بؤس السياسة الحزبية
محمد اليونسي
حينما يجعل أمين عام حزب العدالة والتنمية من مشروع الحزب متمركزا حول فكرة ناظمة وأساسية هي مناهضة حزب آخر والدعوة لمحاصرته واتهامه بكونه يمارس التحكم.
وفي المقابل حينما يأتي أمين حزب الأصالة والمعاصرة ويجعل من أهدافه الأساسية هو محاصرة مد الفكر الإسلامي.
وحينما تصبح هذه الإطارات الحزبية عبارة عن معتقلات لقمع وإخماد كل الأصوات الحرة.
وحين نجد المناضل فاقدا للإرادة وللحرية خادما للإطار الحزبي وأصبح من الممتلكات الخاصة لهذا الزعيم أو ذاك.
وحين تصبح هذه الإطارات الحزبية فارغة من كل القيم النبيلة ويصبح المناضل وجوده من وجود زعيم جعل من هؤلاء المناضلين متحلقين حول رغبات الزعيم اللامتناهية.
وحين تصبح هذه الإطارات الحزبية عقيمة غير قادرة لإنتاج الأفكار والمشاريع وطاقات بشرية مهمتها الذوذ والدفاع عن القضايا التي تهم المواطن.
وحين تصبح الأحزاب عبارة عن هرم قاعدته صلاحيات واسعة لزعيم محاط بمريدين دورهم المباركة وتبرير كل الأخطاء التي يرتكبها أمين سر حزبهم المتلاشي.
وحين يصبح المناضل معتقل في فكره وحريته وقدراته وإرادته.
وحين نشاهد كون زعمائنا الحزبيين أعداء للحرية وليست لهم القدرة الكافية لسماع رأي آخر.
وحين يصبح من المؤكد كون عقول المناضلين يتم إفراغها من كل ماله علاقة بالنقد والإبداع والإرادة الحرة، ويتم ملؤها باسطوانة يرددها الزعيم ويفرض عليهم قول مايراه مفيدا لهم ولتنظيمهم ويجعلهم يسمعون سيمفونية واحدة للزعيم (فأعلموا أننا أمام كراكيز ودمى تحركها الصور والظواهر الصوتية يتم استثمارها من طرف إطارات فارغة من كل مضمون وجوهر).
وحين تصبح أحزابنا دورها الوحيد هو إنتاج نفس النخب وإعداد القوانين الداخلية على مقاس آمالهم الغير المحددة.
في الدول الديمقراطية، الأحزاب السياسية يكون من أهدافها الكلية هو نشر ثقافة الإبداع والحرية وليس ثقافة القطيع والتودد لقيادة فاقدة للمشروعية.
في الدول التي تحترم ذكاء مواطنيها، تكون الأحزاب بمثابة الإطارات المفتوحة القادرة لتشكيل مناضل صلب، قوي، متمسك بالحق، مدافع عن إرادة الآخرين وحريتهم.
في المجتمعات الحديثة، يكون الحزب بمثابة الملاذ الذي يتجه إليه المواطن قصد البحث عن حرية كاملة غير منقوصة، وديمقراطية حقيقية غير مزيفة.
في الختام،نأسف كون بلادنا لحد كتابة هذه السطور لم تستطع إفراز إلا أحزاب لا تتوفر لا على رؤية،ولا رسالة ،ولا مشاريع وغير قادرة لمسايرة وضع عالمي سيجرف لا محالة كل من ليست له القدرة على الإبداع والابتكار والتجاوز.