الأزمة بين الجزائر وفرنسا.. هل وصلت إلى نقطة اللاعودة؟

الأزمة بين الجزائر وفرنسا.. هل وصلت إلى نقطة اللاعودة؟

دويتشه فيله

بدأ تدهورت العلاقات بين فرنسا والجزائر منذ إدلاء الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون بتصريحاته التي قال فيها "إن الجزائر أنشأت بعد استقلالها عام 1962 ريعا للذاكرة كرسه النظام السياسي العسكري"، مما أثار ردود فعل غاضبة من الحكومة والشعب الجزائريين، ما دفع ماكرون للتراجع عن تصريحاته.

ومن بين أهم القضايا التي زادت من تعميق الهوة في العلاقة بين البلدين، إعلان باريس منذ الصيف الماضي دعمها لخطة الحكم الذاتي للصحراء المغربية. 

أما آخر القضايا التي فجرت الأزمة الحالية وجعلت الطرفين لا يتوقفان عن تبادل الاتهامات، فترتبط بمؤثر جزائري إلى الأراضي الفرنسية الأسبوع الماضي، بعد أن طردته السلطات الفرنسية بسبب منشورات اعتبرت محرضة، ثم سجن  الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال  منذ منتصف نوفمبر في الجزائر، بتهمة تعريض أمن الدولة للخطر. 

واستغلال الأزمة من طرف الأحزاب الفرنسية، خاصة اليمينية منها، زاد من حدتها، لكن محاولة وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو كانت ملحوظة.

فرص ضئيلة لـ"سياسة اليد الممدودة"

لقد اعتبر بارو في تصريح له يوم الأربعاء (15 يناير 2025)، أن "لا فرنسا ولا الجزائر لديهما مصلحة في دوام هذا التوتر أكثر"، مؤكدا أنه "مستعد للذهاب إلى الجزائر للتعامل مع كافة القضايا وليس فقط تلك التي كانت في الأخبار في الأسابيع الأخيرة".

حسني عبيدي، مدير مركز الدراسات العربية والمتوسطية في جنيف، قال في تصريح لـ DW إن "هناك أصلا أزمة داخل الحكومة الفرنسية حول كيفية التعامل مع الجزائر، ومن الصعب على البلد الاستجابة لطلب جان نويل بارو، رغم أن سياسة اليد الممدودة مهمة، لكن الأمر يتطلب بعض إجراءات الثقة، وخلق ظروف مواتية تشجع عودة الاتصال والمقاربة الدبلوماسية".

كما رأى المتحدث أن "عودة التواصل الدبلوماسي مقاربة جيدة، يمكن أن تمنع انزلاقات جديدة وتحد من التصعيد في لهجة الخطاب بين البلدين، والتصعيد الإعلامي خاصة في فرنسا، والتصعيد السياسي من أحزاب اليمين المتطرف الفرنسي، التي ترى في الجزائر وفي قضية الهجرة وسيلة لزيادة شعبيتها، وتحاول عبر التركيز عليها الالتفاف على قضايا أخرى محورية بالنسبة للفرنسيين".

العلاقة وصلت إلى "نقطة اللاعودة، لكن ليس القطيعة"

توجه نيكولا ليرنر، المدير العام للأمن الخارجي، إلى الجزائر العاصمة الاثنين الماضي، وفق ما أوردته صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية الأربعاء. وهو ما بدا حسب الصحيفة الفرنسية "إشارة إيجابية ورغبة في وقف دوامة التوتر بين باريس والجزائر وإبقاء بعض القنوات مفتوحة".

هذه الخطوة يراها المحلل السياسي عبيدي، "تبقي على شعرة معاوية"، مضيفا أن "العلاقات الأمنية مهمة جدا ومعقدة، وهناك ملفات ساخنة بين الجزائر وفرنسا، خاصة منها المرتبطة بالجهاديين الفرنسيين في سوريا، والتعاون الأمني في منطقة الساحل، لذلك فالملف الأمني هو الأكثر ترشيحا ليبقي على العلاقة بين البلدين".

ومن الملفات المهمة بين البلدين أيضا، التبادلات التجارية الفرنسية الجزائرية، التي شهدت ارتفاعا بنسبة 5,3 بالمئة خلال سنة 2023، لتصل إلى 11,8 مليار يورو، وفق  وكالة فرانس برس. كما أنه في السنة ذاتها، احتفظت الجزائر بصفتها ثاني أهم سوق للمبيعات الفرنسية في إفريقيا.

واحتلت فرنسا المرتبة الثانية في قائمة الموردين إلى الجزائر خلال سنة 2020، بعد الصين، بنسبة واردات تبلغ 10,6 في المئة، والمرتبة الثانية في قائمة عملاء الجزائر بعد إيطاليا بنسبة صادرات جزائرية تبلغ 13,3 في المئة، وفق تقرير للخارجية الفرنسية على موقعها الرسمي.

"البعد الاقتصادي مهم جدا، ويمكن أن يسهم في عودة العلاقة كما كانت عليه من قبل"، لكن في الوقت ذاته يرى المحلل السياسي عبيدي أن" الجزائر تنتظر أكثر من مجرد الإبقاء على القضايا غير الخلافية، وإنما تريد فعلا أن تكون هناك ضمانات أو عودة سياسية عبر أخذ زمام المبادرة من قبل الرئيس الفرنسي، الذي يبدو وكأنه يريد إرسال رسالة مفادها بأنه أقصى اعتدالا من كل الجهات الأخرى، وبأن على الرئيس تبون أن يتعامل معه".

 في الوقت ذاته، يرى مدير مركز الدراسات العربية والمتوسطية في جنيف، أن العلاقة بين البلدين وصلت إلى "نقطة اللاعودة"، موضحا أن "تصريحات ماكرون السابقة حول الجزائر كانت غير مناسبة وعززت من تدهور العلاقات منذ ذلك الحين، وكشفت عن فشل الرئيس الفرنسي في سياسته حيال الجزائر". 

ويشرح المتحدث قائلا "اللاعودة تعني أنه من الصعب جدا أن تعود الجزائر إلى مستوى العلاقات مثل ما كانت عليه سابقا، خاصة على المدى القصير والمتوسط. لكن هذا لا يعني القطيعة التامة، فالجزائر ما زالت محافظة على جميع قنصلياتها، وفرنسا لم تسحب سفيرها من الجزائر".

تراكمات أثقلت العلاقات بين البلدين

يجمع الخبراء على أن دعم فرنسا لخطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء  المغربية عامل في تدهور العلاقة، لكنه بالنسبة لعبيدي "ليس السبب الوحيد، فتدهور العلاقة هو نتيجة العديد من التراكمات، خاصة تصريحات الرئيس ماكرون حول النظام الجزائري وما أسماه حينها بريع الذاكرة"، معتبرا أنها كانت "تصريحات مشينة".

كما أوضح عبيدي أن "فرنسا مساندة منذ الرئيس شيراك للمغرب، وتبقى أكثر قربا للمغرب من الجزائر، لكني أعتقد أن الرئيس ماكرون أخطأ عندما أسرف في المجاملة حين زيارته للرباط". وأضاف المتحدث أنه "كان يمكن للرئيس ماكرون في النهاية أن يعبر عن الدعم بطريقة أخرى، دون أن يغيض السلطات في الجزائر".

كما أشار المحلل السياسي إلى أن "فرنسا مخطئة لأنها تحاول أن توازن ما بين الجزائر والمغرب"، معتبرا أنه "يجب أن تكون لديها سياسة تجاه المغرب وأخرى تجاه الجزائر. وأن ما حصل يعلن عن فشل كبير في إيجاد مقاربة للتعامل ما بين المملكة وجارتها".

وختم المتحدث حديثه بالقول "ماكرون بقي في النهاية أسيرا لتفكير لا يصلح اليوم، عبر محاولة إيجاد نوع من الحياد والتوازن، وهذا لا يصلح ما بين البلدين".

 


عدد التعليقات (1 تعليق)

1

الترياق المغربي

مستعمر خبيث يربي لقيط نجس

انا شخصيا لا اطيق لا فرنسا المقيتة ولا كرغوليا اللقيطة كلاهما نفس المنهج ، ونفس الخسة والدناءة ، وعندما تربي افعى فسوف تحاول ان تلدغك ، الا اذا استعملت عصى وهذا ما تفعله فرنسا اليوم مع الافعى الرقطاء التي ليس لها انياب ولكن لديها سم ، ولحسن حظ المملكة المغربية انها تستعمل ترياقا قويا ضد فرنسا ولقيطتها الشمطاء

2025/01/18 - 10:30
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات