بيان سلفي في استنكار حادث مراكش 28 أبريل

عبد الله بن أحمد الطالبي


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد الأمين وعلى آله وصحبه الطيبين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فقد شهدت بلادنا المملكة المغربية –حرسها الله وأعزها بالإسلام والسنة- حَدَثًا مُفجعًا، هَزَّ البلاد ورَوّع العباد، وذلك إثر تفجيرٍ غَادِرٍ في مقهى أركانة بمدينة مراكش يوم الخميس 24 جمادى الأولى 1432هـ الموافق لـ 28 أبريل 2011 م.

وقد تسبب هذا العمل الآثم في قتل وجرح عشرات مِن الأنفس الآمنة سواء من المسلمين أو غيرهم، زيادة على تخريب للممتلكات ونشر للفوضى وترويع للعباد.

ولا يتوانى أحد في إدانة مثل هذه الأعمال الإجرامية وتجريم فاعليها لِما أحدثته مِن إزهاق لأرواح معصومة وإراقة للدماء وزعزعة للأمن ونشر للرعب والله المستعان، كما لا يَشُك عاقل في حُرمة وشناعة هذا العمل القبيح الذي لا يُقِرُّه عَقل ولا دِين.

وديننا الإسلامي العظيم أول مَن يُنكر هذه الأعمال الشنيعة الإرهابية ويتبرأ من فاعليها –أيًّا كانت توجهاتهم ودوافعهم- لأن الإسلام دين أَمنٍ وأمان، لا يُقِرُّ هتك الأنفس المعصومة وانتهاك الأعراض البريئة والتعدي على الأموال العامة والخاصة، بل يُوجِبُ حماية وحفظ الضروريات الخمس والتي منها الأبدان والأعراض والأموال، وما ذاك إلا أن الإسلام دين الله الحق الذي ارتضاه لعباده وأتم به عليهم النعمة، فهو يدعوا الناس جميعًا ويرشدهم إلى ما فيه صلاح دينهم ودنياهم وأُخراهم ولكن أكثر الناس لا يعلمون أو يتجاهلون.

فديننا الحنيف حَرَّم الاعتداء على المسلمين سواء في دمائهم أو أعراضهم أو أموالهم، قال الله تعالى: ( وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً ) [النساء : 93] ، وقال رسولنا الأمين محمد صلى الله عليه وسلم: (كُلُّ المسلم على المسلم حرام؛ دَمُه ومَالُه وعِرضُه) وقال عليه الصلاة والسلام: (إنَّ دِماءكم وأموالكم حرامٌ عليكم كَحُرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا) رواه الإمام مسلم في صحيحه.

كما حَرَّمَ ديننا القويم ترويع المسلمين وإفزاعهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يَحِلُّ لِمسلمٍ أن يُرَوِّعَ مُسْلِمًا ). رواه أبو داود.

كما حَرَّم ديننا العادل الاعتداء على الكفار الذين يدخلون إلى بلاد الإسلام بِعَقْدِ أَمَانٍ أو عَهْدٍ (مِن معاهدين ومستأمنين وأهل الذِّمة)، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَن قَتل مُعَاهدًا لَم يَرح رائحة الجنة، وإنَّ رِيحها تُوجد مِن مسيرة أربعين عامًا)، أخرجه البخاري، وأخرج البخاري أيضًا ومسلم أنَّ أم هانئ رضي الله عنها أجارت رجلاً من المشركين عام الفتح وأراد علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن يقتله فذهبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال صلى الله عليه وسلم: ( قد أَجَرْنَا مَن أَجَرْتِ يَا أُم هَانِئ).

فهذه الأدلة -وغيرها كثير- في القرآن العظيم والسنة النبوية الصحيحة واضحة في تحريم مثل هذا العمل الإجرامي العدواني الذي تأباه الشريعة الإسلامية والفطر السليمة، وتبين الأدلة أيضًا عِظَمَ جُرم وذَنب المتورطين فيها، وما توعدهم الله به من الخزي واللعنة والعذاب العظيم (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ ) .

فنسأل الله تبارك وتعالى –العليم الخبير- أن يُجازي هؤلاء المفسدين الذين تسببوا في هذا الإجرام بما يستحقون وأن يُمِكِّنَ منهم في الدنيا ليلقوا العقاب الشرعي الذي وجب على أمثالهم.

واللهم يا ربنا نسألك أن تنتقم من كل مَن أراد بلادنا وأمننا واستقرارنا وولي أمرنا بسوء وأن ترد كيدهم في نحورهم.

ولا ننسى أن نقدم تعازينا لأهالي ضحايا هذا الحدث الأليم، ونخص إخواننا المسلمين بما علمناه رسولنا صلى الله عليه وسلم: ( لله ما أعطى وله ما أخذ وكل شيء عنده بأجل مسمى، فلتصبروا ولتحتسبوا) .

وفي الختام نغتنم هذه الفرصة لنُذَكِّر جميع المغاربة -بل نُهيبهم- أن يحافظوا على أمن هذه البلاد الطيبة واستقرارها وأن يبتعدوا عن كل ما قد يتسبب في زوال هذه النعمة العظيمة وذهابها، ومن ذلك ما نشاهده في واقعنا الأليم من فتن (الصراخ والشغب في الشوارع)، ومظاهرات ظاهرها الإصلاح والمطالبة بالحقوق وباطنها مِن قِبَلِهِ الإفساد وتفريق جماعة المسلمين وزعزعة الأمن ونشر الفوضى. والله وتالله وبالله لا يعرف قيمة الأمن والاستقرار إلى من فقدهما، والسعيد من اتعظ بغيره، فنسأل الله السلامة العافية.

نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن، نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن، نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن. وحسبنا الله ونعم الوكيل.

والحمد لله موقف السلفيين -أهل الحديث- من هذه الفتن كلها معروف ومشهور عند البعيد المخالف قبل القريب المؤالف وإنما هي ذكرى والذكرى تنفع المؤمنين.

واللهم يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام وفق ولي أمرنا محمد السادس لما فيه خير البلاد والعباد، و هَيِّءْ له البطانة الصالحة التي تدله على الخير وتعينه عليه.

هذا ما أردت تحريره في هذا البيان المختصر، الذي تمت كتابته نصحًا لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، والله من وراء القصد.

( وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ) [هود : 88].

والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

أبو عبد الرحمن

عبد الله بن أحمد الطالبي

يوم السبت
26 جمادى الأولى 1432 من هجرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
الموافق لـ 30 أبريل 2011 م

قراءة التعليقات (4)

المقالات الأكثر مشاهدة