كيف ستصبح السياسة الخارجية للولايات المتحدة في عهد الرئيس الأمريكي "جو بايدن"؟
أخبارنا المغربية
بقلم : زكرياء بلحرش
يتوقع أن تصبح عملية صنع السياسة الخارجية الأمريكية أكثر قابلية للتنبؤ بعد فوز المرشح الديمقراطي "جوزيف بايدن"، خاصة وأن طاقم السياسة الخارجية لهذا الأخير يتكون من شخصيات وازنة ومخضرمة من الإدارات الديمقراطية السابقة، كما سنشهد آنسجاما أكبر بالمواقف بين البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأمريكية.
بحيث سيظل نهج إدارة بايدن تنافسيا، غير أنه سيسعى إلى تجديد التحالفات الأمريكية التقليدية لاسيما في أوربا الغربية وأمريكا الشمالية، وإعادة الآنضمام والعمل من خلال المؤسسات الدولية المتعددة الأطراف، وبالضبط مع سياسات أكثر مرونة فيما يتعلق بالهجرة وقضايا تغير المناخ، والتجارة الدولية، إلى غير ذلك من القضايا الدولية.
كما ستعمل إدارة جوزيف بايدن على تهدئة الأوضاع الخارجية للتركيز على القضايا المحلية خاصة تلك المتعلقة بالتعافي الآقتصادي من آثار كوڤيد-19، وتركيز على جدول أعمال بناء الدولة من الداخل، كما ستقوم مجموعات الضغط الصناعية والتجارية بعضا من القوة بعدما كان قد تم إضعافها من طرف إدارة دونالد ترامب، وذلك في ظل السعي لتجنيد شركاء رئيسيين في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
وبسبب سياسة إدارة ترامب السابقة التي أدت إلى بروز شكوك دولية عميقة إزاء مصداقية الولايات المتحدة الأمريكية وآستمرارية آلتزاماتها، خاصة بين حلفائها الآستراتيجيين، لذا فإن إدارة بايدن ستتجه إلى القيام بنهج متعدد الأطراف على مستوى أوربا الغربية، كما ستقوم بإعطاء الأولوية لتحسين العلاقات التجارية مع كل من بريطانيا والإتحاد الأوربي، بالإضافة إلى إعادة التعاون الأمني من خلال الناتو، وستعمل إدارة بايدن على زيادة الضغط على روسيا من خلال فرض عقوبات في هذا الجانب.
في هذا السياق، من المحتمل ان تكون صياغة السياسة الخارجية تجاه الصين أكبر تحد لجوزيف بايدن، حيث أن هناك مصلحة في التعاون مع پكين في مجالات عديدة مثل تغير المناخ وكبح النفوذ الإيراني والحفاظ على النظام الدولي المتعدد الأطراف، غير أن هناك العديد من نقاط الآحتكاك في العلاقات الثنائية وستكون التجارة هي القضية الأولى، ربما سيضطر بايدن إلى مواجهة الصين كما كان الحال عليه في عهد إدارة بايدن خاصة من خلال إعادة تشكيل سلاسل التوريد، ومنع آستخدام التكنولوجيا الأمريكية لغايات قمعية، وضد آنتهاكات الصين لحقوق الإنسان.
في هذا الصدد، يقترح الديمقراطيون التنافس مع الصين من خلال إصلاح التحالفات والشراكات كجزء من إعادة تنشيط أوسع للمشاركة المؤسسة والمتعددة الأطراف، وهو الأمر الذي عبرت عنه حملة بايدن الانتخابية، حيث قالت أنها تضطلع إلى تجنيد شركاء تجاريين رئيسيين للولايات المتحدة الأمريكية ليس فقط في منطقة آسيا والمحيط الهادئ ولكن على المستوى العالمي خاصة أوربا، لصياغة مجموعة مشتركة من السياسات المتعلقة بالتجارة والملكية الفكرية وأمن المعلومات، كما تسعى إدارة بايدن إلى المزيد من التنسيق والتعاون في قضايا مثل العقوبات وضوابط التجارة والدبلوماسية الإقليمية، عكس إدارة ترامب التي شنت حربها تجارية أدت بنفور الشركاء التقليديين للولايات المتحدة وذلك من خلال التهديد بالرسوم الجمركية وطلبات التعويض إضافة إلى العديد من الأخطاء الدبلوماسية التي أدت إلى نتائج عكسية وغير فعالة.
وعلى جانب السياسة الخارجية المتعلقة بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لن تتغير أولويات الولايات المتحدة الأمريكية خاصة على مستوى الحفاظ على إمدادات الطاقة وتقليل تقلبات الأسعار والعمل المشترك مع إسرائيل، حيث أن آستراتيجية بايدن الشاملة إزاء فك الارتباط العسكري عن الشرق الأوسط لن تتغير بشكل ملحوظ عن آستراتيجية ترامب الهادفة إلى تقليص الوجود العسكري في المنطقة، حيث أن بايدن يؤكد أنه لا زال الأمر يفرض استخدام القوة العسكرية الأمريكية ضد تنظيمي داعش والقاعدة، غير أنه سيواصل في الوقت نفسه الآتجاه الذي بدأ في عهد إدارة أوباما حيث أن المحور الاستراتيجي للموارد الدبلوماسية والعسكرية الأمريكية سيوجه بعيدا عن أوربا والشرق الأوسط نحو الصين وشرق آسيا.
أما في السياسة الخارجية المتعلقة بالقضية الفلسطينية، فإنه من المستبعد أن ينقلب بايدن على قرارات دونالد ترامب السابقة بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس والاعتراف بمرتفعات الجولان المحتلة أراض إسرائيلية، لكن في المقابل من المرجح أن ينقلب على صفقة القرن بصورتها التي قدمها دونالد ترامب، كما أنه من المتوقع أن يرحب دونالد ترامب بآتفاقيات التطبيع لعدة دول عربية مع إسرائيل، وأن تعمل إدارته على تشجيع الاستمرار في هذا المسار مع عدة دول أخرى دون آستخدام الضغط والابتزاز كما فعلت ذلك إدارة دونالد ترامب في السابق، ليبقى معه السؤال هو هل سيؤثر فوز بايدن على السياسة الخارجية لواشنطن تجاه الدول العربية؟