د. فيصل القاسم : هل كانت إسرائيل نائمة عندما تغلغلت إيران في الشرق الأوسط؟

د. فيصل القاسم : هل كانت إسرائيل نائمة عندما تغلغلت إيران في الشرق الأوسط؟
د. فيصل القاسم : هل كانت إسرائيل نائمة عندما تغلغلت إيران في الشرق الأوسط؟

أخبارنا المغربية



في اللحظة التي وصل فيها الإمام الخميني إلى السلطة في إيران في نهاية سبعينات القرن الماضي قادماً من بلاد الغرب «اللعين»، رفع فوراً شعار محاربة الشيطان الأكبر، ألا وهي أمريكا وكل الجهات المتحالفة معها في الشرق الأوسط. وبالتالي كانت إسرائيل على رأس قائمة الجهات التي استهدفتها القيادة الإيرانية الجديدة التي استلمت مقاليد الحكم بعد الثورة.
وكلنا سمع وقتها كيف بدأ الإيرانيون الجدد يرفعون شعار تحرير القدس وإغراق الصهاينة بالماء. وقد دعا الخميني حينها كل المسلمين لكب سطل ماء فقط على إسرائيل فتغرق إلى غير رجعة. ولا ننسى هجوم الطلبة الإيرانيين على السفارة الأمريكية في طهران واحتجاز طاقمها لفترة طويلة، ناهيك عن إغلاق السفارة الإسرائيلية في طهران وتسليمها لمنظمة التحرير الفلسطينية.
باختصار، لا بد وأن أمريكا وإسرائيل استلمتا الرسالة الإيرانية عن كثب، وهي أن العهد الإيراني الجديد بعد الثورة اتخذ من إسرائيل وأمريكا العدو الأول للجمهورية الإسلامية. وبالتالي، كان لا بد لواشنطن وتل أبيب أن تتخذا كل الاحتياطات، وترصد كل التحركات الإيرانية الجديدة لحظة بلحظة خوفاً من حملة الثأر الإيرانية الرهيبة التي أطلقها الخميني ضد الشيطان الأكبر وربيبته إسرائيل. لكن لو نظرنا إلى التغلغل الإيراني في المنطقة بعد سنوات قلائل على الثورة الإيرانية، لوجدنا أن إيران وصلت فوراً إلى الحدود الإسرائيلية بلمح البصر بعد تهديداتها النارية للإمبريالية والصهيونية. في بداية الثمانينات، وبعد ثلاث سنوات أو أقل، ظهر فجأة إلى الوجود «حزب الله اللبناني» كأول طليعة وذراع عسكري لإيران في المنطقة. ولو ظهر ذلك الحزب مثلاً في بلد عربي بعيد عن إسرائيل، لبلعنا القصة. لكن الذي حصل أن إيران أسست حزب الله على الحدود مباشرة مع ما تسميه وسائل الإعلام الإيرانية «الكيان الصهيوني» بعد أن قضت بالتعاون مع النظام السوري على كل الفصائل اللبنانية والفلسطينية والوطنية واليسارية والإسلامية وغيرها في لبنان التي كانت تخوض حرب العصابات ضد إسرائيل.
فجأة ظهر حزب الله ليرفع شعار تحرير القدس من على الحدود مع إسرائيل مباشرة، وليس من طهران. صحيح أن التغلغل الإيراني في لبنان، ومنطقة جبل عامل تحديداً بدأ منذ الستينات، لكن العلاقة بين إيران الشاهية وكل من إسرائيل وأمريكا في ذلك الوقت كانت سمناً على عسل، وكان التحالف على أشده بين «السافاك» الإيراني و«الموساد» الإسرائيلي، ناهيك عن أن أمريكا في مرحلة ما قبل الخميني كانت تعتمد على إيران كشرطي لضبط المنطقة بأكملها. وبالتالي، لم تكن إسرائيل أو أمريكا تخشيان من أي تغلغل إيراني في لبنان أو غيره طالما أن الطرفين حليفان ومشتركان في إدارة المنطقة برمتها.
أما بعد تولي الخميني مقاليد الحكم في إيران ورفعه شعارات تقطر عداء لإسرائيل وأمريكا، فكان لا بد للمرء أن يتساءل: كيف سمحت إسرائيل وأمريكا لذراع عسكري إيراني ضارب أن ينشأ على حدود إسرائيل مباشرة مع لبنان بعد فترة قصيرة جداً من وصول الخميني إلى السلطة، وبالتالي أن يهدد «الصهاينة» من على مرمى حجر؟
بعض الساخرين يتهكم قائلاً: يبدو أن أمريكا وإسرائيل اللتين تراقب اقمارهما الاصطناعية دبيب النمل في المنطقة، كانتا نائمتين في تلك اللحظات التي ظهر فيها حزب الله على الحدود مع إسرائيل، فنشأ الحزب ونما، ودجج نفسه بالسلاح الإيراني والسوري بلمح البصر، وعندما استفاقت أمريكا وإسرائيل وجدتا أن هناك قوة عسكرية إيرانية ضاربة على الحدود الإسرائيلية، فأسقط في أيديهما، وندمتا على الساعة التي أخذتا فيها غفوة، فاستغلتها إيران في إنضاج حزب الله، وجعله سيفاً مسلطاً على رقبة إسرائيل بين ليلة وضحاها.
وبما أن النظام الإيراني الجديد رفع منذ بداية الثورة شعار القضاء على الصهيونية، فكيف سمحت له إسرائيل وأمريكا أن يتغلغل في سوريا جارة «الصهيونية» المباشرة بهذا الشكل الرهيب، بحيث أصبحت سوريا على مدى عقود بعد الثورة الإيرانية (عدوة الامبريالية والصهيونية)، أصبحت مربط خيل إيران في المنطقة. يبدو أيضاً أن الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية أثناء التغلغل الإيراني في سوريا والهيمنة عليها كانت نائمة، ربما بسبب التعب، أو بعد تناول وجبة ثقيلة من الأسماك، فاستغلت إيران الغفوة أيضاً، ووصلت إلى حدود «الكيان الصهيوني» لتهدده مباشرة. وها هو الحرس الثوري الإيراني الذي يريد أن يدمر الصهاينة يصول ويجول الآن في سوريا حتى وصل إلى تخوم الجولان، وإسرائيل «المسكينة» غافلة عنه. يا سلام.
وليت أمريكا أخذت غفوة فقط في لبنان وسوريا، فاستغلتها إيران. لا أبداً، فقد اقترف الأمريكيون «الغفوة» نفسها في العراق، فذات ليلة استيقظ الغازي الأمريكي في بغداد بعد عشاء دسم وقليل من المسكرات، فوجد أن إيران سيطرت على العراق، وهيمنت على كل مفاصله الحيوية. ولم يكن بمقدور أمريكا وإسرائيل عندئذ إلا أن تسلما بالنفوذ الإيراني في العراق كما سلمتا به على حدود لبنان وسوريا مع إسرائيل بعد غفوة أمريكية وإسرائيلية قصيرة أيضاً.
لقد قال الشيخ محمد بن راشد حاكم دبي نقلاً عن الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد: «لا يمكن أن تطلق إيران طلقة واحدة على إسرائيل، لأننا نعرف أن أمريكا وإسرائيل لن تبقيا حجراً على حجر في بلادنا». هذا هو الموقف الإيراني الحقيقي من إسرائيل وأمريكا، أما ما نسمعه من عنتريات إيرانية فهو لذر الرماد في العيون والضحك على الذقون. لم يبق لنا إلا أن نصيح قائلين ونحن نعاين الخلطة السرية للعلاقات الإيرانية الأمريكية الإسرائيلية: «أسمع كلامك أصدقك، أشوف عمايلك أستغرب‏».
٭ كاتب واعلامي سوري
[email protected]

د. فيصل القاسم


عدد التعليقات (4 تعليق)

1

hicham

وكيف سمحت اسرائيل و امريكا لايران أن تساعد حركتي حماس و الجهاد ويحققان ما حققاه ؟ ولماد فرض على ايران عقوبات اقتضادية مند الثمانينات ؟ ولمادا لا تنتقد الدويلة التي تؤويك أم أنها مركز الدمقراطية والمقاومة لاسرائيل ادا لم تستحي فقل ماشئت لان هناك من يسوق لك

2014/05/31 - 09:21
2

حسن المراكشي

مهلا اخي فيصل

لقد جانبت اخي فيصل الحقيقة فايران لا تستطيع ان تحارب اسرائيل مباشرة وبدلك خلقت لها مشاكل وحروب جانبية و تحاول جعلها تعيش حرب استنزاف. ومع دلك اعطنا ايها الدكتور العالم في الحروب مادا فعلت الدول العربية لحماية فلسطين او محاولة تحريرها غير المؤتمرات والمساعدات الطبية كانها الهلال الاحمر.انا اشعر بك لانك سوري ومطرود من سوريا وتبحت فقط للانتقام من سوريا و ايران.ان قال نجاد دلك فلانه يعلم قوة امريكا ويتاهب لها.ولا يريد دخول حربا خاسرة اما العرب فلايجتهدون الا في صنع الفاحشة وقمع شعوبهم. انك بدات تخدم مصالح الامبريالية. قل هل يمكنك اخبارنا كيف اصبحت من الاغنياء وهل يمكنك ان تكتب عن اموالك وممتلكاتك وكيف حصلت عليها

2014/05/31 - 09:26
3

moha

sahih

que Dieu vous maudisse sale traître vous n’êtes qu'un menteur monsieur Faysale

2014/06/01 - 09:01
4

اليرموك

عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ ۚ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا ۘ وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا

إن الذي يريد أن يعرف الحاضر عليه العودة إلى التاريخ فإيران التي كانت في مامضى تسمى بالفرس كانت جزء من الصراع القديم الروم والمسلمين ثم الفرس والطرف الجديد الدخيل هو إسرائيل لأنها لم تكن حينها ولو أن اليهود كانو ولكن لم تكن لهم دولة وكانو مجرد قبائل تحت راية المسلمين وكان غالبيتهم في التيه أي مشتتين في العالم وما وجودهم الان في المعادلة إلا دليل على عودتهم وتشكلهم ككيان وأصبحو اليوم طرف رابع -الروم الغرب- والفرس إيران- واليهود إسرائيل- والمسلمين- .وعودتهم يعني قرب نهايتهم .وإن عدتم عدنا ولمعرفة ماوقع بالضبط هو تحالف الغرب واسرائيل وإيران على المسلمين لأنهم يخشو من المسلمين اكثر مما يخشو من إيران فعددهم يضاعف عدد إيران 10 مرات ولكن لايعني أنهم إخوة فهو تحالف للمصلحة من الطرفين فمثلا إسرائيل والغرب يرى أنه يجب القضاء على المسلمين و إضعافهم أولا لكثرتهم ثم المرور إلى إيران التي بدورها تعلم هذا وهي تستغل تحالفها للسيطرة علىبلاد المسلمين وتشييعهم وفي نفس الوقت تصارع الزمن لوضع القنبلة النووية التي ستجعل منها قوة يستحيل ردعها عندما يفرغ الاخرون لها . . والذي أريد أن أقوله من هذا كله أنه رغم مافعلوه من تحايل وحروب ودسائس عبر التاريخ لم ولن يستطيعو السيطرة على الأمة ولو أنها تهون وتضعف إلا أنها تعاود العودة من جديد لأن الذي لايعلمه الجميع أن للمسلمين بلادا تمتد من المغرب إلى المشرق وكلها مفاجئات للأعداء فالعزة للله ورسوله والمومنين

2014/06/01 - 12:38
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات
المقالات الأكثر مشاهدة