جامعات لم تحصد أي ميدالية منذ عقود.. هل من محاسبة للمتسببين في انتكاسة الرياضة المغربية خلال الألعاب الأولمبية؟

جامعات لم تحصد أي ميدالية منذ عقود.. هل من محاسبة للمتسببين في انتكاسة الرياضة المغربية خلال الألعاب الأولمبية؟

أخبارنا المغربية

بقلم: إسماعيل الحلوتي

     يحز في نفس الكثير من المغاربة الغيورين أن يظل الوضع الرياضي على هذا الحال من التردي، رغم كل ما يرصد للجامعات الوطنية من ميزانيات ضخمة. وأن يستمر توالي الانتكاسات والهزائم، مما يخلف استياء عميقا في أوساط المواطنين ويجعلهم يتساءلون بحرقة عن الأسباب الكامنة خلف هذا التراجع في الأداء، خاصة بعد الحصيلة الهزيلة في الدورة الثالثة والثلاثين للألعاب الأولمبية الصيفية، التي أقيمت في باريس ما بين 26 يوليوز و11 غشت 2024. إذ باستثناء ميدالية ذهبية في ألعاب القوى حفظت ماء وجه المملكة، وأخرى نحاسية غير مسبوقة في كرة القدم، عرفت باقي الرياضات مهزلة كبرى، إثر الخروج المذل والمبكر لمعظم المشاركين.

      وجدير بالذكر أن اللجنة الأولمبية المغربية اختارت لتمثيل المملكة المغربي 60 رياضيا للدفاع عن الألوان الوطنية في 19 رياضة، منهم 42 في فئة الذكور و18 في فئة الإناث، حيث شارك المغرب في الرياضات التالية: كرة القدم، ألعاب القوى، التايكواندو، الملاكمة، التجديف، الكرة الشاطئية، البريك دانس، الغولف، الكانوي كاياك، المسايفة، الجيدو، المصارعة، السباحة، السكيت بورد والفروسية، وكذا رياضات التزلج، الرماية الرياضية والثرياثلون. لكن باستثناء البطل العالمي المتألق سفيان البقالي، الذي فاز بالميدالية الذهبية في سباق 3000 متر موانع، والمنتخب الأولمبي في كرة القدم، الذي تمكن بفضل علو كعب عناصره وحبهم الكبير للوطن من تحقيق إنجاز تاريخي غير مسبوق عربيا، بانتزاع الميدالية النحاسية واحتلال الرتبة الثالثة وراء كل من المنتخبين الإسباني والفرنسي، فإن باقي الرياضيين لم يلبثوا أن شرعوا في التساقط كأوراق الخريف منذ اليوم الأول واحتلال المراكز الأخيرة.

      فعلى هامش هذه النتائج المحبطة للرياضات المشاركة في العاصمة الفرنسية، انطلقت حملة رقمية واسعة للمطالبة بمحاسبة "ديناصورات" الجامعات الرياضية ما عدا جامعتي كرة القدم وألعاب القوى، حيث عجت مواقع التواصل الاجتماعي بهاشتاغات، ينادي نشطاء كثر عبرها بالإطاحة بالرؤوس التي ظل أصحابها متربعين على عرش المسؤولية لسنوات طوال دون تحقيق ولو ميدالية أولمبية واحدة، إذ لا يعقل أن يتواصل استنزاف المال العام على جامعات رياضية عقيمة، وألا يتم تفعيل مقتضيات الوثيقة الدستورية فيما يتعلق بالحكامة الجيدة، وربط المسؤولية بالمحاسبة.

      فأمام هذه النكسة الرياضية الموجعة، لم يعد ممكنا استمرار استبلاد الجمهور الرياضي العريض والتسامح مع المسؤولين المباشرين، وأضحى من الواجب الوطني التعجيل بفتح تحقيق حول دواعي هذه الإخفاقات المتوالية، عبر محاسبة الفاشلين من مسيرين ومدربين ومؤطرين ورؤساء جامعات رياضية والتدقيق في الميزانيات الضخمة التي ما انفكت ترصد لها على مدى السنوات الأخيرة دون أن تكون في الموعد مع الكثير من المحافل الرياضية. إذ لا يمكن لبعض المسؤولين الادعاء بأن إحراز المغرب ميداليتين يعد حصيلة إيجابية، ويحاولون أن يجعلوا منها تلك الشجرة التي تخفي السياسة الفاشلة للجنة الأولمبية المغربية والإقصاء السريع للرياضيين المغاربة، ولاسيما أن المغرب سبق له منذ 24 سنة أن فاز بخمس ميداليات في دورة أولمبياد سيدني سنة 2000.

      إن منافسات "أولمبياد باريس 2024" أماطت اللثام عن الوجه الحقيقي للمنظومة الرياضية ببلادنا، وكشفت بالملموس عجز عدة جامعات رياضية مشاركة عن تحقيق نتائج مرضية ترقى إلى مستوى تطلعات الجماهير الشعبية، حيث غادر معظم الرياضيين المغاربة الأدوار الأولى مطأطئي الرؤوس بعد احتلالهم المراتب الأخيرة، رغم أن وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة ومعها اللجنة الوطنية الأولمبية المغربية، وفرتا لها سويا كل ما يلزم من موارد بشرية وتقنية وإدارية وطبية، مما يؤكد أن القائمين على الشأن الرياضي ببلادنا أبعد ما يكونون قادرين على تحمل المسؤولية والنهوض بمستوى المهام المسندة إليهم، وأنه حان الوقت بعد هذه الفضيحة الكبرى ليس فقط لوضع استراتيجية وطنية وتبني سياسة رياضية ناجعة، بل كذلك لوضع الشخص المناسب في المكان المناسب، بعيدا عن الوساطة والمحسوبية.

      فمن المؤسف حقا أن يقتصر حضور الجامعات الرياضية المغربية في "أولمبياد باريس 2024" على المشاركة فقط بدل التنافس على الميداليات، ويظل المغرب متخلفا عن الركب بسبب الأداء السلبي والنتائج الكارثية الناجمة عن التسيير العشوائي، علما أنه وضع استثمارات ضخمة في المجال الرياضي، وأصبح يتوفر على مؤهلات علمية رياضية جعلته يشكل رقما صعبا في معادلة كرة القدم الإفريقية والدولية، كما يشهد له بذلك الإنجاز التاريخي الكبير وغير المسبوق في كأس العالم قطر 2022 ...

      وعليه نرفض بشدة تواصل النكبات والخيبات الرياضية، ونطالب بمحاسبة المسؤولين الذين أوصلوا رياضاتنا الوطنية إلى الباب المسدود، بفعل تقاعسهم وسوء التدبير، بدل اعتماد استراتيجية وطنية كفيلة بصناعة الأبطال والنهوض بمستوى هذه الرياضات، عبر إحداث المزيد من المراكز الرياضية وتكليف أشخاص من ذوي الكفاءة والخبرة بإدارتها، القادرين على اكتشاف المواهب وحسن تأطيرها ورعايتها...


عدد التعليقات (6 تعليق)

1

عبد الله

السينما و السلام و الفساد لا زال كما هو

لا محاسبة و لا هم يحزنون ما دام من يعينونهم هم الأجدر بالمحاسبة قبلهم! الفاسدون يقتسمون الكعكة و يتضامنون فيما بينهم! باراكا عليهوم غير يطبقو القانون على صحاب الفرّاشة و الكرارس و الزج ب 25000 طالب للطب في نفق المجهول و لا حياة لمن تنادي

2024/08/22 - 12:37
2

خليف

المناصب

كم كتبنا من تعاليق منددين بهذه الاوضاع الكارثية في جل الجامعات الرياضية المغربية ما عدا جامعة كرة القدم ،لكن لا احد يحرك ساكنا متساءلين من يحمي هؤلاء الذين فشلوا في كل شيء و كأن المغرب ملكا و شعبا لا يهمهم ،و هذا يبين ان المناصب تعطى لباك صاحبي و المؤهلون معطلون يجوبون الشوارع ،هذا يؤكد ان لا احد تقدم بمحاسبة هذه الجامعات الفاشلة و كأنها فيرمات في ملكياتهم ننتظر تدخل جلالة الملك قبل وقوع كارثة اشد ألما من ما نعيشوه

2024/08/22 - 02:05
3

Nassim

العشوائية و سياسة ( باك صاحبي ) هي السبب

السؤال الواجب طرحه من يعين رؤساء الجامعات الملكية و من يحاسبهم ؟ هل الأندية هي التي تختار رؤساء الجامعات ؟ اذا كان الجواب نعم . من المسؤول على الأندية و كيف تسير هذه الأندية و ما حصيلة نشاطها؟ اخص بالذكر : رياضة السباحة و الجمباز و التنس و رياضات فنون الحرب التي لم و لن تأتي باي انجاز اولمبي للبلاد و اغلب الرياضات الجماعية ( باستثناء كرة القدم) ، يجب إعادة هيكلة كل الجامعات و طرد كل المسؤولين الذين تعاقبوا على تسييرها منذ مدة طويلة و التفكير جائت في إعادة الرياضة المدرسية التي كانت دائما هي الخزان الطبيعي اخاف الأبطال و ليس اولاد ( باك صاحبي)

2024/08/22 - 03:36
4

الصنهاجي

نريد جامعات التعليم

نحن نريد الفوز بالميداليات لجامعات التعليم بالمغرب اولا، اما الرياضة فهي تبقى ثانوية ولا تفيد ازدهار المغرب في شيء

2024/08/22 - 03:52
5

سعيد ليمني

اختفاء الجامعات الرياضية الغير المشاركة في الألعاب الاولمبية

هذا الاخفاق لا يمكن ان ينسينا الجامعات الرياضية التي لم تشارك في الألعاب الاولمبية وهي كثيرة ورؤساء اعظم أجهزتها قابعون في كراسيهم لمدة تجاوزت تلاتين سنة لبعضهم( الريشة الطائرة.....) ولا من حسيب ولا رقيب. يجب تفعيل المحاسبة ولكن فاقد الشي....

2024/08/22 - 09:01
6

هشام

لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

رؤساء الجامعات المغربية شادين المناصب بلا فائدة و كايبان هده المناصب وارثينها أب عن جد حتى ميدالية ماجبتوها البلاد

2024/08/22 - 09:56
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات
المقالات الأكثر مشاهدة