تعرف على الصحابي الذي زوجه النبي وقال له: أنت مني وأنا منك
أخبارنا المغربية
لم يكن من أعلام الصحابة ولا كبارهم، بل لم يكن يفتقده أحد أو يقيم له بالًا .. إلا أنه عند الله وعند رسوله صلى الله عليه وآله وسلم كان له مكانة كبيرة فاقت غيره من الصحابة.
كان هذا الصحابي الكريم فقيرًا لا مال ولا جاه له، ولم يملك من جمال الوجه شيئًا، إلا أنه يكثر الجلوس عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهو الذي سعى في تزويجه واستشهد في سبيل الله بعد أيام من زواجه، وافتقده النبي بعد المعركة فوجدوه بين الشهداء فوقف النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمام جثته وقال:" قتلتهم ثم قتلوك أنت مني وأنا منك، أنت مني وأنا منك".
إنه الصحابي الجليل جليبيب رضي الله عنه، في يوم قال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: يا جُليبيب ألا تتزوج يا جُليبيب؟، فقال: يا رسول الله ومن يزوجني يا رسول الله؟!، فقال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: أنا أزوجك يا جُليبيب.
فالتفت جُليبيب إلى الرسول فقال: إذاً تجدُني كاسداً يا رسول الله، فقال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: غير أنك عند الله لست بكاسد،ثم لم يزل النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتحيّن الفرص حتى يزوج جُليبيا.
فجاء في يوم من رجلٌ من الأنصار قد توفي زوج ابنته فجاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعرضها عليه ليتزوجها، فقال له النبي صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله: نعم ولكن لا أتزوجها أنا !! فقال الرجل: لمن يا رسول الله !! فقال: أزوجها جُليبيبا..
فقال ذلك الرجل: يا رسول الله تزوجها لجُليبيب، يارسول الله إنتظر حتى أستأمر أمها !!
ثم مضى إلى أمها وقال لها: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يخطب إليك ابنتك، قالت: نعم ونعمين برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومن يردّ النبي.. فقال لها : إنه ليس يريدها لنفسه ...!! قالت: لمن ؟ قال: يريدها لجُليبيب !! قالت: لجُليبيب لا لعمر الله لا أزوِّج جُليبيب وقد منعناها فلاناً وفلانا.. فاغتمّ أبوها لذلك ثم قام ليأتي النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
حينها صاحت الفتاة من خدرها وقالت لأبويها: من خطبني إليكما؟ قال الأب: خطبك رسول الله صل الله عليه وآله وسلم لجليبيب.. فقالت: أفتردَّان على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .. أمره، ادفعاني إلى رسول الله فإنه لن يُضَيِّعني!.
قال أبوها : نعم .. ثم ذهب إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال: يا رسول الله شأنك بها.. فدعى النبي صلى الله عليه وآله وسلم جُليبيبا ثم زوّجه إياها، ورفع النبي صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله كفيه الشريفتين داعيًا لهما وقال: "اللهم صُبَّ عليهما الخير صبّاً ولا تجعل عيشهما كَدَّاً كَدّاً !
ثم لم يمضِ على زواجهما أيام حتى خرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع أصحابه في غزوة، وخرج معه جُليبيب فلما انتهى القتال اجتمع الناس وبدأوا يتفقدون بعضهم بعضاً، فسألهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال: هل تفقدون من أحد؟ قالوا : نعم يا رسول الله نفقد فلان وفلان.
فقال صلى الله عليه وآله وسلم: ولكنني أفقد جُليبيباً .. فقوموا نلتمس خبره، ثم قاموا وبحثوا عنه في ساحة القتال وطلبوه مع القتلى، ثم مشوا فوجدوه في مكان قريب إلى جنب سبعة من المشركين قد قتلهم ثم غلبته الجراح فمات.
فوقف النبي صلى الله عليه وآله وسلم على جسده المقطع ثم قال: "قتلتهم ثم قتلوك .. أنت مني وأنا منك، أنت مني وأنا منك".
ثم تربَّع النبي صلى الله عليه وآله وسلم جالساً بجانب هذا الجسد، ثم حمل هذا الجسد ووضعه على ساعديه الشريفين، وأمرهم أن يحفروا له قبرًا.
قال أنس: فمكثنا والله نحفر القبر وجُليبيب ماله فراش غير ساعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم.