"عبد الفتاح البلعمشي" يَضعُ عَبْر "أخبارنا" الموقفَ الألمانيَّ الجديدَ حُيالَ المغربِ على مِشْرحةِ التّحليلِ
أخبارنا المغربية
أخبارنا المغربية- ياسين أوشن
موقفٌ جديدٌ أبانت عنه الحكومة الألمانية تجاه المملكة المغربية، عقب مغادرة أنجيلا ميركل منصب المستشارة الألمانية، وكذا بعد "الجفاء" و"البرود" اللذين طبعا العلاقات الثنائية بين البلدين منذ ماي منصرم، بفعل "ما راكمته جمهورية ألمانيا الاتحادية من مواقف عدائية تنتهك المصالح العليا للمملكة"، وفق ما جاء في بيان سابق لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج.
هذا الموقف الجديد يتجلى في اعتبار ألمانيا أن مقترح الحكم الذاتي يُشكل "مساهمة مهمة" للمغرب في تسوية النزاع حول الصحراء المغربية، ناهيك عن دعمها "الجهود المبذولة من طرف المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، ستافان دي ميستورا، من أجل التوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول على أساس القرار 2602".
وفي هذا الصدد، يرى عبد الفتاح البلعمشي، أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي بجماعة القاضي عياض في مراكش، ورئيس المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات بالرباط، (يرى) أن "مغادرة ميركل لمنصبها لن يكون سببا حاسما في هذا الموقف الجديد"، مبرزا أنها "معروفة بتشدّدها حيال المواقف المعلنة"، مشيرا إلى أن "هناك 3 أسباب أفضت إلى خلق نوع من الجفاء في العلاقات المغربية الألمانية حسب بلاغ سابق لوزارة الخارجية المغربية؛ منها قضية الصحراء المغربية، علاوة على دور المغرب في الملف الليبي، ناهيك عن مسائل أمنية بالأساس".
وتابع البلعمشي، في تصريح خصّ به موقع "أخبارنا"، أن "الأزمة المغربية الألمانية لم ترقَ إلى مستوى ما وقع مع إسبانيا على سبيل المثال، على اعتبار أن رد الفعل الألماني كان دبلوماسيا"، مردفا أن "المستشار الجديد اشتغل، في غمار الانتخابات الألمانية الأخيرة، على ضرورة تقوية العلاقات مع الدول التي لها دور كبير في التصدي للهجرة ومحاربتها، علاوة على إيمانه بإلزامية عودة العلاقات مع هذه الدول، منها المغرب، إلى طبيعتها إرجاع المياه إلى مجاريها".
أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي بجماعة القاضي عياض في مراكش أضاف، كذلك، أن "موقف الحكومة الجديدة فيه تلميح إلى أن المستشار الجديد له تصور لأهمية المغرب، وهذا ليس من أجل تدارك الخلاف الكائن؛ وإنما هو نوع من الاعتراف الضمني بتراجع ألمانيا عن الأسباب المؤدية إلى الفتور في العلاقات الثنائية بين البلدين"، مؤكدا أن "ترديد أي دولة أن مقترح الحكم الذاتي له مصداقية معناه أنها تُعطى الشرعية والمصداقية والجدية للموقف المغربي من النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية".
وأردف رئيس المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات بالرباط أن "هذا الموقف الجديد لألمانيا تجاه مقترح الحكم الذاتي فيه حرج كبير لدول أخرى في الاتحاد الأوروبي، التي لم تصل إلى هذا المستوى للتعبير عن موقف واضح حيال قضية الصحراء المغربية، وهذا ينسجم مع ما ورد في الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى الـ46 للمسيرة الخضراء: "أقول لأصحاب المواقف الغامضة إن المغرب لن يقوم معهم بأي خطوة اقتصادية أو تجارية لا تشمل الصحراء المغربية"".
البلعمشي أكد، أيضا، أن الموقف الجديد بمثابة "إعلان عن تجاوز الحكومة الجديدة للنقاط الثلاث التي كانت مصدر خلاف بين البلدين"، مستدركا أن "الإقرار الأمريكي بمغربية الصحراء خلق توازنات جديدة في منطقة شمال إفريقيا"، موردا أن "ألمانيا في هذه الحالة أمامها اختياران؛ إما أن تنخرط في الدينامية الجديدة لضمان مصالحها دون التدخل في المواقف السيادية للمغرب؛ وإما أن تظل الأزمة قائمة ويكون الضرر متبادلا بين البلدين"؛ خالصا إلى أن "ما يفهم من الموقف الألماني الجديد هو تغليب المصلحة المشتركة على أية مواقف سياسية أخرى".
تجدر الإشارة إلى أن الحكومة الألمانية سلطت الضوء في بلاغها أيضا على "الدور المهم" الذي تضطلع به المملكة من أجل الاستقرار والتنمية المستدامة في المنطقة، ويتجلى ذلك على الخصوص في مجهوداتها الدبلوماسية لفائدة عملية السلام الليبية.
كما تحدث البلاغ عينه عن "الإصلاحات واسعة النطاق" المنفذة من طرف المملكة خلال العقد الماضي، ودورها كـ "حلقة وصل" مهمة تربط بين الشمال والجنوب على الصعيد السياسي والثقافي والاقتصادي.
واعتبرت ألمانيا المغرب "شريكا رئيسيا للاتحاد الأوروبي وألمانيا في شمال إفريقيا"، مستحضرة "جودة المبادلات الاقتصادية والثقافية والتجارية القائمة بين البلدين".