بودن لـ"أخبارنا": قرار محكمة العدل الأوروبية توجه سياسي يعكس ميلًا ضد سيادة المغرب ويدفع نحو تعقيد العلاقات الأوروبية-المغربية

بودن لـ"أخبارنا": قرار محكمة العدل الأوروبية توجه سياسي يعكس ميلًا ضد سيادة المغرب ويدفع نحو تعقيد العلاقات الأوروبية-المغربية

أخبارنا المغربية - عبدالاله بوسحابة

في تصريح خص به موقع "أخبارنا"، اعتبر محمد بودن، الخبير في القضايا الدولية المعاصرة، أن قرار محكمة العدل الأوروبية بخصوص اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي الصادر في الرابع من أكتوبر 2024 لم يضف أي جديد من الناحية القانونية للفقه الدولي فيما يخص قضية الصحراء المغربية. 

وأكد بودن أن القرار أفرط في إدراج مفاهيم مشحونة سياسيًا، وهو ما يشير إلى تأثره بعوامل سياسية، ما ينعكس سلبًا على توازن القرار ويؤثر على سيادة المغرب.

من منظور قانوني، قدم بودن خمس حجج تؤكد على عيوب هذا القرار:

أولًا: خرق ميثاق الأمم المتحدة واتفاقية فيينا

يرى بودن أن محكمة العدل الأوروبية استندت إلى تأويل ضيق ووقائع مصطنعة، ما أدى إلى مخالفة روح ميثاق الأمم المتحدة، لاسيما المادتين 1 و73 منه، إضافة إلى تجاهلها لبعض المواد الهامة في اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات، خاصة المادة 26 التي تنص على أن "العقد شريعة المتعاقدين"، والمادة 27 التي تمنع الاحتجاج بنصوص القانون الداخلي كذريعة للإخفاق في تنفيذ المعاهدة.

ثانيًا: تعدي الولاية القضائية

أكد بودن أن المحكمة ارتكزت على وقائع تقع خارج نطاق القانون الأوروبي، إذ أن موضوع القضية يتمتع بولاية حصرية للأمم المتحدة ومجلس الأمن. وأشار إلى أن محكمة العدل الأوروبية لا تملك الحق في إنشاء اختصاصات جديدة أو منح صفة قانونية لكيان غير معترف به لتمثيل السكان المحليين، معتبراً ذلك تعديًا على القانون الدولي.

ثالثًا: تحريف مبدأ تقرير المصير

أوضح بودن أن المحكمة لم تراع الأبعاد المتعددة لمبدأ تقرير المصير، سواء من الناحية الديمقراطية أو التنموية، ولا الاجتهادات القضائية الدولية التي تعزز مفهوم تقرير المصير الداخلي، مشيرًا إلى أن العديد من الدول الأوروبية تدعم مبادرة الحكم الذاتي المغربية، وهو ما تجاهلته المحكمة.

رابعًا: لغة سياسية لا قانونية

اعتبر بودن أن القرار تضمن عبارات ذات دلالات سياسية بعيدة عن نطاق الولاية القضائية لمحكمة العدل الأوروبية، ولم تتمكن المحكمة من تحديد تعريف واضح لـ"شعب الصحراء الغربية"، إلا أنها اعتمدت على سردية غير واقعية مشحونة بخلفيات سياسية، مما يعكس ميلًا صريحًا ضد المغرب.

خامسًا: تجاهل الواقع التنموي للصحراء

انتقد بودن عدم أخذ المحكمة بعين الاعتبار تأثير التنمية على حياة سكان الصحراء المغربية واستقرار المنطقة، متجاهلة الدور المغربي في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية عبر شراكات دولية متنوعة واتفاقات مع أطراف متعددة.

وأشار بودن إلى أن قرار المحكمة يمثل محاولة لتشويه الحقوق التاريخية والقانونية للمغرب وتعارضًا صريحًا مع المواقف التاريخية لفرنسا وإسبانيا، اللتين كان لهما تاريخ طويل في المنطقة.

تأثير القرار على العلاقات بين المغرب والاتحاد الأوروبي

أكد بودن أن قرار محكمة العدل الأوروبية يخلق تناقضات واضحة في العلاقات بين المغرب والاتحاد الأوروبي، ويهدد مصادر الثقة والاستقرار في هذه العلاقات في وقت تتقدم فيه العلاقات الثنائية بين المغرب وعدد من الدول الأوروبية.

وبالنظر إلى المستقبل، شدد بودن على أربع نقاط يجب التركيز عليها لضمان استمرارية العلاقات بين الجانبين:

تحييد المخاطر: على الاتحاد الأوروبي العمل على إزالة المخاطر التي تهدد العلاقات مع المغرب، خاصة في الملفات الحساسة.

نهج موحد ومنسق: يجب على الاتحاد الأوروبي اتباع استراتيجية موحدة مع المغرب، لتجنب تعدد المواقف والتوجهات.

تحصين العلاقات المتجذرة: العلاقات المغربية-الأوروبية يجب أن تحصن من الاستهداف وتعزز من خلال احترام متبادل يضمن استمرار التعاون بين الطرفين.

الصحراء كمقياس للشراكات: ينبغي أن تكون الصحراء المغربية المقياس الذي يتم من خلاله قياس جدية الصداقات وفعالية الشراكات، وعلى الشركاء التقليديين والجدد احترام سيادة المغرب لضمان مكانتهم في السوق المغربية.

وختم محمد بودن تصريحه بالتأكيد على أن المغرب سيواصل تنويع شراكاته وفق قاعدة احترام سيادته على صحرائه، وأن أي شريك لا يلتزم بذلك لن يكون له موقع في السوق المغربية الواعدة.


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات
المقالات الأكثر مشاهدة