عرفت بدورها انخفاضا ملحوظا ، حيت تقلصت ميزانية التسيير المرصودة للأكاديميات من حوالي 3150 مليون درهم سنة 2012  إلى حوالي 2 540   مليون درهم سنة   2013 ، فيما انخفضت ميزانية الاستثمار (أداء+ التزام) من حوالي 8079 مليون درهم سنة  2012 إلى حوالي 4798 مليون درهم سنة  2013.

نفس الشيء يخص تطور نسب تنفيذ ميزانية الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، فإلى حدود 30شتنبر 2012 ، بلغت نسبة الالتزام لميزانية الاستثمار (اعتمادات الأداء) 84 % ، مقابل 86%  سنة 2011، كما وصلت نسبة الالتزام لميزانية الاستغلال هذه السنة 79% مقابل 84 % سنة 2011 .

التقليص من الاعتمادات المالية المرصودة: 

بلغت الإعتمادات المخصصة لأجور الموظفين 808 34 مليون درهم  سنة 2012 ، مقابل 780 35 مليون درهم سنة 2013 ، أي بنسبة تطور تصل إلى 3% . فيما انخفضت الاعتمادات المالية المرصودة  للمعدات والنفقات المختلفة من 4 437 مليون درهم  سنة 2012 إلى 810 3 مليون درهم برسم السنة المالية 2013   أي بنسبة -14 % .

و ستعرف ميزانية التسيير ارتفاعا طفيفا، حيث ستنتقل من 39 245 مليون درهم سنة 2012 إلى 39590 مليون درهم برسم السنة المالية 2013  أي بنسبة 1% . وتتوزع اعتمادات ميزانية التسيير ( 39 500مليون درهم) بين الإعتمادات المخصصة  للموظفين و التي تشكل 90%   من المجموع ، و بين المعدات و النفقات المختلفة و التي لا تمثل سوى 10 %.

بينما ستتقلص ميزانية الاستثمار) أداء (من 3000 مليون درهم سنة 2012 إلى 2600 مليون درهم برسم السنة المالية 2013  أي بنسبة -13 % . كما سينخفض الغلاف الإجمالي لإعتمادات ميزانية الاستثمار (أداء+ التزام) من 9000  مليون درهم برسم السنة المالية  2012 إلى 5400 مليون درهم فقط سنة 2013 ، تذهب  93 % منه للمصالح الخارجية، و4%  للمصالح المركزية، و 3% لاقتناء الأراضي و تسديد الشطر السنوي من القرض الخاص بصندوق التجهيز الجماعي.

نقط قوة المشروع:

ركز مشروع ميزانية وزارة التربية الوطنية لسنة 2013 على الدعم الاجتماعي حيث خصص له 885 مليون درهم أي ما يمثل 23% من ميزانية الاستغلال التي تناهز800 3 مليون درهم.

و في هذا الإطار، من المتوقع أن يرتفع عدد المستفيدين من المطاعم المدرسية و الداخليات على التوالي ب  2 500  و 2 640 مستفيد جديد مقارنة مع ميزانية 2012 . كما سيبلغ عدد المستفيدين من النقل المدرسي 60 426  تلميذ، أي بزيادة 10 205  مستفيد جديد مقارنة مع عدد المستفيدين في إطار الميزانية الحالية.

 و من المرتقب كذلك،  أن يصل عدد المستفيدين من المبادرة الملكية «مليون  محفظة» إلى 3906948 مستفيدا. كما سيرتفع عدد المستفيدين من برنامج «تيسير» إلى 860 ألفَ تلميذ، بزيادة 77 ألفَ مستفيد جديدا مقارنة مع ميزانية 2012 .

 و في هذا الصدد، سترتفع إعانة مؤسسة محمد السادس من697   مليون درهم سنة 2012إلى حوالي 732 مليون درهم سنة 2013. كما ارتفعت منح الاستحقاق بدورها من 29 مليون درهم سنة 2012 إلى32    مليون درهم سنة 2013.

و نسجل كذلك، الارتفاع الملحوظ لمنح تكوين الطلبة الأساتذة بالمراكز الجهوية، حيث قفز الاعتماد المرصود من 32 مليون درهم سنة  2012  إلى 288 مليون درهم سنة  2013، نتيجة انتقال قيمة المنحة الشهرية من 547 درهم إلى حوالي 2450 درهم شهريا ، فضلا عن الاستفادة عند الاقتضاء ، من التعويضات العائلية المخولة للموظفين.

إلا أنه وبرغم من الانخفاض الملحوظ في ميزانية الاستثمار (400 5 مليون درهم) مقارنة مع 2012، فقد حرص مشروع ميزانية وزارة التربية الوطنية لسنة 2013 على استكمال الإحداثات التي هي في طور الإنجاز (4 146 مليون درهم)،  و انطلاق مشروع تعويض المفكك (200 مليون درهم)،  و كذا تأهيل المؤسسات التعليمية (200 مليون درهم).

نقط ضعف المشروع

عند تصفحنا لمضامين مشروع ميزانية وزارة التربية الوطنية لسنة 2013 ، و موازاة مع إيجابيات المشروع، لاحظنا مجموعة من النقائص التي من شأنها إعاقة تنفيذ  برنامج العمل السنوي للوزارة، والذي يندرج بدوره في إطار برنامج العمل المتوسط المدى 2013/2016 :

·        انخفاض الاعتمادات الإجمالية المرصودة : حيث أن اعتمادات ميزانية التسيير (المعدات والنفقات) انتقلت من حوالي 4437 مليون درهم سنة 2012  إلى  حوالي 3810مليون درهم سنة   2013، كما تقلص الغلاف الإجمالي لإعتمادات ميزانية الاستثمار (أداء+ التزام) من 9000 مليون درهم برسم السنة المالية  2012 إلى  5400 مليون درهم فقط سنة  2013 ؛

·        غياب الإحداثات و البناءات الجديدة (مدارس ابتدائية، إعداديات، ثانويات تأهيلية، داخليات...) حيث تم الاقتصار في مشروع الميزانية على استكمال الإحداثات التي هي في طور الإنجاز، و إحداث 21 مدارس جماعاتية  بمبلغ يصل إلى 252  مليون درهم؛

·        انخفاض ملموس في الإعتمادات المرصودة الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين مقارن مع سنة 2012؛

·        ضعف نسب تنفيذ ميزانية الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين (بلغت نسبة الالتزام لميزانية الاستثمار إلى حدود 30شتنبر 2012 : 84 % و  نسبة الالتزام لميزانية الاستغلال:  79  %

·        غياب اعتمادات مالية تدخل في إطار تحفيز ودعم نساء و رجال التعليم؛

·        غياب اعتمادات تتعلق بالبرنامج  الخاص بسكنيات المدرسين بالوسط القروي في ميزانية 2013، مما يعني توقف هذا البرنامج (رصد غلاف 200  مليون درهم سنة  2012).

و إجمالا ، وبعد هذه القراء ة السريعة  في مؤشرات و معطيات مشروع ميزانية وزارة التربية الوطنية لسنة 2013 ، يحق لنا أن نتساءل عن مدى جدوى و واقعية ميزانية 2013 ؟ وهل يمكن اعتبار هذا المشروع المالي في مستوى تطلعات و رهانات وأولويات المرحلة الراهنة، بالنظر إلى  سقف الإنتظارات وحجم ومتطلبات الإصلاح المنشود لمنظومتنا التربوية ، خصوصا وأن إعداده يتزامن مع  فشل البرنامج الإستعجالي الذي ضخت فيه أموال مهمة و لم ينجح في تحقيق النتائج المرجوة؟ 

عبد الغفور العلام


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات
المقالات الأكثر مشاهدة