هل اندلعت الحرب العالمية الثالثة؟

هل اندلعت الحرب العالمية الثالثة؟

الحسين أربيب

 

 هذا السؤال صار ملحا الآن بعد ما صارت باريس وانقرة وبيروت وتونس وموسكو، ناهيك عن كابول وكراتشي وكينيا والدار البيضاء وقبلها نيويورك ، كل هذه المواقع في العالم باتت مناطق حرب بشكل من الأشكال من قبل تنظيمات تارة باسم القاعدة وتارة باسم التنظيم الإسلامي ومرات أخرى باسم بوكو حرام أو باسم الشباب الإسلامي في الصومال وغيرهم من التنظيمات الإرهابية والتي لا تؤمن سوى بحمل السلاح في وجه من يخالفها في التفكير والديانة ، في المقابل هناك حربا ممنهجة وأكثر قوة مادية ولوجيستيكية لمواجهة "الإرهاب "وبين الإرهاب والإرهاب المضاد تضيع حياة الأبرياء وتدمر معالم الحضارة وتقطع الأرزاق ويسود الخوف ويصبح هو سيد المواقف في كلا الجهتين ، ويضيع الأمن والطمأنينة والسلام، إن الغرب و في مقدمته الولايات المتحدة وضع ترسانته العسكرية لخدم مصالحه وحمايتها دون الاهتمام بحل القضايا الشائكة في بلدان التوتر الاجتماعي أو الاثني والعرقي والصراع الديني وأماكن الصراع الذي يكون سببه في الأصل غياب الديموقراطية ،ويتم تغليفه وتحويله عبر تحاليل ونظريات المرتزقة الى صراعات دينية وترابية وغيره من الأسباب التي تغيب الحقيقة فيها. إن الغرب وموسكو يضربان في سوريا ويلقون أطنانا من القنابل ويجربون كل ترسانتهم القاتلة بشكل غير إنساني دون صحوة ضمير الإنسان في الغرب الذي لا يسمع ولا يرى إلا من خلال ما يقمه الإعلام الذي يمتلكه الصهاينة والرأسمالية الجشعة التي تخفي الحقائق عن دافعي الضرائب في الولايات المتحدة الأمريكية ولندن وباريس.                               .نحن في حرب ،حرب لها أسبابها ومبرراتها  ، والسبب الرئيسي في كل هذا هو عدم سعي الأمم المتحدة والقوى العظمى من ايجاد حل للقضية الفلسطينية وللشعب الفلسطيني الذي عرف القمع الصهيوني والتشريد والسجن لمدة تجاوزت 60 عاما. شعب بلا وطن ، شعب مشتت عبر الاعلم والباقي في ظل الاحتلال الصهيوني يعاني الأمرين ، التنكيل اليومي عبر المعابر والفصل العنصري عبر جدران العار وكل ذلك تحت عيون الأمم المتحدة وأمريكا ولندن وباريس وموسكو، قضية فلسطين هي محو كل الصراع وقضية الطاقة الغازية والنفطية في منطقة الشرق الأوسط هي أيضا أحد محاور الصراع الذي لا يغيب في كل استراتيجيات الغربي الأوربي والأمريكي في معالجة القضية الفلسطينية ، والأمر أضيفت الى القضية الأساسية والتي هي قضية الشعب الفلسطيني ، الصراع الإيراني مع الغرب والملف النووي والصراع الشيعي السني والحروب الجانبية التي جاءت مع ربيع عربي انقلب الى خريف بفعل التدخل الأجنبي سواء في اليمن أو ليبيا أو سوريا واصبح الوطن العربي برميل بارود دائم الاشتعال منذ قرابة خمس سنوات والعالم المتحضر يتفرج بل يستفيد من الموت الذي أصبح عاديا في شوارع بغداد والأنبار وبيروت والرقة وتعز وعلى طول خريطة الوطن العربي الممزق  ، كل ذلك ما كان ليكون لولا  تلك السياسة الخارجة للدول الغربية تجاه الدول النامية خاصة الدول المعروفة بأنظمتها الديكتاتورية  وتقديم الدعم السياسي لها والتقني طبعا مقابل نهب ثروات تلك الشعوب عبر اتفاقيات سبوعية لأن الطرف الضعيف هي تلك الدول الجنوبية التي تعاني من الجهل وكل أشكال التخلف ، أضف الى ذلك تسلط أنظمة عسكرية على شعوبها وكسر كل من ينادي بالحرية والزج به في السجون دون اتباع أي مسطرة قضائية ولو شكلية ، كل ذلك تحت مرآي ومسمع الدول الغربية حاملة مشعل الحريات وحقوق الإنسان في المنابر الدولية وإصدار توصيات وقرارات لا تنفذ وتظل في الرفوف.                                     .  إن علاقة الشمال بالجنوب لم يعد يربطها سوى المصالح الضيقة لتلك الدول الغنية تجاه دول العالم الثالث ، والحاجة الى العيش الكريم بات مطلبا لكل شعوب العالم في الدول النامية والحرية أساس لكل حياة وعيش رغيد ، لكن المعادلة فيها كثير من الغلط والخلط والتمويه ، والعلاقات الدولية لم تعد تقوم على أساس رابح- رابح، بل علاقة الهيمنة والسيطرة والاستغلال ، وهذا ما راكم الكثير من الظلم نتيجة الكيل بعدم مكايل من قبل الدول القوية اقتصاديا وعسكريا مما ساهم في اتساع الهوة الاقتصادية والفكرية بين دول الشمال والجنوب ، وانعدام التوزيع العالمي العادل للخيرات عبر برامج الأمم المتحدة التي صارت مقاطعة تتفرد بها القوى العظمى وبالخصوص قوى الرأسمال الأمريكي ، مما جعل كل برامج منظمة الأمم المتحدة للتغذية (الفاو) والمفوضية العليا للأمم المتحدة  للاجئين وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية ، تعمل في تنفيذ سياسة خارجة هذه الدول الغربية دون أن تكون في خدمة القضايا الفعلية للتنمية وحماية حقوق اللاجئين ومحاربة الجوع والفقر وتقديم المساعدة من أجل تطوير الزراعة في دول الجنوب بتقديم التقنيات العصرية وبناء البنية الذهنية لشعوب هذه الدول حتى يمكن الحديث عن تأطير فعلي وحقيقي يساهم في خروج الدول النامية من الفاقة  .                                 .                                                                                 إن الإرهاب لم يأت من فراغ عقول هؤلاء "الكاميكاز " بل من الفكر الإقصائي والأناني لدول الغرب التي فكرت في الثراء والعيش الرغيد لشعوبها على حساب الشعوب الأخرى التي تعاني من الفقر والأمراض والقمع السياسي وانعدام الحريات وزادتها الدول الغربية وموسكو بالتدخل في شؤونها الداخلية مما يعقد كل الحلول ويشعل الحروب هنا وهناك ، ومن الطبيعي أن تمتد الحرب الى المناطق المجاورة خاصة وأن العالم اليوم أصبح قرية جد صغيرة.                                                                                             إن العالم المتحضر ملزم اليوم للحوار ليس عبر قنوات السلاح والقوة لأن التجربة أبانت أن القوة لم تكن يوما طريقة ناجعة للاستقرار والتنمية المستدامة بل هي سببا في تأجيج النفوس واستئناسها مع الرعب ويصير القتل مسألة عادية والدم يسيل كالماء في طرقات مدننا كل يوم ، والضائع هو هذا الإنسان الذي من أجله قامت كل هذه الدنيا ليحب ويزرع الورود ويطعم الأطفال ويداوي المرضى ويسعد الناس . هل مازال لنا الحق في الحلم ؟ الم تندلع الحرب العالمية الثالثة بعد ؟ اتمنى أنه مجرد كابوس ، وسأستفيق على نغمة لحن السلام في صباح الغد تعزفها الشعوب في كل مناطق العالم .  

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

المقالات الأكثر مشاهدة