اليوسفية: ما حقيقة الإشاعات حول قرب نضوب أكبر بحيرة باطنية بإفريقيا؟، هل ستقع الكارثة ويموت سكان الإقليم عطشا؟
أخبارنا المغربية
تحقيق :نور الدين الطويليع ــ يوسف الإدريسي
بحيرة الخوالقة الباطنية المتواجدة بتراب جماعة الخوالقة القروية التابعة لإقليم اليوسفية أكبر بحيرة على الصعيد الإفريقي، لما تتوفر عليه من احتياطي ضخم من الماء، تستفيد منه ساكنة مدينتي اليوسفية والشماعية ومجموعة من الجماعات القروية، والضيعات الملكية، والمكتب الشريف للفوسفاط، وعشرات الفلاحين الصغار الذين يستغلونه في سقي أراضيهم.
ولعل الزخم الإعلامي المرئي والمقروء حول هذه البحيرة وما تتوفر عليه من احتياطي مائي ضخم قد زرع في النفوس الطمأنينة، وجعل المواطنين، وهم يستهلكون هذه المادة الحيوية مرتاحين مطمئني البال، لا يساورهم أدنى شك في أن يكونوا معنيين يوما بأزمة نقص في المياه، ولو عمت البلد كله، سيبقون استثناء، بيد أن الانقطاعات الأخيرة المتكررة للماء الصالح للشرب التي عرفتها الشبكة المائية بمختلف مناطق الإقليم، وجعلت الصنابير تطلق صفارات الإنذار كلما هم أحدهم بفتحها، زعزعت لديهم هذا الاعتقاد، وأدخلتهم في دوامة الهواجس اللامتناهية في ظل تناسل إشاعات تقول باقتراب قيام ساعة البحيرة ونفخ صور جفافها، فهل ستنضب فعلا هذه البحيرة في القريب العاجل؟ وما أسباب الانقطاعات المتكررة للماء الصالح للشرب؟ وهل للمكتب الوطني يد فيما يقع؟ وما أسباب تحميل هذا الأخير مسؤولية الأزمة الحالية لما يسمى "الضيعات العشوائية"؟
احتياطي البحيرة من المياه ما زال كبيرا رغم شدة الطلب عليه والاستغلال المفرط له
يوجد بجماعة الخوالقة القروية المحتضنة للبحيرة ما مجموعه 300 بئر، جزء منها يستغلها المكتب الشريف للفوسفاط ، والمكتب الوطني للماء الصالح للشرب، وضيعات البرتقال الملكية، في حين تبقى الأكثرية الساحقة منها تحت تصرف صغار الفلاحين الذين يستفيدون منها كل واحد منهم في سقي أراض لا تتجاوز مساحتها في الغالب بضعة هكتارات، إما بطريقة تقليدية كما هو الشأن بالنسبة لأحواض النعناع والبقدونس، أو بطريقة عصرية بالاعتماد على نظام التنقيط، خصوصا بالنسبة لحقول البطيخ الأحمر والأصفر، وهذا النموذج الأخير يعرف انتشارا كبيرا، نظرا للتحفيزات التي تقدمها وزارة الفلاحة للفلاحين الذين يتبعونه في سقي أراضيهم.
منسوب البحيرة المائي يتراجع بعشرات الأمتار
خلال السبعينات من القرن الماضي كانت الفرشة المائية الباطنية تبعد عن سطح الأرض ب 25مترا فقط، والآن يتطلب الوصول إليها حفر ستين مترا، ما يعني أنها فقدت خلال حوالي أربعين سنة 35 مترا، مع العلم أنه وإلى حدود أواسط التسعينات من القرن الماضي كان المكتب الشريف للفوسفاط هو المستغل الوحيد لمياه البحيرة التي كان يزود من خلاله مدينة اليوسفية والمناجم التابعة له بهذه المادة الحيوية، قبل أن يلتحق به المكتب الوطني للماء الصالح للشرب، وقبل أن تشيد بالمنطقة ضيعات برتقال ملكية على امتداد مئات الهكتارات مع بدايات الألفية الجديدة، وهي الفترة التي انتعش فيها نظام السقي بالضيعات الصغرى التي يديرها صغار الفلاحين، وهذا يعني أن العشرين سنة القادمة ستعرف تراجع منسوب الفرشة المائية بنسبة تعادل أو تزيد على هذه النسبة، نظرا لشدة الإقبال على استغلال مياه البحيرة، مع التنويه إلى أن المنسوب المائي لبئر بعمق مئة متر يصل حاليا إلى أربعين مترا.
لماذا جف بئر تابع للمكتب الوطني، وتراجع منسوب بئرين آخرين بمعدل يتجاوز النصف؟
في ظل الحديث عن وفرة مياه البحيرة الباطنية تطالعنا أخبار من هنا وهناك تقول بأن البحيرة أصبحت قاب قوسين أو أدنى من النضوب، وهي مجرد إشاعات لا أساس لها من الصحة اعتمدت على ما تعرفه الشبكة المائية من انقطاعات متكررة، والحقيقة أن المشكل بنيوي يرتبط بطريقة تدبير المكتب الوطني للماء الصالح للشرب لمحطته المائية ولآباره بمنطقة الخوالقة، فالآبار التي يستعملها ولدت بتشوهات أثرت على فاعليتها ومردوديتها، فحسب خبراء في الميدان، يجب من أجل المحافظة على الآبار وضمان استمراريتها، وضع الحصى الأسود (الكرافيت) بسمك 30 مترا كحاجز يفصل بين الجدار الترابي للبئر وأنبوبه الحديدي من قاعه إلى قمته بما يحول دون تسرب الطمي من ثقوب الأنبوب إلى البئر، أو تجمعه وإغلاقه لها، حيث يلعب الحصى هنا وظيفة التصفية، وبما أن كلفة هذه المادة المادية لبئر عمقه 60 مترا قد تصل إلى حوالي ثلاثة ملايين سنتيم، فقد تم التخلي عنها بالنسبة لآبار المكتب الوطني، حيث وضعت الأنابيب الحديدية بالبئر ملاصقة للجدار الترابي دون أن يفصلها عنه أي حاجز، وهذا هو السبب المباشر والحقيقي لتراجع منسوبها المائي الذي جعل المضخات تتلقى إنذارا بالتوقف مرات كثيرة في اليوم الواحد، لضعف الصبيب المائي الذي يحول الطمي دون مروره بسلاسة عبر ثقوب الأنبوب الحديدي، ولامتلاء قاع البئر به وافدا عبر هذه الثقوب، وكما هو معلوم فهذه المضخات تعمل بطريقة أتوماتيكية، تشتغل إذا توفر الماء، وتتوقف إذا لم تجد إلا الطمي، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا بإلحاح هو هل هذا التقصير ناتج عن إخلال المقاول بدفتر التحملات، وتقصيره في إنجاز المشروع كما يجب، أم أن مسؤولي المكتب الوطني أسقطوا هذه النقطة المهمة والمصيرية لاستمرار الآبار على قيد الحياة من دفتر التحملات؟
من يدير المحطة المائية للمكتب الوطني للماء الصالح للشرب بالمنطقة؟
في إطار المناولة فوت المكتب الوطني تدبير شأن المحطة لإحدى المقاولات التي تشغل حاليا ثلاثة عمال ينحدرون من دواوير المنطقة، وظيفتهم الأساسية حراسة المحطة التي لا تتوفر على تقني متخصص لتتبع وتيرة الإنتاج، والقيام بالإحصائيات الأسبوعية والشهرية والسنوية للوقوف عن كثب على كل المعطيات، واتخاذ التدابير الاستباقية في حالة ما إذا لاح في الأفق مشكل ما، وبهذا الصدد يمكن القول إن غياب المتابعة التقنية للمحطة هو الذي جعل المكتب الوطني في غفلة عن الاختلالات الحاصلة الآن على مستوى الإنتاج ، لم توقظه منها إلا صفعة الانقطاعات المتكررة للماء المدوية، ولعل المفارقة الكبيرة هنا أن الإدارة وضعت مخططا، وهي على شفى حفرة من أزمة خانقة، يقضي بتعميم الماء الصالح للشرب على ساكنة الإقليم بنسبة ستصل في حدود 2015 إلى 95بالمئة بدعم من البنك الدولي حسب ما جاء في كلمة مسؤول المكتب الإقليمي للمكتب في دورة المجلس الجهوي لجهة عبدة دكالة، دون أن تدري أنه لا السابق ولا اللاحق سيجد شيئا على الطاولة إن استمرت دار لقمان على حالها.
هل لما يسميه المكتب الوطني الضيعات العشوائية مسؤولية فيما يقع؟
في اجتماع تشاوري ضم بعض مسؤولي المكتب الوطني للماء الصالح للشرب وأعضاء مكتب المجلس الحضري لمدينة اليوسفية يوم الثلاثاء 22/04/2014 حمل ممثلو المكتب الوطني مسؤولية أزمة الماء الحاصلة الآن إلى ما سموه الضيعات العشوائية التي اتهموا أصحابها بالاستغلال العشوائي للفرشة المائية، وحفر آبار بدون ترخيص، حسب ما ورد في تغطية موقع إلكتروني محلي للاجتماع، وإذا كان هذا القول صحيحا، فلن يكون هذا الاتهام إلا هروبا إلى الأمام، وتنصلا من المسؤولية بإلقاء تبعات ما حصل على الحائط القصير، مع التنويه إلى أن سلطات جماعة الخوالقة القروية أصدرت في وقت سابق قرارا بوجوب أخذ ترخيص قبل مباشرة حفر أي بئر، وهو ما استجاب له السكان قبل أن يصدر قرار آخر على مستوى أعلى بمنع صغار الفلاحين من حفر الآبار بالمنطقة مطلقا حتى إشعار آخر.والسؤال الذي يطرح نفسه هنا بشدة هو لماذا لم تتوقف هذه الآبار وآبار أخرى يشتغل بعضها أربعا وعشرين ساعة متصلة دون أن تنضب مياهه؟، ولماذا يتوقف الأمر على آبار المكتب الوطني كما هو الشأن بالنسبة للبئر المسمى f1)) المتواجد قرب السوق الأسبوعي لجماعة الخوالقة الذي نضب ماؤه وتم إغلاقه؟، لماذا تشتغل آبار أخرى بشكل عاد، خصوصا آبار ضيعة المقاول الإيطالي الذي استعار منه المكتب الوطني بئرين لتعزيز محطته المائية، أحدهما لا يبعد عن البئر المغلق (f1) إلا بحوالي مئة متر؟
خلاصة تركيبية
في ظل وضعية هذه سماتها يتوجب على المكتب الوطني التخلي عن أسلوب الارتجالية، وصيانة المحطة المائية وتحديثها، والتركيز على الجودة بموازاة التخطيط في زيادة عدد المستفيدين، وإنجاز بحوث ودراسات علمية تضمن لساكنة الإقليم استمرار الاستفادة من الماء الصالح للشرب، ووضع مخطط لإيجاد بدائل في أفق الثلاثين سنة القادمة لبحيرة الخوالقة الباطنية، حتى لا يستيقظ السكان يوما على إيقاع أزمة نقص مياه خانقة.
حسن لقيبي
البحيرة الغربية
لقد قمت السنة الماضية في إطار نيل شهادة الإجازة بإنجاز بحث حول الفرشة بعنوان أثر الإستغلال الفلاحي على الفرشة الباطنية البحيرة الغربية. خلصث في نهايته إلى أن الفرشة يتراجع منسوب مياهها بنسبة 4000000 م مكعب سنويا علما أن وثيرة تجددها هي 33000000م مكعب وإحتياطاتها تصل إلى 56000000م مكعب,دلك راجع إلى تجاوزات كبرى من قبل ضيعات المجال الملكي و أوناكري طالياني و كذا من قبل الفلاحين الصغار الذين يزرعون نباتات لاتتماش مع مناخ المنطقة وتستهلك كميات كيرة من الماء.ويعد المجال الفلاحي الاكثر إستهلاك لمياه الفرشة ب 28000000 م مكعب. خلاصة الموضوع الفرشة فعلا في تراجع وسيظهر ذلك جليا في 10 سنوات القادمة إن لم تتدخل الدولة بحكامة مائية محلية تروم تحقيق التوزن ما بين الحد ن تراجع الفرشة دون إضرار بفلاحي المنطقة .
نورالدين الطويليع
تصويب خطإ مطبعي
ورد ت عبارة 30 مترا كحاجز من الحصى بين الجدار الترابي والأنبوب الحديدي، في حين أن المقصود هو 30 سنتيمترا، فمعذرة لقراء موقع أخبارنا الكرام.