درس القراءة‏

درس القراءة‏

محمد لغويبي

 

             القراءة كنز ، جزر و مرافئ ، بر و بحر ، جنة في الأرض كما في السماء ، رحلة العمـر و استكشاف للخرائط و ماء الأعماق ، استنطاق للنقش على الحجر و على آماق البصر . حرية مستدامة ، صلاة و طهارة ، اعتراف و تبتل ، طاعة و عبادة ، زكاة و صوم و شهادة ...

             هي المبتدأ و الخبر و الليل و النهار ، الأيــــام و العبر ، هي الأغاني و الأماني و العلــوم و الأشعار . هي سير المتقدمين و قصص المتأخرين . هي الشاهد على الملل و النحل و الوقائع الغريبة ، هي الأشكال و البنى ، هي الصورة و الخفاء ، هي التجلي ...

              من هنا كان أول الدرس ، أول درس في القراءة يشهد على الإنسان أن ليس له إلا ما قرأ ، فهي الزاد و الملاذ ، في القصــر كما في الغار ، و في الفصــــول و خارج الفصول ، فــــي القاعات و الساحات ، في المساجد كما في الكنائس .... وهو الدرس الذي لا يكتمل ، يأبى أن يكتمل ، يبحث في المقروء كما في القارئ ، عن اللب و العمق و الغور ...

               و من هنا انطلقت السفينة تشق موج البحر اللجاج المتلاطم طورا و الساكن الهادئ طورا آخر  ، تبحث في الزرقة و الماء عن الأسرار ، أسرار الأرض و السماء .... هكذا تمضي السفينة تخترق الحدود و تهدم السدود ، ترفع الأشرعة و الرايات ، تنقذ الغرقى و تنتشل الهـــالك و المغبون و تقود الناجين إلى بر الحياة . تعود بهم إلى الدرس و أيام الفصول ، تذكرهم بأول العناوين و بأول التاريخ ، بأولى الجمل و الكلمات ، بأول صوت و بأول فرحة و بأول دهشة ، تعود بهم إلى أول موعد مع التاريخ.

               هو درس القراءة لا غير ، يسمح بالولوج إلى العوالم الممكنة و السباحة  في النهر المتجدد دوما ، بعيدا عن الماء الراكد و البرك الآسنة . يدعوك إلى الاحتفال و الاغتناء ، ينادي فيك الإنسان الحي الخالص ، المشارك في دورة الحياة ، على هذه الأرض .و على هذه الأرض ما يستحق القراءة ، و على هذه الأرض ما يستحق النجاة.

 

 

عدد التعليقات (2 تعليق)

1

hamza

good

2015/02/17 - 08:18
2

حسن

تهنئة

اشد على يدك بحرارة يا اخي لانك بمقالك هذا -و الذي اتمنى ان تعيد نشره في مجلات الكترونية اخرى و فى غيرها من المجلات الورقية -اقول بمقالك هذافانك تسدي خدمة جليلة للغة القران وتتبرع بقطرات من دمك لانقاذها واعادة الحياة اليها ورد الاعتباراليها و تبويئهاالمنزلة والمقام الرفيعين اللذين تربعت على عرشهما لقرون خلت الى ان طالها الجحود والعزوف بفعل مؤثرات وعوامل يطول عرضهاو كثيرها جلي لذى المهتمين باللغة العربية من حيث مجدها وتاريخها التليد ،واقعها الحالي وافاقها المستقبلية.هنيئا لك بصنعك وجازاك الله خيرا بعدد ما ورد في مقالك من حروف والله لا يضيع اجر من احسن عملا والسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.

2015/02/20 - 03:05
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات