المثلية في المغرب.. بين رفض المجتمع وضغوط إلغاء التجريم

المثلية في المغرب.. بين رفض المجتمع وضغوط إلغاء التجريم

أخبارنا المغربية

أخبارنا المغربية - بدر هيكل

لا يزال موضوع المثلية الجنسية في المغرب واحدًا من الطابوهات، حيث يعاني المثليون من نظرة المجتمع الدونية، ويواجهون العقاب على ميولهم بموجب القانون والتقاليد الاجتماعية في هذا البلد الذي يعتبر "إسلاميًا".

 مشاهد تصادم متكررة

بين الحين والآخر، تتداول وسائل الإعلام أو شبكات التواصل الاجتماعي أنباء عن تعرض مثليين لحوادث في الشارع العام، تبدأ بالسب والشتم، وقد تصل إلى الاعتداء الجسدي.

في هذا السياق، تداولت وسائل التواصل الاجتماعي شريط فيديو عبر تطبيق التراسل الفوري "واتساب"، يُظهر اعتداء شبان على شخص كان يرتدي ملابس نسائية، بعد محاصرته على مستوى كورنيش "طنجة"، حيث انهالوا عليه بالضرب، فيما كان المعتدى عليه يحاول الدفاع عن نفسه والاستنجاد بالمارة دون جدوى.

وفي حادثة أخرى، كان شاب قد استقل سيارة أجرة للعودة إلى منزله، ولكن حين اكتشف السائق أنه مثلي الجنس، طلب منه أجرة مضاعفة، وسلب منه هاتفه، ومزق ملابسه ثم بدأ بالصراخ، ليهاجم عليه الناس في الشارع ويعتدوا عليه بالضرب.

كشفت دراسة لجمعية "أقليات" المغربية، حول "مجتمع الميم" في المغرب، أن 70 في المئة من المثليين المغاربة تعرضوا للعنف الجسدي أو المعنوي في الأماكن الخاصة والعامة. وبحسب الدراسة، فإن 14 في المئة فقط من المثليين المعنفين قدموا شكوى لدى السلطات، بينما يخشى الباقون من اكتشافهم وطردهم من أسرهم، أو أن يتم احتجازهم من قبل الشرطة.

 القانون المغربي والضغوط الدولية

أصدرت منظمة "هيومان رايتس ووتش" الحقوقية تقريراً تحت عنوان “الجرأة في وجه المخاطر.. نضال مجتمع الميم في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”، تضمن سلسلة فيديوهات بعنوان “لست وحدك”، شارك فيها مثليون مغاربة تحدثوا عن تجربتهم مع السلطات المغربية، ودوافع الانتقال إلى أوروبا بعد تلقي تهديدات بالقتل من قبل متشددين مغاربة.

وقالت المنظمة إن التقرير يسلط الضوء على “صمود حركات مجتمع الميم في جميع أنحاء المنطقة وكيفية صناعة التغيير، بالإضافة إلى العقبات الكبيرة التي يواجهونها، مثل تجريم السلوك المثلي والهويات الجندرية غير النمطية، والاعتقال التعسفي وسوء المعاملة، وعدم الاعتراف بمتحولي/ات النوع الاجتماعي، والعنف، والقيود المفروضة على حرية التعبير وتكوين الجمعيات، ورفض الأسرة، والوصمة الاجتماعية”.

كما أشار التقرير إلى استمرار منع القانون الجنائي المغربي (المادة 489) “أفعال الشذوذ الجنسي مع شخص من جنسه”، و”العقوبة بالسجن لفترة تصل إلى 3 سنوات وغرامة أقصاها ألف درهم مغربي لمخالفي هذا القانون". كما تُعاقب المادة 483 من ارتكب “إخلالا بالحياء” بالسجن لمدة تصل إلى سنتين وغرامة أقصاها 500 درهم.

كما أطلقت “جمعية أقليات” المغربية، التي تُعنى بشؤون المثليين والمتحولين جنسياً وغير المسلمين والمنتمين لمذاهب دينية مختلفة، عريضة إلكترونية دولية للمطالبة بإلغاء الفصل 489 من القانون الجنائي الذي يُجرّم المثلية، في سياق “الإصلاح التشريعي الجاري للقضاء على التمييز والتجريم على أساس التوجه الجنسي”.

وجاء في العريضة: "يجب علينا كمجتمع أن نعمل معًا لإلغاء هذه التشريعات التمييزية التي تعكس فهمًا خاطئًا لمجتمعنا وحكوماتنا".

وأضافت العريضة: “نعتقد أن كل شخص يستحق العيش بكرامة وحرية، وأن القوانين يجب أن تحمي حقوق الجميع دون تمييز. ومن خلال توقيعكم على هذه العريضة، سنتمكن من تحقيق خطوة مهمة نحو إحلال العدالة والمساواة في مجتمعنا”.

وفي سياق متصل، أجرت الجمعية دراسة على عينة تضم 400 شخص مغربي مثليّ الجنس، وأكدت أن 86.4 في المئة يعتبرون إلغاء المادة 489 من القانون الجنائي أولوية.

 رفض مجتمعي وانفجار جنسي

لا يختلف الموقف من المثلية في المغرب عن الموقف منها في معظم المجتمعات العربية والإسلامية، فالمغرب بلد “إسلامي”. ولذلك، لم يتصالح المجتمع المغربي بعد مع الحريات الفردية عمومًا، ولا تزال هناك تحفظات حين يتعلق الأمر بمواضيع حساسة كانت تُعتبر طابوهات، وعلى رأسها المثلية الجنسية.

هذه التحفظات، مع تعدد مرجعياتها الدينية والاجتماعية، تفسر الاعتداءات التي تتعرض لها هذه الفئة، مما يفتح نقاشًا حول الحريات الفردية وتعامل المجتمع مع ما يسمى "الأقليات الجنسية".

وفي هذا السياق، يرى عبد الصمد ديالمي، عالم اجتماع وأكاديمي مغربي، أن "المغرب يعيش انفجارًا جنسيًا، إذ أصبحت ممارسات ما قبل الزواج منتشرة على نطاق واسع منذ السبعينيات، ويضاف إلى ذلك انتشار واسع للدعارة والمثلية الجنسية الأكثر صراحة."

ووفق ما نقلته صحيفة “لوموند” الفرنسية عن ديالمي بخصوص ”الانفجار الجنسي”، فإنه يرى أن "هذا الوضع سيجعل المغرب متفتحًا على الممارسات الجنسية الحرة، وسينتهي الأمر بعلمنة القوانين المتعلقة بالمثلية الجنسية".

 مطالب متصاعدة

تزامنًا مع إعلان الإفراج عن مشروع قانون المسطرة الجنائية ومشروع القانون الجنائي، دعا المدير التنفيذي لجمعية أقليات في المغرب إلى إشراك مجتمع "الميم" في النقاش العمومي حول مراجعة القانون الجنائي، وفقًا لما جاء في العريضة الدولية الموجهة لوزير العدل في حكومة أخنوش، عبد اللطيف وهبي.

وطالب ممثل "أقليات" بضرورة إحقاق حقوق جميع المغاربة بمختلف قناعاتهم واختياراتهم ومواقفهم، كما تنص على ذلك المواثيق الدولية، وتسندها المهمة الجديدة للمغرب على رأس اللجنة الأممية لحقوق الإنسان. ونبّه في ذات الحين إلى "خطورة تغييب مجتمع الميم من المشاركة في المشاورات المتعلقة بمراجعة القانون الجنائي"، التي اعتبرها فرصة سانحة لضمان حقوق هذه الفئة، وفق العريضة المطلبية التي قدمتها الجمعية، في الوقت الذي يبدو فيه موقف المغرب لا يزال ثابتًا.


عدد التعليقات (20 تعليق)

1

هشام

لاحولة ولاقوة الابالله

طرح مثل هدا السؤال في بلد اسلامي يعبر عن الغباء والجهل بالدين ..بسم الله الرحمن الرحيم: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ

2024/08/31 - 07:52
2

المغرب

كيفية تطبيق المادة489

هل قانون الجنائي في مادته 489 تطبق فقط على المغاربة أم أنها تطبق أيضا على غير المغاربة؟ننتظر كيف سيتم تطبيق هذه المادة على غير المغاربة في كأس العالم 2030 وهل القانون الجنائي قادر على ذلك؟

2024/08/31 - 09:21
3

اسماعيل

تتمة

اؤيد السيد هشام في كتابه.. ولاننسى اننا مسلمين ونرجو من الله ما لا يرجوه الكفار.. فلاتميلوا كل الميل.. فسوف تحاسبون

2024/08/31 - 09:22
4

عبدالله

المثلية والمونديال.

ما فعلته دولة قطر في مونديال 2022 من محاربتها لكل أشكال المثلية، لن يستطيع المغرب ان يفعل ذلك..

2024/08/31 - 10:17
5

Moh

[email protected]

يتم حاليا توظيف كل الوسائل لسلخنا من ديننا . الضغوط من طرف الدول والمنظمات الغربية على المغرب للتخلي عن كل ما هو إسلامي . مايجري في غزة من إبادة بين ان هذه الدول والمنظمات لايهمها كما تدعي حقوق الإنسان والأقليات . فهي تؤيد إبادة الأطفال والنساء والمدنيين وتؤيد تحويع شعب محتل وتريد ان تفرض احترام المثلية لأنهم أقلية ؟ يجب علينا ان نتمسك بما تبقى لنا من ديننا .

2024/08/31 - 11:07
6

مراكشي

مجتمعنا حصين..

الحمدلله على نعمه الاسلام في بلدنا الحبيب.. هذا الدين العظيم الذي عض عليه المغاربة قاطبة كان له الأثر الكبير على رفض المجتمع كل أشكال الشدود الجنسي قديمها و حديثها..فلا مكان لهذه الأمراض النفسية و الاجتماعية في بلدنا..

2024/08/31 - 11:13
7

مغربي١٩٥٦

ذكر و انثى فقط

خلق الله عز و جل جميع الكائنات من ذكر و أنثى و طروحاتكم الشيطانية ستكون سبب الإنقراض و الفناء و ستكون سبب لإنهيار الدولة

2024/09/01 - 12:37
8

كمال

إنا لله و إنا إليه راجعون

هؤلاء الشرذمة عبارة عن سرطان مستورد من بلدان البلاء والوباء ، ليسوا منا ولسنا منهم وليذهبوا عند من شجعوهم على الانحراف الوبائي.

2024/09/01 - 01:08
9

محسن

التطبيع

طرح مثل هذه المواضيع و بهذه الطريقة فيها خبث مخفي مناقشة هذا الأمر لا يجب أن يخرج عن سياق الدين الإسلامي و لا يجب ان نطبع ونتساهل في هذه الأمور التي فيها نص واضح في كتاب الله عزوجل.

2024/09/01 - 01:10
10

مواطن مغربي

خرافات

بدء تجب الإشارة الى انه لايوجد مصطلح المثلية بل الشذوذ وكل ماهو شاذ فليس مرغوبا فيه. صاحب المقال يقر باسلامية المجتمع المغربي، وفي الإسلام ليس هناك شذوذ.وبالتالي فنحن في غنى عن المفكرين الغربيين، لا داعي للانصات إليهم! للمسلمين منهاج واضح ،فلا داعي للبلبلة. الدول الغربية تنهج حياة المباعة البداءية....

2024/09/01 - 01:20
11

أحمد .ص

نتحسر على ما آلت إليه قيم المغاربة .

الذين يدافعون عن واحدة من الموبقات بأن تصبح قانونية في البلاد ، بموقفهم هذا ، فإننا لا نستوعب طريقة تفكيرهم و لا نعلم معتقدهم . والله لإنهم يفتحون علينا لعنة الله لتصب علينا صبا صبا . من يشجع على الرذيلة ، نسأل الله أن يفضحه في عرضة و يحشره يوم القيامة مع أصحاب لوط .

2024/09/01 - 02:04
12

عابر من الدنيا

حقوق كونية شيطانية

في الوقت الذي يباد فيه أطفال فلسطين الأبرياء دون أن تهتم لهم جمعيات الدمار و التفكك تأتي أصوات النشاز و الشذوذ للحديث عن موضوع يهدد الأمن القومي المغربي و هو الغاء تجريم ممارسة ما ج الطبيعة و الدين تلبية لطلبات القوى المجرمة في العالم التي تريد تدمير لأوطاننا، كلمة ملكنا في خطابه حيث قال لن احل ما حرم الله جواب لكل المرتزقة و الخونة و الرجعيين لواطيين و رموز القذارة.

2024/09/01 - 03:01
13

احمد

رؤية

قالو زمان الله يدينا فالضو وقالو ناس زمان هبل تشوف الحاجبات وقالو ايضا لا رزقي بقا لا وجهي تنقا

2024/09/01 - 03:37
14

خريبگي

لا يعقل

يا كاتب المقال....المغرب بلد اسلامي وليس بلد يعتبر إسلاميا... ومثل هذه المواضع التافهة لا حاجة لنا بها...

2024/09/01 - 05:45
15

عمرو

حرية التعبير

الجميع يتحدث عت المجنمع و بإسم المجنمع دون إعطاء المجتمع فرصة واحدة للتعبير غن رأيه بواسطة إستقصاء الأراء أو لماذا لا بإستفتاء فهو أولا و أخيرا المعني بالأمر.يمكن غلى سبيل المثال لا الحصر سؤال ألأمهات هل تردن أن يكون أبناتئكن مثليين أو سؤال المثلي نفسه الذي له أطفال هل تريد أن يكون إبنك مثلي ؟ فجمعيات مشبوهة و سائل الإعلام ظتوحة و موفرة لها و بعد ذلك ي قال أن المجتمع المغربي منسامح مع المثلية.متى سمح للمغاربة قول كلمتهم في الموضوع ؟

2024/09/01 - 07:08
16

Blec le rock

هل كاتب المقال مسلم؟

لا تكذبوا على أنفسكم! المغرب دولة علمانية بامتياز ومنهم كاتب المقال، هناك مسلمين ولكن ليسوا مؤمنين و في المغرب يهود و عبدة أولياء نعمتهم و الأضرحة و نخبة مثقفة و تؤمن بالسحر و السحرة و عباد الأضرحة و الخوارج من الصوفيين إلخ

2024/09/01 - 10:45
17

محمد أيوب

لا يستحق الاهتمام

لا يستحق الاهتمام: سواء كان ظاهرة بمجتمعنا ام لا فهذا موضوع لا يستحق من اعلامنا الاهتمام اصلا،فعندنا ما يكفي من المشاكل تؤرقنا يجب تناولها من طرف الباحثين والاعلام بين...التعاطي مع هذا الموضوع هو عنوان الانحدار الأخلاقي الذي يريد الغرب والبعض منا ممن تستهويهم التفاهات والسخافات الخوض في هكذا نقاش...في واقعنا يوجد شواذ كما توجد سحاقيات، لكن احتراما لاحكام ديننا:قرآنا وسنة صحيحة وكذا لتقاليدنا واعرافنا فإن تسليط الضوء على هذا الموضوع مجاني الصواب تماما،ولا يمكن الاستناد على مقولة الحقوق الفردية وحقوق الانسان للترويج له.

2024/09/01 - 01:19
18

سعيد

اللواط و السحاق

سمو الاشياء بمسمياتها هذا يسمى بالفساد و ليست مثلية او مثلكم او او عندما ظهر اللواط في زمن الانبياء أهلكهم الله تعالى في رمشة عين حتى الفطرة السليمة لا تقبل هذا الفساد فكيف بالذي يملك عقل يفكر به اللهم ان هذا منكر الله يمهل و لا يهمل دولة مثل المغرب نسمع فيه الاذان يجب ان لا تقبل مثل هذه الفاحشة حتى الحيوانات لا تقبل بمثل هذا يجب على كل مسلم غيور ان يحارب هذه الفاحشة اللعينة و إلا فانتظرو عقاب الله. فإذا جاء عقاب الله فإنه يجمع الصالح و المطابخ اللهم إن هذ منكر

2024/09/01 - 01:45
19

امين

مفارقة

للملاحظة في نفس اليوم هناك مقالين واحد يتكلم عن مؤثرة في ألمانيا تثير جدلا لدعمها تعدد الزوجات الدي حلله الله بشروط طبعا ومقال اخر يتكلم عن المثليين وحسب قول كاتب المقال يعانون من نظرة المجتمع الدونية والتي هي محرمة اصلا . فلا اعلم ان كان تعليقي سينشر او لا ولكن لكل من قرأ هادا التعليق من مجلة اخبارنا. اتقوا الله في ما تنشرون والله والله والله سوف نحاسب جميعا عن كل كلمة أو حرف قصد به تحريف شرع الله.

2024/09/01 - 04:01
20

مصطفى المغربي

سبحان الله .

لاحول ولا قوة الا بالله. لماذا لايسمون الأشياء بمسمياتها؟ اللواط في المغرب. قوم لوط. لعنة الله عليهم.

2024/09/01 - 06:49
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات
المقالات الأكثر مشاهدة