هل ستراهن وزارة التربية الوطنية على التعليم الالكتروني لإنقاذ المدرسة العمومية من السكتة القلبية؟

هل ستراهن وزارة التربية الوطنية على التعليم الالكتروني لإنقاذ المدرسة العمومية من السكتة القلبية؟

أخبارنا المغربية

أخبارنا المغربية- بدر هيكل

يعرف العالم ثورة تكنولوجية اكتسحت كل مناحي الحياة، ولعل أبرزها التطور الهائل في تقنيات الاتصال، الامر الذي أدى إلى ظهور مجتمع جديد وهو مجتمع المعرفة “الرقمية”.

وفي الوقت الذي أضحت المعرفة تكتسي أهمية بالغة باعتبارها اللبنة الأساسية للتنمية الشاملة بمختلف مستوياتها، بما في ذلك قطاع التعليم، تواجه المؤسسات التعليمية اليوم مجموعة من التحديات.

وأمام هذا الوضع الجديد بات من غير المجدي أن تحافظ المؤسسة التعليمية على أساليبها، التي لا تساير الواقع الحالي الذي فرضته التكنولوجيا الرقمية، حتى تواكب المدرسة المغربية رهان التعلم الرقمي . 

التعليم الالكتروني 

من بين المقاربات التي يمكنها المساهمة في تطوير التعليم، توظيف التكنولوجيا المتطورة، على اعتبار أن هذه التكنولوجيا مرتبطة بالمعلومة، في الوقت الذي يرتكز التعليم أساسا على مفهوم المعلومة.

وقد عرف استخدام الانترنت للأغراض التعليمية انتشارا واسعا في العقود الأخيرة، لاسيما في الأوساط الأكاديمية. ومن أهم مميزات التعلم الالكتروني توفيره إمكانية التعليم عن بعد، والذي أبان عن مزايا متعددة مقارنة بالتعليم التقليدي، مما جعل العديد من الانظمة التعليمية بمختلف بقاع العالم تتبناه وتوفره، كنوع أساسي من أنواع الخدمات التي تقدمها في مجال التعليم. 

ويشار إلى أن التعليم الإلكتروني هو مزاولة أنشطة تعليمية بين فضاءين إلكترونيين على الأقل، بالاعتماد على إيصال المعلومة بواسطة الأدوات والوسائل الإلكترونية كالسمعية البصرية، شبكة الأنترنيت، الحاسوب والاجهزة المعلوماتية المبرمجة، الأقمار الاصطناعية، الملفات الرقمية… إلخ.  

جائحة كوفيد وجهود الدولة لرقمنة التعليم 

بسبب جائحة كوفيد 19 انقلبت اوضاع التعليم رأسا على عقب، إذ انتقل التعليم الحضوري إلى تعليم عن بعد، فشكل تحدّيا كبيرا للأساتذة والتلاميذ على السواء.

وكانت وزارة التربية الوطنية قد اعتمدت من أجل ذلك وسائل متعددة منها البوابة الإلكترونية Tilmid TICE.

 هذه البوابة يمكن الولوج إليها مجانا عبر الهاتف الجوال، وتتوفر على دروس تتوافق مع المنهاج الدراسي الوطني، والتدرج البيداغوجي لمختلف المواد، والمستويات والمسالك الدراسية، ومن شأنه أن يمكن المتعلمات والمتعلمين من تتبع دروسهم بيسر وبشكل مسترسل، وذلك وفق الزمان والمكان اللذين يتناسبان مع رغباتهم ورغبات أمهاتهم وآبائهم وإمكاناتهم وظروفهم المتاحة.

كما أن ذات المنصة، خصصت للدعم التربوي عن بعد، فبعد استمرار إضراب الأساتذة في وقت سابق، أطلقت وزارة التربية الوطنية الدعم التربوي الرقمي “عن بُعد”، مجانا، للتلميذات والتلاميذ، عبر المنصة الوطنية «TelmidTICE» والتطبيق الجوال المرتبط بها.

وكانت الوزارة قالت، ضمن بلاغ لها، إنها “ستضع رهن إشارة التلميذات والتلاميذ المنصة الوطنية الخاصة بالدعم التربوي الرقمي “عن بُعد” «TelmidTICE»، والتطبيق الجوال المرتبط بها بشكل مجاني”.

وأوضح البلاغ أن “هذه المبادرة تأتي في سياق مواصلة توظيف التكنولوجيا الحديثة في العملية التعليمية، وخاصة ما يتعلق بالدعم التربوي الموجه لمعالجة التعثرات الدراسية في حينها، وتعزيز التعلمات الأساس والكفايات اللازمة”. 

نحو الاقسام الافتراضية 

في خطوة جديدة تكرس التعليم عن بعد، اتخذتها وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، كانت الوزارة أعدت قرارا يهدف إلى تحديد الكيفيات التي يمكن بموجبها اللجوء إلى الاقسام الافتراضية.

ولتنزيل هذا المشروع ستقوم الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، عند بداية كل سنة دراسية، بإحداث أقسام دراسية افتراضية خاصة بالشعب والمسالك الدراسية التعليمية، يسجل فيها التلاميذ والطلبة المعنيون بالدراسة عن بعد، بحسب ما جاء في القرار الوزاري.

وحددت الوزارة السقف الزمني للتعلم عن بعد في حصة دراسية واحدة كل أسبوعين بالنسبة للتعليم الابتدائي، وساعة واحدة أسبوعيا بالنسبة لباقي الأسلاك التعليمية عند بداية كل موسم دراسي. ويتم تحديد حصص التعلم عن بعد من طرف المجلس التربوي للمؤسسة التعليمية، ويصادق عليه من لدن مجلس التدبير.

القرار الذي أعدته الوزارة، حدد خمس حالات يتم اللجوء فيها إلى التعلم عن بعد، بصفة دائمة أو مؤقتة، حسب الإمكانيات التي تتوفر عليها المؤسسات التعليمية المعنية.

 وتهم الحالة الأولى وجود قوة قاهرة أو ظروف طارئة، تؤدي إلى توقف الدراسة أو التكوين. وتتم العودة إلى التعلم الحضوري عند زوال هذه القوة القاهرة أو الظروف الطارئة.

وتتعلق الحالة الثانية بالحكم على تلميذ بعقوبة حبيسة أو سجنية، مع إعادة إدماجه في المستوى الدراسي المطابق للمستوى الذي كان يتابع دراسته به عن بعد أو سينتقل إليه، عند انتهاء العقاب، أو في حالة غياب التلميذ أو الطالب المتدرب عن الحضور لمتابعة دراسته أو تكوينه بصفة مؤقتة أو دائمة بسبب وجوده في وضعية إعاقة.

وزارة التربية الوطنية اقترحت أيضا اعتماد التعلم عن بعد في حال تعذّر حضور التلميذ أو الطالب المتدرب إلى مؤسسة التربية أو التكوين لأسباب مرضية مؤقتة لا تقل عن شهر ولا تتجاوز سنة، أو أسباب مرضية دائمة، شريطة الإدلاء بشهادة طبية في أجل أقصاه أسبوع من التغيب، مصادق عليها من طرف الجهات المختصة، تثبت عدم قدرة المعني بالأمر على متابعة تعليمه حضوريا.

واقترحت الوزارة اعتماد التعلم عن بعد أيضا في حال وجود أسباب عائلية أو اجتماعية قاهرة أو مؤقتة أو دائمة تحول دون حضور التلميذ أو الطالب المتدرب إلى مؤسسة التربية والتكوين، شريطة الإدلاء بمبررات تصادق عليها المديرية الإقليمية المعنية في أجل أقصاه أسبوع من تاريخ التغيب. 

تحديات وعقبات 

وفي حين أحرز التعليم عن بعد تقدما كبيرا في المغرب، فإنه يواجه أيضا عدة تحديات.

ولعل اولها الحواجز التكنولوجية، اذ لا يزال الوصول إلى الإنترنت عالي السرعة وأجهزة التكنولوجيا الضرورية يمثل عقبة أمام العديد من المغاربة، ولا سيما في المناطق الريفية أو المناطق المحرومة.

كما تحد التفاوتات الاقتصادية في البلاد، من الوصول إلى التعليم عبر الإنترنت للأسر ذات الدخل المنخفض، التي لا تستطيع تحمل تكاليف الأجهزة المطلوبة أو الاتصال بالإنترنت.

هذا ولا يزال ضمان جودة التعليم عبر الإنترنت يمثل تحديًا. وتعمل وزارة التعليم على وضع معايير للجودة، ولكن لا يزال هناك مجال للتحسين. 

ماذا عن العالم القروي؟ 

كانت أكدت دراسة نشرت في المجلة المغربية للتقييم والبحث العلمي، أن الإكراهات التي واجهت التعليم عن بعد تنعكس على التحصيل الدراسي للمتعلم .

وتشير الدراسة المنشورة تحت عنوان “التعليم عن بعد بالوسط القروي بالمغرب: الوسائل والعوائق “، إلى أن الإكراهات التي يواجهها التعليم عن بعد في العالم القروي مرتبطة، أساسا، بالظروف الاجتماعية والاقتصادية والمستوى التعليمي للأسر، وبالسياسات التعليمية الوطنية.

وأظهرت النتائج التي توصلت إليها الدراسة الميدانية، الضعف الكبير لقدرة تلاميذ العالم القروي على استعمال المنصات الافتراضية التي وضعتها وزارة التربية الوطنية أمام التلاميذ من أجل الاستفادة من التعليم عن بعد، إذ لم تتعدّ نسبة التلاميذ الذين شملهم البحث المتمكنين من استعمال تقنية “ميكروسوفت تيمس” 1 في المائة فقط .

واستنادا إلى المصدر نفسه، فإن تلاميذ العالم القروي ليسوا وحدهم غير القادرين على استخدام التقنية المذكورة، بل ينطبق الأمر على المدرسين أيضا، إذ لم تتعدى نسبة الذين يتقنون توظيفها 9 في المائة في فقط، معتبرة ضعف اللجوء إلى الفصول الافتراضية في الوسط القروي إلى الاتجاه السلبي تجاه هذه الفصول، وقلة الوسائل التكنولوجية المتاحة.


عدد التعليقات (4 تعليق)

1

العايق الفايق

وماذا بعد؟

الدول التي تحتل الصفوف الاولى في المجال التربوي ادركت ان الافراط في استعمال الوساءط الالكترونية اصبحت تؤثر سلبا على روح الابداع والتفكير و تقتل الملكات التحليلية والابتكار عند المتعلم لذلك يتم التخطيط للعودة الى الطرق التقليدية كاجبارية حفظ جدول الضرب والابتعاد عن الالات الحاسبة لما تسببه من تعطيل للذاكرة وكذلك التشحيع على التحليل والمناقشة عوض الاعتماد كليا على محرك البحث غوغل...

2024/09/03 - 04:19
2

simo

تقليد أعمى

في كوريا والصين الدولتان الرائدتان في الصناعات الإليكترونية لازالا يدرسان أبنائهما الخط باليد لكي تكون عند الطفل كفاءات في الدقة وتشغيل عضلات اليد، وهناك العديد من الدول الغربية منعت استعمال الأدوات الإليكترونية حتى سن محدد وبعدها يكتفون ببعض الفقرات التي تتطلب رسومات ومحاكات لواقع افتراضي لتسهيل الفهم. أما نحن فكيف سنستعمل التكنلوجيات والمنظومة التعليمية متهالكة؟

2024/09/03 - 10:00
3

مواطن غيور

واقع وحقيقة التعليم

المدرسة بوضعها الحالي ليست الا بيت حضانة للأطفال تلجأ إليه الأسر للتخلص من الصداع وبرازيت الأبناء .حيت انها لم تعد تلعب ذلك الدور التربوي المنوط بها.

2024/09/04 - 01:13
4

علال

السكتة القلبية!

ياك أسي محمد السكتة القلبية ݣاع!

2024/09/05 - 09:42
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات
المقالات الأكثر مشاهدة