قريباً .. أسماك أوروبية تتغذى على لحم الخنزير

قريباً .. أسماك أوروبية تتغذى على لحم الخنزير

إذاعة هولندا العالمية

" خلال أسابيع، من الممكن لأسماك تمت تغذيتها سراً على لحم الخنزير أن تجد طريقها إلى صحوننا ما لم نقاوم بشدة الآن." هذا النداء العاجل أطلقه ناشطون من بلدان عدة، عبر موقع "آفاز" أوسع شبكة عالمية للناشطين المدنيين. عـُرفت هذه المنظمة بحملاتها "المليونية" في الدفاع عن قضايا حقوق الإنسان والحريات العامة في كافة أنحاء العالم. لذلك كانت حملتها الجديدة ضد "الأسماك المغذاة بلحم الخنزير" لافتة للانتباه.

فماهي قصة الاسماك ولحم الخنزير؟

 

لحوم مطحونة
في شهر شباط (فبراير) الماضي رفعت المفوضية الأوروبية بعض القيود المعتمدة في دول الاتحاد الأوروبي حول أنواع العلف المسموح بها في مزارع الاسماك. وبهذا أصبح من الممكن تقديم العلف المعدّ من اللحوم الحيوانية المطحونة، بما في ذلك لحوم الخنزير. ولا تلزم الإجراءات الجديدة أصحاب هذه المزارع بتعريف المستهلك بنوع العلف التي تغذت عليه الاسماك.
وتستورد دول عربية عدة الأسماك المجمدة أو المعلبة من دول أوروبية. وهذا سيعني أن الأسماك التي تغذت بلحوم الخنزير ستجد طريقها إلى الاسواق العربية قريباً، حيث ستدخل التعليمات الأوروبية الجديدة حيز التنفيذ مع مطلع يونيو القادم.

 

حرام.. إذا ثبت ضررها
إلى جانب التحركات التي بدأها ناشطون من شبكة آفاز، والتي ركزت على اعتراضات مرتبطة بالصحة الغذائية وباعتراضات بيئية وثقافية، صدرت بعض ردود الفعل من مؤسسات دينية في العالم العربي. فقد اعلن رئيس رابطة علماء الشريعة بدول الخليج، الدكتور عجيل النشمي، أن "أكل الاسماك التي تتغذى على "الخنزير المتحول" حرام إذا ثبت ضررها."
ومن الواضح أن إعلان الشيخ الدكتور النشمي لا يعني تحريماً تاماً لأكل الاسمال المتغذية بهذه الطريقة، ففي التفاضيل يوضح الشيخ النشمي أكثر أن "المادة المحرمة أو النجسة، سواء من لحم أو عظم أو شحم، إذا عولجت بطريقة كيميائية أو بأي طريقة كانت، بحيث انقلبت عندها من مادة إلى أخرى، فإنها تطهر." ويمكن القول هنا أن هذه "الفتوى" تبيح اكل الاسماك، فالمعروف أن لحم الخنزير المستخدم في تغذية الأسماك، تتم معالجته صناعياً وكيميائياً بحيث يصح القول إنه مادة أخرى. لكن الدكتور النشمي يستدرك بالقول إنه "في حال ثبت أن هذه المادة التي يتم إطعام السمك بها لم تتحول بشكل كامل وبقي ولو جزء بسيط منها يتعلق بالخنزير، فإن الفتوى لا تشملها، بل يبقى السمك محرمًا عندئذ، لأنه غُذي بخنزير بشكل مباشر."

سيكون بالطبع من الصعب، إن لم يكن من المستحيل أن يتمكن المستهلك العادي من معرفة ما إذا كان لحم الخنزير قد تحول بالفعل إلى مادة أخرى "طاهرة"، أم لا. ومن المتوقع هنا أن المسلمين الذين يهتمون كثيراً بأن تكون الأطعمة التي يتناولونها "حلالاً مائة بالمائة، سوف يتجنبون شراء أو تناول هذه الاسماك، كما أنه من المتوقع أن تتخذ بعض الدول إجراءات احترازية قد تمنع استيراد الاسماك من المصدّرين الذين يعرف عنهم استخدام هذه الأعلاف.

 

اعتراضات صحية وبيئية
لا تقتصر الاعتراضات على قرار المفوضية الأوروبية على أسباب دينية، كما إنها لم تقتصر على البلدان الإسلامية. داخل أوروبا نفسها انتشرت مخاوف من ظهور أمراض جديدة ناتجة عن تغذية الأسماك بالبروتينات الحيوانية. وكانت المفوضية الاوروبية قد حظرت استخدام العلف الحيواني لتغذية المواشي في عام 1997. وفي عام 2011 تم توسيع الحظر ليشمل جميع الثروة الحيوانية، وذلك اثر انتشار مرض جنون البقر، الذي ربط علماء بينه وبين استخدام العلف الحيواني.
ويضع مختصون وناشطون بيئيون علامات استفهام حول التأثير المحتمل لاستخدام بروتينات حيوانية لتغذية اسماك لم تكن تتغذي على شيء مشابه في دورة حياتها المائية الطبيعية.

فرنسا تعترض
جاء في تقرير للجنة الأوروبية التي كلفت بدراسة القضية بأن "هذه الطريقة سوف تساعد على ديمومة قطاع الحيوانات المائية لأنها توفر بديلا لطحين الأسماك الذي يعد موردا نادرا"، مؤكدة كذلك توافق هذه الطريقة مع البحوث العلمية التي أثبتت هي الأخرى فاعليتها وعدم خطورتها.
وكانت فرنسا هي البلد الأوروبي الوحيد الذي عارض القرار، وصوت ضده. وانتقدت فرنسا هذا القرار حيث صرح وزير الزراعة والتغذية غيوم غارو بأن "الأمر يأتي في ظرف غير ملائم"، خاصة بالتزامن مع فضيحة اكتشاف لحوم الخيل في أطباق مفترض أنها من لحم البقر الصافي. وأكد الوزير الفرنسي أن "بلاده عارضت منذ البداية هذه الطريقة الأوروبية" ومطمئنا كذلك بأن بروكسل لا يمكنها إجبار البلدان الأوروبية على اعتمادها.

وإلى أن يتم البدء بتنفيذ القرار الأوروبي في مطلع شهر يونيو (حزيران) من هذا العام، فليس من الواضح ما ستكون عليه نتائج اعتراضات الناشطين المدنيين من جهة، والمؤسسات الدينية الإسلامية من جهة أخرى. فهل سيكون الحسم لصالح الحسابات التجارية أم لصالح مبادئ أنصار الطبيعة واحترام الخصوصيات الثقافية والدينية.

شعلان شريف


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات