معرض ميونيخ للسيارات- ساحة "حرب" ضروس بين ألمانيا والصين!

معرض ميونيخ للسيارات- ساحة "حرب" ضروس بين ألمانيا والصين!

دويتشه فيله


رغم كل شيء، فإن عدد المشاركين هذا العام أكبر مما كان عليه في النسخة الأولى لمعرض السيارات الدولي في ميونيخ التي أقيمت قبل عامين. وبفضل الطقس المثالي لأواخر الصيف في الأيام المقبلة، من المؤكد أن يأتي المزيد من الزوار، خاصة إلى وسط المدينة.

وقام المنظمون مرة أخرى بإقامة ما يسمى بـ"المساحات المفتوحة" هناك، لكي يجتمع الناس ويتجولوا في الساحات والشوارع المعروفة في العاصمة البافارية. ومن المتوقع أن يصل عدد الزوار إلى 700 ألف زائر.

تهيمن شركات صناعة السيارات الألمانية مثل فولكسفاغن وبي إم دبيلو ومرسيدس بنز على سوق السيارات، وقد أقامت هذه الشركات منصات كبيرة بين حديقة "هوفغارتن" وساحتي "مارينبلاتس" و"فيتلسباخربلاتس" تعرض عليها سياراتها أيضًا.

ولكن نظرًا لأن المعرض التجاري لم يعد يريد أن يكون للسيارات فحسب، فإن موردي الطاقة وشركات النقل المحلية ومصنعي الدراجات أيضًا مشاركون فيه. كما تم إنشاء ممر اختبار للدراجات بطول أربعة كيلومترات عبر الحديقة الإنجليزية الشهيرة في المدينة.
 

كسر الهيمنة الألمانية؟
وفي مركز المعارض بميونيخ نفسه، الواقع في مدخل المدينة، كان المزاج حزيناً إلى حد ما، على الأقل يوم أمس الإثنين (الرابع من أيلول/سبتمبر 2023)، وهو ما يسمى بـ"يوم الصحافة".

فبعد افتتاح المعرض التجاري، أصبحت القاعات مليئة بالزوار ذوي الخبرة (التجاريين). لا يتعين عليهم المشي كثيرًا، لأن أقل من ثلث قاعات المعرض مشغولة بالمعروضات، ولا علاقة لأجنحة مصنعي السيارات على الإطلاق بأبهة العقود الماضية، عندما كانت فولكسفاغن أو مرسيدس تحتل قاعات بأكملها في معرض فرانكفورت الدولي للسيارات (الذي انتقل إلى ميونيخ قبل عامين). تبلغ مساحة جناح فولكسفاغن هنا في ميونيخ 50×30 مترًا فقط.

ورغم أن جناح الوافد الصيني الجديد "بي واي دي" (BYD) ليس أكبر بكثير، إلا أن عرض الصينيين هنا كان منتظرًا بفارغ الصبر، لأنه يقدم لمحة مسبقة عما يحرك الصناعة حالياً: إعادة ترتيب السوق العالمية!

ففي العقود القليلة الماضية، كانت شركات صناعة السيارات الألمانية ومورديها هي التي تهيمن على هذه السوق. كانت نماذجها تحدد المعايير. وكان أغلبها  يسخر من ظهور السيارات الكهربائية لفترة طويلة. فمحركات الاحتراق الداخلي ذات الكفاءة المتزايدة أدت إلى اعتقاد كثيرين بأن الأمور ستستمر بالسير على هذا النحو.

ولكن الآن أصبحت صناعة السيارات في جميع أنحاء العالم تعاني منذ فترة طويلة من موجة تحول هائلة. فالمحرك الكهربائي والرقمنة يوفران للمنافسين الجدد فرصة فريدة لـ"اقتحام الكتائب الألمانية". تسلا هو أحد الأمثلة. والآن يأتي الصينيون!

"بي واي دي" تعلن الحرب!

وأبرز الشركات الصينية شركة "بي واي دي" (BYD) واسمها اختصار لجملة "ابنِ أحلامك" (Build Your Drams). عرض الشركة في ميونيخ جاء مليئًا بالثقة والقوة، ولا عجب من ذلك! فمع بيع أكثر من 1.8 مليون سيارة كهربائية العام الماضي، أصبحت تحتل  الرقم "واحد" في جميع أنحاء العالم في بيع السيارات الكهربائية، مطيحة بشركة تسلا عن العرش! ومن المفترض أن يصل عدد سياراتها التي تبيعها هذا العام إلى 2.5 مليون.

يستعرض ميشائيل شو، مدير الفرع الأوروبي للشركة، سجل الإنجازات: في أحد عشر شهرًا فقط، اكتسبت الشركة موطئ قدم في 15 دولة أوروبية، ويوجد لها بالفعل 17 فرعًا في ألمانيا. وكشف شو أيضًا أنه سيتم تقديم ستة نماذج للعرض الأوروبي الأول، بما في ذلك السيارة الصغيرة "دولفين" بسعر يبدأ بأقل من 30 ألف يورو.

وبالنسبة للطراز الأكبر التالي، "سيل" (Seal)، أعلن شو عن السعر هنا في ميونيخ: سيتم إطلاق السيارات بتجهيزات كاملة بأقل من 45 ألف يورو. أدى الإعلان إلى تذمر البعض، لأن هذا يمثل تحديًا حقيقيًا لشركة فولكس فاغن، مثلًا.

ورغم أن فولكسفاغن، التي يقع مقرها في مدينة فولفسبورغ، لا تزال تبيع عددًا أكبر بكثير من السيارات الكهربائية مقارنة بالصينيين، إلا أن هذا يمكن أن يتغير بسرعة. وردت فولكسفاغن على "الهجوم" الصيني بإعلانها أنها ستطلق نماذجها الخاصة بأسعار تبدأ من 25 ألف يورو خلال عامين.

وردًا على سؤال عما إذا كان يشعر بالقلق بشأن المنافسين الجدد، قال الرئيس التنفيذي لفولكسفاغن أوليفر بلومه: "الخوف مستشار خاطئ"، مؤكدًا أن فولكسفاغن تعول على نقاط قوتها وسوف تتصدى للشركات الصينية بثقة. وقال بلومه: "أعتقد أن لدينا فرصًا هائلة. لدينا الكثير من الخبرة، ونعرف كيف نصنع السيارات".

 

حسم المعركة في الصين!

ومع ذلك، فإن الألمان متخلفون عندما يتعلق الأمر بالتقنيات الجديدة. وعلى سبيل المثال، تصنع شركة "بي واي دي" بطاريات أكثر كفاءة بدون الكوبالت والنيكل. أما فولكسفاغن فلا تزال في مرحلة التطوير وتعتمد في الصين على العديد من عمليات التعاون حتى لا تفقد موطئ قدمها في السوق التي تعد حيوية لها.

وعندما يتعلق الأمر بالبرمجيات أيضًا، فإن الألمان هم الذين يتخلفون عن الركب. لذا هنا في ميونيخ، وعلى الرغم من المعرض التجاري المصغر (لمعرض فرانكفورت)، يمكن ملاحظة إشارة البداية لسباق مثير.

يقول فيليب كيملر، مدير قسم الاتصال بأوروبا لشركة صناعة السيارات الصينية "غريت وول موتور"، في حديث لـDW: "إذا تمكنت من تحقيق النجاح هنا - في ألمانيا - فيمكنك تحقيق ذلك في كل مكان".

ويعتقد خبير السيارات شتيفان براتسل من "مركز إدارة السيارات" (CAM) في بلدة بيرغيش غلادباخ أيضًا "أن الصينيين بسياراتهم سيتركون في السنوات القليلة المقبلة بصمة كبيرة في أوروبا وألمانيا".

وقد بدأ المصنعون الألمان، كما يمكن رؤيته في ميونيخ بشكل واضح، في اللحاق بالركب. إنهم يقدمون منصات جديدة تمامًا – مثل بي إم دبليو (BMW) بإطلاق طراز جديد أو مرسيدس بنز بمنصة القيادة الكهربائية المسماة (MMA). ومع ذلك، فإن صناعة السيارات في ألمانيا تشعر بأنه يتم عرقلتها، وتشكو من ارتفاع تكاليف الطاقة، والبيروقراطية المفرطة و"الموقف النقدي للصناعة".

في ميونيخ، أوضح نشطاء المناخ موقفهم النقدي تجاه صناعة السيارات ككل من خلال تحركاتهم الاحتجاجية الأولى. من المتوقع أن تكون هناك الكثير (من الاحتجاجات) في الأيام المقبلة، وهذا أمر مؤكد. والشرطة مستعدة ضد "إجراءات تخريبية كبيرة". وحتى في قاعات المعرض، يوجد عدد أكبر بكثير من أفراد الأمن المتنقلين، مقارنة بمعارض سابقة.


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات