هذا ما قاله "أضرضور" عن التدريس بالتناوب حضوريا وعن بعد
أخبارنا المغربية
في إطار تقييم أولي لتجربة الدراسة بالتناوب حضوريا وعن بعد، يجيب السيد محمد أضرضور، مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الرباط سلا القنيطرة، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، عن ثلاثة أسئلة حول هذه التجربة، ومدى تأثيرها على السير العادي للامتحانات.
1 - كيف تقيمون بناء على المعطيات المتوفرة لديكم تجربة التدريس بالتناوب حضوريا وعن بعد ؟
لم يكن من السهل الحسم في قرار الدخول المدرسي الذي تزامن مع تفشي الموجة الثانية لجائحة (كوفيد- 19)، مما جعل الوزارة الوصية، حرصا منها على دستورانية الحق في التعليم والحفاظ على الصحة الجماعية، تنوع الأنماط التربوية المعتمدة وتفتح الاختيار أمام الآباء والأولياء والأمهات.
فوفق المذكرة الوزارية عدد39. 20 حددت الأنماط التربوية في:
- النمط التربوي القائم على التناوب؛
- النمط التربوي الحضوري
- النمط التربوي عن بعد.
علما بأن الأنماط المشار إليها مرتبطة بمجموعة من الشروط والتدابير المستلهمة من توصيات منظمة الصحة العالمية والبرتوكول المعمول به وفق توجيهات وزارة الصحة ببلادنا.
بالنسبة للأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الرباط سلا القنيطرة، فقد انخرطت في هذه المحطة انطلاقا من التجربة التي راكمتها خلال مرحلة الاستمرارية البيداغوجية (إنتاج الدروس التلفزية، الحوامل الرقمية، المنصات التفاعلية، تتبع المجالس التعليمية، امتحانات البكالوريا...)، مما يسر دخولا مدرسيا سلسا على مستوى الجهة، حيث التحق أزيد من مليون تلميذة وتلميذ.
بخصوص تقييم التجربة إلى حدود اليوم، فنحن نؤمن بكون التقييم سيرورة مندمجة في تدبيرنا لمختلف المحطات والعمليات، حيث انطلق عبر تتبع تصريف وتنزيل هذه الأنماط داخل المؤسسات التعليمية، سواء من خلال الدلائل التوجيهية التي أعدتها المنسقيات التخصصية الجهوية، وكذلك المساهمة الإقليمية لهيئة التأطير والمراقبة التربوية.
فلا يسعنا إلا أن نسجل بكل إيجابية الانخراط الوطني والمسؤول لكافة المتدخلين (المفتشون، الأساتذة، المدراء، النظار، الحراس العامون، الجمعيات المهنية وجمعيات آباء وأمهات وأولياء الأمور)، دون إغفال دور النقابات التعليمية في تيسير العملية.
اليوم ومن خلال مختلف تقارير وأعمال اللجنة الجهوية واللجان الإقليمية لليقظة والتتبع، وكذا هيئة التأطير والمراقبة التربوية، يمكن القول إن هذه التجربة على المستوى الجهوي حققت الأهداف المسطرة، حيث أن نسبة الإنجاز الفعلي للبرامج الدراسية المقررة للسنة الدراسية 2020- 2021 بلغت نسبة عادية (38 في المائة)، علما بأن هذه النسبة تبقى متغيرة حسب الأسلاك ونوع التعليم (عمومي/خصوصي).
كما وجبت الإشارة إلى أنه تم الحرص على الاستثمار الأنجع لمحطة التقويم التشخيصي والدعم الاستدراكي طيلة الأسابيع الأربعة الأولى من الدخول المدرسي.
ينضاف إلى ذلك أنه في إطار الحرص على تنزيل البروتوكول الصحي المعمول به، عرفت بعض المؤسسات التعليمية التابعة لهذه الأكاديمية الانتقال بين فترات معينة إلى نمط التعليم عن بعد، والذي من خلاله يستفيد المتعلمون والمتعلمات من الدروس التي تبثها قنوات الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة وتخضع لرصف تام مع البرامج الدراسية، وكذلك من خلال تطبيق الدراسة المجاني (telmidtice) الذي يشمل مختلف الأسلاك التعليمية المدرسية، والذي من شأنه اليوم المساهمة في تجويد التحصيل الدراسي لكافة رواد المدرسة المغربية من خلال دعم وتثبيت مكتسباتهم التعليمية، أو من خلال بناء معارف جديدة وفق المنهاج الدراسي، وحسب خصوصياتهم الزمانية والمجالية، تجسيدا لمبدأ تكافؤ الفرص.
وعليه وانطلاقا من مؤشرات الأداء المعتمدة في هذه الأكاديمية، فإن النتائج المشجعة جدا المحصل عليها لحدود الساعة، من شأنها تعزيز التعلم الذاتي واستقلالية المتعلم في اتجاه تطوير التعلم مدى الحياة. هذا النهج الذي يبقى أداة لمسايرة التحولات المعرفية والمجتمعية المتسارعة. فالرهان اليوم يبقى تعزيز استقلالية وذاتية المتعلمين في بناء معارفهم وتنمية قدراتهم الذاتية.
2-ما مدى تأثير اعتماد نمط التدريس بالتناوب على السير العادي للامتحانات ؟
يشكل التقويم التربوي، كما هو معلوم ، إحدى ركائز ودعامات العملية التعليمية - التعلمية، فإلى جانب وظائفه المتعددة (التشخيص، التعديل، التوجيه...)، يبقى الوظيفة الإشهادية الوحيدة التي تحظى باهتمام المجتمع أفرادا ومؤسسات. فالامتحانات تبقى إحدى أهم وأكثر الأشكال التقويمية استعمالا لتقييم حصيلة التعلمات.
هنا وجبت الإشارة إلى أن مسار الامتحانات بقطاع التربية الوطنية ببلادنا راكم تجارب إيجابية خلال العقدين الأخيرين على الخصوص، تجعله اليوم مسايرا للأنظمة التقويمية المعمول بها إلى حد كبير.
واليوم نتحدث عن مبدأ ملاءمة البرامج الدراسية مع المنهاج الافتراضي الدولي، ونستأنس بمبادئ بعض الاختبارات الدولية (tims ، Pirls...) وذلك من خلال استحضار المستويات المهارية في بناء الاختبارات.
وهنا ينبغي ألا يغيب عن الأذهان بأننا نتوفر اليوم على أطر مرجعية خاصة بالامتحانات الإشهادية للأسلاك الثلاثة من الطراز الرفيع، وهي مبنية على أسس ومعايير علمية مستمدة من أحدث المدارس في علم التقويم.
إن المنعطف الحالي في ظل الجائحة هو أننا أمام نمط تربوي جديد قائم على التناوب بين الحصص الحضورية وحصص التعلم الذاتي، مما يستوجب التفكير الجماعي لتكييف المعايير وتطوير آليات التقويم التربوي (المراقبة المستمرة ،الأداءات والإنجازات، المشاريع التعليمية، الامتحانات).
التفكير اليوم ينبغي أن ينصب حول وظيفية الامتحان الذي يبقى أداة ضمن أدوات تقييمية عديدة ومتعددة، وهي وظيفة لا ينبغي أن تقتصر فقط على الإشهاد، بل ينبغي أن تعزز وتقوي التعلم الذاتي.
إن الأمر يتعلق بورش تشتغل عليه الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الرباط سلا القنيطرة كباقي الأكاديميات بتوجيه من الوزارة الوصية، وبتنسيق مع مصالحها المركزية في إطار تفعيل أحكام القانون الإطار 51-17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، وذلك ضمن مجال الارتقاء بجودة التربية والتكوين.
ويبقى الرهان تطوير وتجديد آليات التقويم التربوي، وذلك لجعله عاكسا بصورة صادقة للمؤهلات التي يتوفر عليها المتعلم، وضامنا لمصداقية وموثوقية النتائج، وداعما للتعلمات، مع الأجرأة الفعلية لمبدأي الإنصاف وتكافؤ الفرص بين مختلف المتعلمين بالمدرسة المغربية.
كل هذا لا ينبغي أن يجعلنا نغفل إشكالا كبيرا يتجلى في قطيعة موروثة عن الماضي خلقت عبر عقود فجوة كبيرة بين أنماط التقويم التربوي المطبقة في التعليمين المدرسي والعالي، وحتى التكوين المهني، والتي طالما طرحت بالنظر إلى ما تساهم فيه من هدر جامعي، مما يستوجب اليوم في ظل تجميع القطاعات الثلاثة (التربية الوطنية والتعليم العالي والتكوين المهني) فتح نقاش تربوي جريء ومستعجل من أجل بناء تصور منسجم ومتكامل، يضمن سيرورة تقويم التعلمات في مختلف المراحل التعليمية في تناغم واضح المعالم بين المقاربات التقويمية المعتمدة ضمن البيداغوجيا الجامعية، وذلك عن طريق استحضار خصوصيات مختلف المؤسسات والأقطاب والتخصصات الجامعية، وهذا ورش يتطلب الانكباب المستعجل إنقاذا لأجيال من الطلبة.
3- بخصوص تدبير الزمن المدرسي بين "الحضوري وعن بعد" ، هل تتم برمجة نمطي التدريس على مستوى الأكاديمية أم المؤسسة التعليمية ؟
حرصا منا على تأمين المبدأ الدستوري المتعلق بالحق في التعليم، وإيمانا بواجبنا الوطني والمهني، فإن تدبير الأكاديمية لمختلف محطات وعمليات السنة الدراسية يحظى باهتمام كبير، من خلال السهر على تنفيذ توجيهات الوزارة، وكذا تصريف مخطط العمل الجهوي، الذي يندرج في إطار تنزيل الجهوية الموسعة المستحضرة للخصوصيات المجالية.
إلا أن هذه السنة الاستثنائية جعلتنا نتبنى مقاربة تدبيرية مغايرة تقوم على التدبير بالسيرورات / العمليات حيث الغاية هي المصلحة الفضلى للمتعلمين.
ففي إطار استحضار التوجيهات الملكية السامية الرامية لتعزيز اللاتمركز الإداري وتفعيل الجهوية، فإن عملية تحديد الأنماط التربوية الملائمة تبقى قرارا سياديا للمؤسسة التعليمية، التي نسهر على تعزيز استقلاليتها في إطار مشروع المؤسسة.
غير أن هذا التوجه لا ينبغي أن يجعلنا نغفل أن المتحكم في اتخاذ القرار هو تصريف مقتضيات البروتوكول المسطر من طرف السلطات الصحية والتي تسهر السلطات الترابية المحلية على الالتزام به.
يبقى دور الأكاديمية هو السهر على استمرار اليقظة اللازمة لمواجهة الجائحة في الأوساط المدرسية وضمان السلامة الصحية لجميع المتدخلين.
وللتذكير فإن الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الرباط سلا القنيطرة أحدثت قبل شهرين - وكنا سباقين إلى ذلك على مستوى الأكاديميات - مسطحة خاصة لتتبع جائحة كوفيد-19 بالمؤسسات التعليمية، تسهر عليها طبيبتا الأكاديمية بتنسيق مع طاقم المركز الجهوي لمنظومة الإعلام، وكذا المديرية الجهوية للصحة.