"الطالبي العلمي": العملَ سيَتَواصَلُ على مستوى اللجانِ النيابية ومكتب مجلس النواب وحرصنا جميعا على التفاعل مع قضايا البلاد والعباد

"الطالبي العلمي": العملَ سيَتَواصَلُ على مستوى اللجانِ النيابية ومكتب مجلس النواب وحرصنا جميعا على التفاعل مع قضايا البلاد والعباد

أخبارنا المغربية

أخبارنا المغربية:أبو فراس

قال رئيس مجلس النواب "راشيد الطالبي العلمي"، إن العملَ سيَتَواصَلُ على مستوى اللجانِ النيابية ومكتب مجلس النواب، رغم اختتام الدورة.

وبمناسبة كلمته يوم الثلاثاء 07 فبراير الجاري، خلال اختتام الدورة التشريعية الأولى من السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية الحادية عشرة، أوضح رئيس المجلس أن الجميع أغلبية ومعارضة، حرص على التفاعل مع قضايا البلاد الحيوية ومع انشغالات المواطنين.

وأضاف المتحدث، على جميع الأجهزة بالمجلس ساهمت من موقعها الدستوري والمؤسساتي في إيجاد الأجوبة التشريعية، وفي المواكبة الرقابية وفي إطار اختصاص تقييم السياسات العمومية.

كما أن "العلمي" لم يفوت الفرصة، للتذكير بأن المجلس في جميع أعماله، تمثل توجيهات صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصرهُ الله الواردة، على الخصوص، في الخطاب الذي وَجَّهَهُ جلالتُه إلى الأمة بمناسبةِ افتتاح الدورة التشريعية الأولى من السنة التشريعية 2022-2023، وباقي الخطبِ الملكية السامية والتوجيهات الملكية في عدة مناسباتٍ وطنية، إذْ إِنَّ جلالتَه، حريصٌ على تَرْصيدِ المكاسب والمُنجزات، وقيادة المغرب إلى المستقبلِ بكل ثقةٍ وبخطواتٍ ثابتة، على حد تعبير رئيس مجلس النواب,

من جهة أخرى، ومن خلال كلمته أشار الرئيس إلى أن المستجدات تفرض على الجميع استعادة السياق الوطنيَ والدوليَ الذي تم الاشتغال في إطارِه والتفاعل معه.

وأكد المتحدث، على أن المغرب واصل بقيادةِ صاحبِ الجلالة أعزَّهُ الله ترسيخَ تَمَوْقُعِه الإقليمي والقاري والدولي، وتكريسَ حقوقِه المشروعة في تثبيتِ وحدتِه الترابية، بإعادة إقرار مزيدٍ من القوى النَّافذة في القرارِ الدولي، والأشقاء في إفريقيا، والعالم العربي والإسلامي، وأصدقاء المملكة عبرَ العالم، بمصداقيةِ وجِدِّيةِ مقترحَ الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية المسترجعة كحلٍّ وحيدٍ للنزاع المفتعل حول الأقاليم الجنوبية المغربية.

وهذا النص الكامل لكلمة رئيس مجلس النواب كما توصلت الجريدة بنسخة منه:

السيدة الوزيرة،

الزميلات  والزملاء،

السيدات والسادة،

طبقا لأحكام دستور المملكة، وبَعْدَ أربعةِ أشهرٍ من الأشغال، نختتمُ اليومَ الدورةَ التشريعية الأولى من السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية الحادية عشرة، على مستوى الجلسات العامة علمًا بأَنَّ العملَ سيَتَواصَلُ على مستوى اللجانِ النيابية ومكتب مجلس النواب. وَوِفْقَ التقاليد، فإن هذه الجلسة تكونُ مناسبةً نستعرضُ فيها حصيلةَ المُنجزِ الذي ساهمْنَا فيه  جميعُنا، رئاسةً ومكتبًا، وفرقًا ومجموعةً نيابية، ولجانًا نيابية دائمة.

وقد حَرَصْنَا، جَمِيعُنَا، في أجهزة المجلس، معارضةً وأغلبيةً على التفاعل، مع قضايا بلادِنا الحيوية ومع انشغالات المواطنين، وساهمنا من موقعِنا الدستوري والمؤسساتي في إيجاد الأجوبة التشريعية، وفي المواكبة الرقابية، وفي إطارِ اختصاص تقييم السياسات العمومية ووظيفتنا في مجال الدبلوماسية البرلمانية، في إيجاد الأجوبة على هذه القضايا. وقد تَمَثَّلْنَا، في كل ذلك، بالطبع، وبالدرجةِ الأولى، توجيهاتِ صاحبِ الجلالة الملك محمد السادس نصرهُ الله الواردة، على الخصوص، في الخطاب الذي وَجَّهَهُ جلالتُه إلى الأمة بمناسبةِ افتتاح الدورة التشريعية الأولى من السنة التشريعية 2022-2023، وباقي الخطبِ الملكية السامية والتوجيهات الملكية في عدة مناسباتٍ وطنية، إذْ إِنَّ جلالتَه، حريصٌ على تَرْصيدِ المكاسب والمُنجزات، وقيادة المغرب إلى المستقبلِ بكل ثقةٍ وبخطواتٍ ثابتة.

الزميلات والزملاء

تفرضُ علينَا المستجداتُ أن نستعيدَ في هذهِ اللحظةِ السياقَ الوطنيَ والدوليَ الذي اشتغلنَا في إطارِه وتَفَاعَلْنَا معه، وكذا أهَمَّ السِّماتِ العامة التي مَيَّزتْ الأَشهُرَ الأخيرة. فقد واصلتْ بلادُنا بقيادةِ صاحبِ الجلالة أعزَّهُ الله ترسيخَ تَمَوْقُعِها الإقليمي والقاري والدولي، وتكريسَ حقوقِها المشروعة في تثبيتِ وحدتِها الترابية بإعادة إقرار مزيدٍ من القوى النَّافذة في القرارِ الدولي، وأشقائِنا في إفريقيا، والعالم العربي والإسلامي، وأصدقائنا عبرَ العالم، بمصداقيةِ وجِدِّيةِ مقترحَ الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية المسترجعة كحلٍّ وحيدٍ للنزاع المفتعل حول الأقاليم الجنوبية المغربية.

بالموازاة مع ذلك، يتواصلُ الاعترافُ بنجاعة المشاريع الإنمائية، الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضية، المُحَقَّقَة في الأقاليم الجنوبية وانعكاساتِها الإيجابية على الخدمات المقدمة للمواطنين، وعلى الرُّقِيِّ بالحياة في حواضِرِ وبوادي الجنوبِ الكبير. وإننا نَعتزُّ بأن التقارير المُقَرِّةَ بهذه الحقيقة صادرةٌ، هذه المرة، عَمَّنْ كانوا يتغافلون مردوديةَ العائد الاجتماعي والبشري للاستثمارات العمومية في هذه الأقاليم التي تَغَيَّرَ وجهُها العُمراني وأضْحتْ مجالَ جَذْبٍ للاستثماراتِ الوطنية والدولية ونموذجًا لجودةِ الحياةِ والازدهار.

وبالطبع، فإنَّ هذا المنجزَ يتحققُ أولًا بفضلِ الحرصِ الملكيِّ السامي على إعداد المشاريع، وَرَصْدِ الاعتمادات المالية الضرورية لها، وهي ضخمة، وبفضل تتبعِ جلالةِ الملك اليومي، وفي الميدان، للأوراش. ويتحقق ذلك أيضا بفضل انخراطِ إخوانِنَا وأخواتِنا في الأقاليم الجنوبية في هذه المسيرة الإنمائية، وتعبئةِ المؤسسات المنتخبة والتنفيذية. كل ذلك، طبعًا، في ظل الطمأنينة والأمان الذي تُوفِّرُه القواتُ المسلحة الملكية التي تقفُ حاميةً لحدودِ الوطن، ورادِعَةً لكل استفزاز. فإلى هذهِ القوات وقائِدِها الأعلى، ورئيسِ أركانِ حَرْبِها العامة صاحب الجلالة كلُّ الإكبارْ والتقدير والامتنان. وإلى قواتِ الأمن بكل تشكيلاتها كل التقدير والعِرْفان.

الزميلات والزملاء،

تُحَقِّقُ بلادُنا كلَّ ذلك في ظرفيةٍ دوليةٍ استثنائيةٍ بكُلِّ تداعياتِها، على الإنْفاقِ العمومي الوطني الذي يزداد بفعلِ ارتفاعِ أسعار المواد  الأولية والمواد الغذائية في سياقٍ عالمي مضطرب تزدهِرُ فيه الأنانياتُ والنزعاتُ القُطْرية.

ومع ذلك، لا تختلفُ وَتيرةُ النهضةِ التنموية في باقي أقاليم المملكة كثيرًا عن الجاري تحقيقه في الأقاليم الجنوبية التي تبقى نموذجا  يُحتدى به، إذ تُواصلُ بلادُنا تَقدمها كقوةٍ صاعدةٍ، ويسجلُ الاقتصاد الوطني، خاصة، لجهة التصدير، أداءً يستحق التقدير رغم الظرفية الدولية الصعبة، فيما يتواصلُ تَأْصِيلُ النموذجِ الاجتماعي المغربي بتعميم الحماية الاجتماعية، ما يُعْطي لحقوقِ الانسان مضمونَها الاجتماعي والاقتصادي، وما يجعلُ المواطنَ في صُلبِ التنمية.

وإذا كان هذا الاقتدارُ المغربي، وهذا التَّموْقُعُ الجديدُ لبلادِنا إقليميًا وقاريًا ودوليًا، وهذا التصميمُ الوطني، مَدْعَاةَ فَخرٍ واعتزازٍ، فإنَّه يثيرُ حُنْقَ جهاتٍ خارجيةٍ تُعَبِّىءُ العديدَ من الإمكانيات ووسائل الإعلام واللوبيات، وتَحْشُدُ الأصواتُ، لمناهضةِ بلادِنا، لا لشيء سوى لأنها تَشُقُّ طريقَها بثباتٍ، وعلى أساس القرار الوطني المستقل، نحو تموقعٍ دوليٍ متقدم، مستندةً إلى تاريخٍ عريق وديمقراطيةٍ مُتأصلةٍ ونظامٍ مؤسساتي صَلْبٍ لُحْمَتُه ملكيةٌ دستوريةٌ تَتَمَتَّعُ بكلِّ الشرعيات التاريخية والروحية والسياسية. وبَلَغَ هذا الحُنْقُ، وهذا الاستعداء قِمَّتَه بإصدارِ ذَاكَ الذي سُمِّيَ توصيةً أو قرارًا غيرَ مُلزِمٍ من جانب جزءٍ من الطَّيْفِ السياسي بالبرلمان الأوربي يوم 19 يناير 2023 تحت مُسمّى "احترام حرية التعبير والرأي بالمغرب".

لَنْ أُطيلَ في إعادةِ التأكيد على إدانتنا القوية لهذا الموقف، ورفضنا للافْتراءِ والكذبِ على بلادِنا. فقد كانت مواقفُ مختلفِ القوى السياسية والنقابية الممثلة في البرلمان الرافضةُ والمُستنكرةُ لقرار البرلمان الأروبي، والبيانُ الصادرُ عن الجلسة المشتركة الخاصة التي عقدها مَجْلِسَا البرلمان لمناقشته بتاريخ 23 يناير 2023، كان ذلك، ردًّا وطنيًّا بليغًا وقويًا تَكَامَلَ مع الرفضِ الرسمي والشعبي للتدخل في شؤوننا الداخلية، وأيضا مع الأصوات الحكيمة في البلدان الأروبية التي فضحتْ خلفياتِ هذا القرار الشَّاردِ من حيث مُحتواهُ وتوقيتُهُ.

ولكن اسمحوا لي، مع ذلك، الزميلات والزملاء، أن أذَكِّر مُدَبِّري وعَرَّابِي استعداءِ المغرب وصُنَّاعَ الافتراءات ضدَّهُ في المؤسسة الأروبية وأسائلهم :

- ألًا تَتَوفر بِلَادُنا على صحافةٍ عريقةٍ وتعدديةٍ وحرة، بنفس القدرِ، وبنفس العَرَاقَة المتوفرة في أروبا، حيث يغتني المشهد الإعلامي الوطني بآلاف العناوين، وحيث إن عُمْرَ جريدةٍ وطنيةٍ عريقةٍ في المغربِ صدرتْ في مواجهةِ نظام الحماية البغيض، هو نفسُ عمرِ جريدةٍ صدرت في ظل الاحتلال النازي للبلد الذي ما تزال تَصْدُرُ به. ليْسَت نِيَّتي أن أختزلَ المشهد الإعلامي الوطني في صحيفة وطنية، ولكن لأذكرَ ببعضِ أحداثِ التاريخ، ولأُحيلَ عليه من تَسْتَهويهم المقارباتُ المُقارَنَة. فهذا المشهدُ الإعلامي الوطني ظل في كل الظروف منذ ما يقارب القرن، وما يزالُ تعدديًا، حُرًّا، وعاكسًا لتعدديةِ المجتمع المغربي، السياسية والثقافية. والصُّحُفيُّونَ المغاربةُ، وهم بالآلاف، وكُتَّابُ الرأي الحقيقيون بالمغرب،  يُدْرِكُون معنَى الحرية التي ينعم بها الوطن، وطبعًا حَاشَى أن يُسْتَقْوَوْا بالأجنبي.

- ومن جهة أخرى يَغْتَني المشهدُ السياسي والحزبي المغربي بأكثر من ثلاثينَ حزبًا سياسيا، من مختلفِ التوجهاتِ السياسية والفكريةِ وبخلفياتٍ ومدارسَ فكريةٍ واديولوجية مختلفة، لا تقل، تاريخًا وعراقة وتنظيمًا وثراءً فكريا عن نظيراتها في أروبا. بل إن الأغلبية الساحقة من الأحزاب السياسية المُشَكَّلَةِ لهذا المجلس لايقل عُمْرُها عنها الأربعينَ عامًا، والعديد منها احتفل بمُرورِ ما يَرْبُو عن 80 عامًا على تأسيسِه.

الزميلات والزملاء

أوردَت هذيْنِ المِثالَيْن لأَخْلُصَ إلى أنَّنَا لَسْنَا في حاجة إلى الدروس عن حرية الرأي، والتعددية، وصيانة حقوق الإنسان. فنحنُ نتوفرُ على مؤسساتها وآلياتها والتشريعات التي تكْفُلُ احترامَها. ونحنُ أمةٌ عَرَفْنا كيف نَقْرأُ تاريخَنَا ونَخْتَطُّ لنا الطريقَ من أجل المستقبل الذي نحنُ بصددِ بنائِه اليوم. وعليه، أغتنمُ هذه المناسبة لأجَدِّدَ رَفْضَ نوابِ الأمة لأي تدخلٍ في شؤونِنا الداخلية، وفي قضائِنا المستقل، والمشهودِ لَهُ بالاقتدارِ والكفاءة والمروءة بقدرِ رفضِنا المطلق للخَلْطِ المتعمَّدِ بين حريةِ الرأي من جهة، وجرائمِ الحق العام التي يَنْظُرَ فيها القضاءُ الذي من مسؤوليتِه ضمانُ حقوق الضحايا، قبل كل شيء.

وبالتأكيد، فإن موقفَ البرلمان الأوروبي لن يُثْنينا عن مواصلةِ حضورِنا المتميز والمسؤول في المنظمات البرلمانية متعددة الأطراف الدولية والقارية الاقليمية، حيث نواصلُ اشتغَالَنا مدافعين عن قضايانا الحيوية ومصالحِ بلادنا وفي مقدمتِها قضيةُ وحدتِنا الترابية مُتَمَّثِلينَ مُثُلَ وقِيَمَ وعقيدةَ الدبلوماسية الوطنية بقيادة صاحب الجلالة والمَبْنِيةِ رُؤْيتُها على الدفاعِ عن السلمِ والأمنِ والتنميةِ والعدل في العلاقات الدولية، ومكافحة الإرهاب والاضطلاع بمسؤولياتٍ دوليةٍ جسيمةٍ في ما يخص الهجرة، وفي التصدي للاختلالات المناخية.

الزميلات والزملاء،

لَيْسَ هذا التَّمَوْقُعُ المغربي (الذي يزعج البعض)، معزولا عن قوةِ نموذَجِنا الديموقراطي والاقتصادي والاجتماعي، إذ هو يرتكزُ، ويجدُ أسَاسَهُ في قوة نموذجنا المؤسساتي وفي الاصلاحات التي نُنْجزُها والتي يوجد مجلسُ النواب في صلبها ويواكبُها ويؤطرُها تشريعًا ورقابةً، وبما يَكْفَلُهُ له الدستُورُ من اختصاص في مجال تقييم السياسات العمومية.

وهكذا وتفاعلًا مع حاجياتِ المجتمع، والسياق الوطني، وفي إطار التوجيهات الملكية السامية حَرَصَ المجلس على المصادقة على عدد من مشاريع القوانين، وتفاعلَ في المجال الرقابي مع انشغالات المجتمع، بالموازاة مع مواصلة عملياتِ تقييم لعدة سياساتٍ عمومية.

وبالأرقام، صادقَ مجلس النواب على 33 مشروعَ قانونٍ وثلاثَة مقترحات قوانين. ولئِن كانت مُناقشةُ قانونِ المالية، والمصادقةُ عليه، تأخذُ الحَيِّزَ الزمنيَّ الأكبرَ خلال الدورة الأولى من كل سنة تشريعية، فإنَّ ذلك لم يَكُنْ حَائلًا دون المصادقةِ على قوانينَ تأسيسيةٍ سيكونُ لها الأثرُ الكبير على الديناميات الاقتصادية والاجتماعية والحقوقية.

وهكذا صادق المجلس على مشروع قانون تنظيمي يتعلق بتحديد شروط وإجراءات الدفع بعدم دستورية قانون إعْمالًا للفصل 133 من الدستور ولِبَاقي الفصول ذات الصلة بحقوق الإنسان ؛ وهو نَصٌّ لا تَخْفَى أهَمِّيَتُه في كفالةِ حقوقِ الانسان وصيانِتها وإحاطتِها بكل الضمانات القانونية والإجراءات. وما من مُراقبٍ موضوعي ونزيهٍ يُمْكِنُه إغفالُ المقاصدِ الحقوقية لهذا النص، وانعكاساتِه الإيجابية على تجويد حقوقِ الإنسان في أبْعادِها الملموسة، وفي تحقيق العدالة والانصاف. 

وبالتأكيد، فإِنَّ بلادَنا باعتمادِ هذا النص، تحرصُ على تجويد الديموقراطية والرُّقي بحقوق الإنسان في مختلف أبعادِها.

وتكريسًا للحقوق الاجتماعية، ولدولة الرِّعاية الاجتماعية، صادق المجلس على القانون-الإطار المتعلق بالمنظومة الصحية الوطنية، وقانونٍ يُغير ويتممُ مُدونةَ التغطية الصحية الأساسية. ويرتبط هذان التشريعان بورش الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية، وهو وَرْشٌ يَطْبَعُ عهد صاحب الجلالة الملك محمد السادس أعزّه الله ونصره، يُجمع المراقبون على أنه يشكل ثورةً هادئة في العرض الصحي والتغطية الاجتماعية في بلادنا، ويكرس التضامن والتماسك الاجتماعي والعدالة الاجتماعية.

وإعمالا للتوجيهات الملكية السامية بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية، صادق المجلس على مشروع قانون-إطار يتعلق بالاستثمار، الذي سيُطلقُ تطبيقُهُ، بالتأكيد، ديناميةً جديدة في الاستثمار الوطني والأجنبي مع ما لذلكَ من انعكاساتٍ إيجابية على تصنيعِ البلاد وتجويدِ قطاعِ الخدمات وتوفيرِ الشغل المنتج والضامن للكرامة، والرفع من جاذبية البلاد، وإضفاء بُعْدٍ مجالي على الاستثمار والرفع من القيم المضافة التصديرية.

وتعزيزًا للسياسة الوطنية في مجال الاقتصاد الأخضر، وإنتاج الطاقة من مصادر متجددة، صادقنا على قانونٍ بشأن الإنتاج الذاتي للطاقة الكهربائية مما من شأنِه تأطيرُ إنتاج الطاقة من طرف الخواص، وخفضُ كُلفةِ إنتاج الكهرباء وإطلاقُ ديناميةٍ جديدة في القطاع وفي الأنشطة المرتبطة بالإنتاج.

وما من شكٍ في أن هذا التشريعَ الوطني سيعزِّزُ مَرْكَزَ بلادِنا الرائد في التوجه العالمي للتصدي للاختلالات المناخية، وهو يُجسدُ روحَ المسؤولية التي يتحلى بها المغرب إزاءَ المجتمع الدولي ودَلِيلٌ آخر على حِرْصِنا على احترام التزاماتنا الدولية.

وبجانب هذه القوانين التأسيسية، صَادَقْنَا على مشاريع قوانين تتعلقُ بالقضاء والمنشآت العامة، والسياحة، كما وافقنا على عدد من الاتفاقيات الدولية، الثنائية ومتعددة الأطراف، والتي هي عربونٌ آخرُ على سمعةِ ومكانة بلادنا دوليا.

وشكلت دراسةُ هذه القوانين والتَّصويتِ عليها مناسبةً لنقاشٍ مفيدٍ بين السلطتين التشريعية والتنفيذية مما أَثْرَى هذه التشريعات وأَخْصَبَ التوافُقَ حولَها، وهو ما تَجَسَّدَ في التصويت على %80 منها، بالإجماع.

ومَعَ دعوتِنَا إلى قراءةِ هذه الحصيلة من زاويةِ النَّوْعِ والجودة، فإننا نُسَجلُ أن حصيلةَ ما صادقْنا عليه من المبادرات التشريعية لأعضاء المجلس، أي مقترحات القوانين، ما تزال دونَ طموحِنا المشترك. ونأملُ أن تُسْعِفَنَا المقتضياتُ الجديدةُ التي ضَمَّنَّاها في النظام الداخلي الذي صادقنا عليه في نهاية هذه الدورة، في استدراكِ هذا النقص.

الزميلات والزملاء

نَوَّع المجلسُ من آليات الرقابة على العمل الحكومي المكفولة له بالدستور ما بين أسئلةٍ شفويةٍ وكتابية، ومهامَّ استطلاعيةٍ ومساءلةِ الوزراء ومسؤولِي المؤسسات العمومية أمام اللجان الدائمة، ومناقشةِ تقارير المؤسسات الدستورية وهيئات الحكامة.

وتفاعلت الأسئلة الشفويةُ التي وجهها أعضاءُ المجلس للحكومة مع أهم القضايا التي تهم المجتمع، وتمت برمجة 410 أسئلة منها 73 سؤالا آنيا، في الجلسات الأسبوعية الثلاثة عشرة التي عقدها المجلس، فضلا عن ثلاث جلسات أجاب خلالها السيد رئيس الحكومة على خمسة عشر سؤالا محوريا من بين 18 سؤالا محالةٍ عليه. وتمحورتْ هذه الجلساتُ، كما تعرفون، حول السياسات العامة في مجالات الاستثمار، وقانون المالية وسياقه ورهاناته، والسياسة المائية في ضوء النقص في التساقطات المطرية والثلجية وسبل تدارك العجز المائي وترشيدِ استعمال المياه.

وشكلتِ الأسئلةُ الكتابية، كما هي العادة، آليةً لمساءَلةِ أعضاءِ الحكومة حول قضايا محلية وقطاعية، إذْ بلغَ عددُ هذه الأسئلة 1806 أسئلة فيمَا أجابتِ الحكومةُ عن 1151 سؤالا أي ما نسبته 64%.

وسواءٌ تَعَلَّقَ الأمرُ بالجلسات العمومية الشهرية المخصصة لمناقشة السياسات العامة أو الجلسات الأسبوعية، فقد حَرْصَنا جميعُنا، معارضةً وأغلبية، في المجلس وفي الحكومة، على جعلها مناسباتٍ لحوار يُخْصِبُ الحلولَ لقضايا بلادنا ويَجْعَلُ تَقاطُعَ الرُّؤَى مُنْتِجًا للمخارج، والأساسي أن يَنْقُلَ انشغالاتِ المجتمع، إلى قلب العمل المؤسساتي. وتلكم من سماتِ الديموقراطيةِ المغربية والنموذج المؤسساتي الوطني، حيث تحتضن المؤسسات الدستورية تدبيرَ الاختلاف وحيثُ يُصَارُ إلى بلورةِ الحلول للمشاكل.

وتَتَعَزَّزُ ممارسةُ الاختصاص الرقابي للمجلس، بدراسة قضايا وطنية وسياسات عمومية وأوضاع مؤسسات عمومية ومساءلة الوزراء ومسؤولي هذه المؤسسات أمام اللجان النيابية.

وهكذا درستِ اللجان النيابية الدائمة 22 موضوعًا كانت محور 35 طَلَبًا من مختلف الفرق والمجموعة النيابية، إلى جانبِ مناقشةِ تقاريرِ مؤسساتٍ دستُورية وهيئاتِ حكامةٍ. وتكتسِي هذه المواضيعُ إما طابعًا آنيًا مطروحًا في المجتمع،  أو طابعا استراتيجيًا بالنسبة للتنمية الاقتصادية والعلمية والثقافية والتربوية.

وفي إطار ممارسة نفس الاختصاص الرقابي، حَرَصْنا في مكتب المجلس ورؤساء الفرق والمجموعة النيابية ورؤساء اللجان النيابية على أن تكونَ ممارسةُ هذا المدخلِ الرَّقابي متميزةً بالنجاعة والفعالية والمردودية، وتجنبِ الهدر، والحرص على ترشيد جهود المؤسسة، وذلك بتدقيق حَيْثِيَاتِ الترخيص لهذه المهام سعيًا منا على جعل هذه المهامِّ مُنْتِجةً من حيث التشخيصُ والتوصياتُ والاقتراحات. وعلى هذا الأساس رَخَّصَ مكتبُ المجلس برسم هذه الدورة للقيام بثلاث مهام ستشتغل حول :1) أوضاع الأحياء الجامعية، و2) الطرق السيارة و3) المقالع، بعد أن ناقشنا تقرير المهمة التي اشتغلت حول مصب نهر أم الربيع على مستوى اللجنة والجلسة العامة، وهي المناقشة التي انضجت فكرة إحداث وكالة لنهر أم الربيع مع ما  لذلك من تداعيات على تنمية الحوض وتهيئته  وجعله جاذبا للاستثمارات . 

ومن جهتها أنهت المهمة الاستطلاعية حول عملية "مرحبا"  مناقشة تقريرها على مستوى اللجنة المعنية، وسيبث مكتب المجلس قريبا في مآل هذا التقرير.

ومن جهة أخرى، حَرَصْنَا على مناقشة تقارير المؤسسات الدستورية وهيئات الحكامة. وفي هذا الصدد، أُعِيدُ التذكيرَ بأن مكتب المجلس قرر أن تُحالَ تقاريرُ المؤسسات الدستورية وهيئات الحكامة على اللجان النيابية التي تدخلُ في اختصاصها هذه التقاريرُ لَيَنْظُرَ في مآلاتها لاحقًا، وذلك التزامًا مِنّا بمقاصدِ الدستور في ما يرجع أولا إلى المركز الدستوري لهذه المؤسسات، وثانيا إعمالًا لمبدإِ تعاون السلط وتكاملها. وبالنظر ، ثالثا، إلى غِنَى هذه التقارير وأهميتِها.

وفي ما يخص تقييم السياسات العمومية، التي تتطلب جهدًا ممتدًا في الزمن والعديد من جلسات الاستماع إلى مختلف المتدخلين والمستفيدين والفاعلين العموميين والمجموعات المعنية من تنظيمات مهنية ومواطنين، أخبركم بأن المجموعة الموضوعاتية المكلفة بتقييمِ خطةِ إصلاحِ الإدارة أنهتْ أشغالَها بالمصادقةِ على التقرير الذي تَوَّجَ أشغالَها وأحالته على مكتب المجلس الذي سيُبَرْمجُه في الأسابيع الأولى من الدورة التشريعية المقبلة، متطلعين إلى أن  يكونَ نقاشُه على مستوى الجلسة العمومية مفيدًا ومنتجًا للأثر الذي نتوخاهُ جميعًا. ومن جهتَها أَنهت المجموعة الموضوعاتية المكلفة بتقييم السياسة المائية، أعمالَها بإعدادِ الصيغةِ الأَوَّليةِ للتقرير الذي سنحرصُ، في إطار المكتب، على برمجَتِه أيضا خلالَ الدورةِ المقبلة.

وبدورِها، فإن المجموعة الموضوعاتية المكلفة بتقييمِ تطبيقِ وأَثَرِ القانون المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء بصدد هيكلة ذاتها لتباشر أشغالها حول قضية مركزية في اهتمامات بلادنا. وكما تعلمون فإنه لأول مرة يُشَكِّلُ المجلسُ مجموعةً موضوعاتية يكلفُها بتقييم تطبيقِ وأثر تنفيذ قانون.

وفي المجمل، فإننا في ممارستِنا لاختصاص التقييم، إزاءَ سياسات تكتسي مِنَ الأهميةِ ومن الرَّاهِنِيَةِ القُصْوى، في السياق الوطني والدولي، ما يَسْتَدْعي إنجازَ  عملياتِ تقييمٍ بمُخْرجاتٍ موضوعيةٍ وناجعةٍ. فسواءً تَعَلَّقَ الأمر بالإدارة، أو الماء، أو حقوق النساء، فإن الأمرَ يتعلقُ بسياسات تحظى برعاية ملكية سامية، وهي موضوعُ انتظاراتٍ مُجْتمعية، فضلا عن أنها تَقَعُ في صُلب الرهانات الدولية الراهنة.

الزميلات والزملاء،

اسمحوا لي إن كنت أَطَلْتُ. فالسياقُ والأحداث، واللحظةُ، أيضًا، تفرض علينا أن نستعرضَ معًا ما الذي أَنجْزَنَاهُ، وما الذي ينبغي تجويدُه أو اسْتَدْرَاكُه مُؤَسِّسِينَ ذلك على التراكم.

وِفْقَ هذه الرؤية، كان حرصُنا الجماعي على إدخال التعديلات الضرورية على النظام الداخلي للمجلس،تعديلاتٌ تَمَثَّلت في 300 تدبيرٍ ومسطرةٍ وعمليةِ مُلَاءَمَةٍ مع القوانين التنظيمية، ومقتضياتٌ منها ما يتعلقُ بتدبيرِ عَمَلنا المؤسساتي، ومنها مايَهُمُّ علاقاتِ المجلس بمؤسساتٍ دستوريةٍ أخرى وهيئاتِ حَكَامَةٍ، ومنها ما يتعلقُ بتقييمِ أدائِنا وضبطِ الحضور، وتدبير حالات تنازع المصالح، ومدونة السلوك، والتواصل مع الرأي العام وغيرها من الإصلاحات.

وقد أَخَذْنَا بعين الاعتبار، ونحنُ نناقشُ هذه التعديلات على مدى حوالي سنة، الثغراتِ التي اسْتَنْتَجْنَاها في سياقِ الممارسة اليومية، وملاحظاتِ المحكمة الدستورية، ومتطلباتِ الملاءمة مع القوانين التنظيمية المعتمدة منذ آخر تعديل عرفه النظامُ الداخلي في 2017، واستحضرنا أيضا مُتطلباتِ ديمقراطيةِ القرن 21 بما تتطلبه من إشراكٍ وتشاور.

ويَعْكِسُ التوافُق الذي حصل بين مكوناتِ المجلس حول التعديلات، التي أَعْتَبرُها أساسيةً، ذلكَ التوافقَ الذي يُمَيِّزُ عملَنا المؤسساتي وتَعَاطِينا مع القضايا الكبرى لبلادِنا.  

ولعل هذه الروح هي التي اشْتَغَلْنا بها في واجهة العلاقات الخارجية والدبلوماسية البرلمانية مُتَمَثِّلين سياسة بلادنا الخارجية بقيادة صاحب الجلالة ومُتحلين بروح المسؤولية وباليقظة والاستباق في الدفاع عن القضايا الحيويةِ، وفي مقدمتها قضية وحدتنا الترابية.

وقد شارك المجلس في مختلف المؤتمرات واللقاءات الموضوعاتية التي نظمتها المنظمات البرلمانية الدولية والقارية والإقليمية. وفي هذا الصدد، أود أن أثمن جودة مشاركة وفود مجلس النواب وانضباطهم ويقظتهم، وتصديهم لمحاولات الانحراف ببعض المنتديات إلى خدمة أجنداتٍ خاصة في شرودٍ تام عما يطبعُ ويحكم ضوابطَ اشتغالِ المنظمات البرلمانية متعددة الأطراف.

ومن جهة أخرى، احتضن المجلس عددًا من المنتديات البرلمانية، فيما استقبلنا العديد من الوفود البرلمانية من مختلف المستويات.

الزميلات والزملاء، 

كرَّس المجلس تقاليدَ الانفتاح على الرأي العام، وعلى الصحفيين، وفتح أبوابه للزوار، خاصة من الأطفال واليافعين. 

وفي إطار مسؤولياته في إعمال الإصلاح، بادر المجلس إلى احتضان عدد من المبادرات، ومنها تنظيم يومين دراسيين حول آفاق إصلاح قطاع الصحافة والإعلام، بمناسبة مرور عشر سنوات على "الحوار الوطني حول الإعلام والمجتمع" الذي احتضنه البرلمان سنة 2010. وقد توخينا من هذا اللقاء الذي شارك فيه المهنيون وهيئاتُ الضبط، ومنظمات المهنيين، إطلاقَ مبادراتٍ لإصلاح القطاع بما يساير التحولات التي يعرفها، وصَوْنًا لحقوق المهنيين، وحقوق المجتمع والمواطنات والمواطنين، وجعل الإعلام مُواكِبًا لدينامياتِ التنمية والإصلاحات التي تنجزُها بلادُنا.

ونهوضا بالديموقراطية التشاركية نظم المجلس لقاء دراسيا حول العرائض بمشاركة العديد من هيئات المجتمع المدني توخيا للنهوض بالمبادرات المواطنة في مجال الديموقراطية التشاركية.

وفي إطار السعي إلى مواكبة اشتغالنا بالمعلومة العلمية المضبوطة والمعترف بها، أنجزنا دراسةً سوسيولوجية ميدانية حول موضوع "القيم وتفعيلها المؤسسي : تغيرات وانتظارات لدى المغاربة"، وهو عملٌ أسْنَدْناهُ، تحت توجيهِ وبمواكبةِ المجلس، إلى ثلة من السوسيولوجيين المغاربة، وأُنْجزَ وفق المعايير العلمية، وشمل مَنْظومةَ القيم في المؤسسات، بما فيها الأسرة والإدارة والمقاولة.

وسيتم تقديمُ هذه الدراسة، التي تمكن من التعرف على انتظارات المغاربة، وسَتُفِيدُ، دون شك، في ملاءمة عدد من الاختيارات مع هذه التطلعات، غدا الأربعاء بمقر المجلس.

من جهة أخرى، لا تفوتني هذه الفرصة، باستعادة اللحظات الوطنية الجميلة التي عِشْناها معا مع ما حققه المنتخب الوطني لكرة القدم في نهائيات كأس العالم 2022 بقطر، لحظاتٌ سجلنا فيها فَيْضًا من الشعور الوطني، والفخر بالانتماء إلى المغرب.

وقد رسختْ منجزاتُ الفريقِ الوطني وخصوصية الجمهور المغربي، وشَغَفِه الكبير بكرة القدم ومهاراته في التعبير عن الفرح وعن الانتماء للوطن، صورةَ المغرب على الصعيد الدولي كبلدٍ مُتأصِّلٍ مرتبطٍ بقيَمِهِ دون انطواء، ومنفتحٍ على القيم العالمية دون تفريط في جذوره وثقافته الوطنية. والأساس أن ذلك رَسَّخَ الثقة في الوطن وأبنائه.

لقد عَكَسَ الاحتفالُ بعطاء المنتخب، صورةَ المغرب الموحد، المُلْتَفِّ حول مؤسساته، وفي مقدمتها صاحب الجلالة الملك محمد السادس أيده الله الذي يقود المغرب المُجَنَّدِ دوما للتصدي لكل من وما يَمُسُّ بترابِه، أو حريته، أو مؤسساته، أو اختياراته.

أشكركم جميعا على مساهمتكم في تحقيق ما أنجزنا، وطبعا كل الشكر على حسن إصغائكم.


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات
المقالات الأكثر مشاهدة