الظهير كوسيلة قانونية للعمل السلطاني وألية لتدبير الشؤون الإدارية _ السياسية

الظهير كوسيلة قانونية للعمل السلطاني وألية لتدبير الشؤون الإدارية _ السياسية

عبدالعالي طاشة

 

يعتبر الظهير بمثابة الألية القانونية المخولة للمؤسسة التأسيسية لممارسة اختصاصاتها وصلاحياتها بموجب البيعة ، مما يجعله يحتل مكانة سامية داخل الهرم القانوني المغربي ، يصدر عن السلطان حين تستدعي الضرورة إلى إنشاء أوضاع قانونية قارة ، ويتم إسناده بمكانة السلطان حتى يتسنى له إكتساب صفات الدوام والإحترام .

 

إن إرتباط ظهور الظهير هو قديم جداً يعود إلى زمن ظهور مؤسسة المخزن السياسية _ الإدارية،  التي هي الميزة المميزة للمملكة المغربية عن باقي الدول  العربية _ الإسلامية  ، فالبرجوع إلى الإطار التاريخي نجد أن ظهوره كان غداة عهد الموحدين ورثة المرابطين في كيفية تدبير وتسيير دواليب وهياكل الإدارة المتطورة ، تلك التي شكلت اللبنات الأولى للمخزن المغربي ، كما جاء على لسان الأستاذ الكبير عبدالله العروي ، مما يأخدون إلى الجزم بأن زمن الموحدين هو باكورة الحقبة الزمنية في تاريخ المملكة المغربيية انذاك التي عرفت فيها تطبيق الظهائر كوسيلة للعمل السلطاني ، غير أن هناك من يرى أن تقنية الظهائر كانت مستوحاة من التنظيم الإداري الإسلامي في الأندلس ، بالخصوص مع الأمويين حتى  لا تبقى الدولة خاضعة للمزاج المتقلب للأمازيغيين وهو رأي هنري تتراس ، كما أن رواد هذا الإفتراض في تحليلهم لزمن ظهور الظهير، يستندون إلى كلمة الظهير في جانبها البلاغي ، بإعتبارها كلمة عربية محظة لايمكن انتشار تداولها داخل التراب الوطني المغربي حينها والذي لم يكن قد تعرب بعد في عهد الموحدين .

 

وكما جاء في كتاب استاذنا القدير حسن الخطابي  _ قضية الصحراء المغربية بين الشرعية التاريخية والمشروعية القانونية_ الصفحة 28  فالظهير هو ذاك العون  ألمعنوي  الذي يستمده رجال الدولة من سلطة الإمام الذي يحظى بطاعة المؤمنين الذين قلدوه ببيعتهم .

 

ومن الناحية اللغوية هو العون كما جاء في لسان العرب لإبن منظور ، والمعين حسب ماورد في معجم الوسيط .

 

كما أن هناك تطابق واضح وبين ، بين وظيفة الظهير كتقنية للعمل  السلطاني غرضها الإنعام والتوقير والإحترام بصريح العبار احسانية تقديرية ، وبين المعنى اللغوي الذي تحمله التسمية حيث أنه عون ومعين في نفس الوقت لصاحبه من الناحية المادية والمعنوية :

 

المادية : تتجلى في أنه يتيح لحامله قبض قدر من الأموال العامة على شكل معاشات دائمة أو تعفيه من بعض الإلتزامات أو غيرها  .

 

المعنوية : هو تعبير عن عطف ورضى السلطان على الأولياء والرعاية المخلصين .

 

ومنه فموضوع نص الظهير ينصب على : المكافأة ، التنويه ، المجازاة ، الإنعام ، الإعفاء ؛ والجدير بالذكر أن الأوضاع القانونية التي تنشئها الظهائر الشريفة تتسم بطابع الديمومة . 

 

وحيث أن الروابط ذات الطابع السياسي كانت قائمة بين المكونات الترابية للمغرب ، والدول التي تعاقبت على حكمه على مر العصور ، ستترسخ أكتر في عهد العلويين لاسيما مع ظهور الأطماع الإستعمارية غداة القرن 19م .

 

ففي سياق  تدبير شؤون جميع اقاليم المملكة المغربية أصدر السلاطين العلويين نوعين من الظهائر خصوصاً فيما يتعلق بالأقاليم الصحراوية شأنها في ذلك شأن باقي اقاليم الشمال ، وهما :

 

النوع الأول : ظهائر التوقير والإحترام

 

النوع الثاني : ظهائر التعيين في مناصب المسؤولية .

 

والحري بالذكر أن هناك نوع أخر من الظهائر كان يصدر إلى جانب ما ذكر، كان يتضمن بعض التعليمات والأوامر لمن كان يتقلد مهاماً دينية أو مخزنية .

 

ومن كل ماسبق يبدو الظهير كتقنية للعمل السلطاني لا في شقه المتعلق بالتوقير والإحترام أو في الشق المتعلق بالتعيين في مناصب المسؤولية ، ظل محافضاً على قيمته القانونية السامية على مر التاريخ ، هذا من جهة ومن جهة أخرى فإذا كان الظهير لا يرقى في قوته القانونية ومكانته إلى مصاف مصادر الشرع إلى أنه يظل محتفضاً بمكانته السامية داخل الهرم القانوني المغربي ، لإنه يصدر عن  أمير المؤمنين  .          

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

المقالات الأكثر مشاهدة