حوار حصري مع خالد الهوير العلمي القيادي الكونفدرالي بقطاع الفوسفاط
أخبارنا المغربية
حاوره يوسف الإدريسي
على خلاف توقعات وتخمينات قواعد النقابات الفوسفاطية الممثلة في الحوار الاجتماعي الذي خضع مؤخرا لحركتي مد وجزر، قبل أن يُقرر عقده استثنائيا يوم 12 يناير 2016، كشف خالد الهوير العلمي الكاتب الوطني للنقابة الوطنية لعمال الفوسفاط المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، عن كونه مناضلا فوسفاطيا منذ ثلاثة عقود في قطاع الفوسفاط، وما أثير حول تشبثه بصفة المنسق ليس له أساس من الصحة، وإذا رغبت الإدارة في تغييبي عن المفاوضات فأنا مستعد لذلك كون النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط تضم طاقات وكفايات من شأنها إعطاء الكثير للطبقة العاملة، نحن لسنا طلاب مناصب، يورد القيادي الكونفدرالي في حوار خاص أجري أثناء الوقفة الاحتجاجية التي نفذها المسؤولون النقابيون للنقابة الوطنية لعمال الفوسفاط والنقابة الوطنية للفوسفاط يوم الخميس 31 دجنبر 2015 أمام مقر الإدارة الفوسفاطية بالبيضاء، احتجاجا على ما سماه بيان الوقفة "التعطيل الممنهج" للمفاوضة الجماعية. إليكم نص الحوار.
بداية مرحبا بك السيد خالد الهوير العلمي، في أي سياق يمكن أن ندرج هذه الوقفة الاحتجاجية خاصة أن الشارع الفوسفاطي يعيش نوعا من الغبش والحيرة في ظل بيانات وبيانات مضادة
وأنا أيضا أشكر لك على هذه الاستضافة، دائما أعتمد في تحليلي للأمور على المنطق والتاريخ كما يقول ماركس "التاريخ ما وقع وليس ما يحلم به البعض لكي يقع"، بالرجوع إلى سنة 2005 التي اعتبرت بداية مأسسة الحوار الاجتماعي داخل قطاع الفوسفاط بما استدعته من صراعات مريرة ونضالات مشهودة، وأستحضر هنا منتصف التسعينات الذي شهد إضرابات متكررة تفاعل معها الشارع الفوسفاطي إلى درجة توقيف الإنتاج وتدخل قيادات المركزية الكونفدرالية على الخط حيث اضطر المدير العام آنذاك بتدخل إدريس جطو وزير الصناعة والتجارة في ذاك الزمن إلى بدء عملية الحوار في الوقت الذي لم يكن هناك اعتراف بالعمل النقابي ابتداء، وانتظرنا من سنة 1995 إلى سنة 2005 السنة التي تمت فيها مأسسة ما يسمى الآن الميثاق الجماعي. هذا سياق تاريخي ينبغي أن نستحضره حتى نعي جيدا النضالات التي قدمت من أجل الوحدة النقابية على امتداد عشر سنوات.
إذن لماذا هذا الانحباس الطارئ في الحوار و عدم الاستعداد للجلوس على طاولة المفاوضات
هذه السنة هي سنة استحقاقات الانتخابات المهنية، ووفقا لمقتضيات الميثاق فإن المفاوضات تبرمج بعد الاستحقاقات..
مقاطعا..إذن لماذا لم تبرمج مباشرة بعدها خصوصا أن بعض قواعد الفرقاء يتهمون إطاركم بتعطيلها لأمر ما
لا ليس كذلك، المسطر في الميثاق هو بعد الاستحقاقات غير أن الحيز الزمني الذي كان يفصل بين الانتخابات المهنية وانتخابات حفظ الصحة والسلامة لم يكن كافيا بشكل يفضي إلى الاجتماع وتهييئ ملف مطلبي مشترك. وهنا أعود إلى النقطة الثانية من الميثاق التي تؤكد على أن هذا الأخير يبقى ساري المفعول مهما تكن نتائج الانتخابات إلى حين تحيينه بطلب من أحد الفرقاء الاجتماعيين داخل اللجنة النقابية المشتركة ليتم الاتفاق على التعديل، الشيء الذي لم يتم. وهنا أجزم كون صراعنا لم يكن ولن يكون مع النقابات الأخرى باعتبار أن نضالاتنا هي ضد الظلم والتحكم كيفما كان نوعه…
أذهب معك إلى حد بعيد في هذا الطرح، لكن لماذا تضمن بيانكم المشترك الأخير عبارة "التعطيل الممنهج" وفي ذات الوقت نجد فيه أن الإدارة اتصلت بالفرقاء دون جدوى، وهذا ما استعصى على العمال فهمه.
نحن اخترنا العمل المشترك و تشبثنا به، ومنذ سنة 2005 ونحن ندعو ونلح على هذا الأمر، بالرغم من أن نتائج الانتخابات أعطتنا الأغلبية على المستوى التمثيلية، لكن ما وقع هو أن الإدارة لم تتحمل مسؤوليتها في تدبير المفاوضات الجماعية بتحديد بتواريخها…
مقاطعا، لكن تم تحديد لقاء 21 دجنبر الماضي
كان هناك اجتماع في 9 دجنبر بحضور جميع الفرقاء وتم فيه الاتفاق على إجراء المفاوضات الجماعية ابتداء ثم تعديل الميثاق انتهاء، وحدد في ذات اللقاء تاريخ 21 دجنبر الذي حضرناه رفقة النقابة الوطنية للفوسفاط وغاب عنه الكاتبان العامان للنقابتين الأخرتين لأسباب تنظيمية مستعجلة وهذا جد مقبول لاعتبارات موضوعية وأخوية أيضا.
لكن ماذا عن لقاء 28 دجنبر الذي أسال المداد في الأوساط الفوسفاطية
لقاء 28 دجنبر كان من بين المقترحات التي تم التداول فيها بشكل مشترك في اللقاء الذي جمعنا مع الإدارة على أساس إجراء المفاوضة يوم 21 و22 وتعديل الميثاق يوم 28 و 29 من شهر دجنبر، غير أن الإدارة طلبت مهلة للتفكير، هذا ما اعتبرناه آنئذ سوء تقدير من طرف الإدارة وفي نفس الوقت تشويشا وتسويقا للرأي العام الفوسفاطي على أن هناك مشاكل نقابية، وللأسف هذه الصورة طالما حرص عليها بعض ممن يحيط بالرئيس المدير العام على إيصالها إليه وهما.
أمام هذه المعطيات هناك من يوجه أصابع الاتهام إلى شخصكم باعتباركم منسقا له دور محوري في رص الصف من داخل اللجنة النقابية المشتركة، كيف ترد على ذلك؟
أعتقد أن دوري كمنسق ابتدأ منذ سنة 2005 إلى الآن ولم يكن هناك مشكل مع الهويرالعلمي، دعني أقول لك إن التنسيق الذي تتحدث عنه ترجمناه ميدانيا من خلال توحيد الحركة النقابية المطلبية بل أكثر من ذلك جسدناه من خلال محطات احتجاجية مشتركة ولعل هذا الفضاء (أمام مقر الإدارة الفوسفاطية) شاهد على ذلك خصوصا على مستوى توحيد الحركة الاحتجاجية في ملف التغطية الصحية، أكثر من هذا لا أعتقد؟ دعني مرة أخرى أصارحك ومن خلالك الشغيلة الفوسفاطية، هناك من بين المسؤولين من يستمرئ إذكاء فتيل الصراع بين النقابات بشكل يكاد يكون مخططا له سلفا لكن أجزم بأن الجسم النقابي له من المناعة ما تجعله عصيا على مثل هذا السم الزعاف.
أعود معك إلى التاريخ القريب، مفاوضات 2014 و2015 وجهان لعملة واحدة من حيث التعثر مع اختلاف في حيثيات النسختين، أليس هذا باعثا للنظر في شكل المفاوضات وإقحام الأطر النقابية الشابة عبر بوابة اللجنة النقابية المشتركة.
هنا أتفق معك في هذا الطرح، ولعلي أكدت هذا الأمر مرارا وقلت في المجلس الوطني الأخير لنقابتنا، إنه يجب إشراك الأطر النقابية من خلال اللجنة النقابية المشتركة ومن ثمة اكتساب التجربة والممارسة والاحتكاك، وحصر المفاوضات في الكتاب العامين أعتبره خطأ، غير أن ظروف سنتي 2009 و2015 حتمت علينا قبول ذلك نظرا لإكراه الاستحقاقات الانتخابية، أما سنة 2014 فأعترف أننا لم نكن نفكر في شيء سوى في إخواننا عمال "السوتريك" الذي تعطل ملفهم لسنوات وإخواننا العمال الجدد "سكيلز" الذي كان يتهددهم الطرد وإشكالية تقزيم عقدة التشغيل، وهنا سأرجع مرة أخرى للتاريخ لاستذكار الحركة الوطنية وشعارها المشهود؛ الوحدة أم الهدف، ليضيع هذا الشعار بالتركيز على الوحدة، فضاعت الوحدة وضاع معها الهدف، ربما الرسالة وصلت.
لعلك تتبعت السجال الفوسفاطي حول تشبث الهوير العلمي بالجلوس على طاولة المفاوضة بالرغم من تقاعده، هل فعلا هو استئثار بصفة لا يخولها القانون أم أن الأمر لا يعدو أن يكون مزايدة نقابية؟
خالد الهوير العلمي في سنة 2015 لم يتقاعد، كان يشتغل طبقا لقوانين المؤسسة ومع ذلك تم تعطيل المفاوضة، وكان بإمكاننا التفاوض وأنا لا زلت أشتغل أشتغل، خصوصا أن تقاعدي سيكون ابتداء من السنة المقبلة 2016، وهنا أشير إلى أن هناك قانونا يمنع تدخل الإدارة في الشؤون التنظيمية للنقابات كما يمنع تدخل النقابات في شؤون النقابات الأخرى. ليس من حق أيّ كان أن يختار من يفاوضه من النقابات كما ليس من حق النقابات أن تختار ملامح ممثل الإدارة المفاوض. أنا منتخب من طرف المؤتمر الوطني لنقابتي ولم أكن حاضرا في وقتها لالتزامي بمرافقة وفد أجنبي زار موقع الجرف الأصفر، وأعلنت هذا الأمر صراحة أمام أعضاء المكتب الوطني كوني سأبقى مناضلا داخل الإطار ومن ثمة وجب إعداد كاتب وطني لإطارنا طبقا للقوانين التنظيمية الداخلية، نحن لسنا طلاب مناصب بل مناضلين عشنا للعمال وسنبقى أوفياء لمبادئنا التي اعتادوا عليها.
كلمة أخيرة
إذا كانت رغبة الإدارة في تغييبي عن المفاوضات فأنا مستعد لذلك خدمة لمصلحة الشغيلة التي عشت لها وسأظل أذود عنها، لسبب بسيط هو أن جميع أعضاء المكتب الوطني هم كتاب عامون.
أنت قلت الإدارة، في حين أن الذي يتداول هذا النقاش هم قواعد النقابات، هل تود القول بأن الإدارة لها يد في توجيه النقاش الفوسفاطي
أنا قلت الإدارة وسأقول الإدارة ولن أتوجه إلى صراع مع النقابات العديد يراهن عليها، وأضيف بأن الله عز وجل أعطانا عقولا وجب توظيفها لصالح العمال ولصالح المؤسسة نفسها، وهنا أقول للآخر تكلم بصوت عال كما أتكلم أنا بصوت عال، وأشهد الله على أنني لا أغير نبرة صوتي فكما أجهر بالقول في الوقفات الاحتجاجية أجهر مثله أو أكثر أمام الإدارة.