السؤال الغريق

السؤال الغريق

محمد لغويبي

 

يعنيك السؤال والجواب معا،في هذا الوقت بالتحديد.وليسفي وقت سابق.وتدرك خطورة اللحظة ودقة المرحلة وثقل الوقت .لا يعنيك طبعا المنجز القليل الذي أنجزت،ويعنيك قطعا المنجز الآتي وراء الغمام،خلفالموج،تحت الجبال وفي رحم السماء.يعنيكحتما هذا المختفي الغامض البعيد الذي تحسه قريبا والذي به تكتب وتواصل فعل الكتابة بنفس العمق الذي نتنفس به الحياة.

تكتب لأنك تحب الفطرة التي خلقتك كاتبا تعتقد.لم تتعلم الكتابة في المدارس و لا  من الكتب التي قرأت،لأنك وببساطة عالية هكذا مكتوب وكاتب مذ جئت إلى الحياة،فأنت تنتمي إلى سلالة المفطورين على الكتابة منذ الأزل. تنتمي إلى سلالة لا تنقرض، ترى في الوجود كتابة عن الخالق والمخلوق، ترى في الكتابة نصوصا وأجناسا وأنواعا تجمعها صلة وجودية وفطرية، تظن.ولهذا فالكتابة فعل أخوي إنساني متصل بالإنسان كل الاتصال.

تكتب لأن الإنسان الحقيقي في داخلنا مكتوب، ولهذا تعمل على إخراج الإنسان الحقيقي من رحم الكتابة، فيخرج ويخرج معه ما تكتب، يخرجان معا متحدين في إبداع واحد لا يقبل الانفصال.

تكتب لأن الكتابة نداء من العمق،دعاء مستجاب لا يقبل التحايل والتقاعس ،و لا يقبل التأجيل والتسويف ،وليس فيه بيع وشراء ،ولا أوسمة ونياشين و لا مدح و لا ادعاء،و لا ارتشاء أو ارتزاق، ولا مناصب عليا أو امتلاك قصور وضيعات...

تكتب لأنك فقير وغني،قويوضعيف،مقيموراحل،طالبومطلوب،منتمي ومنفي ،حاضر وغائب،تكتب في حضرة الغياب عن المنفي المقصي المبعد و المهمش،عن المقدس والمدنس،المبتور المقطوع والموصول ،المسكوت عنه والمعتم،الميت والحي، الحاضر والغائب،السابق واللاحق، المتأخر والمتقدم، عن الوحدة والنقيض، عن السكون والجدل... عن هذه الروح وعن هذا الجسد، عن الإنسان في المكان والزمن،عن الماضي والحاضر والقادم،عنالعالم.ترى.

لا تكتب ليقول عنك الناس أنك تكتب فالفطرة وحدها لا تموت، ولهذا لا تكتب حرفة أو صنعة أو طمعا في شهرة أو خلود. تكتب حتى لا يقهرنا العقم وتتمكن منا العلة فننسى علة الوجود وقصة الخلق وبعثة الأنبياء والرسل.

تكتب لأن لكل إنسان اسما مكتوبا ورزقا مكتوبا وخطا مكتوبا وكل ذلك في لوح محفوظ.تجزم . تكتب لأن الكتابة أصل والباقي فروع، فلا يسألن أحد أحدا لماذا تكتب فالكتابة أصل الوجود.

 

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات