عن انتحار "بنت الكاريان" نحدثكم

عن انتحار "بنت الكاريان" نحدثكم

أخبارنا المغربية

 

أخبارنا المغربية : احمد اضصالح

  "مريم"، تلميذة عمرها خمس عشرة سنة، تقطن في "الكيتون" حسب أبيها، و"الكاريان" حسب زملائها في المدرسة الذين لم يرحموا ضعفها. لتفقدها البشرية في صورة قاتمة على شكل انتحار مريع في الآونة الأخيرة.

  كانت البنت –حسب أمها المكلومة- تستنكر بشكل دائم ولادتها ما دام "الكاريان" لها بالمرصاد. لكن الأم لم تنتبه جيدا إلى كون الآهات والصرخات مع مرور الوقت قد أبادت مكامن الثقة بالنفس وجعلت الانهزامية حاضرة في مواجهة مجتمع لا يرحم، لتنتهي فصول المسلسل بشكل درامي فظيع، وضع البطل في آخره حدا لحياته، بعد أن كتب حروفا ألهمته إياه ظروف اللحظة العصيبة، دون أن ننسى أن جل الإبداعات تنطق بالدم ولغة الانتقام وتبوح بمشاعر الحقد اتجاه مجتمع أفقدها كل شيء.

   قصة لو عايشها الأديب المصري "طه حسين" لأدرجها دون أدنى تردد في بداية مؤلفه: (المعذبون في الأرض)، مفتتحا إياها بالكلمات التالية: "إلى الذين يحرقهم الشوق إلى العدل، وإلى الذين يؤرقهم الخوف من العدل، إلى أولئك وهؤلاء جميعا أسوق هذا الحديث".

   وبغض النظر عما ينصرف إليه مدربو التنمية البشرية القائلين بوجوب الاستفادة من المعاناة لتصير نبراسا في دجى الحياة، ف"مريم" لم تستطع ذلك ولم تطق مواجهة مجتمع سلبها ونعتها بأقدح النعوت واحتقر إنسانيتها، ثم ذرف بعد ذلك دموع التماسيح على موتها.

   كثيرة هي الحالات إلى جانب مريم في مغربنا، بعضها يذاع في وسائل الإعلام عقب الانتحار،  أو الموت البطيء في السجون ومستشفيات المجانين أو في مقابر بشرية يطلق عليها البعض منازل يحشر فيها الناس كما يحشر السردين في العلب. فيما تصنف الغالبية العظمى ضمن المنسيين الذين لا نكاد نسمع لهم ركزا.

   ولما يظهر للعيان حادث ما على شكل انتحار أو جريمة قتل أو اعتراض سبيل أو ترويع محدود يهرول الكل نحو القبض على المزيد من الضحايا لقبر الحالة إلى الأبد على أن ذلك هو الحل الذي لا محيد عنه، ومع مرور الزمن تطفو الأحداث من جديد وتبرز العيوب لنتعامل بذات الطريقة المستهلكة.

  مشاكلنا إذن لها جذور وإذا لم نقم باجتثاثها لا يمكن القضاء على الفروع والأغصان. 

   فنحن اليوم نعيش عهد الرأسمالية المتوحشة التي أضحى الكل فيها يعيش أوهاما اقتصادية وجشعا حادا افقداه حس الإنسانية وجعلاه يتخبط خبط عشواء ويحكم على الناس بقدر ما يملكون من مال، معلنا إياها صراحة: "نفسي.. نفسي..".

  ولهذا، فقصة هذه الفتاة المسكينة يجب أن تحلل بعمق، ونأخذها مأخذ الجد كنموذج نقف له ساعة فكر ونظر في مدارسنا مفتتح كل سنة دراسية حتى لا تتكرر علينا المآسي، في عز الرفاه الاقتصادي العالمي ونحن في القرن الواحد والعشرين.

 

 


عدد التعليقات (4 تعليق)

1

مهما كانت الظروف

ضعف الشخصية وعدم الرضى بالوضع المعيش والتركيبة الآدمية للفتاة من اسباب انتحارها. فلو كان الفقر سبب الانتحار لوجدت فقط التماسيح والعفاريت هم من يتنطح في البلد .

2014/05/19 - 03:38
2

samir

manque des moyens pour assumer le quotidien fait partie nos angoise et des soucis permanent que menace notre existance et notre valeurs culturels  

2014/05/19 - 05:04
3

أبو الأشبال

تخربيق.

أنا أستاذ بالثانوي، ودرست طيلة 11 سنة عددا كبيرا من تلاميذ الحي الصفيحي كريان سنطرال بالحي المحمدي بالدار البيضاء، ولم يسبق لي أن عايشت حالة كهذه. بل العكس، هذه الفئة من التلاميذ تجد في ظروفها الاجتماعية القاسية حافزا للاجتهاد في الدراسة لتغيير أوضاعهم مستقبلا. زوجتي عاشت عمرها كله (25 سنة) بالكاريان، وصارت أستاذة للغة العربية ولله الحمد. سوء التربية والبعد عن الله تعالى هما سبب تلك المأساة، وإلا لانتحر ربع المغاربة لأنهم ما يزالون يسكنون أكواخا وبيوتا من القصدير.

2014/05/19 - 06:49
4

BIDAOUI

أبو الأشبال

كيف لأستاذ"" قاري و فاهم" يربي أجيال أن يلقب مأساة هاته الفتاة المسكينة بالتخربيق...أستغرب كيف إختزل كل هاته المعاناة التي كابدتها المرحومة في كلمة" تخربيق" ...هل يا ترى يريدنا أستاذنا أن نسكن في بيوت من قصدير حتى يرتاح؟؟؟ما ذنب المسكينة إن وجدت نفسها تعيش في بيت أشبه بعش العنكبوت ... ماذنبها إن ذهبت للمدرسة فوجدت زملائها يعيرونها بفقرها و بكوخها ..المشكلة يا أستاذ تبتدئ من المجتمع للمسؤولين للأب الذي أنجب و كون أسرة دون التوفر أهم شيء ألا و هي السكن ..

2014/05/19 - 10:18
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات