التعليم في خطر

التعليم في خطر


 اخريبيش رشيد

بعد أن كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن التعليم ،وبعد فشل كل المخططات لإصلاحه ،من طرف الحكومات المتتالية،بدأنا نسمع عن دور المعلم في العملية التعليمية التعلمية وعن مسؤوليته حول ما وصل إليه التعليم في المغرب من إخفاقات ،خاصة بعد صعود الحكومة الجديدة و بعد تقرير البنك الدولي الذي جاء بمثابة صفعة للسياسة التعليمية بأكملها،والذي احتل فيه المغرب الرتبة الثالثة ما بعد الأخيرة ناهيك على أن المغرب مهدد بخطر الهدر المدرسي حسب هذا التقرير .من هنا كان علينا طرح هذا السؤال و الذي أمامه علامة استفهام ضخمة من المسؤول عن فشل منظومتنا التعليمية بالرغم من كل المحاولات الإصلاحية التي جاءت بها العديد من الحكومات المتتالية ؟

قديما قال احمد شوقي قم للمعلم ووفه التبجيل كاد المعلم ان يكون رسولا .فبعد أن كانت صورة المعلم تدل على الاحترام والتقدير و بعد ما كان يضرب به المثل في العمل و التفاني و بذل مجهودات من أجل إنشاء أجيال قادرة على أن تضاهي أمثالها في الدول الأخرى ،أصبحت إذاعاتنا وقنواتنا الإعلامية تطل علينا صباح مساء( ببرامج ) تسيئ إلى المعلم وإلى عمله ،فالبعض من هذه (البرامج) للأسف الشديد تجعل من المعلم أضحوكة للعباد والبعض منها يخصصونها لاتهامه وجعله المسؤول الوحيد عن فشل التعليم .كل هذه الدعايات والحملات التي تطلق من حين لآخر لتشويه صورة المعلم وجعله يحس انه اصبح بدون قيمة ، كلها مؤشرات يمكن أن نفهم من خلالها انه ليست للحكومات المتتالية نية صادقة في إنجاح الإصلاحات وجعل المنظومة التعليمية تواكب المستجدات . يتحدثون دائما عن ضعف المستوى التعليمي للتلاميذ ويردونه إلى المعلم بالله عليكم إلى متى ستبقى الحكومات المتعاقبة تزور الحقائق وتتهرب عن المسؤولية متخذة شعارها الوحيد والأوحد (مصالحنا في خطر والتعليم مسألة يعاد فيها النظر؟) من المخجل أن نتحدث عن مسؤولية المعلم لوحده دون أن نتحدث عن مسؤولية هؤلاء حول وضعية المعلم في العالم القروي الذي يعاني الأمرين ، لا من جهة الدولة ولا من جهة الظروف التي يتم تعيينه فيها كيف يمكن لنا أن ننتظر العطاء الكثير و الفعال من هذا المعلم في الوقت الذي نرى أن هذا الأخير جعلوه نسيا منسيا في الجبال يعاني قساوة البرد في الشتاء وحرارة الشمس في الصيف بدون ادنى شروط الحياة الكريمة وظروف العمل المريحة ، كيف يمكن أن ننتظر العطاء من شخص لا يتوفر على الماء لسد رمقه و ما بالك بهيأته التي تعتبر ضرورة في منظومتنا التعليمية ، كيف يمكن لنا أن ننتظر العطاء ممن إذا أرادوا أن يسافروا لا يجدون وسائل النقل وينتظرون بفارغ الصبر مجيء السوق الأسبوعي الذي يعتبر الفرصة الوحيدة بالنسبة لهذا المعلم للسفر.

كيف يمكن لهذا المعلم أن يتحدى الصعاب ويصنع من نفسه إنسانا آليا يتحدي الطبيعة ؟والدولة تصرف المليارات من الدولارات من اجل بيداغوجيات لا تسمن ولا تغني من جوع اللهم إذا كان في تبذير أموال الشعب ،فنحن نتساءل اين هي بيداغوجيا الإدماج التي أنفقت من أجلها الملايير؟ الإدماج أصبح في خبر كان والميزانيات التي خصصت له كانت مجرد لعبة يعرف الجميع نهايتها ،كل حكومة تأتي إلا وتلغي عمل الحكومات السابقة ومن ثم يتحدثون عن مسؤولية المعلم لوحده عن فشل التعليم أهذه السياسات الفاشلة كفيلة لدفع التهمة عنكم وإلصاقها بالمعلم الذي لا حول ولا قوة له ،والذي مل من كل تلك الشعارات الجوفاء التي لا تزيد المنظومة التعليمية إلا تأخرا ،كيف يتحدثون عن مدرسة النجاح وهي في الحقيقة صورة من صور الفشل الذي يحاولون إخفاءه ببعض الشعارات الرنانة مثل مدرسة النجاح بالرغم من أن هذه الأخيرة لا تتوفر على أبسط الوسائل الديداكتيكية السبورة الوسيلة الوحيدة التي من المفروض ان تكون صالحة هي الاخرى أكل الدهر وشرب عليها .أما من حيث البنية التحتية فحدث ولا حرج فالبنايات المدرسية لاتصلح حتى لغير البشر فما بالك بمن تسمونهم أجيال مدرسة النجاح .أما أجرة المعلم الذي أقاموا عليه الدنيا ولم يقعدوها فهي لا تكفيه حتى لنفسه و ما بالك بتكوين أسرة ، ناهيك عن الفوارق الطبقية التي نجدها في التعليم المغربي بعد إيقاف الترقية عبر الشواهد زيادة على مسألة الزبونية و المحسوبية في الامتحانات المهنية ،ليس من حق احد أن يتطاول على هذا المعلم أو ان يتهمه بأنه هو المسؤول عن فشل المنظومة التعليمية ،ففشل هذه الاخيرة ضحية سياسات حكومات متعاقبة غير مبالية بهذا الشعب العظيم وغير مبالية بمستقبل أبناءه ولذلك يشرعون من برجهم العاجي بعيدا عن واقع المدرسة المغربية وبعيدا عن إشراك المعلم في أي مبادرة كيفما كانت، ليس من حق أحد أن يلوم المدرس ما دام أننا لم نقدر هذا الأخير ولم نعطه حقه أولا وحقه كمدرس ثانيا ،ونعيد النظر في سياساتنا التي جعلت التعليم المغربي في خطر لن نستطيع أن ننقذ منظومتنا التعليمية ،وبذلك نكون من الأوائل الذين حكموا على التعليم بالموت ونكون اول من صلى عليه صلاة الوداع . أسئلة عديدة لا زالت معلقة من الواجب على الحكومة الجديدة الإجابة عنها وذلك بأفعال على وجه السرعة ،وليس بالوعود النرجسية التي عودتنا بها الحكومات السابقة التي فقد فيها المواطن المغربي الثقة وفهم أن لا أحد من هؤلاء يريد إصلاح هذه المنظومة ، فما فعله اخشيشن هو نفسه ما فعله سلفه في تخريب المنظومة التعليمية السيد الحبيب المالكي الذي دشن لعصر الفشل والإخفاق،ما نراه الان من الحكومة الجديدة لا ينم عن حسن نية في إصلاح التعليم،ولا يبشر بالخير الكثير الذي لطالما علق عليه الكثير من المغاربة آمالهم .ما يقع من تجاوزات في حق الأساتذة المطالبين بحقهم سواء من حيث استعمال العنف الجسدي او العنف النفسي الذي طالما يتعرض له هؤلاء يبين وبوضوح وبجلاء حسن نية هذه الحكومة الجديدة،ويبين مدى النية الصادقة في إصلاح التعليم.إذن التعليم في خطر نداء الى اصحاب الضمائر الحية علهم يستفيقوا من سباتهم العميق ويعيد النظر في ساستهم خصوصا تجاه أغلى مؤسسة من مؤسسات الدولة والتي تعتبر نبع الحضارة والتقدم لكل الأمم.

عدد التعليقات (6 تعليق)

1

احمد علي

بصراحة كل ماقاله الكاتب يعبر عن رؤية واضحة ودقيقةعما يعانيه رجال ونساء التعليم ما دمنا اننا لانقدر المعلم فإننا لا محال سنصل الى الطريق المسدود

2012/03/12 - 08:11
2

le professeur mohamed

alkol masaol 3ala azamat atta3lim fi lmaghrib.kollo wahid laho hissatoho mina lmasaolya.walakin ismaholi an a9ol anna alhissa lkibira fi hada lwad3 alladi ya3ichoho ta3limona mina alazamat.yarji3o ila alhokomat walmasoalin 3an wad3 assyasat atta3limya bilmaghreb. mada yaf3al alostad, alma9hor min kol annawahi almadyya minha walma3nawya,illa an yotabbi9a mayomlihi 3alayhi almanhaj walbarnamaj alladi tada3oho lwizara.fahwa laysa illa mojarrad motabbi9 lisyasat addawla.watohammilonaho lmasaolya.3lach.

2012/03/12 - 08:21
3

marocain

le système éducative marocain a connu ces derniers années un problème de l\'incompatibilité entre les méthode apporter par chaque gouvernement et la situation de l\'éducation dans notre établissement. et pourtant la mésire où il vit les enseignants

2012/03/12 - 11:40
4

حمادي

المعلم مبقاش هوالمعلم المحترم.المادة طغات عليه.يهتم في تجزءات وبيع السيارات و الدروس الخصوصيةالخ....كيف تريدون ان يتقدم التعتيم.بحمايية النقابات.

2012/03/13 - 02:23
5

khalid barcelona

مقال يستحق التنويه لأنه عيب وعار أن نسمع مثل هذه لأشياء في مجتمع يدعي التوعية والأمن في غياب أبسط شروط الحياة ـ التعليم والتوعية ـ ولا يمكن أن نلوم الوالدين على أخطائهم كما أشارى الأخ في مقاله ونتمنا صادقين أن نسمع أسماء جمعيات كثيرة تشتغل فى هذا المجال ولا ننسا دور الأمن لما له من صيت للحد من هذه الظاهرة الخطيرة فأمينة تعني الأمنيات لماذا نسد طريقها فالحياة هكذا مفاهم وهكذا واقع

2012/03/19 - 01:38
6

سيمو طاهري

مقال شامل واقعي و حي بالبث المباشر احيي الكاتب العظيم على ما جادت به قريحته في شان ما الت اليه حالة المعلم في زماننا هذا

2012/03/20 - 09:36
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات