ليلة في الجديدة.. دعارة و شذوذ
صورة من الأرشيف
أخبارنا المغربية
أخبارنا المغربية
بقلم : الضميري ياسين
الساعة تشير إلى منتصف الليل...
المكان مدينة الجديدة.. نحن الآن بشارع محمد الخامس الشبه فارغ من المارة، نعرج بسيارتنا على الحديقة المتربعة في إحدى جنباته و نركنها في الرصيف المقابل، هناك حيث العشرات من المومسات و ممتهنات أقدم حرفة عبر التاريخ يتخذن لهن موقفا، زبائنهن معروفين، غالبا ما يكونون من الطبقة الكادحة من عمال بناء و حرفيين و مياومين، السبب بسيط هو أن ثمن قضاء ليلة مع إحداهن في المتناول ولا يتجاوز الخمسين إلى المئة درهم...
فجأة رمقتنا أعين إحداهن فاقتربت من السيارة على غنج، من خلال ملامحها تبدو أنها تجاوزت الأربعين، جابت الشارع طولا و عرضا و عيناها لا تفارق السيارة قبل أن تقف بجانبنا، صعدت إلى السيارة بمجرد إيماءة خفيفة من زميلي... بعد سلسلة من المفاوضات معها اقترحت علينا فتاتين مقابل 200 درهم للواحدة، "بزاف أشريفة هاذ الثمن عمرنا تقضينا به" صاح صديقي قبل أن تقاطعه الوسيطة : راه الليلة السبت و معروف الثمن هنا، 50 درهم ليا و الباقي ليها، أصلا كلشي ريزيرفي اليوم غير غنشوف كيندير نديبانيك بنتو ليا دراري زوينين و نقيين...
تنزل الوسيطة من السيارة بعد أن أخذنا منها رقم هاتفها للاتصال بعد التشاور، غيرنا الوجهة نحو إحدى أشهر مقاهي الشيشة بالمدينة، الدخان يتصاعد مخفيا ملامح رواد هذا الفضاء المكتظ عن آخره، طلبنا مائدة و جلسنا، زبناء المكان أغلبهم من الشباب، لا تكاد تخلو مائدة من فتاة أو أكثر، قدم لنا النادل ما نريد و انصرف...
بينما أنا و صديقي نتبادل أطراف الحديث اقتربت منا شابة وسيمة الملامح بلباس يبدي أكثر مما يخفي و استئذنتنا للجلوس فقبلنا، طلبنا النرجيلة كباقي الزبناء و شاركتنا إياها متبادلين الفضفضة و الضحك...
سعاد، اسم مستعار تغيره عشرات المرات كلما دعت الضرورة إلى ذلك، بصوتها الخشن الذي يخرج من فم يظهر جليا أنه منهك بنثرات السجائر قائلة : نتوما برانيين ماشي اولاد الجديدة ياك؟ تسألنا فنجيبها بالإيجاب قبل أن تستدرك : إيوا أش حب الخاطر أشباب؟؟
في حديثنا معها تعمدنا عدم إخفاء هويتنا الحقيقة حتى نتعرف من خلالها على حقائق أكثر دقة، شرحنا لها أننا نقوم بتحقيق صحفي لفائدة احدى الصحف و اقترحنا عليها مبلغا من المال لترافقنا لإحدى الحانات فقبلت دون تردد...
ودعنا مقهى الشيشة نحن الثلاثة قاصدين عبر السيارة حانة معروفة بكورنيش سيدي بوزيد، في الطريق المؤدية إلى هناك تصطف عشرات بائعات المتعة على طول الشارع الكبير يترصدن الزبائن، لسن وحدهن من يتخذن لهن من أركانه موقفا تقول سعاد، لقد أصبح الشواذ من الذكور ينافسنهن على اقتناص الزبائن خاصة الأجانب، غير بعيد عن مسرح محمد الخامس رمقنا شابين في سن الثلاثين أحدهم يزين وجهه بمساحيق تجميل يتبادلان القبل بينما آخران يداعبان بعضهما البعض في انتظار زبون لهما، واصلنا الطريق و مرافقتنا تتغنى بإحدى أغاني المشرق و لا تلبث أن تجيبنا على أي تساؤل طرحناه لكنها كل مرة تتفادى الحديث عن حياتها الشخصية مكتفية بلوم الزمن الغادر الذي جعلها تبيع لحمها كل ليلة في سرير متنقل رغم أخطار هاته المهنة التي بالكاد تكفيها لمصاريف البيت و ابنها الذي يعيش معها بعد أن تطلقت من والده...
وصلنا للحانة، قبالة الباب يوجد شخصان ضخما الجثة يضبطان الأمور و يتأكدان من هوية كل من يلج المكان عبر ملامحهم، تبادلهم سعاد التحية حيث أنها داومت على ذاك المكان منذ مدة قبل أن نلج للداخل حيث لا صوت يسمع غير أغاني "ولد الحوات" التي تزيدها صخبا أضواء المكان و فتيات في أعمار مختلفة يرقصن بأزياء فاضحة، جلسنا في إحدى الموائد فاقتربت منا شابة أخرى تدعى "حنان" متبادلة كلاما لم نفهم معناه مع سعاد حيث يظهر جليا أنهما صديقتان، تضحك الأخيرة و ترد عليها بكلام هو الآخر لم نفهمه ثم تجلس بدورها معنا، تبادلنا أطراف الحديث و القهقات بينما يرقص باقي زبناء الحانة التي تظهر ملامحهم و أزياؤهم أنهم من الطبقة الوسطى بالمدينة، سألنا حنان عن المدخول الذي تجنيه في الليلة الواحدة من عملها فرفضت الإجابة قبل أن تأخد الكلمة سعاد التي أفصحت لنا أن مدخول فتاة تعمل بالحانة يختلف حسب الحانة و الزبناء و الظروف قائلة: ايلا طحنا فشي كليان ولد ناس راه نطلعو حتال 500 درهم لليلة الواحدة خصوصا في الويكاند و فصل الصيف و كاين نهار لي مكيكون والو لاديدي لا حب الملوك على حساب...
لم تطل حنان جلستها معنا بعد أن رمقت شخصا جديدا يدخل إلى الحانة، سألنا سعاد عن دواعي امتهان حنان لهاته المهنة فأجابتنا أن كل ما تعرفه عنها أنها قدمت للجديدة من إحدى قرى أكادير...
غير بعيد عن تلك الحانة هناك ملاهي و مراقص أخرى، يختلف زبناؤها كما تختلف أثمنة مشروباتها و جودة خدماتها و الفتيات فيها، سعاد تقضي ليلها متنقلة بين مقاهي الشيشة و حانات المدينة بحثا عن لقمة عيشها، حالها حال العديدات ممن دفعتهن الظروف إلى اتخاذ هاته المهنة سبيلا للعيش...
في كلامهن تختلف الحكايا لكنهن جميعا يعشن بدون كرامة أو كبرياء، معاناة و قسوة ظروف و مجتمع و تعاسة كبيرة يخفينها بمساحيق تجميل، يعشن بعرق أفخاذهن في أحضان تتغير كل ليلة بعدما تقاذفهم حضن الوطن الدافئ، ثلاث ساعات و نصف أمضيناها مع سعاد جعلتنا ندرك أن بسمتها المصطنعة ليست سوى طريقة تحبس بها دموعها التي مالبتت تذرفها حسرة على مستقبل مبهم ينتظرها و ابنها في مجتمع لا يرحم الأموات فما بالكم الأحياء، تنسى معاناتها بكحول كل الأنواع من المشروبات، المهم عندها ماتسحاش حتى لا تتذكر المعاناة التي عاشتها و تعيشها و لهذا نادرا ما تجدها في وعيها بينما لسانها يتغنى على الدوام بمقطع الفنان الداودي "الناس تسكر و تنسى وأنا نسكر عاد كنسحى"...
ودعنا سعاد و معها الجديدة عائدين للبيضاء بعد ليلة رأينا فيها الوجه الحقيقي لمدينة تستقبل كل صيف أكثر من مليوني زائر، في طريق عودتنا ولجنا إلى منتجع مازكان حيث للسهر ثمن، زبناء من نوع آخر هنا و سيارات تدل على أن رواد هذا المنتجع يختلفون عن رواد حانات المدينة، هنا كل شيء له ثمنه، حتى الفتيات اللواتي يقصدن المكان يختلفن عن فتيات باقي ملاهي المدينة، فتيات في عمر الزهور يظهر أن أغلبهن لا يتجاوزن العشرين، الدعارة هنا نوعا ما راقية...
رقص، سكر طافح، كلام فاحش، جنس، شذوذ، هكذا هو ليل الجديدة و الذي لا يختلف كثير عن ليل البيضاء و مراكش و طنجة و أكادير و غيرهم، المؤسف أننا في طريق عودتنا صادفنا حادثة سير مروعة لسيارة رياضية زاغت عن مسارها في الطريق السيار وربما يكون ليل الجديدة هو السبب...
كريم
نسأل الله العافيه
أين ما ذهبت وإرتحلت في المغرب ستجد مثل هاته المشهد وأكثر،أما في الداربيضاء مراكش وأكادير فالطامة أعظم. أعتقد أن ذكر المدن في مثل هاته المقلات دون الإشاره إلى أن الظهره توجد في كل المدن في بلدنا الحبيب فيه نوع من الإساءة للمدينة المذكوره نسأل الله العافيه
الدكالي ابن الجديدة
غيرتي على بلدي دفعتني
السلام عليكم الله يخلصك على قد نيتك يا المسمى الضميري ياسين. بغض النظر هل لديك عقدة اتجاه الجديدة; كان الا حرى بك ان تقوم بتحقيق في محيطك وبالضبط في مدينتك اللتي تنتمي اليها, مع العلم انني اشك في انحدارك منها لان جل اصدقائي من الدار البيضاء ومعروف عنهم الاخلاق والاحترام, او ربما حالك كحال صديقتك حنان اللتي اشرت اليها في مقالك المسموم حين كتبت: أنها قدمت للجديدة من إحدى قرى أكادير... ولعلمك ان هذه الظاهرة تنخر المجتمع المغربي بصفة عامة وانت لم تاتينا بشيء يذكر. ومن هذا المنبر ابلغك باني انتظر منك اعتذارا للمغاربة اجمعين لاننا شعب واحد من طنجة الى الكويرة مع اقتراح حلول فعالة لهذه الظاهرة المشينة. والسلام
السعيد صلحي
ليلة في الجديدة .. دعارة وشذوذ
حتى وان قلت ما قلت عن الجديدة فهي رائعة بسكانها الاصليين الاصيليين . مند زمن وانا اقضي عطلي الصيفية مع ابنائي على شواطئ الجديدة لم ارى شيئا من هدا القبيل في واضحة النهار وهو الوقت المخصص لتجوال العائلات النقية والشريفة . اما الليل الدي تكلم عنه الاخ صاحب المقال فليس الا صورة مصغرة لمغرب كبير لايخلوا من الجيد والقبيح .
ام عمر
[email protected]
السلام هذا كلام فاض , اين الحل أيها الصحفي المحترم الجميل بدل الوسيم كلنا نعرف ما يحصل في المغرب بأسره لكن نحن محتاجين الحل من مثل هذه المشاكل ,اعتقد حتى ولو وفرنا لهم العمل لن يعملوا لأنه صعب عليهم لأنهم تعودوا على العمل السهل و خفيان مشاكلهم بالمساحيق
نورالدين
رد
الدعارة ما خطات تا قنت في العالم.نسال الله الستر.ونطلب الهداية لمن ابتلي.الفقر هو اول العوامل المؤدية للفساد.قبح الله الفقر.رغم ان الظاهرة تهم حتى الاغنياء.نسال الله التوبة والمغفرة.ان الله مجيب الدعوات.رغم اننا البحث عن العلاج للظاهرة.دون تحديد اي مدينة.لان الظاهرة ذات نطاق واسع منذ القدم.
ولا حول ولا قوة الا بالله