غيمة سياسية
محمد لغويبي
أظهرت الانتخابات الجماعية و الجهوية الأخيرة إصرارا كبيرا من طرف الدولة و الأحزاب على الذهاب بعيدا في طريق تكريس القناعة بجدوى المسلسل الانتخابي، و قيمة اللعبة الديموقراطية القائمة على المؤسسات والتعددية والتنافسية، وعدم القبول بأي فراغ أو تعطل يمكنه خلق الارتباك والارتياب...
وبالفعل نجحت الدولة ومعها الأحزاب السياسية المتنافسة في تكريس وهم اسمهالصراع والتدافع، والحيادالإيجابي، وهي خصائص بنيوية خاصة بالمجتمعات الحية التي تؤمن بقيمة الدولة والمجتمع معا و تؤمن بالاختلاف وحسن تدبيره، غير أن هذه الخصائص لم تجد لها جذورافي التربة السياسية و المجتمعية، بل ظلت أسيرة عقلية معطوبة و معاقة و لا حداثية، سجينة الشعارات، رهينة الذاتية الملتبسة و الحقائق المستترة.
و بالطبع، فشلت كل الأطراف في استثمار الاستحقاق – جزئيا على الأقل-بجعله لحظة فارقة في الوعي و الممارسة، و لم تقدم درسا حقيقيا في المواطنة و المسؤولية و الواجب و الاحترام، و تقدير الأنا والغير، و لم تهدم السدود القديمة و لم تحع الأخطاء الجسيمة، بل سارت على درب القديم وأضافت إليه توابل تالفة وفاسدة، أفسدت النكهة و سدت الشهية عند الكثيرين، ممن تمنوا أن يكونوا مخطئين في تقديراتهم السياسية ووعيهم الشقي الذي لا يؤمن إلا بالتغيير الحقيقي في الممارسة و الفعل، و لا يقبل إلا بمبدإ التدرج المنطقي و المنتج.
و بالقطع لا يزال الوعي المتأخر يحاصرنا كما عهدناه، فلا المدارس و لا المعاهد و الجامعات و لا الإعلام و لا التكنولوجيا استطاعت أن تفتح النوافذ على نسائم الربيع و رياح التغيير و كأن السؤال لم يعد هو: هل المجتمع يتغير و الدولة لا تتغير بل هو هل الدولة تتغير و المجتمع لايتغير؟.
حقا يسخر منا السؤال، في الصيغة و المدلول، و هو بذلك يدعونا حتما إلى طرح الإشكال: لماذا الدولة و المجتمع يسيران بسرعتين مختلفتين حدى التناقض؟ ألا يكمن في التناقض الجوهر والعمق و الجواب- ربما..