المصاحبة التربوية ارتقاء بمهنة التدريس
عمر صديق
المصاحبة التربوية كنشاط داخلي المؤسسة نفسها أو بين أساتذة ضمن مؤسسات متباينة،ليست بالحدث الجديد و ليست بالأمر الذي يمكن النظر إليه كتدخل في مهام المؤطرين التربويين و غيره،بل هو تكامل و تكافل فرضا نفسيهما منذ مدة طويلة،فكم من أستاذ(ة) كان له(ا) الفضل في تيسير عمل باقي الزملاء و تقديم شتى المساعدات البيداغوجية و الإنسانية و حتى المادية،و أما إصدار المذكرة رقم 15*134 بتاريخ 11 دجنبر 2015،الخاصة بالترشح لمهام الأستاذ المصاحب،قد جاء لمأسسة تلك العلاقة\الثقافة التفاعلية الايجابية بين الأساتذة ووضع إطار قانوني لاشتغالها و تكون لنتائجها صدى طيب يعود بالنفع على المنظومة التربوية،فالحاجة الماسة للارتقاء بمهنة التدريس و ضمان فاعليتها على الممارسة التربوية الفصلية،يتطلب تقوية اللحمة بين الممارسين و تعزيز التقارب المهني بينهم،كذلك مد جسور تعاون و تبادل خبرات حقيقية تحت إشراف اللجان المسؤولة عن التأطير و المراقبة،فهذا المشروع الجديد لا يعني تبخيس دور المؤطرين التربويين في مساعدة الأساتذة و تعزيز كفاءتهم،كذلك تقييم أدائهم و مراقبة مردوديتهم المهنية،فالمصاحبة التربوية تأتي هنا لتعزز و تكمّل مهامهم،بحكم القرب الجغرافي و التقارب العمري...نضيف بساطة التواصل و متانة قناته،كذلك هي محاولة ضمن نسق إصلاحي يروم تخطي الأزمات المعلن عنها من طرف تقارير الإدارة المركزية و المنظمات الدولية؛ فالمرجعية الأساسية المعتمدة في تفعيل المصاحبة التربوية هي المحور 6 المتعلق بالتأطير التربوي،تحديدا التدبير رقم 15 من التدابير ذات الأولوية،حيث كان لشح التكوين المستمر و نقص التكوين الأساس،ثم قلة الاطلاع على المستجدات التربوية أثار سلبية على الممارسة التربوية عامة،فطبيعي أن نرى ترديا في النتائج الدراسية للمتعلمين و ضعف تحصيلهم،بغض النظر عن طبيعة الفصول الدراسية منفصلة كانت أم مشتركة،لذا فالحاجة إلى تطوير الأداء التربوي و تجويده يشترط في المصاحب التربوي،التمتع بحس المبادرة الإبداعية و الخبرة في التدريس كذلك مسايرة التحولات المتعلقة بالشأن التربوي و التمكن من تكنولوجيات التواصل الحديثة التي بدورها الايجابي تبث نوعا من التشويق و الحافزية لدى المعلمين ثم تعلي من قيمة العملية التعليمية التعلمية،فالتحكم في هكذا خصائص و اتخاذ موقف ايجابي من هذه المهمة الجديدة،سيحفز باقي الأقران الممارسين على تجاوز مشاكلهم و التغلب على عثراتهم المهنية،و الهدف ككل يتوخى تغيير الشكل التقليدي النمطي للأنشطة الصفية،و إخراجها من قوقعة السلطة و الحكامة الأمنية و الجمود،كذلك التحجر في إتباع المقررات الدراسية إلى الواقع الحقيقي التعاقدي بين المؤسسة التربوية و المجتمع،إلى فضاء حرية التعبير و الإبداع،وتكافؤ الفرص للجميع،صحيح أنها أول تجربة و أجرأتها ستكون متدرجة على امتداد السنوات المقبلة،فالمطلوب وما ينبغي القيام به هو المساهمة الحقيقية في إنجاحها،حتى ترتقي أكثر الممارسة المهنية بين الأساتذة،كذلك تتعزّز العلاقة بين كافة الأطر التربوية و الإدارية و التأطيرية،هنا و في تداخل المهام و تشابهها،تشكل لنسيج جديد،يحل محل العلاقة المنغلقة المحكومة بمساطر تخنق الإبداع و المبادرة معا،كما أن مشروع الأستاذ(ة) المصاحب(ة)،هو أرضية تتقاطع فيها الرؤية الشخصية لتنزيل مقتضيات المصاحبة التربوية مع الأهداف و المرامي المسطرة ضمن المنهاج الدراسي،ولن يتأتى هذا حتى تخلق الأجواء الملائمة في أدنى حدودها؛فالمكلف بمهمة المصاحبة التربوية و حسن اعتقاده بها،يرى فيها : -فرصة لتبادل الخبرات و التجارب،وأما توصياته الختامية تروم جانب الإفادة و الدعم وأبدا ما تقلل من عمل الأستاذ،-ضمانا لاستمرارية اعتماد المقاربة بالكفايات كأرضية للاشتغال،كونها نظاما متكاملا يمس جوانب المتعلم المهارية و المعرفية و الوجدانية،-توثيقا لجسور الروابط بين الأساتذة المدرسين لنفس المستويات الدراسية ضمن شبكات الممارسة المهنية،-تغلبا تدريجيا على عقبات التعلم عند المتعلمين الخاضعين للتتبع التربوي،-فرصة شجاعة تمكن الأستاذ(ة) من تجاوز صعوباته المنهجية و تحقيق نتائج مرضية،-تجويدا للعملية التعليمية التعلمية عبر إدماج التكنولوجيات الحديثة في سيرورتها،-أملا في الحصول ختاما على متعلمين متميزين في مردودهم التربوي،أقله قدرتهم على القراءة مع الفهم،على الكتابة بشكل سليم،على التعبير فصاحة،-حرصا على تقديم الإضافة الايجابية و المساهمة من جهته في تجويد الممارسة التربوية.تبقى كل خطوة للنهوض بالقطاع التربوي بادرة طيبة لا يسعنا نحن كممارسين و غيورين على تعليمنا الوطني،سوى الترحيب بها و المشاركة الفعالة في إنجاحها.
غريب وطن
أية مصاحبة ؟
فعلا للمصاحبة التربوية عامل مهم في تطوير الممارسة المهنية للتعليم والتعلم. لكنها لا تجدي نفعا في إطار نظام تعليمي متخلف يفتقد الأسس والأدوات البيداغوجية الكفيلة بتحفيز عملية التعلم. بل يفتقد كذلك إلى البنية التحتية والمعدات والوسائل الديداكتيكية ويعتمد على النموذج الأحادي والمقرر المنغلق الذي جعل من التدريس موادا متمبزة وأخرى تكميلية لا غير فصار من يحترف المواد الاساسية يتاجر بالساعات الإضافية والنقط ومن يزاول المواد الأخرى مهمشا منسيا. إنها عقلية الحشو والتلقين والنجاح والرسوب التي أصبحت طاغية والغش والتحايل هو المتفشي في أوساط التعليم على اختلاف أسلاكه. فلن يكون للمصاحبة دور إلا بتغيير نظام التعليم المتخلف هذا بنظام يعتمد على التشارك والمناصفة والارتقاء بالمهارات والكفاءات وتمكين الفرص وتشجيع المبادرات عوض قبرها وإقصائها من خلال تكرار المنظور والرؤيا المستقبلية بنفس المنظور العقيم الذي أودى بالتعليم إلى الحضيض ولا يخدم إلا المتاجرين بالتعليم عوض الارتقاء بالمواطن والوطن. فهل فعلا ستكون المصاحبة المنشودة مغايرة لسابقيها ؟ أم هي شعار على غرار الجودة والحكامة والترشيبد والتتبع وووووووو.....