بعد حصولهم عليها كصدقة .. متسولون يعيدون بيع لحوم الأضاحي وسط جدل صحي وفقهي

بعد حصولهم عليها كصدقة .. متسولون يعيدون بيع لحوم الأضاحي وسط جدل صحي وفقهي

أخبارنا المغربية

أخبارنا المغربية - محمد اسليم 

ظاهرة ترافق طقوس عيد الأضحى كل سنة بعدد من المدن الكبرى كالدار البيضاء ومراكش، وتتمثل في إقدام عدد من المتسولين الذين يحصلون على كمية كبيرة من لحوم الاضاحي على إعادة عرضها وبيعها للراغبين في ذلك بعدد من الأسواق أو النقاط التي باتت معروفة بذلك وبأسعار تقل بشكل كبير عن أسعار محلات الجزارة ما يجعل عددا من المستهلكين وأحيانا التجار يقبلون عليها.

 أحمد (حرفي بمراكش) أوضح لأخبارنا المغربية، أن المتسولين وخصوصا المحترفين منهم يلجؤون لدق أبواب البيوت متذرعين بأنهم لم يضحوا ويحصلون بالتالي على كميات كبيرة من اللحوم يعمدون لبيعها نهاية كل يوم بنقاط معروفة كدوار العسكر وباب دكالة وباب الخميس بمراكش وسوق العفاريت بالدار البيضاء، جملة أو عبر عرضها على شكل عرارم (جمع عرام بدارجتنا المغربية) مقابل أثمان بخسة أحيانا وأقل بكثير من أثمان البيع بالسوق على العموم.

أحمد اعتبر أن حاجة المعنيين في المال قد تكون أكبر من حاجتهم للحوم خصوصا وأنهم يحصلون احيانا على كميات كبيرة منها تفوق احتياجاتهم، وبخصوص إقبال بعض المستهلكين على اقتنائها أكد أحمد ان هناك من يحاول استغلال انخفاض الأسعار للحصول على مخزون من اللحوم الطرية أو القديد خصوصا في ظل ارتفاع اسعار اللحوم التي باتت تصل لحدود 120 وأحيانا 130 درهما للكيلوغرام الواحد، مضيفا أن هناك مهنيين يقبلون على هاته اللحوم لإنتاج الخليع.

بيع لحوم الصدقة من الأضاحي ظاهرة في ازدياد عاما بعد عام، ما جعلها تثير العديد من التساؤلات الفقهية والصحية والأخلاقية، فمن خلال جولة عبر العديد من المواقع والصفحات الفقهية والدينية المتخصصة سجلنا الحضور القوي لأسئلة بخصوص موقف الشرع من بيع الفقير للحم الأضحية المتصدق به عليه وهل هو امر جائز ام لا؟ هذا وذهبت أغلب الفتاوى التي اطلعنا عليها في اتجاه ما ذهب إليه فقهاء وعلماء سابقون كالماوردي الذي أشار في كتابه "الحاوي الكبير" الى ان (بيع لحم الأضحية فلا يجوز في حق المضحي لقول الله تعالى : فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير فنص على أكله وإطعامه ، فدل على تحريم بيعه...)، قبل أن يضيف (وأما الفقراء فعلى المضحي أن يدفع إليهم منها لحما ، ولا يدعوهم لأكله مطبوخا ، لأن حقهم في تملكه دون أكله ليصنعوا به ما أحبوا ، فإن دفعه إليهم مطبوخا لم يجز حتى يأخذوه نيئا ، كما لا يجوز أن تدفع إليهم زكاة الفطر مخبوزا ، فإذا أخذوه [ ص: 120 ] لحما جاز لهم بيعه كما يجوز لهم بيع ما أخذوه من الزكوات والكفارات ، وإن لم يجز للمزكي والمكفر بيعه...) فهذا اقرار من عالم كبير من علماء الشافعية بجواز بيع الفقير لما يحصل عليه من لحوم اضاحي...

بالمقابل ينبه خبراء التغذية من اقتناء هذا النوع من اللحوم والتي يتم الاحتفاظ بها لساعات طويلة خارج الثلاجات وفي ظروف غير صحية في ظل ارتفاع درجات الحرارة في مثل هذا الوقت من السنة، بل وتحت أشعة الشمس الحارقة، ممّا يُؤدّي في احيان كثيرة إلى تلفها وتلوّثها، واستهلاكها في هاته الحالة قد يُسبّب العديد من الأمراض الخطيرة، مثل التسمم الغذائي والإسهال والتهابات المعدة، خصوصا وان اللحوم المتحللة تصبح بيئة مناسبة لنموّ البكتيريا والطفيليات الضارة، ما يُشكّل خطراً كبيراً على صحة الإنسان. ويشدد الخبراء على التأكد من سلامة اللحوم قبل شرائها، من خلال ملاحظة لونها ورائحتها وملمسها، وبتجنب شراء اللحوم الرخيصة جداً، والتي قد تكون متحللة أو ملوثة...

في الأخير لا يسعنا إلا التنبيه إلى ضرورة تسليم الصدقات من لحوم الأضاحي لمن يستحقها وليس لتجار وتاجرات محترفي ومحترفات التسول الذين يستغلون كالعادة محطة عيد الأضحى للحصول على أكبر عائد مادي... مستغلين طيبوبة وكرم المغاربة... ومغلقين الباب بالمقابل على وصول هذه الصدقات لمن يستحقها بالفعل من يتامى وأرامل ومحتاجين بشتى اصنافهم.


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات
المقالات الأكثر مشاهدة