لماذا أبدتْ "تيارات إسلامية" سعادتها بعودة حركة "طالبان" للحكم في أفغانستان؟
أخبارنا المغربية
أخبارنا المغربية- ياسين أوشن
بمجرد الإعلان عن سيطرة "طالبان" على أفغانستان قبل أيام؛ انقسم الرأي العام الوطني والدولي إلى قسمين؛ الأول يقول بضرورة محاربة هذه "الحركة الإسلامية" التي تدعو إلى تطبيق الشريعة في مختلف مناحي الحياة، وما قد تخلف من حروب وصراعات ومآسي؛ والثاني عبّر عن فرحه لهذا "الفتح العظيم" و"النصر المبين"، وأعرب عن ارتياحه لعودة طالبان للحكم وتطبيق تعاليم الدين، إلى درجة أن هناك مشايخ مغاربة وغيرهم هنؤوا المسلمين بهذا الحدث.
هذه التهنئة والسرور بعودة حركة "طالبان" استأثرت باهتمام باحثين في الفكر الإسلامي، ضمنهم الباحث محمد عبد الوهاب رفيقي "أبو حفص"، الباحث في الفكر الإسلامي وقضايا التطرف والإرهاب، الذي ألقى الضوء على هذه الوقائع والأحداث، التي تثير مخاوف الناس من وقوع أحداث إرهابية في تلك المناطق تزهق أرواح أبرياء دون موجب شرع.
وفي هذا الصدد، قال "أبو حفص" إن "شيوخا من السلفية الجهادية والتقليدية بالمغرب هنأوا المسلمين بعودة طالبان للحكم بأفغانستان. فحتى إسلاميون من غير السلفيين عبروا عن فرحهم بما وقع في كابول؛ الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين على لسان رئيسه أحمد الريسوني هنأ طالبان والمسلمين جميعا؛ إسماعيل هنية اتصل هاتفيا بالملا برادر لتهنئته بالانتصار، لماذا كل هذه التيارات بدت مسرورة بما وقع رغم كل الخلاف العقدي والفكري والفقهي بين هذه الأطراف؟".
وزاد محمد عبد الوهاب رفيقي، في تدوينة له على صفحته "الفيسبوكية"، أنه "من الواضح جدا أن حلم الخلافة والإمارة الإسلامية يداعبهم جميعا؛ طالبان رغم أنها ليست بالنسبة لهم النموذج المثالي لدولة الخلافة، لكنها في ظل الخيبات والنكسات وفشل كل مشاريع الدولة الإسلامية تمنحهم بصيصا من الأمل بأن هذا المشروع ليس بعيد المنال، وأنه ممكن التحقيق، وأنه يمكن حتى قبول المنتظم الدولي به، حتى لو كان النظام سينتهك حقوق الإنسان وسيقطع الأيادي وسيقتل الزاني المحصن، فسيتم التغاضي عن ذلك كله حين تقتضي السياسة ذلك. "طالبان" داعبت أحلام الخلافة وأيقظت شعورها لدى هذه التيارات".
"معطى آخر يمكن أن نفسر به هذه الحفاوة البالغة، وهو ما تمثله أفغانستان في مخيال كثير الإسلاميين؛ أفغانستان هي "الجهاد الأفغاني"، وعبد الله عزام، و"آيات الرحمن في جهاد الأفغان"، و"مقبرة الغزاة"، وغير ذلك مما تبعثه حركة طالبان في نفوس الكثير من ذكريات"، يشرح أبو حفص.
وتابع الباحث في الفكر الإسلامي قائلا إنه "تجربة طالبان يرى فيها كثير من هؤلاء أملا يداوي الجروح التي تركتها التجارب السابقة؛ السعودية وتجربتها التي لا تحظى برضا الكثير منهم واتهامها بخدمة الأجندات الخارجية؛ السودان التي عانت من مرارة الإسلاميين وعرفت على عهدهم الجوع والتقسيم والخراب، قبل أن تتحول بعدهم إلى دولة مدنية وعلمانية؛ تركيا التي ليس لها من الإسلامية إلا الاسم؛ داعش التي قدمت نموذجا متوحشا ومرعبا؛ طالبان نفسها في تجربتها الأولى التي انتهت بجلب الدمار والخراب، لهذا فرحوا اليوم وهم يرون عودة "الإمارة الإسلامية" بتسهيل أمريكي ورعاية قطرية".
وختم "أبو حفص" تدوينته بالقول: "لهذا لم يكن مستغربا عندي كل هذه الأجواء من الفرح والاحتفاء لدى هذه التيارات؛ تهنئة وحيدة صعب علي فهمها، أحمد الخليلي، المفتي العام لسلطنة عمان، الدولة المسالمة والمطبعة مع الجميع، يهنئ "طالبان" ويصف إنجازها بـ"النصر العزيز" و"الفتح المبين"".
تجدر الإشارة إلى أن حركة طالبان سيطرت على أفغانستان بعد ما يقرب من 20 عاما على الإطاحة بها من قبل تحالف عسكري بقيادة الولايات المتحدة. كما شجعها انسحاب القوات الأمريكية على التقدم بوتيرة أسرع، وهي الآن تسيطر على جميع المدن الرئيسية، بما في ذلك العاصمة كابل.