المغرب تنجب "عميد هدافي كأس العالم"

المغرب تنجب "عميد هدافي كأس العالم"
المغرب تنجب "عميد هدافي كأس العالم"

أخبارنا المغربية

على رغم مشواره القصير الذي لم يتجاوز الأعوام السبعة، إلا أنه ترك توقيعه بأحرف بارزة على تاريخ كرة القدم، وأصبح اسمه مقترناً بالأهداف الـ13 التي سجلها في مونديال 1958 في السويد، التي جعلته أفضل هداف في تاريخ كؤوس العالم حتى الآن، وذلك على رغم التطور الرهيب الذي عرفته اللعبة، إنه الفرنسي غوست فونتين.

فونتين أبصر النور في بلد عربي، وهو المغرب في 18 آب (أغسطس) 1933 في مدينة مراكش، إذ عين والده الذي أتى من مدينة تولوز الفرنسية مفتشاً في إحدى شركات التبغ، وميول الشاب فونتين إلى التهديف بدأت تظهر منذ أن بدأ مداعبة كرة القدم، وزادت صقلاً في فريق الاتحاد الرياضي المغربي، إذ أظهر مهارات عالية، واستعداداً فنياً وبدنياً جيداً، بانطلاقاته المركزة في المحور التي كانت تزرع الخوف والإرباك وسط المدافعين.

في عام 1953 شوهد من طرف مسؤولي نادي نيس، الذين قرروا ضمه إلى الفريق، فسافر فونتين إلى سواحل الجنوب الفرنسي، وانضم إلى الفريق الأول مدة ثلاثة مواسم، قبل أن يقرر الانضمام إلى فريق ريمس في صيف عام 1956، خلفاً للهداف المعروف ريمون كوبا الذي انتقل إلى ريال مدريد الإسباني، وفي هذا النادي انفجرت مواهب الهداف القادم إلى الأضواء العالمية، إذ تمكن من تسجيل 116 هدفاً في الدوري الفرنسي بين 1956 و1960، ونال لقب هداف الدوري مرتين عام 1958 بتسجيله 34 هدفاً، وعام 1960 بتسجيله 28 هدفاً، واحتل في المرتين الأخريين المركز الثاني في لائحة ترتيب الهدافين.

انضم غوست فونتين إلى المنتخب الفرنسي في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) 1956، ولعب أول مباراة له مع «الديوك» ضد منتخب هنغاريا في كولومب، إلا أنه غاب عاماً كاملاً عن التشكيلة، قبل أن يعود إليها كلاعب احتياط، وفي نهائيات كأس العالم 1958 التي أقيمت في السويد، سافر فونتين مع منتخب بلاده كلاعب احتياط، إلا أن إصابة هداف الفريق الأساسي رينيه بليار أتاحت له الفرصة ليكون ضمن التشكيلة الأساسية، وعندها بدأت قصة هداف من طراز نادر سيظل اسمه خالداً لعشرات الأعوام بفضل أهدافه الـ13 التي عجز كل هدافو العالم عن تسجيلها أو تخطيها في النهائيات إلى اليوم.

وفي أول مباراة لفرنسا في مونديال 1956 أمام الباراغواي في 6 حزيران (يونيو) في مدينة نوركوبينغ الصغيرة، حقق فونتين ورفاقه نتيجة باهرة عندما سحقوا خصومهم بسبعة أهداف في مقابل ثلاثة، وكان لفونتين حصة الأسد بتسجيله ثلاثة أهداف جعلت بدايته صاروخية في النهائيات، على رغم مشاركته الخامسة فقط في صفوف منتخب بلاده، وبعد ذلك بخمسة أيام ألتقت فرنسا منتخب يوغوسلافيا القوي، وعلى رغم توفق فونتين في تسجيل هدفين إلا أن ذلك لم يمنع اليوغوسلاف من تحقيق الفوز بثلاثة أهداف في مقابل هدفين، غير أن هذه الهزيمة لم تؤثر في مستقبل المنتخب الفرنسي في المنافسة، إذ تأهل إلى الدور ربع النهائي.

وفي 15 (يونيو) من العام ذاته، استرجع الفرنسيون إمكاناتهم، وتمكنوا من تجاوز الهزيمة أمام يوغوسلافيا، وسحقوا أرلندا الشمالية في الدور ربع النهائي برباعية نظيفة، سجل منها فونتين هدفين، ليتأهلوا بذلك إلى الدور نصف النهائي، وفي هذا الدور كان لزاماً على زملاء فونتين تجاوز المنتخب البرازيلي «الأسطورة»، فالرهان كان صعباً غير أنه لم يكن مستحيلاً، فمنتخب «السامبا» تقدم بهدف مباشرة في بداية المباراة، غير أن فونتين تمكن من التعديل، مسجلاً بذلك أول هدف في مرمى الحارس البرازيلي، ثم أضاف بيانتوني هدفاً ثانياً في نهاية المباراة، غير أن إكمال المنتخب الفرنسي المباراة بـ10 لاعبين بعد خروج اللاعب جونكي بداعي الإصابة (في هذه الفترة لم يكن مسموحاً بتبديل اللاعبين) مكّن المنتخب الذهبي من تدارك الفارق وحسم نتيجة المباراة لمصلحته بنتيجة (5-2)، وتأهل إلى المباراة النهائية التي فاز فيها على منتخب البلد المنظم بخمسة أهداف في مقابل هدفين، وتوج بـ«التاج العالمي» للمرة الثانية في تاريخه.

أما المنتخب الفرنسي، فبعد أداء مشرف ختم المنافسة في المركز الثالث بعد تغلبه في مباراة المركز الثالث على ألمانيا بـ(6-2)، منها رباعية لفونتين الذي توج حينها بلقب هداف المونديال بـ13 هدفاً، وهو الرقم الذي ما زال صامداً إلى يومنا هذا.

بعد المونديال، أصبح فونتين نجم فرنسا، وأحد أبرز الهدافين في الدوري الفرنسي، غير أن الأقدار كانت تخبئ لهذا الهداف من الطراز النادر مفاجآت غير سارة، بدأت في 20 آذار (مارس) 1960، في مباراة ناديه ريمس أمام سوشو في الدوري، إذ تعرض إلى كسر مزدوج في الساق عندما أصطدم بالمدافع سيكو، وبإرادة فولاذية حاول فونتين العودة إلى الملاعب وتمكن من المشاركة في مباراة فرنسا أمام بلغاريا في 11 كانون الأول (ديسمبر) 1960، غير أن لعنة الإصابة بقيت تلاحقه، وتوقف عن اللعب في كانون الثاني (يناير) 1961.

وفي صيف العام ذاته، استسلم فونتين لقدره، وفضّل وضع حد لمشوار قصير، لكنه زاخر بالأهداف وأهمها 13 هدفاً جعلته يدخل التاريخ من بابه الواسع، وعلّق فونتين على اعتزاله قائلاً: «منذ أكثر من عام أعاني من الآلام، وصارعت كثيراً هذه الآلام، لكني فشلت في هذه المواجهة».


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات