"أقزام بنية" من نوع غير مألوف اكتُشفت في مجرّة درب التبانة
دويتشه فيله
أتاح "إنجاز تكنولوجي" لتلسكوبَي "غايا" (Gaia) الفضائي و"غرافيتي" (Gravity) الأرضي في تشيلي اكتشاف نوع غير مألوف من "الأقزام البنية"، وهي أجرام سماوية لا تتوافر عنها حتى الآن معطيات كثيرة.
وتكمن تحديات اكتشاف "الأقزام البنية" في ضعف توهجها، مما يجعل من الصعب رؤيتها، خاصةً عندما تكون بالقرب من نجم مشرق بألف مرة. ومع ذلك، تمكن العلماء من رصد عدد من هذه الأقزام البنية بفضل حركتها المدارية المميزة التي تُظهر أنها تدور حول نجومها المضيفة على مسافات تقارب مسافة الأرض عن الشمس. ولهذا النوع الجديد مواصفات تضعه في مرتبة وسطية بين الكواكب والنجوم، بحسب ما أفادت دراسة.
واستنادًا إلى بيانات مسبار "غايا"، الذي يرسم خرائط للنجوم في مجرة درب التبانة، تمكن العلماء من تحديد مواقع هذه الأقزام البنية. وقد قام تلسكوب "غرافيتي" في تشيلي، جزء من المرصد الأوروبي الجنوبي، بدراسة معمقة لهذه الأجسام السماوية، مما سمح بتحليل خصائصها مثل توهجها وكتلتها.
وكشفت الدراسة أن هذه الأقزام البنية، التي يمكن وصفها بأنها "الرفيقة الخفية" للنجوم، تتمتع بكتلة تزيد عن كتلة المشتري بمرات، مما يجعلها كائنات سماوية غامضة تتراوح كتلتها بين 60 و80 مرة كتلة المشتري.
يعتبر هذا الاكتشاف خطوة مهمة في فهمنا لطبيعة "الأقزام البنية"، التي تعد جسورًا بين النجوم والكواكب. وتسعى الدراسات المستقبلية إلى استكشاف ما إذا كانت هذه الأجسام تتكون مثل النجوم من خلال تكثيف سحابة من الغاز، أم تتشكل مثل الكواكب في أقراص تراكم حول النجوم.
بهذا، يفتح الاكتشافالباب أمام المزيد من الأبحاث لفهم أعمق للكون وتطوراته، وقد تساعد القدرات المتكاملة لتلسكوبَي "غايا" و"غرافيتي" في كشف المزيد عن هذه الظواهر السماوية المذهلة في المستقبل.
وأوضح أحد معدّي الدراسة المنشورة هذا الأسبوع في مجلة "استرونومي أند أستروفيزيكس" الباحث في المركز الوطني الفرنسي للبحوث العلمية سيلفستر لاكور لوكالة فرانس برس أن رصد عدد كبير من هذه "الأقزام البنية" أتيح "بفعل كونها كانت تتجول بمفردها مثل أجسام معزولة، مما حال دون الانبهار بالنجم".
لكنّ أقزاماً بنية رصدت للمرة الأولى وهي تدور بالقرب من نجومها المضيفة، على مسافات تعادل تلك التي تفصل الأرض عن الشمس.
واستند علماء الفلك إلى أحدث قائمة لما رصدهالمسبار الفضائي الأوروبي "غايا" الذي يرسم خرائط للنجوم في مجرّة درب التبانة، تُبيّن مواقعها. وقال عالم الفيزياء الفلكية إن بعض هذه النجوم أظهرت "حركة مدارية مختلفة جداً تحمل على الاعتقاد بأن قزماً بنياً ربما يدور حولها".
وعلى عكس النجم، لا يُحرق "القزم البني" الهيدروجين في قلبه، ولذلك هو أقل سطوعاً بكثير (أقل بألف مرة في حالة هذه الدراسة)، لكنه مع ذلك يُصدر تدفقاً ضوئياً لا تمتلكه الكواكب.
ويأمل الباحثون في أن تكون الخطوة التالية اكتشاف الكواكب الخارجية بفضل القدرات المجتمعة لتلسكوبَي "غايا" و"غرافيتي" التي تتيح مراقبتها المباشرة.