نحو إدماج حقيقي للشباب الصحراوي في النسق السياسي و التنموي للبلاد.

نحو إدماج حقيقي للشباب الصحراوي في النسق السياسي و التنموي للبلاد.

يوسف بوعنيس

 

      إن الشرعية الدستورية كقاعدة في تنظيم الحياة السياسية و الدستورية للدول لا تستقيم إلا بضرورة إيجاد دعم و تمثيلية وازنة و اصطفافات بالجملة نحو المشروع السياسي و التنموي لتلك البلدان .

و المغرب كبلد حداثي منفتح على الفضاء الاورومتوسطي و ألمغاربي مع بوابة افريقية شكلت تاريخيا فضاءا للتدبير السياسي بالدبلوماسية المرنة و استثمار الروابط المشتركة التي غدتها الروافد المذهبية و الدينية للمغرب، هذا الوضع كان محفزا للتعاطي الايجابي مع حراك المجتمع و تماهيه مع الأفكار الديناميكية وهو ما أكده الإصلاح الدستوري العميق الذي باشره المغرب بقيادة ملكية و دعم جماهيري و مواطناتي كان موعد ه الفاتح من يوليوز 2011, ليتعزز  بالملموس تلاحم العرش و الشعب ،و القارئ بإمعان لهذه المؤشرات سيجد أن ثوابت وركائز الاستقرار جلية و مستدامة في النظام السياسي المغربي,لكن الثقل الاجتماعي بأخطبوطية مشاكله في علاقتها بالإصلاح السياسي و الاقتصادي يقتضي منا فهم منهجيا  العلاقة المتلازمة بين المشاركة الفاعلة للمجتمع داخل منحنيات المشاريع الاقتصادية و الاوراش الكبرى و التي ستمكنها الدعامة الشعبية من نجاح أوسع و ربح الرهان الاجتماعي بتحقيق اثر ملموس على وضعية و حركية الساكنة النشطة و بالتالي حصول نوع من الرضي و المصداقية للمشاريع المنجزة و المطروحة. 

كان لزاما مني حقيقة و أنا اخط هذه السطور أن أقف هنا على اثر المشاركة و إشراك كافة أفراد المجتمع في النسيج العام للدولة كمعطى حضاري يسمو بثقافات الأمم سياسيا و قيميا و استشرافيا .في السياق ذاته آتت بادرة ثلة من الأطر و الكفاءات الصحراوية ذات الحس و الميول السياسي و النضرة المندمجة لقضايا و رهانات الشباب بالأقاليم الجنوبية في تأسيس هيئة مدنية في شكل حكومة للشباب الموازية لشؤون الصحراوي تحت قاعد اشتغال قانونية يضمها "منتدى كفاءات الصحراء " وهي عموما مبادرة مستقلة تضم كفاءات و اطر كانت إلى عهد قريب تنئ بنفسها عن الهم و الواجب العام و حتى الفضاء العمومي نضرا لاختلافات في الرؤى لطرق التدبير و التنزيل التنموي و الممارسة السياسية بأقاليم الجنوب غدته كذلك عامل حاسم يتجلى في انعدام منظور و حتمية دوران النخب و اتكال الدولة تاريخيا على بعض النخب و تضييق دوائر التنخيب هذا فضلا عن تلاشي ما كانت تراهن عليه الدولة حينئذ بدور أنظمة الوساطة في تبعية المجتمعات القبلية كما تبرزه النظرية الانقسامية و تجاربها في العديد من مناطق المملكة أهمها خلاصات روبير مونتاني، و سبر كنه النظم الاجتماعية الانقسامية عند عبد الله حمودي ،فهذا الرهان الثقافي أصبح متجاوزا و دون أي اثر في الأقاليم الجنوبية لا سيما وان القواعد الواسعة للهرم السكاني بالصحراء يتشكل أساسا من فئة الشباب اد يفوق النسبة الوطنية البالغة %40 في انتظار النسب المتمخضة عن الإحصاء العام للسكان و السكنى لسنة 2014.

فالرهان الدولة على الشباب في المناطق الجنوبية أصبح شرطا حاسما ألان و قبل أي وقت مضى لربح رهان التنمية المستدامة و التنزيل الأسلم للمشاريع السياسية و الاقتصادية و تثمينا أنجع للموروث و التراث الشفهي لتلك الربوع ، فلا مناص من إعطاء الفرصة للأطر و الكفاءات الصحراوية الوطنية النزيهة عبر التشجيع و تقوية فرص حضورها في تدبير الشأن العام محليا و مركزيا من خلال التمثيلية و التدبير التكنوقراطي الناجع ، و هو ما أكدت عليه عديد المبادرات كحكومة الشباب الموازية للشؤون الصحراوية التي تعد من اللبنات الحاضنة و المؤطرة لثلة من خير الشباب الواعي عبر إطار مدني قانوني جسده" منتدى كفاءات الصحراء" بل هناك مراكز بحث و حركة نشطة لفعل جمعوي مواطناتي تؤطره ثلة من الكفاءات النظيفة و الجمعويين  الأفاضل و الفضليات الذين يشتغلون هنالك في الأقاليم الجنوبية و ضلت مقترحاتهم و أنشطتهم ومبادراتهم لعقود خارج حسابات الدولة و المجالس المنتخبة و مبدأ المقاربة التشاركية كمعطى فعال و حاسم في الحكامة الجيدة لتدبير الشأن العام و ممارسة حقيقية للديمقراطية المحلية كما تنشدها فصول الميثاق الجماعي منذ ظهير 1976 إلى تعديل 2009 ، إذن فأجرأة خطة وطنية لإدماج الشباب في الحياة السياسية و ترسيخ ثقافة تنحو منحى هذا الاتجاه هو اختيار استراتيجي و تعبير عن وعي واستيعاب لحتمية استدامة مشروعية الممارسة السياسية ببلادنا.

و لن يستقيم نهجنا التدبيري إلا بإدماج ملموس لتلك الكفاءات و الأطر و تشجيعها و استثمار طاقاتها و مرد وديتها في مجالات شتى ،بعيدا كل البعد و تجاوزا للنتائج الكارثية للنمط التقليداني في التنخيب كما كان معمولا به، القائم أساسا على المحسوبية و هدايا الرشوة و صفقات المصاهرة و التي أفرزت لنا "نخب" هجينة فاقدة للبوصلة و للاستقلالية و تنقصها الكفاءة الميدانية و التحصيل العلمي اللازم للمرحلة.

   فللأسف طرق كهاته لن تطمئننا بمعالم المستقبل و لن تضمن التنزيل المدروس للمشروع الوطني في كل مجالاته سواء السياسية او الاقتصادية و حتى الاجتماعية في ظل  ما يعرفه الفضاء الخارجي من  مستجدات وما يفرضه علينا حقيقية من تحديات خصوصا في ربح الرهان مغاربيا و إفريقيا وفضح علمي و إجرائي و شعبي لترا هات الخصوم و الاستفادة أكثر من الوضع المتقدم مع الاتحاد الأوربي ، فلا مناص اليوم من هذه النخب و الكفاءات المغربية الشابة  محليا ووطنيا لتحقيق الغايات المرجوة واستثمارها  لما تستدعيه مصلحة الوطن و واجباته على أبنائه .     

 

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

المقالات الأكثر مشاهدة