ما السر في أقبال المغاربة على السنة ( التراويح) أكثر من الصلوات المفروضة ؟

ما السر في أقبال المغاربة على السنة ( التراويح) أكثر من الصلوات المفروضة ؟

أخبارنا المغربية

 

ذ.الكبير الداديسي

يعرف المسلم وربما غير المسلم أن فرائض الإسلام خمسة هي الشهادتان، الصلاة، الصوم، الزكاة والحج لمن استطاع إليه سبيلا، وأن لا إسلام دون هذه الفرائض، وأن الصلاة عماد الدين .... لكن قد يتفاجئ المتتبع لارتباط المغاربة ببعض السنن أكثر من ارتباطهم بالفرائض، فقد تجد مثلا المغربي لا يلتزم بمعظم تلك الفرائض ولكنه لا يتهاون ولا يتساهل في نحر أضحية عيد الأضحى وجوابه في الغالب (إنها سنة مؤكدة) ولسنا هنا بصدد سرد أمثلة كثيرة تؤكد هذا السلوك ونكتفي اليوم بالوقوف على التزام المغاربة بأداء صلاة التراويح (وهي سنة) في المسجد بصورة مختلفة عن التزامهم بأداء باقي الصلوات الخمس وهي مفروضة ...

يشاهد المغربي وكل زائر للمغرب كيف تضيق باحات كل المساجد في هذا الشهر الفضيل بالمصلين بعد أذان صلاة العشاء ، بل نجد المصليين يؤثثون الأزقة ، الشوارع الساحات وكل الفضاءات الفارغة القريبة من المساجد، وقد يضطر المغربي لقطع عدة كيلوترات بحثا عن أداء صلاة التلاويح وراء مقرئ يبدو له أحسن من المقرئ الذي يقيم صلاة التراويح في حيه ...فتتسابق كل شرائح المجتمع شيبا وولدانا ، نساء ورجالا تكتظ بيوت الله عن آخرها في صلاة التراويح لدرجة قد لا يجد المرء مكانا له إلا بشق الأنفس، وتضيق مواقف السيارات القريبة من المساجد بشكل يستفز العقل والعاطفة ويفرض سؤال: ما السر في تقديس المغاربة لهذه النافلة دون غيرها من النوافل ؟؟ وما سر تفضيلها على الفرائض من الصلوات ؟؟؟

في استقصاء لأجوبة بعض المغاربة نلخص فحواها في أن المغاربة يجمعون على أن لصلاة التراويح أفضال وفوائد دينية كثيرة منها أنها سنة محببة دعا السلف إلى قيامها فقال الحافظ ابن رجب : "واعلم أن المؤمن يجتمع له في شهر رمضان جهادان لنفسه : جهاد بالنهار على الصيام ، وجهاد بالليل على القيام ، فمن جمع بين هذين الجهادين وُفِّي أجره بغير حساب" كما يحفظ المتعلمون منهم هذا الحديث الذي يدرس في عدة مستويات تعليمية والذي رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم قوله ( مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ).

وفسر بعضهم قام بقيام الليل وأداء صلاة التراويح وأن هذه الصلاة تعادل قيام ليلة فقد وروى الترمذي عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ : قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ قَامَ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ )

والمغاربة لا يقصرون أداء هذه النافلة على الجانب الديني التعبدي الصرف فقط بل يرون فيها فوائد اجتماعية باعتبارها سلوكا جماعيا حميدا يساهم في توثيق صلة الرحم ، وتعظيم فرص تلاقي الأصدقاء والأقارب وأداء الصلاة جماعية في شكل روحاني يتناسب وقدسية شهر رمضان، لذلك يرى المغاربة في تعمير المساجد ليالي رمضان مسألة محبوبة ومرغوبة ، وأن وجود الظاهرة خير من عدمه، لذلك يعتبرونها ظاهرة إيجابية يجب الحفاظ عليها وتكريسها ...

وأكثر من ذلك يرى فيها آخرون سلوكا صحيا وقائيا في شهر يتغير فيه النظام الغذائي المغربي رأسا على عقب، فبعد ملء البطون بما لذ وطاب يتخذ المغاربة من التراويح فرصة لمساعدة الجهاز الهضمي في رياضة مخففة تبتدئ وتنتهي بالمشي قليلا من وإلى المسجد وأداء عدد من الحركات في طقوس دينية كل ليلية ، ومن تم فهي في اضعف الإيـمان نشاط رياضي صحي يومي ...

و يكاد يكون الإجماع بين المغاربة على الالتزام بأداء صلاة التراويح أشبه بالفريضة في شهر يتضاعف فيه أجر المتعبد فقد ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم: "أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم، شهر مبارك، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، جعل الله صيامه فريضة، وقيام ليله تطوّعا، من تقرب فيه بخصلة من الخير، كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى فيه سبعين فريضة فيما سواه". ناهيك عن كون الصلوات المروضة يومية (خمس صلوات في اليوم) فيما التراويح فرصة سنوية لا يظفر بحسناتها المسلم إلا مرة في السنة ...

رغم كل هذه الإيجابيات يبقى تقديس هذه النافلة والالتزام بحضور وقتها والحرص على إنهائها ... مقابل التهاون في أداء الصلاة الواجبة في المساجد وتأخيرها عن وقتها أو جمعها... أمرا غير مفهوم بل ومحير خاصة إذا علم القارئ أن عددا من المواظبين على أداء هذه النافلة لا يصلون إلا خلال شهر رمضان، بل أن عددا منهم قد يكون طيلة السنة في نظر الناس ، منحرفا مدمنا على تناول بعض (المحرمات) كالخمور لكنك تجده خلال شهر رمضان يتأبط مصلاته ويحرض على صلاة التراويح وقد يجر معه أولاده الصغار وأسرته ... مما يجعل البعض يرى في هذا السلوك نفاقا اجتماعيا، تتحول معه صلاة التراويح إلى سلوك اجتماعي مشين الهدف منه التباهي والتظاهر بمسوح رجال الدين ...

ونحن اليوم لسنا في موضع تقييم الظاهرة وإصدار أحكام قيمة حول إيجابياتها أو سلبياتها ، وإنما الهم لفت الأنظار إلى بعض الظواهر السلوكية الموجودة في مجتمعنا، وفهم أنماط العيش والتفكير ، والوقوف على بعض جوانب فقه التعبد التي لا تظهر في المجتمع إلا في رمضان كالصدقة ، تلاوة القرآن وقيام الليل... آملين دفع النقاش إلى فهم أعمق لخصوصيات مجتمعنا


عدد التعليقات (11 تعليق)

1

ستيتو حمو

التراويح

هو هدف وصل اليه منظروا احمد التوقيف لجعل الدين مجرد طقوس فلكلورية وتظاهرة ترفيهية وإجراء للتباهي يحيث لا تمس بالايمان والقلوب بأية صلة وهذا هو مراد المنظرون الجدد التابعون لوزارة التوقيف

2017/06/08 - 10:47
2

xx

هل النوافل تصلى جماعة

2017/06/08 - 10:53
3

مبارك البيضاء

لماذا يتهافتون المغاربة و يعمرون المساجد بكثرة في شهر رمضان دون غيره ؟ - لأن شهر رمضان هو الشهر الذي أنزل فيه القرآن ( كلام الله ) : " شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس و بينات من الهدى و الفرقان. ..." سورة البقرة " إنا انزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ،ليلة القدر خير من الف شهر تنزل الملائكة و الروح فيها بإذن ربهم من كل أمر. .." سورة القدر . و " حم و الكتاب المبين،إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين فيها يفرق كل أمر حكيم..."سورة الدخان و معلوم أن ليلة القدر تكون في العشر الأواخر من رمضان . نعم المغاربة لا يذهبون الى المساجد بكثرة لأداء الصلوات الخمس -عدا صلاة الجمعة - كما يفعلون في رمضان و ذلك راجع لأوقات العمل المعمول بها في بلادنا و خاصة في القطاع الخاص ثم لا ننسى بأن جل المغاربة يعيشون تحت ضغط مهول نظرا لصعوبة الحصول على لقمة العيش.

2017/06/08 - 11:44
4

aziz

hhhh

الدين افيون الشعوب

2017/06/08 - 11:47
5

elabdi

يرى بعض العلماء ان صلاة التراويح بدعة سنت في زمن عمر ابن الخطاب وانه لا الرسول عليه السلام ولا ابي بكر قاما بها

2017/06/08 - 12:34
6

زهرة الريف

للتعليق رقم 2

اعجبني سؤالك لكن ليس غريبا على من يسمون انفسهم السنة و الجماعة مخالفة رسول الله صلى الله عليه و آله واتباع السنن العمرية هؤلاء رسولهم هو عمر ابن صهاك ابن حنتنة و الفاهم يفهم فرسول الله نهى عن صلاة النوافل جماعة لكن لا حياة لمن تنادي

2017/06/08 - 01:05
7

زهرة الريف

للتعليق رقم 2

ليس غريبا ان تصلى النوافل جماعة لاصحاب السنن العمرية وكان رسولهم عمر مع علمهم ان رسول الله صلى الله عليه و آله نهى عن صلاة النوافل جماعة لكن لا حياة لمن تنادي

2017/06/08 - 01:09
8

مغربي

رمضان يحل مرة في السنة ..

رمضان يحل مرة في السنة وهل يضمن احد أنه سيدرك رمضان المقبل .الجمد المجتمع المغربي مسلم وعلى المسلم أن يظهر نعم الله عليه واستثمارها في الطاعة .

2017/06/08 - 02:30
9

سعيد السوسي

صلاة التراويح بدعة

اولا لاتصلى النوافل جماعة ثانيا لم تكن في عهد الرسول عن عمر انه جمع الناس صلى بهم مرتين و في اليوم الثالت جاؤ الى رسول الله .فقال لهم لا اصلي بكم لإ لا يتخدوها من بعدي . لكن كل من عارض و عمل بشرع الله يقولون له امي في الدين الرجاء من الاخوة البحث و لا تأخدو بمن يقولون ما العيب في ذالك لان العيب هو ان نعمل ما ليس بسنة نبينا

2017/06/09 - 04:06
10

مبارك البيضاء

هل النوافل تصلى جماعة ؟ و هل يتصور عاقل أن يصلي كل واحد و بمفرده صلاة التراويح داخل مسجد مملوء بالمصلين. هذا أمر لا يتقبله عقل سليم. و لهذا السبب تصلى النوافل ( هنا التراويح ) جماعة.

2017/06/09 - 03:41
11

مراد

كن ربانيا ولا تكن رمضانيا

نعم الكثير من الناس سواء المصلين الدائمين أو المؤقتين يحرصون على هذه الصلاة أكثر من حرصهم على غيرها من الصلوات المفروضة وهذا ليس عند المغاربة فحسب بل عند أغلب المسلمين وهذا راجع إلى أسباب ليست دينية بل اجتماعيةوتراثية ألفها المجتمع فأصبحت من مسلمات ،بل أصبح الكثير من الناس من يتباهى بصلاته خلف القارئ الفلاني ذو الصوت الشجي وكأن القرآن أصبح مجرد لحن يتغنى به دون التدبر في معانيه والتعب بتلاوته نسأل الله العفو والعافية.

2018/05/18 - 01:01
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات