المغاربة يصرخون بصوت واحد: "أغلقوا صنبور الريع البرلماني !"..فهل من مجيب؟

المغاربة يصرخون بصوت واحد: "أغلقوا صنبور الريع البرلماني !"..فهل من مجيب؟

أخبارنا المغربية

بقلم: اسماعيل الحلوتي

مازالت وتيرة الجدل حول "معاشات البرلمانيين" تتصاعد، وقد تضاعفت حدته في الشهور الأخيرة وأصبح الموضوع الأكثر استئثارا باهتمام الرأي العام الوطني، الذي يجمع على إلغائها أو تنظيم استفتاء شعبي حاسم. إذ لا تكاد جذوة النقاش تخبو حتى تعود لتتأجج من جديد في البرلمان وخارجه، إلى حد لم يعد معه المغاربة يطيقون هذا العبث القائم، في ظل نخب سياسية براغماتية ترجح كفة مصالحها الذاتية، وعاجزة عن الوفاء بوعودها والالتزام ببرامجها الانتخابية، في تحقيق التنمية عبر محاربة الفساد والحد من الفوارق الطبقية والمجالية والتقليص من معدلات الفقر والأمية والبطالة وإصلاح التعليم والصحة والقضاء والإدارة...

فأمام تفاقم الأوضاع وتفشي الفساد، يرفض المغاربة بقوة استمرار البرلماني في الاستفادة عند نهاية ولايته التشريعية من "معاش" غير مستحق يقدر ب5000 درهم، في حين أن مئات المعلمين ممن أفنوا زهرة عمرهم في تعليم الصغار فك رموز الحروف والأرقام بالكاد يحصلون على نفس المبلغ، وآلاف الكادحين الذين قضوا أزيد من ثلاثين سنة في الشقاء، لا يتقاضون سوى نصفه أو أقل من ذلك بكثير. وهو ما يعتبر ميزا صارخا يتعارض ومقتضيات دستور 2011، لاسيما أن مهمة البرلماني ليست مهنة، وأنها فقط مهمة "تمثيلية" محددة في الزمان والمكان، ينال مقابلها تعويضا شهريا يبلغ 36 ألف درهم، فضلا عن تمتعه بامتيازات هامة، منها تعويضات جزافية عن استعمال سيارته الخاصة في مهام المصلحة النيابية، وأخرى عن مهامه خارج أرض الوطن بقيمة 2500 درهم لليوم الواحد، وتخفيضات 50 بالمائة في الإقامة بالفنادق و60 بالمائة في استعمال الطائرة ومجانية التنقل عبر القطارات...

ويشار إلى أنه منذ التصريح الاستفزازي للقيادية بحزب "الكتاب" والوزيرة المكلفة بالماء شرفات أفيلال، التي اعتبرت في برنامج تلفزيوني مباشر بالقناة الوطنية الأولى، أن النقاش الدائر حول "معاشات" الوزراء والبرلمانيين، نقاش شعبوي تافه، مدعية أن المعاشات المستهدفة ليست عدا منحة هزيلة لا تتعدى "جوج فرنك"، وما تلاه من انتقادات لاذعة أجبرتها على تقديم اعتذار للشعب. والمطالبة بإلغائها لم تتوقف باعتبارها "ريعا مقننا" وتبديدا للمال العام، يستفيد منها أشخاص يعملون تحت إمرة لوبيات وحسب مصالحهم الخاصة، غير مبالين بدورهم التمثيلي والحفاظ على الأمانة التي طوق الناخبون بها أعناقهم، مما أفقد البرلمان وظيفته الطبيعية في الدفاع عن مصالح الشعب، وأصبح المواطن في خدمة "البرلمانيين" وأداء رواتبهم عبر الضرائب المباشرة وغير المباشرة...

وقد ازداد الجدل اتساعا واحتداما، فور إعلان الصندوق الوطني للتقاعد والتأمين عن إفلاسه، واضطراره إلى التوقف عن صرف معاشات السيدات والسادة النواب القديمة والجديدة ابتداء من فاتح أكتوبر 2017، لعدم توفره على السيولة اللازمة والكافية، دون أن تحرك الحكومة ساكنا أو تدعو إلى فتح تحقيق عميق حول أسباب الإفلاس المباغت، لتعرف إن كان الأمر مرتبطا بارتفاع أعضاء مجلس النواب من 325 إلى 395 عضوا، وعدم وجود مداخيل تعوض الصندوق عن مصاريف المعاشات، أم أن خلف الأكمة ما وراءها !

فالمغرب لم يعرف من قبل جدلا واسعا بمثل هذا الزخم، ليس بسبب ما خلقه موضوع تقاعد البرلمانيين من أزمة، تجلت في انقسام فرق الأغلبية الحكومية وتبادل الاتهامات بين النواب، وما تم تقديمه من مقترحات قوانين تصب معظمها في اتجاه الإبقاء على "المعاشات" مع إدخال بعض الإصلاحات لذر الرماد في العيون... كما أنه لم يعرف حملة إعلامية واسعة مماثلة في المنابر الوطنية والأجنبية، وحملة كثيفة من السخرية في منصات التواصل الاجتماعي، كالتي انطلقت مع حرارة شهر

يوليوز تحت مجموعة من الأشرطة المصورة و"الهاشتاغات" المثيرة للتهكم، مباشرة بعد تصريحات رئيسي فريق حزب الاستقلال الذي أعلن أمينه العام قبل شهور قليلة عن اصطفافه في المعارضة، والحزب الأغلبي العدالة والتنمية، حيث أنه في الوقت الذي تعيش آلاف الأسر المغربية أوضاعا مزرية، وتلوذ أخرى بالقروض لمواجهة تكاليف الحياة، يأبى الأول نور الدين مضيان إلا أن يقول من داخل مجلس النواب بأن هناك برلمانيين متقاعدين أجبروا على نقل أبنائهم من التعليم الخاص إلى العمومي. بينما يتذرع زميله ادريس الإدريسي الأزمي الذي كان قدم مقترحا يقضي بالتصفية النهائية لصندوق التقاعد قبل العودة للانقلاب عليه، مؤكدا بذلك على ما يعانيه و"إخوانه" من انفصام الشخصية، بالقول "إنهم يحتفظون بأسماء برلمانيين سابقين يعيشون حالات عسر بعد توقف معاشاتهم". وهو ما ينطبق عليه القول: "عذر أقبح من الزلة".

أليس البرلمان مؤسسة لتشريع القوانين ومراقبة الأداء الحكومي، وأن العمل السياسي عمل تطوعي لخدمة الصالح العام؟ فلم الإصرار على محاولة تحويلها إلى مؤسسة خيرية وجعل السياسة وسيلة للاسترزاق وحماية مصالح اللوبيات والمصالح الشخصية، بعيدا عن هموم وانشغالات المواطنين؟ وكيف يسمح البرلمانيون لأنفسهم بالاعتداء على معاشات الموظفين والأجراء، والهرولة نحو شرعنة ما يعتبره الشعب "ريعا" بدون مبرر أخلاقي؟ وهل من الحكمة حصولهم على تقاعد مريح مدى الحياة بعد ولاية لخمس سنوات، والحال أن التقاعد يرتبط بمدة العمل وليس الانتداب المؤقت، حيث العامل ملزم بقضاء 3240 يوما مؤدى عنه بالقطاع الخاص، و21 عاما للذكور و26 عاما للإناث بالقطاع العام؟

وبصرف النظر عما يطبخ في السر من سيناريوهات، فإن البرلمانيين ومن خلفهم الأحزاب السياسية بمختلف ألوانها، يقفون اليوم أمام مسؤوليتهم التاريخية في منعرج خطير: إما الانتصار لصوت الشعب وإغلاق صنبور "الريع البرلماني"، وإما الاستجابة لجشعهم والإبقاء عليه مفتوحا، دون اعتبار لما لذلك من كلفة باهظة سياسا واقتصاديا واجتماعيا...


عدد التعليقات (7 تعليق)

1

معاش ل 6 سنوات خدمة

المعاش يمنح لمواطن افنى اكثر من 60عاما من عمره في اداء مهمته تجاه الوطن .لم اكن اعلم ان البرلمانيين ،بالاظافة للامتيازات التي يتمتعون بها اثناء قضاء مهمتهم، يستفيدون ايضا من معاشات .امر مضحك نحن ننتخبهم للدفاع عن المعطليين والفقراء..الحل الوحيد هو مقاطعة الانتخابات لا نريد برلمانيين همهم الوحيد هو الدفاع عن مصالحهم الشخصية.

2018/07/22 - 06:04
2

شعبية ولا برلمانية

فأر يقرض

كتتمة لهذا الموضوع .البرلماني سيفكر في الاستفادة من التقاعد في الولاية الأولى وإن تم انتخابه لولاية أخرى سيستفيد من تقاعد ثاني محسوب على الولاية الثانية وهكذا دواليك ولم لا يدوخ على المداويخ ويحصد في التقاعدات بدون وجه حق

2018/07/22 - 06:04
3

الكرزامي الدشيرة

المال

( يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم) الاية ( يوم لا تملك نفس لنفس شيءا والامر يومءد لله) الاية هذا هو المختصر المفيد.

2018/07/22 - 06:45
4

tatilai

مهزلة

لا نريد برلمان،لانريد مجلس المستشارين ولانريد حكومة ،نريد عيش كريم ،نريد كرامة المواطنين،نريد تشغيل الشباب، نريد تحسين دخل المواطنين، نريد عدالة ،نريد تعليم عمومي كفيل باعطاء تدريس ممتاز لاغلاق المدارس الحرة ،نريد مستشفيات ، نريد....،نريد....

2018/07/22 - 07:53
5

الحسين

كلنا نواب برلمانيين

حان الوقت للقطع مع نظام الريع واستنزاف الصناديق لا يعقل ولا يجوز لأشخاص ينتخبون لمدة خمس سنوات بامتيازات لا حصر لها وإعفاءات لا نظير لها أن ينهي مدة انتدابه بتقاعد مريح أفضل من موظف أفنى حياته وعمره بإدارة من إدارات هذا الوطن أو جندي دافع عن حوزة الوطن. إلى هنا وكفى إذا كان هذا النائب دوره هو التشريع لنفسه وإعطاء الامتيازات لنفسه فالواجب إلغاء هذا البرلمان؛ أو أن يكون الشعب كله بمثابة نواب حتى يتمكن الجميع للتشريع لنفسه وأهوائه؛ وبه وجب الإعلام

2018/07/22 - 09:15
6

مواطن

تعليق

الشعب يريد استفتاء شعبيا حول تقاعد البرلمانيين والوزراء .

2018/07/22 - 09:31
7

قنصرة

الخونة

شخصيا عشرون سنة في التعليم أعيل 3أسر ولازالت الطريق امامي عملنا في جميع مناطق المغرب النائية والحمد لله اما انتم ياخونة ماذا قدمتم للبلد هذه الاموال الاحق بها قطاع التعليم الصحة الامن ووووو لانهم يتعبون ومنهم من يعمل ليلا ونهارا اما انتم ياوجوه الشر الاكل والنوم والراحة والامتيازات فحسب المعروف كلكم اصحاب مشاريع كمثال شباط اللبار بوسنة الفايق اصحاب مشاريع ضخمة قبحكم الله

2018/07/22 - 10:42
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات