الجنازات في البحرين فرصة للاحتجاج من جديد
Akhbarona.com
كانت يمكن أي تكون ظهيرة هادئة أخرى في المنامة لولا أصوات الهتافات المدوية التي مزقت سكون المدينة التي شهدت أسابيع من الاضطرابات والاحتجاجات.
وبعد أن خففت تلك الأصوات المطالبة بسقوط الحكومة عندما أحبرت بالقوة على الاختباء عادت تدوي مجددا خلال الجنازات التي أصبحت فرصة للتعبير عن الغضب بعيدا عن دبابات الجيش ومركبات الشرطة التي تجوب الشوارع في دوريات.
أحسن الشيعة توظيف أفضل ما يجيدونه ليحولوا جنازات القتلى الذين سقطوا خلال الاحتجاجات إلى مسيرات مناهضة للحكومة يتقدمها المنشد المعروف باسم الرادود مرددا هتافات دينية وأخرى تندد بالملك ونظام الحكم.
وكان معظم المحتجين المناهضين للحكومة في البحرين من الشيعة.
الصحفي عبد الله علي الذي يعمل أيضا في مهنة الرادود خلال المناسبات الشيعية وقف يهتف في شاحنة صغيرة مزودة بمكبرات للصوت خلال إحدى الجنازات. ويؤكد علي أن الأحداث الأخيرة في البحرين أضفت بعدا جديدا مختلفة على المسيرات الجنائزية.
وقال «نحن طبعا وظيفتنا في المناسبات. ولكن في مثل هذه المحافل هي حالة عفوية. ليس أنا فقط.. كل من يشارك.. بحالة عفوية تضامنا مع اخوتنا لانهم أخوتنا. تضامنا بصورة عفوية. ليس انطلاقا من مهنتي كصحفي وليس انطلاقا من مهنتي كرادود ولكن من منطلق إنساني».
ويتفاعل علي مع مشاعر المشيعين ويتحرك بينهم على متن الشاحنة الصغيرة المزودة بمجموعة من مكبرات الصوت.
ويشدد على خلال الجنازة على ضرورة اتباع الوسائل السلمية لتحقيق الهدف ثم يهتف المشيعون بعده «سلمية .. سلمية».
وشهد الأسبوع الجاري أربع جنازات على الأقل سواء لمحتجين قتلوا عندما هاجمت قوات الأمن دوار اللؤلؤة أو لأشخاص باتوا في عداد المفقودين في وقت الهجوم ثم أبلغ ذووهم بعد أيام بوفاتهم.
وكانت الجنازات جيدة التنظيم ووفرت خلالها مركبات لنقل وسائل الإعلام ووزع الماء البارد على طول طريق الجنازة وتولى متطوعون تنظيم المشيعين ليسيروا معا.
وقال علي بينما كانت أصوات نساء باكيات تتعالى في منطقة المقابر «كل واحد من خلال الممارسة أعرف هذا الجمهور. وأنا ألقي.. أعرف هذا الجمهور ماذا يعيش في داخله الآن. ماذا يريد مني الآن. هل يريد إذا كان هو هامسا أن أحمسه.. لا استطيع.. وإذا كان يتفجر حماسا وأنا أعيش هدوءا لن ينسجم معي. الآن هذه الحشود التي جاءت كلها تعيش غليان. اسمعوا أصوات البكاء الآن. كلها تعيش بكاء.. كلها تعيش غليان. فليس من المعقول أن أسير معهم بقلب بارد.. أحاكي شعورهم.»
وحلقت طائرات هيليكوبتر في الجو فوق الجنازات لكن أصوات هتافات المشيعين في الأرض غطت على أزيز محركاتها.