هل صحيح أن الحكومة مصابة بالايبولا؟
إسماعيل حروش
انطلقت منافسة كأس أفريقيا للأمم بغينيا الاستوائية في أجواء تنظيمية عادية، بعدما كانت هناك مخاوف شديدة من خطر تفشي فيروس الإيبولا. تلك المخاوف التي سيطرت خاصة على قبة البرلمان المغربي، الأمر الذي دفع ساسة هذا البلد إلى اتخاذ قرار التأجيل. لكن الاتحاد الافريقي بقيادة عيسى حياتو صفع المغاربة على خدهم الأيسر برفضه لطلبهم، وواصل صفعاته على الخد الايمن بحرمانهم من المشاركة في الكان وسحب التنظيم منهم ومنحه لدولة غينيا الاستوائية.
إن الاشكال الذي يدور بخلد المغاربة، والذي لم يستطيعون تفكيك عناصره، هو؛ لماذا رفضت الحكومة المغربية تنظيم المسابقة؛ هل مخافة من الإيبولا كما زعموا أم أن هناك أسباب أخرى مستترة لا يعلمها إلا أصحاب القرار؟
إن رؤية خاطفة لما يحدث داخل المغرب وخارجه تجعلنا لا نشكك فقط في الأسباب التي جعلت الحكومة تتخلى عن حق التنظيم، بل تجعلنا نكذب مثل هذه التبريرات الواهية التي يصدقها العامة من الناس. وتذهب بنا إلى منح فرضيتين اثنتين كتفسير لذلك التخلي.
الفرضية الأولى: يمكن أن نسميها بالفرضية الاقتصادية، ومصدرها هي الحكومة. مضمونها يحيلنا على محاولة وزير الشباب والرياضة ووزير الصحة بتنسيق مع رئيس الحكومة إلى استغلال الظرفية التي تعيشها القارة الافريقية من قوة قاهرة تحصد ألاف الأرواح. وهذا الاستغلال يتوخى الحصول على مبالغ ضخمة من الكاف بدعوى حماية الوفود المشاركة بتوفير عناية طبية فائقة. وهي الكعكة التي لم تنضج لكي يقتسمها الوزراء الثلاثة بحكم عدم رضوخ عيسى حياتو لمطالب المسيرين المغاربة. الأمر الذي دفع هؤلاء بمطلب القوة القاهرة في ادعاء مكشوف يتمثل في الخوف على صحة المواطنين المغاربة.
الفرضية الثانية: يمكن أن نصطلح عليها بالفرضية السياسية، ومصدرها جهات سامية في البلاد. فحواها يتمحور حول الاضطرابات السياسية التي يشهدها الشرق الاوسط وافريقيا، خصوصا مع تزايد أنصار الدولة الداعشية وظهور مُوالين لها في المغرب، إذ أن الانشغال بالكرنفال الافريقي لدولة لا زالت ترزح تحت وطأة الجمع بين كل السلط، أي أنها لا تستطيع الفصل في السلطة عبر توزيعها على مسؤولين يمتلكون كفاءات عليا وليس مجرد كراكيز يتم تحريكها أو توقيفها بحسب نوازع وهوى النفس من شأنه أن يهدد استقرار البلاد. وهو ما ظهر لنا من خلال حادثة ملعب مولاي عبد الله حيث تدخلت عدة جهات من أجل أن تحل مشكلة بسيطة. في حين تحل مثل هذه المشاكل في دول أخرى بقرار من موظف بسيط مهمته خدمة البلاد وليس الجيوب. دون أن ننسى الصراعات التي لا زالت تكابدها الدولة المغربية في الصحراء مع جبهة البوليساريو، إذ كان من المرجح أن تحج جماهير غفيرة نحو المغرب الأمر الذي قد يسمح بدخول جهات موالية للبوليساريو تجد الفرصة مواتية لتفعل فعلها.
إن الأمر الذي يرجح كفة الفرضية الأولى ويفند إدعاء خوف الحكومة على صحة المواطن، هو ما يحدث داخل المستشفيات المغربية، إذ لا نلمس هذا الخوف، بل إننا نجد الموت في انتظار كل مواطن يهدده مرض ما. فلا نعثر على الحد الأدنى من الانسانية في الاعتناء بالمريض داخل المستشفيات لكي نصدق مثل هذه الترهات، ونفس الأمر يقال على التعليم... أما الذي يزيد من مصداقية الفرضية الثانية، هو عدم اعتراض أي وزير على قرار التأجيل الذي يبدو أنه فرض من فوق ولم يتم التشاور بشأنه، مع العلم بالنتائج التي قد يؤدي إليها على المستوى الرياضي. وهو القرار الذي ثمنه مدرب المنتخب مع العلم بأنه كان ينبغي عليه أن يكون أول المعترضين على مثل هذه القرارات المفروضة والتي ليست في صالح الكرة الوطنية ما دام هو الذي يسهر على رعايتها.
إن ما يريده المواطن البسيط ليس أن يخاف على صحته - فهو فاقد للأمل في أن تحمل الدولة مثل هذه الغايات النبيلة أو المثالية – بل فقط أن يساند منتخبه ويرفع علمه حينما ينتصر وطنه على أوطان أخرى، بحيث يعوض هذا الانتصار هزائم أخرى على عدة مستويات. ولسان حاله يقول من غير المعقول أن يضيع جيل من اللاعبين بكامله بحكم العقوبات المنتظرة من الكاف بعد نهاية الحفل الافريقي.
والآن يبدو أن الإجابة عن السؤال قد اتضحت.