الرشوة في المستشفيات تبدأ من 20 درهما وتصل إلى 5000 درهم
كشفت نتائج دراسة، قدمتها الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة حول ظاهرة الرشوة في القطاع الصحي، أمس الثلاثاء بالرباط، أن هذه الآفة تتمركز، على الخصوص، في المدن الكبرى.
بما في ذلك الرباط والدارالبيضاء، التي يصل فيها معدل الرشوة إلى 65 في المائة.
وسجلت الدراسة، التي أنجزها مكتب الدراسات "مازار"، وشملت خمس مدن، مع الأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات الإقليمية، أن المستشفيات هي الأكثر تعرضا لهذه الآفة، لا سيما من حيث القبول (57 في المائة)، وأن الرشوة النقدية هي الأكثر شيوعا في القطاع، وتتراوح قيمتها بين 20 درهما و200 درهم، ويمكن أن تصل حتى 5000 درهم في حالة وجود حالة صحية خطيرة، أو في الحالات التي تتطلب تدخلا عاجلا.
ولاحظت الدراسة، التي قدمت بمناسبة التوقيع على اتفاقية تعاون وشراكة بين الهيئة المركزية ووزارة الصحة في مجال محاربة الرشوة والوقاية منها في قطاع الصحة، أن المواطنين يُعتبرون ضحايا لهذه الظاهرة، وفي الوقت ذاته، متواطئين فيها، إذ أن 23 في المائة من المستجوبين اعترفوا بأنهم كانوا مصدرا للرشوة، بل إن منهم من كانوا من المبادرين لتقديمها. وهذا يوضح، حسب الدراسة، جهل المواطنين بالتدابير، التي تنفذها الوزارة لمكافحة هذه الآفة.
وتسجل الدراسة أن معدل إدانة الظاهرة لا يتعدى 1 في المائة، وأن 93 في المائة يفضلون إغلاق أعينهم والسماح بتداولها. وأرجعت الدراسة هذه السلبية في إدانة الظاهرة إلى أن المستجوبين يرون أنه لا جدوى من الإدانة، إذا كان المسؤولون لا يعاقبون عليها، كما أنهم لا يريدون الوقوع في المشاكل.
وحددت نتائج الدراسة 87 صنفا من المخاطر والبؤر، من شأنها أن تؤدي إلى تفشي الرشوة داخل قطاع الصحة، منها 40 من المخاطر المحدقة، تسترعي اهتمام المسؤولين وجميع المتدخلين في هذا القطاع.
وتهدف الاتفاقية المذكورة إلى تعزيز التعاون بين المؤسستين، من خلال وضع خبرة الهيئة رهن إشارة الوزارة، وعزم الوزارة على توفير الشروط الضرورية لإنجاح استراتيجية الوقاية من الظاهرة، وبلوغ أهدافها.
وتشمل مجالات التعاون بين الطرفين محاور عدة، منها تعميق المعرفة الموضوعية بمظاهر الرشوة في قطاع الصحة، وتبادل المعلومات المرتبطة بها، وتنظيم حملات للتحسيس والتوعية، كما يهم التعاون تفعيل توصيات الهيئة المركزية.
وقالت ياسمينة بادو، وزيرة الصحة، في كلمة بالمناسبة، إن الوزارة جعلت محاربة الرشوة ونشر ثقافة النزاهة وتخليق القطاع، من بين أولوياتها. وذكرت بالاستراتيجية الوطنية لتخليق قطاع الصحة 2008-2012، والقضاء على الرشوة داخل المؤسسات الصحية، مشيرة إلى أن هذه الاستراتيجية تضمنت مجموعة من الإجراءات، تمحورت حول خمسة أبعاد، تهم تطوير الحكامة، وتنمية الشفافية، وتحسين تدبير الموارد البشرية، وتحسين استقبال المرتفقين في المرافق الصحية، وتيسير الولوج إلى المعلومات، وتحسين الأداء وجودة الخدمات.
وأضافت الوزيرة أن مخطط العمل 2008-2012 رسم أهداف استراتيجية مرقمة لتطوير النظام الصحي، يتوخى تحقيقها عبر آليات جرت برمجة تنفيذها، وتحديد المتدخلين المنوطة بهم، مشيرة إلى أن المخطط تضمن إجراءات لتخليق القطاع وتنمية الشفافية.
ولتتبع تنفيذ هذا المخطط، حسب الوزيرة، عينت لجان متعددة الاختصاصات من أطر الوزارة، من خلال زيارات ميدانية لتتبع تنفيذ المخطط، ورصد إصلاح الاختلالات والعوائق.
من جهته، قال عبد السلام أبودرار، رئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، إن تنفيذ خطة العمل المقترحة على أرض الواقع رهين بتضافر الجهود، والأخذ بعين الاعتبار لمجموعة من المستلزمات، أهمها اعتماد وزارة الصحة على التوصيات والمقترحات التي جاءت بها الدراسة في برمجة خطة عملها المقبلة، والتنسيق بين مختلف الجهات الفاعلة (وزارة الصحة، والرابطة الوطنية للأطباء، ووزارة الداخلية، والهيئة المركزية...) في إطار لجن عمل لتنفيذ المشاريع المبرمجة، وإشراك ممثلي المجتمع المدني، من نقابات، وجمعيات، في الإجراءات المتعلقة بالاتصال والتوعية، ووضع آليات للرصد والتقييم.
عزيزة الغرفاوي | المغربية