لماذا أصر "بنموسى" على استفزاز الأساتذة؟

لماذا أصر "بنموسى" على استفزاز الأساتذة؟

أخبارنا المغربية

بقلم: إسماعيل الحلوتي

بالرغم من تواصل احتجاجات وإضرابات نساء ورجال التعليم داخل أسوار المؤسسات التعليمية وخارجها في جميع جهات المملكة، للتعبير عن رفضهم للنظام الأساسي الجديد الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية، الذي صادقت عليه الحكومة في مجلسها الذي انعقد يوم الأربعاء 27 شتنبر 2023، ونشر في الجريدة الرسمية عدد 7237 بتاريخ 9 أكتوبر 2023، باعتباره نظاما تراجعيا وإقصائيا، يتضمن ثغرات واختلالات ويحمل في طياته مآس أخرى إضافية، جاعلا من العقوبات التأديبية درعا واقيا له.

وفضلا عن الاحتقان الكبير القائم في قطاع التربية الوطنية، جراء هذا النظام الأساسي الجديد الذي جاء محبطا ومخيبا لآمال الأساتذة المزاولين والمتقاعدين على حد سواء، ومقاطعة النقابات التعليمية المشاركة في الحوار القطاعي للقاء الذي دعت إليه الوزارة يوم الثلاثاء 24 أكتوبر، احتجاجا على الأسلوب الذي تم اعتماده في تمرير هذا "المشروع المشؤوم" دون الأخذ بما تقدمت به من مقترحات تهدف إلى تجاوز نقائصه، ولاسيما فيما يتعلق بالزيادة في الأجور والرفع من التعويضات.

فإن مهندسه الذي هو نفسه مهندس النموذج التنموي الجديد ووزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة شكيب بنموسى، يصر للأسف الشديد على التمادي في استفزاز نساء ورجال التعليم عامة والأكثر تضررا منهم خاصة، ليس فقط من خلال خرجاته الإعلامية الباهتة والرامية إلى محاولة إقناع أمهات وآباء وأولياء التلاميذ وغيرهم من فعاليات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية بأهمية هذا النظام الجديد، الذي يدعي أنه جاء للنهوض بالمدرسة العمومية وتحسين مستويات التلاميذ، بل كذلك لمهاجمة الأساتذة وتحميلهم مسؤولية هدر الزمن المدرسي وإضاعة مصلحة المتعلمات والمتعلمين من أبناء الشعب.

والمؤسف أن الأمر لم يبق منحصرا فقط داخل المؤسسات التعليمية وفي الشارع وعلى صفحات الصحف الوطنية ومنصات التواصل الاجتماعي، بل امتد إلى قبة البرلمان، حيث سارع برلمانيون بمجلس النواب إلى مساءلة الوزير بنموسى حول الأسباب الكامنة خلف استمرار التوتر في الساحة التعليمية وعدم إدراج هيئة التدريس في أنظمة التعويضات الجديدة، الرفع من أجور موظفي القطاع على غرار عدد من القطاعات الأخرى، كما التزمت بذلك الحكومة في برنامجها، فضلا عن عدم الاكتفاء بالإحالة على قانون الوظيفة العمومية، فيما يتعلق بالعقوبات التأديبية، مستنكرين إضاعة سنتين من الانتظار والترقب دون أن يأتي نظامه الأساسي الجديد بما من شأنه إحداث الانفراج المأمول، التقليص من منسوب التوتر والإضرابات في أوساط هيئة التدريس والإدارة التربوية وهيئة المراقبة التربوية وغيرها من الهيئات التعليمية الأخرى، والدفع نحو انخراط الجميع في الإصلاحات البيداغوجية والتربوية التي يمكن أن تساهم في الارتقاء بالمدرسة الوطنية إلى ما أوصى به النموذج التنموي الجديد. وإلا كيف يعقل استمرار الغليان رغم تخصيص ميزانية ضخمة من أموال الشعب لتفعيل هذا "النظام"؟

فمن غير المستساغ أن يبدو سيادته شاردا بعد قضائه سنتين على رأس هذا القطاع الاستراتيجي الهام، عندما يقول دون أن تحمر خداه إبان جلسة الأسئلة الشفهية التي انعقدت بمجلس المستشارين مساء يوم الثلاثاء 24 أكتوبر 2023 في معرض رده على أسئلة المستشارين، بأنه يمكن للأستاذ تحسين دخله الشهري إذا ما انخرط في الساعات الإضافية المؤدى عنها، إلى جانب بعض الأنشطة الأخرى من قبيل تصحيح أوراق الامتحانات الإشهادية. فبأي منطق يتحدث الرجل حين يعتبر الساعات الإضافية وتعويضات تصحيح الامتحانات من المصادر الأساسية في الرفع من أجور الأساتذة، ناسيا أن الامتحانات لا تجرى إلا في نهاية السنة الدراسية وليس نهاية كل شهر، وأنه ليس جميع الأساتذة معنيين بهذه العملية، فضلا عن أن سعر الورقة الواحدة لا يرقى إلى مستوى ما يبذله الأستاذ المصحح من جهد مادي ومعنوي؟

فالحقيقة التي لا يمكن إخفاؤها بالغربال ولا بغيره هي أن بنموسى لم يفلح في شيء أكثر مما أفلح في إطلاق الكلام على عواهنه، كلما أتيحت له فرصة الحديث عن الإصلاحات التي تعتزم وزارته القيام بها. ولعل النقطة الإيجابية الوحيدة التي تحسب له في سجل حسناته، أنه خلافا لسابقيه استطاع في فترة وجيزة توحيد صفوف التنسيقيات والنقابات التعليمية وإخراجها إلى الشارع، ولاسيما بعدما انتهت مفاوضاته إلى الباب المسدود واتضح جليا عدم جدواها في بلوغ المراد، علما أنه قضى جل أوقاته في جلسات الاستماع والاجتماعات مع الأسر والأساتذة والنقابات التعليمية، مما يؤكد افتقاره إلى الرؤية الواضحة والقدرة على اجتراح حلول مناسبة لتحسين وضعية الأساتذة وإعادة الإشعاع للمدرسة العمومية، وعدم أحقيته بالاستمرار في حمل حقيبة هذه الوزارة، لما تتميز به ملفاتها المتعددة من صعوبات وتعقيدات.

إننا لا نشك في وطنية وزير التربية الوطنية شكيب بنموسى، باعتباره واحدا من بين أبرز رجال الدولة المخلصين ولا في رغبته القوية في الإصلاح، غير أننا لم نجد للأسف من مثل ينطبق عليه عدا المثل "فاقد الشيء لا يعطيه"، فهو إلى جانب جهله بالكثير من المشاكل التي يتخبط فيها القطاع وموظفوه وسوء تقديره للأمور، تعوزه أيضا الكفاءة اللازمة لمعالجة قضايا القطاع الملحة. وما اعتباره للساعات الإضافية المؤدى عنها وتعويضات تصحيح أوراق الامتحانات، من بين العوامل الأساسية في تحسين دخل الأساتذة، إلا دليل واضح على أنه يعيش منفصلا عن واقع نساء ورجال التعليم وتردي وضعيتهم المادية، مما يستدعي إدراج اسمه ضمن قائمة المرشحين لمغادرة الحكومة في التعديل الوزاري المرتقب.

 


عدد التعليقات (16 تعليق)

1

رزين

مغربي حر

و لماذا يصر الأساتذة على استفزاز المغاربة ؟

2023/10/30 - 08:45
2

يحيى

مقال غزال

هادا لي كاتب هاد المقال نااااضي وعارف اش تايقول (وطنيته أبهرتني ههههه) ! كاينة الصحافة الصفراء وكاينة الصحافة القوس قزحية ههههه!!! غير ضاحك معاك عنداك تقلق لي ههه! راك غادي مزيان استمر/ي!!

2023/10/30 - 08:47
3

مواطن

نعم ولكن

نحن لا نشك في وطنية الوزير صاحب الجنسية المزدوجة ولكنه يشكك في وطنية 300 الف استاذ

2023/10/30 - 08:51
4

جلال

جلال

لمادا يصر الاساتدة علي الاستخفاف بالتلاميد و اولياء امورهم

2023/10/30 - 08:51
5

Mostafa

???!!!

أصبحت أشك في قدراته الفكرية والتسييرية. لقد صدمت لمستواه الجد بسيط هو المهندس الخريج من كبرى مدارس المهندسين بفرنسا والدي تقلد مناصب وزارية ودبلوماسية كبيرة. لكن للأسف مستوى تعاطيه لاشكالية التعليم لا تشرف. مع كل احترامي لشخصه

2023/10/30 - 08:56
6

معلم

كفى

للأسف هذه هي عقلية أغلبية المسؤولين المغاربة والعرب بصفة عامة. لا أحد يقر بأخطائه ولا واحد يقدم استقالته. لهذا يجب على طائرات الكندير ان تكون على أهبة الاستعداد لإطفاء نيران بنموسى.

2023/10/30 - 09:05
7

ايت وسفير

ظلم كبير يتكبده تلميد

ليس هناك فتزاز الافتزاز الحقيقي هو ترك تلاميد عرضه لعدم دراسه بسيب اضراب كتر عطل وشواهد مرض وبرمجة زلادة داخل سنه دراسيه ام ابنائهم وبناتهم يدرسون بمداريس مميزه وبنقاط ودعم ومنح.ماديه هنا نتساىل لماد هد.تعليم لم يفكر في ابن رجل امن ودركي وعمال ومباوم لان مدوخولهم.شهري اصعف من استاد معلم لان معلم له تعويصات متيازات بريمات حوافز متعدده ام باقي شعب له رب كريم زادو حدف مقاصه على بوط.سكر زيت دقيق لدعم اسر اخرى من ظهر بسطاء

2023/10/30 - 09:06
8

علي

القانون

كان على الوزير بعد الإنتهاء من القانون الأساسي، وضعه لتصويت الشعب عليه، إن رفضه يتم تعديله، وإن وافق عليه، طرد كل أستاذ تغيب عن القسم دون مبرر.

2023/10/30 - 09:55
9

عبد الله

بخصوص الفروض

المرجو من الأساتذة التوقف عن إنجاز الفروض باعتبار أن خسا شكل احتجاجي هام

2023/10/30 - 10:01
10

كيكو

محاسبة= مسؤولية

حينما سنبدا بمحاسبة كل من يخفق في تسيير قطاع ما، وقتها سيبدأ زمن التسيير المسؤول في بلدنا الحبيب.

2023/10/30 - 10:24
11

محمد

الوفاء.

لمن يتهم الاستاذ بأنه يستفز التلاميذ وابناءهم. اقول له عليك بالمدرسة الخصوصية ولا يستفزك أحدا. خذوا أبناءكم الى المدارس الخصوصية ان كنتم رجالا. لكنني اعلم انكم لستم رجالى ولا ابناء لكم.

2023/10/30 - 10:29
12

Omar

ملاحظة

الضصارة و الرخف كيوصلو الى مستويات قبيحة من التمادي و التعجرف و الاخلال بالمسؤولية ...اللي ما عاجبوش التعليم يمشي للشركات ،كاين الكابلاج كاين رونو كاين ما يدار ...هزلت

2023/10/31 - 09:06
13

أمينة

حسبنا الله ونعم الوكيل

لمن يقول خذوا أبنائكم إلى المدرسة الخصوصية فلو كان باستطاعة الآباء ذلك لفعلوا بدون تردد لأن الأستاذة هناك يقوموا بعملهم على أحسن وجه و بدون غياب أما الرجولة فلا علاقة لها بذلك.للأسف كل واحد يفكر في نفسه فقط.

2023/10/31 - 09:27
14

أستاذ

وزارة تحتاج للتطهير

إنما يحدث داخل وزارة التربية والتعليم يعطينا نتيجة واحدة أصبحت واضحة، وهي العمل الجاد الذي تقوم به من أجل القضاء على التعليم العمومية وتصفيته بشكل نهائي، لتقدمه على طبق للقطاع الخاص.

2023/10/31 - 11:31
15

فاضل

الاساسبد

واش وزير تيخاطب نخبة المجتمع بالاساسيد عندو مستوى ديال وزير؟

2023/10/31 - 09:24
16

Benmohamed

رؤية اخرى للحدث

لا تنسوا ان ابن موسى قادم من الداخلية. ارى ان استفزاز رجال التعليم وجرهم الى هذا الاضراب،ضربة استباقية لتفادي مايشبه عشرين فبراير2011 والتي نتجت عن ربيع الغرب لمحاربة الروس،اما الان فهي فالمعركة مع الصين لتامين طريق الهند اوروبا عبر البحر الاحمر من ايلات المتوسط،والضحية هي غزة،وخوفا من استيعاب الامر من طرف الشعوب والخروج بردود افعال قد تؤثر على الوضع ،تم خلق مشكل للالهاء. كما تعتبر فرصة لتدعيم موازنة الدولة عبر اقتطاعات من اجور المضربين لتعويض رفضهم الاقتطاع المباشر من اجورهم.

2023/11/03 - 11:07
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات