«لانافيط».. معاناة صامتة لنساء ورجال التعليم في العالم القروي

«لانافيط».. معاناة صامتة لنساء ورجال التعليم في العالم القروي

 

أخبارنا المغربية - متابعة


من المشاكل التي تقُضّ مضجع رجال ونساء التعليم عبر ربوع المملكة مشكل التنقل اليومي للآلاف من الأساتذة والأستاذات ممن وجدوا أنفسهم مُجبَرين على ركوب مخاطر «لانافيط» في ظروف تختلف باختلاف المناطق وظروف الوصول إلى المؤسسات التعليمية.


يكون اختيار الأساتذة والأستاذات للتنقل اليومي بين مقرات سكناهم وأماكن اشتغالهم، التي تبعد، في الغالب، بمسافات تتراوح بين 20 و120 كيلومترا، يضطر العديد منهم إلى طيها ذهابا وإيابا لأداء مهمة التدريس، في الغالب، اختيارا مفروضا وإجباريا لأسباب متعددة، وعلى رأسها انعدام الظروف الملائمة لاستقرارهم واستقرار أبنائهم في مناطق تعيينهم وانعدام أبسط ظروف العيش التي بإمكانها ضمان الحد المتوسط للاستقرار إلى جانب المؤسسات التعليمية المترامية في العالم القروي والتجمعات السكنية الصغيرة.


لكن ما لا يعرفه العديد من المسؤولين عن قطاع التعليم، أو يتجاهلونه، هو أن «لانافيط» تخفي وراءها جبلا من المشاكل النفسية والصحية والاجتماعية، إضافة إلى العديد من المخاطر التي يعيشها أبناء «مهنة الطباشير» بشكل يومي ومتكرر أحيانا.


وتبدأ معاناة «لانافيط» قبل انطلاق الموسم الدراسي بأيام، حيث يعمد الأساتذة والأستاذات إلى التنسيق القبْليّ من أجل التكتل في إطار مجموعات لضبط استعمالات الزمن، كي تتوافق مع استعمالات الزمن الخاصة بالأساتذة أو الأستاذات الذين يمتلكون سيارات خاصة.. بغية تشكيل فريق يتكون، في الغالب، من ثلاثة إلى خمسة أشخاص يلتزمون بقضاء السنة الدراسية على طريقة «لانافيط» من المدينة إلى المناطق القروية، النائية في غالب الأحيان، وهي عملية تضامنية يُقْدم عليها رجال ونساء التعليم، «يساهمون» من خلالها ماديا مع صاحب السيارة ل«مساعدته» على تكاليف البنزين أو واجبات الطريق السيار.. وهي عملية لا تخلو كذلك من مشاكل، إذ غالبا ما تقع خلافات حول التوقيت واستعمالات الزمن، يضطر معها المفتشون إلى التدخل لحسمها، لكن هذه المرحلة تبدو «عادية» بالمقارنة مع المشاكل اليومية التي تبدأ مع انطلاق أول يوم في «لانافيط»، إذ يدخل الأساتذة والأستاذات في دوامة المخاطر اليومية للطريق، لاسيما في بعض الطرقات المعروفة بالاكتظاظ والمسجلة ك«نقط سوداء».

وقد سُجِّلت المئات من الحوادث التي ذهب ضحيتَها رجال ونساء التعليم بين قتلى وجرحى ومعطوبين أثناء تنقلهم لأداء واجبهم المهني. ولعل مصرع أستاذ وزوجته (الأستاذة) أثناء حادثة سير كانت إحدى طرق إقليم الجديدة مسرحا لها ومصرع الأستاذ الشاب «ع. ب.» وإصابة زملائه بكسور في حادثة أخرى في إحدى الطرق الثانوية المعزولة في نفس الإقليم نموذجان فقط للعديد من حوادث السير التي يذهب ضحيتَها نساء ورجال التعليم كل سنة.. والأكيد أن رجال ونساء التعليم يستحضرون المئات من مثل هذه الحوادث التي تُخلّف، كل سنة، ضحايا ومعطوبين من مستعملي الطريق للوصول إلى مقرات عملهم. كما تُخلّف مثل هذه الحوادث أثرا كبيرا في نفوس راكبي سفينة «لانافيط» لفترة طويلة، مما يجعل هاجس الخوف من مخاطر الطرقات حاضرا لديهم بقوة وبشكل يومي. كما يعيش نساء ورجال التعليم، يوميا، مشاكل الأعطاب التي تطال سياراتهم في مختلف طرقات المملكة، والتي من المؤكد أنها تؤثر على السير العادي للدراسة، حيث تضطر المجموعة المتنقلة إلى التأخر أو التغيُّب قسرا عن العمل في حال عدم توفر وسيلة أخرى لإتمام الباقين رحلتَهم إلى مؤسساتهم.


وتجد فئة أخرى من نساء ورجال التعليم من الذين لا تتيسّر لهم ظروف التنقل في إطار مجموعات منظمة أنفسَهم وجها لوجه مع المشاكل اليومية لوسائل النقل، من حافلات وسيارات أجرة كبيرة و«خْطّافة» في كثير من الحالات، إذ يصبح مشكل التنقل اليومي بالنسبة إليهم بمثابة الكابوس اليومي الذي لا ينتهي إلا بانتهاء السنة الدراسية.. وتضطر ظروف الاشتغال عددا هائلا من رجال ونساء التعليم إلى التنقل أكثر من مرة في اليوم وركوب أكثر من وسيلة لبلوغ مقرات عملهم، وهي الوسائل التي تختلف باختلاف البنيات التحتية للمناطق التي يعملون فيها. وقد ذكر رجال ونساء التعليم، لاسيما العاملون منهم في سلك الابتدائي، أن منهم من يركبون دراجات هوائية أو نارية أو عربات مجرورة أو يمْشُون على أقدامهم لإكمال الرحلة إلى القسم، وهي الرحلة التي تكون، في الغالب، عبر طرقات غير معبَّدة أو عبارة عن مسالك وعرة. وهي رحلة أكد لنا مجموعة من الأساتذة الذين استقينا آراءهم حول الظاهرة أنها تكون، في الغالب، أكثرَ خطورة من مشاكل الطرقات الرئيسية، إذ يتعرض عدد من نساء ورجال التعليم خلال هذه الرحلات، سنويا، لاعتداأت أو لهجوم بعض الكلاب الضالة أو بعض المنحرفين أو المختلين عقليا.


يُعَدّ مشكل التنقل اليومي الاضطراري للآلاف من رجال ونساء التعليم من المشاكل التي يعانون منها في صمت، كما يعتبره العديد منهم أحدَ المؤثرات السلبية على نفسية هيأة أسرة التعليم، التي لها انعكاس غير مباشر على مستوى أدائهم رسالتهم النبيلة. ولن تحل التعويضات التي ينتظر العاملون في العالم القروي الإفراج عنها ءعلى علتهاء مشاكل هذه الفئة بشكل نهائي، بل بات على المسؤولين عن قطاع التعليم في الحكومة المقبلة إيجاد حلول معقولة من شأنها أن تضْمَن لهذه الفئة كرامتها وتوفّر لها ظروفا ملائمة للاشتغال، كالتفكير في إنشاء شراكات مع شركات نقل خاصة في مستوى جيّد لتنظيم رحلات يومية بين أهمّ النقط الرئيسية التي تربط المدن بالمراكز القروية، على الأقل، وضمان تنظيم رحلات بإمكانها أن تُخفّف من معاناة رجال ونساء التعليم ولو بشكل جزئي، وكذا إعادة النظر في المعايير التي تشيَّد وفقها السكنيات الوظيفية، التي لا تغري، في الغالب، نساء ورجال التعليم للاستقرار فيها، لعدم صلاحيتها لأنْ تكون سكنا لائقا برجل التعليم.. ويعيب رجال ونساء التعليم على المؤسسات الاجتماعية التابعة لها عدم تقديم خدمات من هذا القبيل، لتحسيسها بأنها تحظى، بالفعل، بالعناية اللازمة بدل الاقتصار على المعاملات البنكية والمخيمات «الترقيعية» التي يلجأ إليها رجال ونساء التعليم مضطَرّين، في أغلب الأحيان.

هيبريس


عدد التعليقات (22 تعليق)

1

واحد من اولا بدر

نحن اساتذة م م معروف الرصافي جماعة ونانة اقليم وزان نعاني من لا نافيط يوميا بسبب سوء ورداءة الطريق التي تجمع بين المؤسسة واقرب فيلاج عين دريج ودائما كنا ننادي لاصلاحها لما تخلفه من تاخير على التلاميذ وهذا ما يسبب بالفعل الهدر المدرسي وشخصيا عانيت من هذه الطريق حين فقدت زوجتي الجنين الاول في بطنها في الشهر الثامن بسبب الالتواءات الطرقية والحفر ولازلنا نعاني خصوصا وهي اي زوجتي حامل للمرة الثانية وندعو الله ان تمر الامور على ما يرام والدعوة لله الي كان السبب

2011/12/14 - 11:16
2

حاقد

حمد الله انك تابع لوزارة الطباشير و في القرى النائية عايشين بالبيض و ماطيشة يعني bm ولا اضن ان هناك م م لا توفر السكن لموضفي الطبشورة اسف هدا ما علمني اسلافك في مهنة المخاطر  (الطباشير )مواطن مغربي

2011/12/14 - 12:08
3

أستاذ

أتحداك أخي ان كنت تريد مني أسماء العديد من المجموعات المدرسية التي لا تتوفر على سكن ساوافيك بها و على سبيل المثال مركزية م/م ويوان نيابة خنيفرة أستاذة تعيش في القسم لعدم توفر السكن

2011/12/14 - 01:33
4

أرسطو

هانتوما عاوتاني غادي تفيقولينا مالين طباشير خليو ولادنا يقراو قبل مايبداو إضراب بلا مجبدو علينا النحل بصحتكم الخدمة ديالكوم هي أحسن خدمة في العالم هير بقاو علي خاطركم

2011/12/14 - 01:42
5

samira

mchi ala7emir achemane khadema kadiro 3atiweha lane3ase fa leakesame

2011/12/14 - 02:10
6

kamal

مول التعليق2 ما معلم ما حتى لعبة غير كايخربق هاها

2011/12/14 - 02:21
7

استادة التعليم الابتدائي

ان معاناة المعلم او المعلمة من لانافيط لا يحس بها الا الدي جربها .فلاالخ الدي قال بانه لايشتكي منها و انه يشتغل نصف العام و يرتاح النصف الاخر اظن انه لايتنقل مسافة طويلة تجعله يحس بمعاناتنااو انه يتغيب بكثرة (سليتي )

2011/12/14 - 02:23
8

استادة

ويل لانافيط ويلات خاصة للاستادة الام و الزوجة التي ملزمة بالخروج في السادسة صباحا للوصول للقسم في الثامنة و العمل مع اولاد الشعب وتصل بيتها في الثالثة بعد الزوال اما العمل في الفترة المسائية فيتطلب الخروج من العاشرة صباحا حتى السابعة مساءا. فما هو المعمول ايها المتهكم على نساء و رجال التعليم الدين يفنون زهرة شبابهم بين الحافلات و الطاكسيات و الخطافة .ارجو ان تتحسن اوضاعنا المادية و المعنوية و لا نبقى مهزلة لمن هب و دب

2011/12/14 - 02:31
9

aslan

li bra la navvete yathamal nata2ij ana jarabt la navette w lkitha ma salakach krit dwira f blassa li khadam w hamdollillah rani martah natmanaw assatida ykono f mosstawa li bra la navette ytahamal nata2ij dialha w li bra yasstakar fin khadam hada hia lhala tabi3ia

2011/12/14 - 03:50
10

LHOUU

TA3LI9K KAY3BR 3LA LMOSTAWA DYALK.ODALIL 3LA ANAK OMYA OMADZTICH LMDRASA WLA IMKN KNTI KASOLA OCHB3TI 3SSA FL9ISM.HTA TK I MRBYA 3AD TB9AY TKTBI.AMA LMO3LIMIN BZAF 3LIK

2011/12/14 - 04:21
11

كريم يوسف

التعليق 2 : أعمل نصف العام \' وأرتاح في النصف الاخر وهل هناك مهنة أحسن من هذه المهنة؟ لا أعتقد أن هناك أستاذ أو معلم يؤدي مهنته على أتم وجه يصدر منه هذا الكلام. فهذه عباره يقولها دائما من ليس إبن الميدان أو أحد المتقاعسين عن العمل . التعليق 3 : أضحكتني أخي هناك المئات من المدارس في البوادي ليس فيهم إقامه مماعرفت وما خفي أعظم،وحتى إن وجد فأغلبه تكون فيه غرفه واحده يعني إما الذكور أو الإناث. والمسؤلين لم يولوا لنظام التعليم بأكمله أهمية فهو في تراجع مستمر وتريد أن يهتموا بلاناڤيط ؟؟؟؟ ! ! ! ! ! خلاصة القول ماتايحس بالمزود غير لمضروب بيه .

2011/12/14 - 04:23
12

أستاذ في منطقة نائية

أخي والله أضحكتني في منتصف الليل وسأنام باسما من تعليقك شكرا لك ولا تخف هناك أمل ألا تكون هناك اضرابات هذه السنة بسبب من وعي رجال التعليم من التغيرات التي يجتازها المغرب،، وأتمنى لاطفالك التوفيق الدراسي ،،

2011/12/14 - 05:47
13

maghribiya

3indama takono mo3anatoka 7a9i9ya, flada3iya lita3li9, kolo wa7idin fina yatamana an tkona omoroho moyassara, flada3ya li naft somom, ntmana mina allahi an yofarija hama kola makrob.

2011/12/14 - 06:03
14

المعلم الفاضل

نسيتم اخوتي أن 99 بالمئة من المعلمين يشربون حبوب الحمق و الأعصاب أمثال الvalium و fluectine جراء هذه المعاناة اليومية وعدد منهم انتحر.

2011/12/14 - 06:20
15

MO3ALIM M3ADB

LHADAK MOL 6900 DHR HOWA O MARTO SIR TKMCH O K  T7CHM LAY3TIK L3Z AMA DL RAK FIH TFO 3LA BACHAR LKHOUT LAY3FO 3LINA O LI MJARB LA NAVETTE HOWA LI GHADI Y7S BINA O LI MAMJARBCH MAY7KMCH 9BL MAYJARB O LGLSSA F DWAR RA TAYBATNA AMA CHK  KRAH YSK  7DA KHDMTO LAYJ3LHA MAGHFIRA L D OUB BN NUIT LKHOUT ILA LJIHAD GHDA F SBA7

2011/12/14 - 06:23
16

بدوي

السلام عليكم 1 انا ابن البادية واعلم جيدا الراحة والاستقرار الدي ينعم به رجال ونساء التعليم بالعالم القروي مثلا وجبة الغداء تكون مسؤولية التلاميد بالتناوب اما لانافيط فهي لمن احب ولم يستطع الصبر اما المتزوجين فلمادا لا يساهمون في اقتصاد القرى التي يعملون بها مثلا اكتراء دار بها ولا تقولوا انها غير متاحةهناك

2011/12/15 - 03:46
17

عبد الكريم

الشكوى لغير الله مذلة. كل المسؤولين في هذه البلاد السعيدة يعرفون الصغيرة و الكبيرة ولمن تحكي زبورك ياداود؟لا حياة لمن تنادي.

2011/12/15 - 04:24
18

الإشهار

مول التعليق18 عندو دار وبغا يردها اوبيرج وكايدير الإشهار،لعنة رجال التعليم عليك

2011/12/15 - 06:33
19

fatimzhra

اتفق العرب على الا يتفقوا شي يشرق او شي يغرب اش هاد الالفاظ النابية لكتهدرو بيها \"الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم \"

2011/12/15 - 01:34
20

متعاطف مع الاساتدة دائما

على ما يبدو أن المغاربة ما بقاو حاضيين غير الحقد والكره مع بعضهم البعض..الله ينظف القلوب الحاقدة والسلام..الاستاد فهاد البلاد وخصوصا العاملين في الباديةالله يكون في عونهم. رانا كنشوف المعاناة ديالهم كل يوم في الطرقات

2011/12/15 - 02:08
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات
المقالات الأكثر مشاهدة