من قصص القرآن (3): أصحاب الأخدود‏

أخبارنا المغربية

 

 

إعداد: ذ.أحمد الحجاجي

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ـــ أصحاب الأخدود:

قال تعالى: ﴿ قُتِلَ أَصْحَابُ ٱلاﹸخْدُودِ * ٱلنَّارِ ذَاتِ ٱلْوَقُودِ * إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ * وَهُمْ عَلَىٰ مَا يَفْعَلُونَ بِٱلْمُومِنِينَ شُهُودٌ * وَمَا نَقَمُواْ مِنْهُمﹸ إِلاَّ أَن يُومِنُواْ بِٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَمِيدِ * ٱلَّذِي لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلاﹶرْضِ وَٱللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ * إِنَّ ٱلَّذِينَ فَتَنُواْ ٱلْمُومِنِينَ وَٱلْمُومِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُواْ فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ ٱلْحَرِيقِ[البروج:4 ــ 10]

«تحكي هذه الآيات الكريمة قصة من أبشع ما وقع في التاريخ الإنساني من فظائع تقشعر منها الأبدان. إنها تحكي قصة الانسلاخ عن العقيدة والمثل والأخلاق، إنها تحكي عن الإنسان حين ينسلخ من الإنسانية، وينقلب إلى وحش كاسر يفوق بوحشيته كل وحوش الغابة.(1 )

«والموضوع المباشر التي تتحدث عنه السورة هو قصة أصحاب الأخدود.. ومضمونها هو أن فئة من المؤمنين السابقين على الإسلام ــ قيل إنهم من النصارى الموحدين ـــــ ابتلوا بأعداء لهم طغاة قساة شريرين، أرادوهم أن يتركوا عقيدتهم، ويرتدوا عن دينهم، فأبوا وتمنعوا بعقيدتهم. فشق الطغاة لهم شقا في الأرض، وأوقدوا فيه النار، وأخذوا يلقون بالمؤمنين والمؤمنات فيها وهم قعود على النار، قريبون من عملية التعذيب البشعة، يشاهدون أطوار التعذيب، وفعل النار في الأجسام في لذة وسعار، كأنما يثبتون في حسهم هذا المشهد البشع الشنيع! وما كان للمؤمنين من ذنب عندهم ولا ثأر: ﴿وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ. الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ. وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ .. فهذه جريمتهم أنهم آمنوا بالله، العزيز: القادر على ما يريد، الحميد: المستحق للحمد في كل حال، والمحمود بذاته ولو لم يحمده الجهال! وهو الحقيق بالإيمان وبالعبودية له. وهو وحده الذي له ملك السماوات والأرض وهو يشهد كل شيء وتتعلق به إرادته تعلق الحضور. ثم هو الشهيد على ما كان من أمر المؤمنين وأصحاب الأخدود.. وهذه لمسة تطمئن قلوب المؤمنين، وتهدد العتاة المتجبرين. فالله كان شهيدا. وكفى بالله شهيدا.(2)

«وعلى أية حال فالمقصود بهذه الآيات الكريمة، تثبيت المؤمنين على ما هم عليه من الإيمان، وتسليتهم عما أصابهم من أعدائهم، وإعلامهم بأن ما نزل بهم من أذى قد نزل ما هو أكبر منه بالمؤمنين السابقين، فعليهم أن يصبروا كما صبر أسلافهم، وقد اقتضت سنته ــ تعالى ــ أن يجعل العاقبة للمتقين.»(3 )

والله تعالى أعلم

والحمد لله رب العالمين وصل اللهم وسلم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 ــ التفسير الموضوعي/ نخبة من العلماء/ج9/ص:91

2 ــ في ظلال القرآن/سيد قطب /ج:4:ص: 3871 ـ74 بتصرف

3 ــ القصة في القرآن الكريم/سيد طنطاوي/ج:2/ص:314

 

 


المقالات الأكثر مشاهدة