قمة التناقض ... تميز المغرب بالإسلام المعتدل في حين أفراد جاليته الأكثر التحاقا ب"داعش"
الشرق الأوسط
شارك المغرب في قمة البيت الأبيض في واشنطن حول مكافحة التطرف التي جرت الأسبوع الماضي، مدافعا عن رؤية الاعتدال التي يتبناها في الإسلام. لكن المفارقة تبقى هي التناقض بين الخطاب الديني الرسمي والنسبة العالية من المغاربة المتطرفين الذين يلتحقون بجماعات متطرفة مثل الدولة الإسلامية. ويظهر بقوة هذا التناقض في أوروبا، الأمر الذي يدفع هل هي مسؤولية المغرب أم الدول الأوروبية التي تعتمد عليه استخباراتيا دون إشراكه في التسيير الديني.
وقدمت الوزيرة المنتدبة في الخارجية المغربية امباركة بوعيدة تصور المغرب للإسلام المعتدل في قمة البيت الأبيض، بما في ذلك دوره في العلاقات الدولية في ظل ظهور واحتكار حركات متطرفة توظف الإسلام في العمل السياسي المتطرف بما في ذلك العمليات الإرهابية كما هو الشأن مع الدولة الإسلامية.
ويعمل المغرب على ترويج رؤيته المعتدلة للإسلام، وهو ما دفع عدد من الدول الأفريقية مثل مالي ونيجيريا اللجوء إليه لتكوين الأئمة. ورغم هذه الدبلوماسية الدينية وصورة الاعتدال التي تقدمها المؤسسة الدينية المغربية، لكن هناك مفارقة كبيرة تتجلى في نسبة المغاربة المتطرفين في العالم.
في هذا الصدد، يوجد مقياس نسبة المغاربة الملتحقين بمعسكرات المتطرفين في ليبيا وسوريا والعراق وأساسا حركة الدولة الإسلامية، حيث تشير المعطيات إلى أنهم الجنسية الثالثة بعد مقاتلي السعودية وتونس.
وهذا التناقض خاصة وسط الجالية المغربية في أوروبا يطرح تساؤلا كبيرا وهو: هل مسؤولية التطرف تتحملها الدولة المغربية أم الدول الأوروبية التي تحول دون قيام المغرب بالإشراف الديني على تسيير المساجد أمام ما يسمى إصرار أوروبا على «الإسلام الأوروبي»، وهذا الأخير يعني تولي أوروبا تكوين الأئمة دون الاعتماد على دول أخرى.
في الوقت ذاته، يوجد تناقض كبير للغاية، فالدول الأوروبية تراهن على المغرب في التعامل الأمني والاستخباراتي لمكافحة الإرهاب، لكنها في المقابل تتجنب التعامل معه في المجال الديني باستثناء فرنسا التي تعتمد عليه كثيرا.
ويبرز هذا التناقض بشكل جلي في حالة إسبانيا، حيث يشيد البلدان بالتعاون الرفيع في مكافحة الإرهاب إلى مستوى مشاركة ضباط مغاربة في عمليات اعتقال متطرفين في المدن الإسبانية، وكذلك مشاركة ضباط إسبان في اعتقال متطرفين في المغرب، لكن في التسيير الديني يجد المغرب أمامه الباب مغلقا. وكانت إسبانيا قد غيرت من قوانين التسيير الديني لتفادي سيطرة المغرب على الجمعيات الإسلامية.