إدريس لشكر الربان الجديد للإتحاد الإشتراكي ل "اخبارنا " الإتحاد الإشتراكي مؤمن بضرورة التدرج نحو الملكية البرلمانية العصرية
أخبارنا المغربية
حاوره : عبد العالي حسون
ما هي ارتساماتك بعد انتخابك كاتبا أول للاتحاد الاشتراكي ؟
لن أخفيك سرا فثقة الإخوة أعتبرها بمتابة تشكليف قبل أن تكون تشريف ، وترشيحي نابع من تجربة عملية سياسية وتنظيمية. إنه امتداد لوفائي للحزب، خاصة في أوقات الشدة. وتفاديا لأي تأويل هناك العديد من أطر وقادة الحزب مثلي. ربما سأكون الأول من جيل السبعينيات، جيل سنوات الرصاص واستراتيجية النضال الديمقراطي، الذي يترشح لهذه المهمة. وهو جيل شكل جسرا بين جيل الحركة الوطنية وبناء الدولة وجيل الحراك العربي.
دعمك العديد من شباب الحزب، بمبرر جِيليّ وليس برنامجي، بمعنى أن مرورك إلى منصب الكاتب الأول سيسهل على جيل الحراك العربي تسلم مشعل قيادة الحزب من بعدك.
برنامجي، كان واضحا يهدف إلى تجميع القوى الاتحادية واليسارية عموما حول المشروع الديمقراطي المتجدد، كما أنه يتوخى جذب القوى الحية من نساء وشباب ورجال لحمل المشروع الاشتراكي الديمقراطي الحداثي وتصريفه في الحياة اليومية للمواطنين
إذا وصل الاتحاد الاشتراكي للحكومة تحت قيادتك، فأية اشتراكية ستختار للمغرب؟
برنامجي عموده الفقري أربعة أهداف أساسية: أولا، انبعاث المشروع الاشتراكي الديمقراطي بتحريك دورة الإنتاج تأسيسا على نمط إنتاجي يقوم على التكامل بين دور الدولة ودور قوى السوق، وإنشاء وتفعيل الخدمات العامة المرتبطة بتيسير الإدماج الاجتماعي. فالحرمان الاجتماعي أفسد العمل السياسي، وتم استغلال شقاء الناس، سواء من طرف الشبكات الزبونية أو الحركات الدينية لتكوين خزان انتخابي سريع التعبئة. وفي الواجهتين (الاقتصادية والاجتماعية) نؤكد على ضرورة تحمل الدولة لدورها كموجه ومنشط ومنظم.التجارب الاشتراكية التي تحدثت عنها في أرضيتك في أمريكا اللاتينية وآسيا، انطلقت من تشخيص دقيق للخصوصيات الاقتصادية والسوسيو- ثقافية لبلدانها، عكس تجربة الاتحاد الاشتراكي في المغرب، التي لم تعمل، في أحسن الأحوال، إلا على تطبيق سياسات البنك الدولي، وبالتالي أصبح الحزب غريبا ومفصولا عن جذوره الاجتماعية.حكومة التناوب انطلقت من العدم تقريبا بشهادة أولي الأمر، ونجحت في الأوراش الكبرى والبنيات الأساسية.عندما تم التخلي عن المنهجية الديمقراطية وتعيين الوزير الأول من خارج الحزب الحاصل على الأغلبية، لم نكن حازمين في مغادرة الحكومة. وبالمناسبة هناك مغالطات كبيرة تروج في الإعلام حول من كان في الاتحاد الاشتراكي مع الدخول إلى الحكومة ومن لم يكن، وسيأتي زمن يتضح فيه من كان مع الدخول ومن كان ضد ذلك.
بمعنى أنك كنت ضد المشاركة في حكومة إدريس جطو؟
كنت ضد ذلك.
إذن رأيك كان رأي أقلية؟
لا، كان هو الرأي السائد، لكن تقمص الأزمة من طرف البعض، والخوف على أمن واستقرار البلاد جعل الإخوان يختارون المشاركة في الحكومة ضدا على المنهجية الديمقراطية التي ناضل من أجلها حزبنا.
وهنا غرقت البلاد والحزب معا.
بالضبط. وقد كان علينا أن نجهر بالحق ونرفض ضرب الديمقراطية برفض المشاركة في الحكومة، لكننا آثرنا الصمت والانسياق. هناك مثال آخر؛ عندما كنا نقود الحكومة واقترحنا الورقة الفريدة للتصويت في الانتخابات، ثم تقدمنا بمقترح قانون ساندتنا فيه كل الفرق البرلمانية، من الأغلبية والمعارضة، ورغم ذلك لم نستطع تمريره إلا بعد مدة طويلة.
عندما يكون لدي وزير أول وأغلبية لا يكون هناك مبرر لكي لا أطبق ما يبدو لي مهما من البرامج والقوانين. مثل هذا حدث أيضا مع قانون الجنسية والقانون التنظيمي للجان النيابية لتقصي الحقائق. أحيانا تكون هناك جيوب مقاومة، لكن للأسف يتم الإذعان لها، دون الوعي بأن الطبيعة لا تقبل الفراغ، وأن اللاموقف يؤدي إلى التراجع.
هدا التراجع أدى إلى صعود قوى أخرى مثل العدالة والتنمية؟
أكيد. لكن هذا أيضا يحدث اليوم، وبشكل أفظع، لأن الدستور يعطي صلاحيات واسعة للحكومة ولرئيسها، لكن لا يتم استغلال ذلك على الوجه الأحسن.
هل ينبغي، في نظرك، على الاتحاد الاشتراكي أن يقدم نقدا ذاتيا قبل الدخول في مرحلة جديدة؟
لا يوجد حزب قدم من النقد الذاتي في كل محطاته السابقة مثلما فعل الاتحاد الاشتراكي، لكن النقد الذاتي الذي لا يستشرف المستقبل يصبح مجرد جلد للذات، لذلك أقول اليوم نعم للنقد الذاتي، لكن الأهم هو أن نتحدث بجرأة حول القضايا المطروحة على البلد. لنتذكر أننا ذهبنا إلى الشوط الأول من المؤتمر الثامن، في 2008 بأرضية سياسية، لا علاقة لها بالبيان العام الصادر عن المؤتمر، ولذلك فشل الشوط الأول. في الشوط الثاني جئنا بمطلب الملكية البرلمانية والإصلاحات الدستورية، وهو مطلب تميز به الاتحاد الاشتراكي قبل الجميع. اليوم، وأنا في أرضيتي البرنامجية التي لم تترك لي المجال لأعرض بقية أهدافها، والتي أطرح فيها، كهدف ثالث، العمل من أجل تطوير المنظومة السياسية في المغرب برمته بما فيها المؤسسة الملكية.
كقيادي جديد هل ستسير علة نهج مطالب سلفكم بالملكية البرلمانية؟
نحن الاتحاديون هم من ناضل لعقود من أجل ذلك، أي من أجل ملكية برلمانية. كما أن بلادنا شهدت نقاشا واسعا حول الاصلاحات المؤسسية أطلق فيه العنان للتعبير الحر وباب النقاش لازال مفتوحا. ولا يمكن لحزبنا أن يتخلف عن القيام بدوره، خاصة أنه مؤمن بضرورة التدرج نحو الملكية البرلمانية العصرية، منطلقين من أن الملكية في بلادنا تقف على رجلين: من جهة إمارة المؤمنين التي تسهر على تأمين وحدة العقيدة والمذهب، ومن جهة ثانية تحفيز ومصاحبة دينامية التحديث.
تحدثت في أرضيتك عن أن القيادة الاتحادية يجب أن تكون صدامية. هل مفهوم الصدامية هذا هو مفهوم مؤسس لهوية الاتحاد الاشتراكي أم لهوية إدريس لشكر؟
البلاد اليوم في حاجة للنطق بالكلمة الجريئة، ولا يجب أن ننسى أن الاتحاد الاشتراكي أسس على هذه القاعدة: مقاومة الاستبداد والظلم والطغيان.الاتحاد دائما كان صداميا، في مختلف المحطات، منذ 1959. الصدامية هي المواجهة، هي عدم الوقوف في المنزلة بين المنزلتين، هي الوضوح في كل القضايا. للأسف، كم من القضايا تفرجنا عليها مؤخرا دون إبداء موقف منها، بمنطق "كم حاجة قضيناها بتركها". لذلك أقول عندما يقوم الناس للاحتجاج على ارتفاع الكهرباء يجب أن يكون الاتحاد الاشتراكي حاضرا إلى جانبهم. وإذا اتخذت الحكومة موقفا ضد الإرادة الشعبية فعلينا أن نتصدى لها بلا مهادنة. هذا ما أقصده بالصدامية. لذلك فالاتحاديون دائما يتحدثون عن الاتحاد الذي كان في السبعينيات والثمانينيات.
صنفكم البعض ضمن تلاتي الشعبوي بنكيران شباط وأنت ما صحة هده المقاربة
هدا التصنيف ليس صحيحا المغرب اليوم يجتاز إحدى أحلك المراحل في تاريخه المعاصر نظرا لغياب برامج واضحة وسياسات منصفة وسيادة الارتجالية في الأداء الحكومي. أمام هذا التردي لا خيار إلا مقاومة الردة التي تصيب السياسات العمومية ومجال الحرية والحقوق كل يوم.
تتحدث في أرضيتك عن تدقيق هوية الحزب حتى لا تختزل المعارضة في المشاكسة، ثم تعود لتقول إن الناس يحنون إلى اتحاد السبعينيات.
لأننا الآن اختزلنا المعارضة في المشاكسة البرلمانية.والان نطالب أدعو إلى أن تكون المعارضة في المجتمع معارضة قوية سياسيا واجتماعيا وإعلاميا. علينا أن نكون في قلب الحركة الجماهيرية.
في نظرك هل مازال للاتحاد الاشتراكي من الجماهير ما يكفي لتجذير معارضة قوية في الشارع؟
الاتحاد مازال رياديا في العديد من القطاعات والروابط المهنية، فقط علينا توظيف ذلك بشكل جيد. صحيح أنه حدث لنا تراجع في المناطق المهمشة، وأحزمة البؤس في المدن الكبرى، وربما ساهم في هذا أيضا نمط الاقتراع باللائحة الذي ساهمنا في اعتماده. الآن مطلوب منا أن نتحول من نظام اللائحة إلى النظام الأحادي الفردي، فهو الذي سيعيد الارتباط بالمواطن في الحي والمقاطعة، ويعطينا في كل دوار وفي كل حي مناضلين يشتغلون قريبا من المواطنين، يطرحون قضاياهم ويقودون احتجاجاتهم.
بالرغم من أن أرضيتك البرنامجية تجيب عن العديد من الإشكالات الحزبية والمجتمعية، فهناك من يقول إن لشكر لا يستقر على مبدأ، مثل دخولك الحكومة أياما بعدما كنت تطالب بالخروج منها والتحالف مع العدالة والتنمية.
في 2005 كان هناك تصور يعتبر أن الاتحاد الاشتراكي انتهى دوره. كما كانت هناك محاولات للحفاظ على بلقنة المشهد الحزبي وتركه مشتتا وضعيفا. وعينا بهذا المخطط ومواجهته بالمطالبة برفع العتبة لضمان قطبية سياسية، وتصدري شخصيا لهذه المعركة عرضني لهجوم وضغط إعلامي وسياسي بادعاءات تضليلية أقلها أننا إقصائيون وضد التعدد. المهم أننا ولجنا الانتخابات، وتلقينا ضربة قاسية، وعوض أن نقوم بجلسة متأنية للتقييم استمررنا في النزيف، من خلال المشاركة في المفاوضات التي أدت إلى تشكيل الحكومة. هذه المفاوضات صاحبها ظهور حركة لكل الديمقراطيين، التي واجهناها لأنها كانت تستهدف الاتحاد الاشتراكي للحلول محله. وفعلا بدأت الاستقطابات من داخل حزبنا، فخرجنا بموقف يقضي بأن كل من انخرط في هذه الحركة يعتبر مطرودا من الحزب. هذا الموقف تطلب منا نقاشا لشهور، لأنه كان هناك من داخل المكتب السياسي من كان يقول إن هذه الحركة لا تستهدفنا، وأنها ربما ستساهم في تشكيل قطب ليبرالي «حقيقي» في المغرب. ثم جاءت انتخابات 2009 ولم تعط نتائج للاتحاد الاشتراكي رئاسة ولو مدينة واحدة، فلم يكن التنسيق مع الكتلة ليضمن لحزبنا تسيير ولو مجلس واحد. أمام محدودية الخيارات تركنا الحرية للتنظيمات المحلية والجهوية لتختار تنسيقاتها، الشيء الذي مكننا من رئاسة عدة مدن مهمة كالعاصمة الرباط وعاصمة سوس أكادير وغيرهما. إذن لم تكن هناك تحالفات حتى يقال إن إدريس لشكر يغير تحالفاته. السياقات هي التي تحدد الاتفاقات والتنسيقات المطلوبة.
الآن، وفي ظل الموت العملي للكتلة الديمقراطية، هل تحول "البام" إلى حزب عادي؟ وهل هناك إمكانية للتنسيق معه في المستقبل؟
يمكنكم التوجه بالسؤال إلى مسؤولي هذا الحزب. أما بخصوص إمكانية التنسيق معه في المستقبل، فدعني أقول إننا لا نختار من نتعامل معه ومن لا نتعامل معه، بل القضايا والمعارك الميدانية هي التي تفرض علينا أن نحدد مع من نتعامل.على مستوى الفريق البرلماني، يمكنني أن أخبرك بأن كل التعديلات التي تقدم بها حزب الأصالة والمعاصرة والتجمع الوطني للأحرار وكل أحزاب المعارضة صوت عليها الفريق الاتحادي، وكل التعديلات التي تقدم بها الفريق الاتحادي صوتت عليها باقي فرق المعارضة.
لماذا اخترت أن تدافع قضائيا وسياسيا عن خالد عليوة، بالرغم من أنه لم تعد تربطه بالحزب أي علاقة تنظيمية؟
أولا، من قال إن خالد عليوة لم تعد تربطه بالحزب أي علاقة تنظيمية. صحيح عليوة ليس عضوا بالمكتب السياسي ولا بالمجلس الوطني، لكنه اتحادي كآلاف الاتحاديين الذين ليسوا أعضاء بالأجهزة التنظيمية للحزب لكنهم أعضاء فيه. ثانيا، ما حدث خلال هذا الأسبوع من تمتيع أشخاص متهمين في ملف مشابه من حيث الاعتقال الاحتياطي للمتهمين بالسراح المؤقت، يزيد من تأكيد صواب موقفي، ومن تأكيد أن العدالة في بلادنا تسير بسرعتين: سرعة منحت السراح في ملف قيد المداولة وقد اقترب من استصدار حكم، وسرعة أخرى، بخصوص ملف عليوة، أدت إلى مرور أكثر من 6 أشهر دون حتى أن يبدأ التحقيق في الملف، مما يطرح السؤال حول الأهداف الحقيقية وراء الاحتفاظ بالأخ خالد عليوة رهينة، وأن يتم التعامل معه بهذا النوع من الانتقام السياسي. نعم، اعتقال خالد عليوة والاستمرار فيه، دون القيام بأي إجراءات لبدء التحقيق، مع العلم بأنه يتوفر على كل الضمانات اللازمة للمثول أمام القضاء، هو انتقام سياسي، وهو ما يؤكده كل الفاعلين السياسيين والحقوقيين والنقابيين والجمعويين الذين وقعوا عرائض المساندة.