"شات جي بي تي".. أوروبا وتحدي تنظيم أدوات الذكاء الاصطناعي!

"شات جي بي تي".. أوروبا وتحدي تنظيم أدوات الذكاء الاصطناعي!

دويتشه فيله

مؤخرا اتخذت الهيئة الوطنية الإيطالية لحماية البيانات الشخصية قرارا كان الأول من نوعه في دولة غربية تمثل في حظر روبوت المحادثة "شات جي بي تي" إذ عزت ذلك إلى عدم احترام البرنامج التشريعات المتعلقة بالبيانات الشخصية فضلا عن غياب وجود نظام للتحقق من عمر المستخدمين القصّر.

ويرى مراقبون أن السلطات الإيطالية كانت أقل اهتماما باستخدام  الذكاء الاصطناعي  عن اهتمامها بانتهاكات تشريعات حماية البيانات.

وبعد الحظر، قامت الهيئة الإيطالية بإبلاغ شركة "اوبن ايه آي" التي ابتكرت "شات جي بي تي" بأنه سيتعين عليها أن تكون أكثر شفافية مع مستخدميها حول كيفية معالجة بياناتهم فضلا عن ضرورة الحصول على إذن من المستخدمين في حالة ما رغبت الشركة في استخدام بياناتهم لتطوير التقنية فضلا عن ضرورة وجود قواعد للتحقق من عمر المستخدمين القصّر.

وشددت الهيئة على أنه في حالة استيفاء الشركة هذه الشروط بحلول الثلاثين من أبريل / نيسان الجاري، فإنه يمكن رفع الحظر عن "شات جي بي تي".

ونقلت وكالة رويترز عن الناطق باسم شركة "اوبن ايه آي" قوله إنه "سعيد" لأن الهيئة الوطنية الإيطالية لحماية البيانات الشخصية تدرس إعادة النظر في قرارها وأنها تتطلع إلى العمل مع الشركة لإتاحة التطبيق "لعملائنا في إيطاليا مرة أخرى قريبا".

ليس فقط مخاوف إيطالية

ولم تكن إيطاليا الدولة الوحيدة داخل الاتحاد الأوروبي  التي أعربت عن مخاوفها حيال "شات جي بي تي" إذ انضمت إليها إسبانيا وفرنسا.

يشار إلى أنه حتى الوقت الراهن، لا يوجد قانون على مستوى الاتحاد الأوروبي ينظم استخدام الذكاء الاصطناعي في منتجات مثل السيارات ذاتية القيادة أو التكنولوجيا الطبية أو أنظمة المراقبة إذ ما زال البرلمان الأوروبي يناقش تشريع اقترحته المفوضية الأوروبية قبل عامين.

وعندما تتم الموافقة على التشريع، ستكون الخطوة التالية موافقة أعضاء التكتل الأوروبي فيما يُرجح أن يكون ذلك مطلع عام 2025 لتمهيد الطريق أمام دخول التشريع حيز التنفيذ.

وفي أمر قد يمثل خيبة أمل للأصوات الداعية إلى تنظيم أدوات الذكاء الاصطناعي في الاتحاد الأوروبي، قال السياسي الألماني والنائب في البرلمان الأوروبي أكسل فوس الذي يعد أحد المشروعين الذين قاموا بصياغة التشريع، إنه طرأ الكثير من التقدم على الذكاء الاصطناعي خلال العامين الماضيين.

ومن المرجح أن تتطور تطبيقات الذكاء الاصطناعي "بسرعة كبيرة" خلال العامين المقبلين ما يعني أن بعض بنود التشريع لن تكون مناسبة عندما يدخل التشريع حيز التنفيذ.

بيد أنه من غير الواضح ما إذا كان "شات جي.بي.تي"  وغيره من تطبيقات روبوتات الدردشة سوف تكون ضمن لائحة الاتحاد الأوروبي التي ستصنف أدوات الذكاء الاصطناعي المختلفة وفقا لمستوى المخاطر بداية من عالية ومنخفضة المخاطر إلى غير المقبولة فيما سيكون على عاتق الحكومات والشركات التي تستخدم هذه الأدوات، التزامات مختلفة اعتمادا على مستوى المخاطر.

وبموجب التشريع، فإن البرامج التي سيتم تصنيفها "عالية المخاطر" أو "ذات مخاطر محدودة" سوف تخضع لقواعد خاصة فيما يتعلق بتوثيق الخوارزميات والشفافية والكشف عن استخدام البيانات. في المقابل سيتم حظر التطبيقات التي تسجل وتقيم السلوك الاجتماعي للأشخاص للتنبؤ بإجراءات معينة.

وفي سياق متصل، مازال النقاش مستمرا تحت قبة البرلمان الأوروبي حيال نطاق السماح بتطبيقات الذكاء الاصطناعي بتسجيل أو محاكاة المشاعر فضلا عن تحديد مستويات الخطر.

وفي تعليقه، قال فوس "نحتاج أن نكون أكثر تفاؤلا حيال التعامل مع الذكاء الاصطناعي بشكل أكبر نظرا لسببين الأول الحفاظ على التنافسية والثاني بسبب تأخرنا في هذا المجال، لكن ما يحدث في البرلمان الأوروبي هو أن معظم المشرعين يحاولون استبعاد كل شئ بسبب هاجس الخوف."

وأضاف أن مفوضي حماية البيانات في الاتحاد الأوروبي يريدون مراقبة الذكاء الاصطناعي من قبل هيئة مستقلة، لذا من المنطقي تعديل تشريعات حماية البيانات الحالية.

التوازن بين حماية البيانات والاعتبارات الاقتصادية

وفي ضوء ذلك، تحاول  المفوضية الأوروبية  وكذلك البرلمان الأوروبي تحقيق التوازن بين حماية المستهلك وفرض قواعد تنظيمية من جهة وتعزيز تطوير الاقتصاد الرقمي والأبحاث من جهة أخرى.

وفي هذا السياق، قال مفوض الاتحاد الأوروبي للسوق الداخلية تييري بريتون إن الذكاء الاصطناعي يوفر "إمكانات هائلة" لتعزيز الاقتصاد الرقمي والرقمنة.

وأضاف بريتون أنه قبل عامين عندما جرى طرح تشريع الذكاء الاصطناعي داخل الاتحاد الأوروبي، شدد مسؤولو التكتل على أن الاتحاد لا يرغب في عرقلة عمل مطوري الذكاء الاصطناعي بل يسعى إلى إقناعهم بالاستقرار في أوروبا.

وحذر من أنه لا ينبغي أن يعتمد الاتحاد الأوروبي على شركات أجنبية في هذا المجال إذ يتعين تخزين بيانات الذكاء الاصطناعي ومعالجتها في الاتحاد الأوروبي.

وفي مقابلة مع DW، قال مارك براكيل، الخبير في معهد Future of Life غير الربحي ومقره الولايات المتحدة، إنه يجب أن تخضع الشركات للمساءلة من قبل الهيئات المنظمة، مشددا على ضرورة عدم الاقتصار على تطبيق مستويات المخاطر على تطبيقات الذكاء الاصطناعي.

واقترح أن يقوم مطورو هذه البرامج بمراقبة مخاطر كل تطبيق على حدة، مؤكدا أنه في بعض الأحيان لا تستطيع الشركات التنبؤ اليوم بما يمكن أن تفعله تطبيقات الذكاء الاصطناعي غدا.

وحذر فوس من أنه حالة قيام الاتحاد الأوروبي بتعقيد عمل شركات الذكاء الاصطناعي بشكل كبير، فإن "هذه الشركات سوف تذهب إلى أماكن أخرى وتطور خوارزمياتها وأنظمتها هناك وبعد ذلك سوف تعود إلى أوروبا وسنكون دول مستهلكة".

ومن اللافت أن تطبيق "شات جي.بي.تي" الذي يعد  محل نقاش داخل أوروبا  وأثار ضجة داخل التكتل، جرى تطويره في الولايات المتحدة بهدف الاستخدام العالمي.

وقد تواجه شركة "اوبن ايه آي" منافسة شديدة من شركات أمريكية مثل غوغل وتويتر وأيضا شركات صينية خاصة بعد أن قامت شركة بايدو الصينية للتكنولوجيا بتطوير روبوت محادثة مدعوما بالذكاء الاصطناعي يحمل اسم " إرني بوت".

بيد أنه في المقابل، لم تقدم أي شركة أوروبية على تطوير أي روبوت محادثة تنافس به الشركات الأمريكية والصينية.

----

بيرند ريغيرت / م. ع


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات
المقالات الأكثر مشاهدة