الإرهاب والتطرف مولودين غير شرعيين في زمن غير مقيد.
عبدالعالي طاشة
الإرهاب والتطرف، من أكبر المواضيع والقضايا الرئيسية التي يهتم بها الكثير من المجتمعات ، ظاهرة شغلت ، ولازالت تشغل بال الباحثين المهمومين بالقضية، وكذا بعض المؤسسات الحزبية السياسية، والنقابية، والجمعوية، الجادة في مجتمعاتنا .
فالتطرف، هو إمتداد في التكويبن الهيكلي، والمثل، والإيديولوجية التي يرتيقها المجتمع ، وهو بذلك يعني: كل الأعمال التي من طبيعتها أن تثير لدى كل فرد أو مجتمع ما الإحساس بالخوف من الخطر بأي صورة .
فهو عمل يخالف الأخلاق الإجتماعية، ويشكل إغتصابا لكرامة الإنسان، وإنتهاكا لأدميته، وخطرا حقيقيا بالنسبة للسلم الإجتماعي.
فالإرهاب والتطرف هما: مولودين غير شرعيين في زمن غير مقيد، فلا وطن ولا جنسية ولا دين ولا عقيدة لهما ، فالأول(الإرهاب) هو محاولة لهدم القيم الأخلاقية والدينية ونشر الفساد والضلال بين الناس، والثاني(التطرف) هو محاولة تحريض الشباب من قبل أناس يدعون الإسلام وإقتباص أخطائهم بهدف إغوائهم وتضليلهم عن الحق .
ويعد مفهوم التطرف، من المفاهيم التي يصعب تحديدها أو إطلاق تعميمات بشأنها ، فهو تعبير يستعمل لوصم أفكار وأعمال ينظر إليها من قبل مطلقي هذا التعبير بأنها غير مبررة ، ومن الناحية الفكرية ، يستعمل هذا التعبير لوصم الإيديولوجية السياسية التي تعتبر بعيدة عن التوجه السياسي لمجتمع ما ، ومن الناحية العملية ، فالتطرف يعبر في غالب الأحيان لوصم المنهجيات العنيفة المستعملة في محاولة تغيير حالة سياسية أو إجتماعية ، كما قد يعني هذا التعبير إستعمال وسائل غير مقبولة من المجتمع تصب نحو الترويج لجدول أعمال معين.
ومنه فالتطرف والإتجاه نحو الإرهاب، أصبح خطرا حقيقيا يهدد إستقرار الوجود البشري، وحضاراته، وإنجازاته الخاصة، كما يواجه تماسك المجتمع ، فهو عبارة عن كل المغالاة سواء أكانت سياسية، أو دينية، أو مذهبية، أو فكرية .
*فالإرهاب اليوم هو تلك الظاهرة التي عملت البورجوازية الرأسمالية العالمية الكبرى على توفير وخلق الشروط الموضوعية لتكوينه وتكونه وتبنيه وحمايته سابقا ، لإسثتماره بالشكل المطلوب في مواجهة النظام النقيض الإشتراكي منه أو العاق * ...من كتاب من الدعوة إلى إرهاب الأمركة دراسة في السلطة السياسية والمطلب الديمقراطي للكاتب- محمد بوجنال -.
إذن فالردكلة، ليست بالأمر الفطري ، وإنما هي فعل مكتسب وذلك على إعتبار أن الشخص الراديكالي، أو أعماله الراديكالية، يضلان رهينين بأسباب عديدة تفسر المسار الذي يؤدي إلى الردكلة من خلال تبني التطرف كعقيدة ...منقول عن - بوشعيب أرميل المدير العام للأمن الوطني.
هذا ومن المنظور السوسيولوجي يعني التطرف : كل تعبير ثقافي أو تجربة عنيفة تهدف إلى تحقيق هدف مشروع حسب الجهة المتطرفة، وذلك عن طريق وسائل مقوضة لمرتكزات التلاحم الإجتماعي والتسامح ، والحق في الإختلاف .
ولحدود الساعة تكون بعض أسباب الإرهاب لازالت مجهولة ، وفي خفاء تام على جميع الناس ، ماعدا المسؤولين الأمنيين، الذين لهم صلة مباشرة بالتحقيق مع من تم القبض عليهم من الإرهابيين ، لكن ما دلت عليه خلفيات الكلمات التي ألقاها عدد من العلماء والمهتمين حول موضوع الإرهاب ، أن أسباب تفشي هذه الظاهرة يعزى إلى :
-الإنحراف عن معايير العدالة والعقلانية
- التصور التآمري للأخر
- وسواس الفرقة الناجية
- الفجوة المعلوماتية
- الخلط بين النص الإلهي وأقوال العلماء
وكما نعلم أن حقوق الإنسان تقابلها واجبات الإنسان ، ومن المعلوم أن مسألة حقوق الإنسان أصبح ينظر إليها بنوع من الريبة ، فبعد مخلفات الأحداث الإرهابية التي عرفها العالم ، والمتأمل لفترة مابعد الأحداث الإرهابية 11 يناير 2001 ، تراجعت المؤسسات الداعية إلى تبني حقوق الإنسان والدفاع عليها ، إذ تأثرت هاته الحقوق تأثرا بليغا ، أصبح معه من الممكن التجسس على المعطيات الشخصية ، للوصول إلى المجرمين ، وذلك يتضح بشكل جلي ، من خلال المكنة التي منحها المشرع الفرنسي ، حيث سمح بتغيير المعطيات والرسائل الشخصية بهدف الوصول إلى المجرمين .
ومن سبل الوقاية من الإرهاب أو التطرف، نجد أن معظم الخطب والتوجهات الملكية التي أعقبت أحداث الإرهاب، إتجهت نحو تكريس معالم إستراتيجية جديدة ، تدعو إلى ضرب الفعل المنحرف في الصميم ، كما تروم بالأساس إلى الوقاية الفكرية وتدبير الشأن الديني .
وحيث أن الإرهاب له علاقة بتسخير إرادي ، أو فهم معين لأحكام ، أو بتفسير خاطئ ، وكاذب في أحيان كثيرة للقاعدة الشرعية ، فقد إقترنت أولى الحلول المؤسساتية بالوظيفة الدينية للدولة ، وإعادة هيكلة الحقل الديني المغربي ، من خلال إعادة النظر في البنيات المكونة لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية والأدوار المنوطة بها للمجالس العلمية عن طريق خلق مديريتين جديدتين بالوزارة المذكورة ، الأولى تعنى بشؤون المساجد، والثانية لها علاقة بالتعليم الأصيل ، وبهذا تكون المملكة المغربية عملت على رؤية إستباقية تؤسس وتؤكد بأن الفكر الإسلامي هو الكفيل بأن يرسم المسارات الصحيحة في عقول المسلمين بصورة عامة ، والشباب بصورة خاصة ،نظرة تجنب الكل من الوقوع في براثن الإنحراف الفكري الذي يؤجج روح الإرهاب ويقذف بالمغالطات الخطيرة على واقع الأمة والعالم بأسره.
هذا ومن سبل مناهضة الإرهاب نجد :
-التمسك بكتاب الله وسنة نبيه
-كثرة المحاضرات والندوات الدينية
-طباعة المؤلفات التي توضح وتفسر أحكام الإرهاب
-توعية الأباء والأمهات بمتابعة الأبناء
-إيجاد مناهج علمية مقتبسة من كتاب الله والصحيح من السنة
وذلك من أجل التوعية بخطورة الإرهاب وضرره على الأفراد، والجماعات ، والدول والشعوب قاطبة ، على ألا تتخلى المناهج المتبعة عن قيمتها الثابتة وأصولها الأصلية ، التي لا تقبل لا المزايدة ولا المراهنة ، ولا الزحزحة ولا الزعزعة ، كعقيدة الولاء والبراء ، ومن تم تثبيت عقيدة التوحيد في النفوس الناشئة ، حتى ينشأ لنا جيل يدين بعقيدة التوحيد الخالص ، جيل يدين بدين الإسلام ، الذي لا تخالطه الشوائب ، ولا الشكوك ، ولا تكثنفه الظنون ولا الأماني.