الدبلوماسية المغربية تهزم الجزائر وتحقق تقاربا ثمينا مع فرنسا وإسبانيا
بقلم: الدكتور مصطفى العباسي
أسالت زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للمغرب، الكثير من المداد بالمغرب، كما بدول أوربية أخرى، أغلبها تشيد بدور الديبلوماسية المغربية، في تطوير علاقاتها مع جيرانها الأوربيين وكسب اعترافاتهم بمقترح المغرب في قضية الصحراء المغربية.
بل هناك من رأى أن المغرب عرف كيف يستغل توتر علاقة عدد من تلك الدول بالجزائر، التي تحاول دائما عرقلة مسار حل مشكل الصحراء، والتشويش على المغرب في كل ما يطرحه من حلول لهاته القضية، لفائدة الصحراويين، المحاصرين في غالبيته بمخيمات تندوف.
زيارة ماكرون إلى الرباط ابتداء من يوم الاثنين، وحتى يومه الأربعاء، تاتي بعد ثلاث سنوات من "العداء" أو التوتر في العلاقات بين البلدين، الناجم عن افتعال قضية "بيغاسوس" من طرف بعض الجهات، وإذكاء نيران التوتر بشكل أكبر من طرف الجزائر وبعض خدامها من الأقلام في فرنسا وغيرها، إلا أن ذلك، سرعان ما تبدد لتعود العلاقات بين البلدين للوضع الطبيعي، بل ويبدو أنها ستكون أحسن، بزيارة ماكرون الرسمية، والتي تحمل برنامجا يهدف إلى تعزيز تلك العلاقات على مستويات مختلفة، ويبدو أنه يريد منافسة إسبانيا، في تطوير هاته العلاقة.
ويرى بعض الباحثين والمحللين في اسبانيا وفرنسا، أن ماكرون سار على خطى بيدرو سانشيز بكل تفاصيلها. فقد أرسل نهاية يونيو رسالة إلى القصر الملكي، تماما كنظيره الاسباني، اعترف فيها بالحكم الذاتي للصحراء تحت السيادة المغربية باعتباره "الإطار الذي يجب أن تحل فيه هذه القضية". "إن المسار الذي سلكته الأزمتان المنطلقتان مع الجزائر لا يزال مفتوحًا. ويتقاسم ماكرون وسانشيز الآن الدعم للمقترحات المغربية بشأن المستعمرة الإسبانية السابقة. وهو انضمام يجعل، في الوقت نفسه، منهم متنافسون لكسب علاقات طيبة واستثنائية مع المغرب.
وبطبيعة الحال، وقبل فرنسا وإسبانيا، اعترفت الولايات المتحدة في عهد ترامب بالصحراء المغربية، وهو ما يكسب الديبلوماسية المغربية، مزيدا من الانتصارات الميدانية، سواء كان ذلك، يدخل ضمن التنافسية الدولية، أو ضمن محاولة حل هذا المشكل الذي عمر طويلا، والذي تحاول الجزائر غير ما مرة أن تشعل فتيله. وهو ما دفع إسبانيا وفرنسا، إلى أغلاق الباب في وجهها. خاصة بعد أن تبين أنها الحليف أو الرفيق المزعج، والذي لا يأتي من جهته إلا الرياح والتوترات، خصوصا بعد واقعة تهريب رئيس البوليساريو إلى إسبانيا للعلاج، مما فجر قنبلة بين المغرب وإسبانيا، دامت زهاء العام، كل ذلك بسبب الجزائر وتلاعباتها.
ويؤكد بعض المتتبعين، أنه على الرغم من أن فرنسا استغرقت وقتًا أطول لتوضيح موقفها بشأن سيادة المغرب على الصحراء، ربما بسبب علاقاتها الأكثر تعقيدًا مع الجزائر، إلا أن تغيير موقف إسبانيا ربما أثر على موقف فرنسا النهائي. والآن، سيكون من المهم ملاحظة كيف تترجم هذه المواقف المتوافقة إلى إجراءات ملموسة، خاصة فيما يتعلق بالاستثمارات في منطقة الصحراء. وفي باريس، لم يخفوا اهتمامهم بزيادة نشاطهم الاقتصادي والتجاري بالصحراء المغربية، على الرغم من الحكم الغير المفهوم لمحكمة العدل الأوربية، والتي كان يتوقع أن يؤثر على هاته الاستثمارات، لكن يبدو أنه لم يرقى لهذا المستوى، ودليل ذلك، عزم حكومة باريز فتح قنصلية لها بالصحراء المغربية.
وشددت الخارجية الفرنسية، بعد أن علمت بالأحكام (حكم محكمة العدل الأوربية)، على أن "فرنسا تؤكد مجددا التزامها الثابت بشراكتها المميزة مع المغرب واستعدادها لمواصلة تعميقها". وجاء في البيان: "كما كتب الرئيس ماكرون إلى جلالة الملك بمناسبة عيد العرش، تظل فرنسا عازمة، من بين أمور أخرى، على دعم جهود المغرب لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الصحراء المغربية، لصالح السكان المحليين".
وشدد وزير الفلاحة الاسباني لويس بلاناس، سفير بلاده السابق بالمغرب، يوم الجمعة، تعليقا على حكم المحكمة الأوربية. موضحا "إذا كان لدى أي شخص طموح سياسي، من خلال قراءة هذه الأحكام، لمحاولة وضع حد لتقدم العلاقات الوثيقة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، أو بين إسبانيا والمغرب، فقد ارتكب خطأ"، وأضاف بلاناس: "العلاقات لا تقوم على العمل فقط، بل على الثقة المتبادلة والبحث عن الحلول"..
وفي رأيه، تقوم إسبانيا والمغرب بتحليل عواقب هذه الأحكام "ولكن بطريقة متفائلة" لإيجاد "حلول للمستقبل" على "أساس بناء ومقرر بشكل متبادل بين الاتحاد الأوروبي والمغرب". وأضاف "نعتقد أن هناك إمكانيات لتطوير هذا التعاون الاستراتيجي (...). سنبحث عن حل ملموس لكل سؤال يتم طرحه على الطاولة. أكثر من مجرد بيان عام، أعتقد أن هذا هو الأكثر ملاءمة، سأفعل ذلك في المستقبل على الفور، وأنا أعلم أن هذا هو ما نعمل عليه نحن والمفوضية الأوروبية نفسها في هذا الشأن". وهو الموقف الذي تشترك فيه مع فرنسا. وقد قاد كلا البلدين الاستئناف ضد الحكم الأولي.
وعلى المستوى التجاري، تنافست فرنسا وأسبانيا بشكل علني في الأشهر الأخيرة على المناقصات المطروحة من طرف المغرب. في غشت، بعد أيام قليلة من رسالة ماكرون، حصلت شركة "إيجيس" الفرنسية،مع مواطنتها "سيسطرا" وشركة "نوفيك" المغربية، على عقد لمساعدة مشغل السكك الحديدية المغربي المكتب الوطني للسكك الحديدية، في أعمال التوسعة لمحطة السكك الحديدية، الخط السريع بين القنيطرة ومراكش بقيمة 130 مليون أورو.
وكان "إنيكو" الإسباني هو العرض الخاسر في ذلك الوقت. لكن قبل ثلاثة أسابيع، حصلت ذات الشركة، بالتعاون مع شركة الاستشارات الهندسية المغربية "سيد"، على دراسات الجدوى والمشروع الأولي لخدمة السكك الحديدية الحضرية لمدينتي طنجة وتطوان. ولازال هناك مزيد من التنافس والتعاون، من خلال عقد توريد القطارات لخط القنيطرة-مراكش فائق السرعة المستقبلي، والذي تتنافس عليه شركة ألستوم الفرنسية وتالجو الإسبانية، وشركة هيونداي روتيم الكورية. شركة السكك الحديدية المتداولة. تتمتع الشركة الفرنسية، التي قدمت الأسطول الحالي، بميزة.
ويرى متخصصون في العلاقات الدولية، أن “هذا التحالف الجديد بين فرنسا وإسبانيا يمكن أن يكون بمثابة الأساس لموقف أوروبي أكثر توحيدا بشأن قضية الصحراء”.
ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من أن إسبانيا وفرنسا تتنافسان بنشاط على فرص الأعمال في المغرب، إلا أن إسبانيا قد تتمتع بميزة طفيفة، خاصة مع الاستضافة المشتركة لكأس العالم، مما يعزز علاقاتها مع المغرب.
مراقب
الملك روض ماكرون
احسن ديبلوماسة بتوجيهات ملكية عرفها المغرب صفعة مغربية مشرملة بكل التوابل وبكل ذكاء ولها عدة دلالات مستقبلية تخدم مصلحة الامة المغربية لقاءات واستقبالات رفيعة المستوى خالية إتفاقيات دانون ومن البوسان والتعناق والضحك المزيف امام الصحافيين