الربيع العربي جاء لصالح الإسلاميين المتطرفين

الربيع العربي جاء لصالح الإسلاميين المتطرفين

روسيا اليوم

السلبيات الكبيرة، التي انطوت عليها المراهنة على الجهاديين، تزداد وضوحا يوما بعد يوم. فقد اصبح واضحا أن الغرب، وحلفاءه في المنطقة العربية، ارتكبوا خطأً فادحا عندما جعلوا من الإسلاميين المتطرفين، القوة الضاربة، والمحرك الرئيسي للثورات في عدد من البلدان العربية.

لم يتعظ الغرب وحلفاؤه من تجربة استخدامهم الإسلاميين المتطرفين في صراعهم ضد الاتحاد السوفيتي بافغانستان، تلك التجربة التي انتهت بهجمات الـ 11 من سبتمبر2001 الإرهابية، والتي أرّخـَت لظهور قوة جهادية عالمية، على جانب كبير من السرية والقوة. لقد حول الغرب وحلفاؤه هذه القوة الإرهابية إلى سلاح ضد الأنظمة العربية غير المرغوب فيها، ولم يدركوا أن هذا السلاح، لا يمكن أن يـُشهـَر ويـُغمـَد حسب طلبهم.

 فالأحزاب والحركات الإسلامية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تتلقى دعما سخيا من الممالك والإمارات الخليجية. وغالبا ما لا يكون باستطاعة أولئك الممولين أن يقرروا أو يراقبوا أوجه صرف الأموال التي يقدمونها. وبهذا لا يعرفون هوية الجهة التي تؤول إليها الأسلحة، المشتراة بأموالهم.

في أغسطس/آب الماضي، نشرت مجلة "السياسة الخارجية" مقالة للمحلل السياسي الأمريكي المعروف ـ هاري غيمبيل، جاء فيها:

"بما أن الجهاديين في سورية يقاتلون إيران وحلفاءها العرب، فإن من مصلحة الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين أن يدعموا أولئك الجهاديين في السر. وفي العلن، يجب أن ينأوا بأنفسهم عن ذلك الصراع، الذي سيكون دمويا وقاسيا جدا قبل أن ينقشع غبار تلك الأزمة. وبهذا سيكون لدى الغرب وحلفائه متسعا من الوقت للتفكير في كيفية ترويض الوحش الإيراني، بعد أن تتبدد كل طموحاته الإقليمية."

أفليس هذا الموقف قمة في الوقاحة والاستهتار؟

وبغض النظر عن تقييمنا لموقف الغرب وحلفائه،  فإن الأوضاع على الأرض تسير وفق ذلك السيناريو. حيث أثبتت الأحداث التي وقعت في ليبيا وسورية أن المقاتلين الإسلاميين هم القوة الرئيسية بين بقية فصائل المتمردين. فوفقا لمعلومات جمعها مركز "بروكينغز" في الدوحة، فإن غالبية الفصائل التي قاتلت لإسقاط نظام القذافي، لها خلفيات إما جهادية أو إسلامية. ولعل ما يستحق التوقف عنده هو أن الإسلاميين، بقيادة رئيس المجلس العسكري في طرابلس ـ عبد الحكيم بلحاج، هاجموا مقر إقامة العقيد القذافي في باب العزيزية، بالتعاون مع القوات الخاصة القطرية.

ومهما يكن من أمر فإن ثمن الانتصار على القذافي، كما يتضح يوما بعد يوم، باهظ جدا. لأن السماح لمارد الجهادية بالخروج من قمقمه، أسهل بكثير من إعادة ذلك المارد إلى القمقم. فإرهاب الجماعات السلفية يجتاح اليوم مدنا ومناطق بأكملها في شرق ليبيا. وحتى في بنغازي التي تعتبر مهد الثورة الليبية، لا يمكن لأحد أن يشعر بالأمان. وخير دليل على ذلك؛ الهجوم الذي شنه مقاتلو  جماعة "أنصار الشريعة" على القنصلية الأمريكية، وعلى محطة المخابرات المركزية الأمريكية "CIA" في تلك المدينة. لقد أودت مأساة بنغازي بحياة السفير الأمريكي في ليبيا وثلاثة آخرين من الأمريكيين، ومثلت ضربة قاسية لسمعة الرئيس باراك أوباما ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون. وعلى الرغم من فداحة هذه الخسائر السياسية، فإن المعركة الرئيسية في ليبيا لا تزال في بطن القادم من الأيام. 

ولعل أكثر ما يثير القلق، على الصعيد الإقليمي، هو أن ليبيا أصبحت مركز إمداد رئيسيا لـ"تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي". فقوافل الأسلحة المسروقة من مخازن نظام القذافي، تتوافد إلى المناطق الشمالية من جمهورية مالي، التي تنشط فيها ثلاث من أكبر وأقوى المجموعات الجهادية، وهي: "أنصار الدين"، "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"و"حركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا".

إن كل ما جرى في ليبيا ويجري حاليا في مالي ليس إلا مقدمة لما هو آت. فقد حذر قائد القيادة الأمريكية في أفريقيا، الجنرال ـ كارتر هام، حذر من أن قوسا جهاديا يجري تشكيله في أفريقيا يمتد من نيجيريا ويمر عبر مالي وليبيا ليصل إلى الصومال. ووفقا لذلك المسؤول الأمريكي، فإن الجماعات الإسلامية المتطرفة تزيد من تنسيق التعاون في ما بينها بشكل ملحوظ.

وبمثابة نتيجة طبيعية للأحداث التي شهدتها ليبيا وتشهدها مالي حاليا، أصبحت في خطر محدق كل من الجزائر وموريتانيا وتونس وبوركينا فاسو والنيجر. وأحدث دليل على هذا الخطر؛ العملية الإرهابية التي نفذها المتطرفون الاسلاميون، الذين استولوا على مجمع لاستخراج الغاز في جنوب ـ شرق الجزائر، وأخذوا رهائن كلَّ من كان فيه، من بينهم عشرات من الأجانب ينتمون إلى 12 بلدا.

كم هو سيئ الوضع المتشكل حول سورية. فتواجد المجموعات والأحزاب الاسلامية في الائتلاف الوطني السوري كبير، و الاخوان المسلمون السوريون يسيطرون على المجلس الوطني الذي يشكل الجزء الأساسي من هذا الائتلاف. أما بالنسبة للجهاديين الذين تمرسوا على القتال في المعارك ضد القوات الأمريكية في العراق وأفغانستان، فهم يشاركون بقوة في الحرب ضد الأسد، ويشكلون الجزء الأكبر القادر على القتال ضمن صفوف الجيش المتمرد على النظام. من الملاحظ أن أكثرية المجموعات المتمردة - التشكيلات المحلية، مرتبطة مع هذه المدينة أو تلك أو هذه القرية أو تلك، بينما المقاتلون الاسلاميون على استعداد للذهاب إلى أي مكان وفقاً للأوامر الصادرة لهم، سواء كان هذا المكان حلب أو دمشق. في هذه الاثناء، تتجاهل المجموعات الاسلامية عموماً الهيئات الرسمية للمتمردين في سورية. لأنها تتلقى التمويل مباشرة من قطر والمملكة العربية السعودية، ولم يضعف تيار المقاتلين من ليبيا وتونس و أفغانستان وحتى من جمهوريات آسيا الوسطى. من الملاحظ، أن المجموعة الجهادية الأبرز في سورية هي "جبهة النصرة"، التي رفضت عموماً الانصياع للمجلس الوطني السوري والقيادة العسكرية التي أنشأها هذا المجلس.

إذن، المجموعات المسلحة تريد أن تحقق أهدافاً بعيدة كل البعد عن الأهداف التي أطلقها المجلس الوطني، و لا تخفي سعيها إلى إنشاء دولة سورية الاسلامية. وهكذا، من المنطق الاعتقاد أن المقاتلين يواصلون جهادهم حتى النصر بغض النظر عن مصير الأسد ونظامه.

في ظل هذه الظروف، لا يمكن عقد الآمال على تحقيق الاستقرار في سورية في المستقبل المنظور، مع الأخذ بعين الاعتبار العامل الطائفي واحتمال انتشار الفوضى إلى الجوار السوري (خصوصاً في لبنان والعراق) وهذا الخطر يهدد كامل المنطقة.

حتى التحليل السطحي للأوضاع بعد الثورة في العالم العربي والمنطقة المحيطة به، يُظهر أن ثمن النجاح الذي تم تحقيقه في فترة قصيرة، مثل، تغيير الأنظمة و تصفيتها أو الانتقام من حلفاء إيران، من الممكن أن يكون باهضاً جدا على المدى المتوسط والبعيد. إلى جانب مسألة استقرار الديموقراطيات الوليدة، هناك ضرورة ملحة لحل مسألة تحييد الاسلاميين المتطرفين الذين اكتسبوا القوة والاستقلالية، والذين من السهل أن يتحولوا من أعداء للأنظمة الديكتاتورية إلى مصدر مزعج بالنسبة لمموليهم السابقين. بالفعل، هناك بؤرتان لعدم الاستقرار في العالم، هي الساحل الافريقي و سورية. لكن على مايبدو، أن الغرب و دول الخليج، مازالت تواصل التظاهر، بأنها تستطيع التغلب على هذا التحدي، لكن حتى الآن، مازال ذلك أكثر مايشبه أحلام اليقظة.

المصدر: "ديبكوريير"


عدد التعليقات (2 تعليق)

1

محمد

؟؟؟؟

و باز وجهكم قاصح فالحين غير في خوتنا المسلمين هادو متطرفين هادو ارهابيين... و ما عندكمش غرام ديال الجرأة باش تقولو أن أكبر ارهاب هو الذي يمارسه الغرب على اخواننا في عدة بلدان

2013/01/23 - 05:00
2

karima

tres mal dit !!!!

walo had ma9al rah zero,,,,,,,,no good,,,very badly writin...absolut none sense,,,,,,,ra hadchi kolchi faux,,,,,,,

2013/01/24 - 12:44
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات
المقالات الأكثر مشاهدة