ملف:السلفيون المغاربة وحزب التحرير الإسلامي...تناقضات عقدية وحرب وجود بين الطرفين
الصورة تعبيرية فقط
أخبارنا المغربية
أخبارنا المغربية :الرباط
يحظي حزب "التحرير الإسلامي" بتتبع الأوساط المهتمة والأمنية داخل الأوساط المغربية ، في ظل ممارسته لأنشطته في مرتبة بين المرتبتين، فليس هناك قرار مغربي واضح يقضي بحظره وفي نفس الوقت يُسمح له بهامش صغير جدا من التحرك...لتأتي أحداث سوريا وما عرفته من تنامي الدور الكبير لجبهة النصرة الممثل الميداني لحزب التحرير(سابقا)،خصوصا وهذه الجبهة صمت في صفوفها العديد من المقاتلين المغاربة، الذين عبروا بشكل بواضح عن انتمائهم لحزب التحرير من خلال مقاتلتهم لنظام بشار الأسد من داخل الجبهة...
على المستوى المحلي بالمغرب، انطلقت حرب ضروس بين السلفيين الجهاديين ممثلين في تنظيم القاعدة و"داعش" والتنظيمات الأخرى المرتبطة بهم، وبين حزب التحرير الإسلامي، الذي وجهت له العديد من التهم الثقيلة وصلت حد اتهامه بالعلاقة مع الموساد الإسرائيلي وتلقي الأموال من جهات مشبوهة ومعروفة بقربها من مجموعة من اللوبيات الأمريكو – صهيونية...
في الوقت الذي ينكر فيه، حزب التحرير الإسلامي جميع هذه التهم جملة وتفصيلا، معتبرا تعرضه لهذه الهجمات المتتالية انهزاما نظريا للسلفيين الجهاديين، الذين لم يستطيعوا مجاراة حزب التحرير في اختياراته العقدية وأنشطته القوية ميدانيا...فكيف يرى السلفيون الجهاديون حزب التحرير؟ وما هي الإنتقادات الموجهة لحزب التحرير؟من خلال ورقة يتم تداولها بين السلفيين المغاربة، تهدف إلى هدم البنية العقدية لحزب التحرير الإسلامي، الذي بدأ يبسط نفوذه في أوساط الإسلام "التنويري" بالمغرب...
السلفيون المغاربة يتهمون حزب التحرير بتبني فكر بعيد عن السنة وغير مبني على قواعد فقهية صحيحة
"...إن المتأمل في ما خطه حزب التحرير الإسلامي من أدبيات يرى بوضوح أن الحزب لم يصدر عن فكر مستنير في بحثه، وأنه كحاطب ليل عمي عليه الأمر و التبست عليه و جهته...فكان في عشواء من أمره و غمّاء من سيره... إذ هو يدور غالباً بين تأصيلات الجهمية و تقعيدات مرجئة الفقهاء..."،يبدو واضحا أن السلفيين الجهاديين يوجهون انتقادات لاذعة لإخوانهم بحزب التحرير الإسلامي وصلت حد الإتهام بعدم الإتكاء على فكر ذو قواعد فقهية مثينة،ولا ينهل (الفكر) من مستندات أهل السنة والجماعة المتعارف عليها،حيث اقترب السلفيون من وضع أعضاء حزب التحرير في خانة البدعة،فالوثيقة السلفية التي يتم تداولها حاليا بين أفراد التيار السلفي المغربي ،وخصوصا منه الجهادي تركز بشكل كبير على هذه النقطة وتعتبر حزب التحرير حزبا خارجا عن المذهب السني .ف حزب التحرير الإسلامي من مسألة الإيمان.
هكذا تناول حزب التحرير الإسلامي بالمغرب مفهوم الإيمان
يرى الحزب أن الإيمان هو التصديق الجازم المطابق للواقع عن دليل ،و إن كان هذا التعريف الصحيح الذي تدعمه الأدلة - حسب زعم الحزب -، إلا أنه يصح اعتباره عملا من الأعمال، ويصح أن يقال عنه قول و عمل كما أطلق عليه، ويعلل الحزب هذا الأمر بوجود تلازم عضوي بين الإيمان و التكاليف الشرعية، وهذا لا يعني أن العمل ركن في الإيمان عند الحزب، فالأعمال ليست من صلب الإيمان و حقيقته أو نافية فعلا لوجوده، وإنما يعني أن سائر الأعمال المشروعة و التكاليف الشرعية لها علاقة مباشرة بالإيمان، فأعمال الإثم و المعاصي تضعفه و أعمال البر تقويه و لا تعني غير ذلك، كما يؤكد الحزب على أن الإيمان باب والأعمال باب آخر، وما إطلاق الإيمان على الأعمال و إطلاق الأعمال على الإيمان إلا بسبب التلازم وهو من باب المجاز و ليس من باب الحقيقة.
تأصيل حزب التحرير للإيمان يخالف النصوص الشرعية وإجماع الصحابة حسب وثيقة السلفيين
توصيف الحزب للإيمان على أنه التصديق الجازم و للأعمال بأنها إذا كانت إثما تضعف الإيمان و إذا كانت برا تقويه على هذا الإطلاق ،وهو ما يفيد أنها شرط كمال فيه يخالف النصوص الشرعية من كتاب و سنة وكذا الصحابة و إجماع العلماء من بعدهم، وهذا يعارض ما أصله الحزب في شخصيته من أن إجماع الصحابة حجة و دليل معتبر:"... وكفى بمخالفة الإجماع إهداراً لرأي الرائي و درءا لاعتباره , بل إن بعض الأصوليين يرون أن مخالفة الإجماع كفر و ردة مخرجة عن الملة و العاقل يربأ بنفسه أن ينسب إلى خطة خسف كهذه..."
يستمر السلفيون في انتقاد مفهوم الإيمان عند حزب التحرير معتبرين أن ما يقال عن المجاز والحقيقة غير مقنع
قول الحزب بأن إطلاق الإيمان على الأعمال هو إطلاق مجازي و ليس من باب الحقيقة و الواقع،فجوابه واضح بحيث تقرر في علم الأصول أن الحقيقة أصل بالنسبة إلى المجاز، أي إن الحقيقة هي الراجحة و المجاز هو المرجوح فلا يصار إلى المجاز إلا إذا قامت القرينة على أنه المراد باللفظ ،ولم يأت الحزب ولو بقرينة واحدة لتنصر ما ذهب إليه من الفصل بين الإيمان و العمل على وجه الحقيقة،والعديد من الأدلة من كتاب و سنة و إجماع تثبت على أن العمل ركن في الإيمان:"... فاشدد على ذلك يديك تنجو من مزالق الإرجاء وتسلم من مهاوي الأهواء وتكن صاحب بصيرة في دينك..."
ينتقل السلفيون إلى انتقاد مسألة عدم تكفير من ينطق الشهادة كما وضعها حزب التحرير
يقول الحزب لا يجوز تكفير أحد من المسلمين مادام يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله مستيقنا بها قلبه ، ومادام لا يجحد شيئا مما علم من الدين بالضرورة و لا حكما ثبت بالدليل،وهذا غير مثبت شرعيا حسب ما جاء في الوثيقة التي ننشرها، حيث لا يجوز الاستدلال بالعام دون الإتيان بمخصصه ويحرم الإحتجاج بالمطلق دون الإتيان بمقيده، و يقول الشاطبي رحمه الله :"... من اتباع المتشابهات الأخذ بالمطلقات قبل النظر في مقيداتها...بالعموميات من غير تأمل هل لها مخصصات أم لا؟ وكذلك العكس... بأن يكون النص مقيدا فيطلق أو خاصا فيعم بالرأي من غير دليل سواه...فإن هذا المسلك رمي في عماية واتباع للهوى في الدليل..."، فالنصوص التي علقت دخول الجنة وعلقت العصمة على قول ( لا إله إلا الله ) وردت مطلقة أحيانا، ولكنه ورد ما يقيدها وجميعها تحمل حكما و سببا واحدا فكان لابد من حمل المطلق على المقيد كما هي طريقة الراسخين من أهل العلم .
وثيقة السلفيين تناقش النصوص التي بنى عليها حزب التحرير حكمه القاضي بعدم تكفير الناطق بالشهادة
في هذه الفقرة من وثيقة السلفيين يتم الإستدلال على حكم حزب التحرير الإسلامي انطلاقا من مجموعة النصوص التي بنى عليها الحزب حكمه:
-أ-استدلال الحزب بقاعدة : ( لا يكفر أحد من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله ) و نقله في ذلك نصا عن النووي، فإنه لا حجة فيه للحزب في عدم تكفيره بالعمل مطلقا، فقد بيّن أئمة أهل السنة و الجماعة القائلون بهذه القاعدة مرادهم منها أكمل بيان، فقد حملوها على الذنوب غير المكفرة،حيث يقول الشيخ حافظ حكمي : ( و المرد بها الكبائر التي ليست بشرك ولا تستلزمه و لا تنافي اعتقاد القلب و لا عمله ).
- ب- "...لا تجعلوا تكفير المسلمين موضوع بحث…" فقول غير سديد إذ أن التكفير حكم شرعي يجب أن يبحث، وإلا لما وضع أساطين الفقه أبوابا للردة في أمهات كتبهم، ولكن المحظور فيه هو الإفراط و المغالاة أو التفريط و الجفاء، يقول الشيخ المقدسي.
يعود السلفيون ليعترفو لحزب التحرير بتأصيل يوافق أهل السنة والجماعة فيما يتعلق بمسألة التكفير بالعمل
"...لابد أن نشير... للحزب تأصيل جيد في هذا الباب... يماثل تأصيل أهل السنة و الجماعة فيه...وهي أن الحزب يكفر بالعمل الذي ينص الشارع على أنه كفر..."، فأفعال الكفر التي يفعلها الكفار بموجب عقيدتهم التي أصبحوا باعتقادهم إياها كفارا هي أعمال كفر،وكذلك الأفعال التي قال الشارع عنها أن القيام بها كفر هي أيضا أعمال كفر، بالقول الذي ينبئ عن الجحود القلبي وهو قول مرجئة الفقهاء، وأما القول إن كان يدل قطعا على الجحود أي جحود ما أمر الإسلام بالاعتقاد به أمرا جازما وثبت عن طريق يقيني أي مما هو قطعي، فإن نقله عن غيره لا يكفر وإن قاله من نفسه يكفر سواء اعتقد أم لم يعتقد به.
الوثيقة السلفية تتهم حزب التحرير الإسلامي بالتخبط رغم "تبجحه" باعتناق فكر متنور
بناءا على التخبط في فهم العديد من المسائل لدى حزب التحرير و نتيجة للإضطراب في التأصيل، فقد أخطأ الحزب وأبعد "النجعة " في قضيتين مهمتين، ولم يفلح الفكر المستنير الذي يزهو به الحزب في إيصاله إلى كبد الحقيقة ،ولم ينجح في تعريفه بحقيقة الصواب فيهما مع أن دلائلهما نيّرة و لوائحهما مسفرة :"... ولو أن من أخطأ في اجتهاده مع صحة إيمانه وتوخيه لاتباع الحق... أهدرناه و بدعناه لقلّ من يسلم من الأئمة معنا رحم الله الجميع بمنه و كرمه... ولكني ألوم مقلديه الذين تتابعوا على رأي الرجال...كأنه دين مفروض وطريقة سنية متبعة يفسق من خرج عنها و يجرّم من أشار إلى هزالها..."
السلفيون يناقشون مبدأ "تكفير الحكام المبدلين لشريعة الرحمان" الذي يتبناه حزب التحرير الإسلامي
لابد أن يسجل هنا أن الحزب عادى جميع الأنظمة الكافرة و خاصم جميع حكامها،فهو أفضل من غيره في موقفه العملي من الحكومات، لكن الأمر ليس في هذا،وإنما في نظرته العلمية الخاصة بكفر الحاكم المبدل لشريعة الرحمن ،و هي لا تقلّ خطرا و لا أثرا عن الموقف السلوكي،حيث وقع الحزب فيها بخطأ جسيم و أتى بأمر عظيم عندما أصّل في الحكام تأصيل المرجئة،فلم يكفر منهم إلا من استحلّ هجر شريعة الرحمن أي اعتقد بعدم صلاحيتها .
استكمالا لانتقاداتهم يتعمق السلفيون المغاربة في مناقشة تعاطي وثائق حزب التحرير الإسلامي مع تكفير الحكام الغير المطبقين لشرع الله
يقول الحزب :"...وقد جعل الله الحاكم الذي لا يطبق جميع أحكام الإسلام ...أو يطبق بعضها و يترك بعضها الآخر كافرا إن كان لا يعتقد بصلاحية الإسلام أو لا يعتقد بصلاحية بعض الأحكام التي ترك تطبيقها...وجعله ظالما و فاسقا إن كان لا يطبق جميع أحكام الإسلام... لا يطبق بعضها لكنه يعتقد بصلاحية الإسلام للتطبيق..."،و هذا يعني أن من ترك جميع أحكام الإسلام من الحكام المبدلين للشريعة وهو معتقد بصلاحية الإسلام للتطبيق لا يخرج عند الحزب من دائرة الإيمان - وإن أوقع عليه صفة الظلم و الفسق - !!, فالكفر مبناه عند الحزب على اعتقاد غير الإسلام ولا شأن للعمل، وهذا هو عين عقيدة المرجئة ،كما يقول الحزب:"... إلا أن كون من يحكم بغير ما أنزل الله من المسلمين لا يكفر إلا إذا اعتقد به ...وإذا لم يعتقد به فإن هناك قرائن تدل على أن الاعتقاد... بغير ما أنزل الله هو الذي يجعله كافرا لا مجرد الحكم..."، وهذا التأصيل الذي ورد في كثير من أدبيات الحزب تفوح منه بوضوح رائحة الإرجاء "الخبيث "، فالمرجئة فصلوا الإيمان عن العمل لأن الإيمان عندهم هو التصديق و الكفر هو التكذيب, فمادام مصدقا لا يخرجه - عندهم - من الإيمان اجتراحه جميع المعاصي ما ظهر منها و ما بطن، حسب ما جاء في وثيقة السلفيين.
كانت هذه أهم الإنتقادات التي وجهها السلفيون المغاربة بجميع أصنافهم، لحزب التحرير بالمغرب من خلال وثيقتهم المتداولة بينهم، حيث عقدت لها مجالس لدراستها وضبطها استعدادا لمواجهة المد المتنامي لحزب التحرير في صفوف الإسلاميين المغاربة، حسب تصريحات أحد قياديي التيار السلفي "الجهادي" لموقع "أخبارنا".