بنكيران وبروباغندا الاستقالة

بنكيران وبروباغندا الاستقالة

رشيد أخريبيش

 

على الدوام يخرج علينا السيد بنكيران ،ويعلن للملأ أن الحكومة مستعدة للاستقالة إذا ثبتت مسؤوليتها في كل الحوادث التي تقع، والتي يكون ضحيتها المواطن المغربي ، وهذا جميل ومن الأشياء التي تظهر أننا في الطريق الصحيح ،وبأن بلدنا الحبيب يسير في اتجاه ترسيخ مفهوم الديمقراطية الحقة، على شاكلة الديمقراطيات الغربية لكن السؤال المطروح هو هل سمعنا يوما كمغاربة عن تحقيقات كشفت عن مسؤولية الحكومة في حادث أو فاجعة ما ؟؟؟

كلام السيد الوزير كلام في قمة الديمقراطية ، ومن يسمع عنه يظن أننا نعيش في دولة ديمقراطية تحترم شعبها ، لكن الوقائع على الأرض تظهر عكس هذا الكلام، فإذا كان السيد رئيس الحكومة قد جعل مصير حكومته رهينا بنتائج التحقيقات ،خاصة بعد حادثة طنطان، التي أودت بحياة أكثر من 30 طفلا فإنه أيضا يعرف أن هذه التحقيقات لن تأتي إلإ بما يرضيه ويرضي إخوانه ،عملا بالتحقيقات السابقة التي يعرف المغاربة نتائجها مسبقا دون أن ينتظروا الإعلان عنها.

في بلدنا الحبيب اعتدنا على مثل هذه الفاجعات، والتي يكون المواطن هو من يؤدي ثمنها، دون أن تبادر الحكومة إلى الاستقالة ،لأن من يصل إلى السلطة من أصحاب القرار في بلدنا، لا يمكن أن يتنازل عنها إلا بإحدى الحسنيين ،إما موت محقق من عند الله، أو إقالة يخرج عبرها مكرها من الحكومة ، ولنا في السيد محمد الوفا خير مثال على أن من يصل إلى السلطة يعض عليها بالنواجد، خاصة عندما قرر حزبه الخروج من الحكومة فرفض هو التنحي وبقي في الوزارة إلى حدود الآن، بالرغم من الضغوطات التي مورست عليه ، وهذا كله يظهر هذا الحرص الكبير لهؤلاء على السلطة دون مراعاة لمعاناة هذا الشعب الذي اختارهم لتقلد تلك المناصب .

لو كانت الحكومة ستستقيل لربما استقالت  في أول لحظة من عمرها ،عندما فرض عليها أن تتحالف مع من كانت تعتبرهم مفسدين بالوراثة ، ولو كانت ستستقيل لربما استقالت نتيجة الحوادث التي حلت بوطننا، فأين كان السيد بنكيران وإخوانه عندما حلت الكارثة بحي بوركون بالدار البيضاء ،والتي ذهب ضحيتها 23 شخصا ، بل أين هؤلاء من الاستقالة عندما حلت الفياضانات بكلميم، فأودت بحياة العشرات من المواطنين ، الذين بقيت جثثهم ملقاة على الأرض لأيام اضطر من هم على رأس القرار على نقلها في شاحنات للأزبال في صورة مآساوية تظهر بشكل كبير حرص هؤلاء على الشعب حيا وميتا .

حديث بنكيران أصبح معروفا عند عامة الشعب المغربي سواء المتتبع للشأن السياسي ، أو الذي لا علاقة له بالسياسة ولا بهؤلاء الذين طالما يخرجون عليه بمسرحياتهم التي ما أنزل الله بها من سلطان ،فالاستقالة لن تحدث ولو حدثت لربما سيذكرنا السيد بنكيران بمرحلة مهمة من تاريخ المغرب  وبالضبط عندما اضطر الملك  محمد الخامس إلى رئاسة الحكومة الخامسة ، بعد أن عجزت كل الأحزاب السياسية أنذاك على تشكيل حكومة توافق تستجيب لمتطلبات الشعب المغربي ، لكن هؤلاء لن يستقيلوا ولن يتجرؤوا على ذلك لأنهم ليسوا من الساسة الذين يحترمون مناصبهم ، وليست لديهم الشجاعة الكافية لمواجهة الشعب المغربي الذي قدموا له الوهم على طبق من ذهب .

لا مجال للحديث عن الاستقالة في عهد السيد بنكيران ، ولا مجال للتحقيقات التي تأتينا على شاكلة الاستفتاءات والانتخابات في الدول الغير الديمقراطية، التي دائما ما تعطي نتائج ايجابية لصالح الحاكم  ب99 % ، قد نقبل بمثل هذا الكلام في الدول الديمقراطية ،وفي الدول التي تحترم شعبها، والتي تضطر في بعض الأحيان إلى إعلان الحرب على دولة أو جماعة لمجرد أن مواطنا ينحدر منها تم قتله في بلد آخر  ، قد نقبل هذا الكلام من الدول التي يستقيل مسؤولوها لمجرد فضيحة لا تصل إلى فضائح ساستنا العظام، الذين جعلوا من الفضائح شعارهم الخالد ، أما حكومتنا فهي لا تستطيع أن تستقيل، لأن هؤلاء لا تهمهم مصلحة البلاد ولا مصلحة هذا الشعب ، وإنما تهمهم مصالحهم الشخصية التي يجعلونها فوق كل اعتبار .

لمن يطبل الآن لكلام السيد بنكيران ، ولمن يحاول جعل هذا الآخير بطلا من خلال كلامه هذا، نقول إن تصريحات الرجل منذ البداية كانت كلها تصريحات عاطفية جوفاء، أساسها كسب مزيد من الوقت، والإبقاء على تعاطف هؤلاء المغاربة الذين يحاول اللعب بمشاعرهم مرة أخرى، بعد سنوات عجاف ستبقى بمثابة وصمة عار في جبين هذه الحكومة التي لم تأت إلا بالمآسي .

حكومتنا الغراء بعد أن جربها الشعب ، وبعد أن أعطى لها الوقت الكافي، اكتشف أن هذه الحكومة ،لا تهتم بشؤون المغاربة، ولا تسعى إلى تنمية هذا البلد الذي عانى الويلات ، بل هي منغمسة في قصص الحب والزواج التي غالبا ما يكون أبطالها وزراء في حكومة السيد عبد الاله بنكيران ،والتي تذكرنا بزمن الحب الجميل ،زمن قيس بن الملوح وليلى  العامرية، وزمن عنترة وعبلة ونسوا أنهم في مهمة تحتم عليهم الالتزام بقليل من الأخلاق التي تفرضها الأعراف السياسية .

التاريخ سيسجل أن الحكومة سعت جاهدة إلى تركيع المغاربة ، وأنها كانت بمثابة السيف المسلط على رقابهم لكن يجب أن يعرف هؤلاء أن المغاربة ليس لديهم الاستعداد مرة أخرى لركوب سفينة من أغرقوا البلاد في الازمات، كما أنهم لا يريدون  أن يلدغوا من الجحر عشرات المرات ، ياليت رئيس الحكومة يعلم ، وياليت إخوانه يعلمون .

 

 

 

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات