محاربة الغش في امتحانات البكالوريا
حسن بوستة
غريب هو هذا العدد الهائل من المقترحات البوليسية لمحاربة الغش في امتحانات البكالوريا:
• تركيب كاميرات المراقبة
• توفير أجهزة كشف المعادن
• قطع أنترنت وشبكة الاتصالات
• مراقبة المراقبين
• مساهمة الشرطة والمخازنية في الحراسة
• التنصت على المكالمات ومراقبة الانترنت
• أداء القَسَم قبل الدخول لاجتاز الامتحان
• حفظ المواضيع اللجنة المركزية في بنك المغرب ونقل المواضيع وأوراق الإنجاز في سيارات مصفحة.
• طرد الغشاشين ومنعهم نهائيا من حقهم متابعة الدراسة.
• بطاقة حمراء + توقيف ل5 سنوات
والحال أننا نتحدث عن جيل من إنتاج نفس المنظومة التربوية والمجتمعية وإن كان بها خلل فإنما تتحمله المؤسسات القيمة على التنشئة. كيف نعيش في دولة تتنفس غشا أن نحارب الغش لدى الفئة الأكثر عرضة للتأثر؟ غش في الانتخابات وغش في الصفقات وغش في التجارة وفي الصناعة والرياضة والمشاريع العمومية والخاصة وفي أداء الوظائف و...
هذه الإجراءات وغيرها وجب اقتراحها واستعمالها مع ناهبي المال العام والقيمين على تسيير ثروات الشعب وبعثرتها دون حسيب أو رقيب. فكيف يعقل أن تمنح الحصانة والتوقير للترلماني والوزير والعامل والوالي و.. ونطالب بالمراقبة والحراسة والعقاب لتلميذ في ريعان الشباب يسعى لاجتياز امتحان للحصول على دبلوم لا قيمة فعلية له سوى تلك الهالة الرمزية التي أسقطها عليه التركيز الإعلامي والتباهي المجتمعي. وإلا فإنه ليس سوى وثيقة تسمح لأغلب الحاصلين عليها بالولوج لجامعات لا تملك من التعليم الجامعي سوى الإسم ليتخرج منهم أقلية الأقلية بدرجة مجاز-عاطل أو مجاز-حارق .لكل من يعذب نفسه لإيجاد حلول بوليسية لمساعدة الدولة في محاربة الغش: لا ترهقوا أنفسكم بالتفكير فالدولة خبيرة بالحلول البوليسية بل يمكننا القول أنها لا تعرف غيرها.
أما إن أردنا حلاّ بسيطا للغش لدى الممتحنين دون المساس بمنظومتنا الغشية المؤسساتية والمجتمعية المقدسة فما علينا سوى مراجعة أساليب التقويم بالتخلي عن المواضيع المكررة منذ الأزل والمعتمدة على الحفظ والاستظهار والتي لا يحتاج التلميذ إلا لإطلالة في كتاب من كتب "تمارين وحلول" ليجد الجواب باديا للعيان، واستبدالها بمواضيع تحتاج لاستحضار كل المكتسبات وإدماجها وتنسيقها لبناء الحلول مع السماح باستعمال الموارد .
طال لعلو الدم
مع كل أسف هكذا يفكر المسؤولون في قطاع التعليم ولم يبدلوا أي عناء في التفكير بتغيير النظام التعليمي الفاشل الذي لا يزيد إلا تكريسا للفشل. أو ليس مجديا أن نفكر بنظام تعليمي ناجع ومناسب وملائم لتطلعات شعب يقاصي من الاستبداد والإقصاء والتهميش والجهل والتخلف والسذاجة والميوعة في كل المجالات ؟ أو ليس محقا أن تكون لنا مدارس وبرامج تعليمية بمواصفات دولية ؟ ألم يحن الوقت للتفكير في بناء وتنشئة مواطنين يتحلون بالمبادئ والقيم والأخلاق وأكثر من هذا متمكنين من الكفايات والمهارات وقادرين على الاندماج في المجتمع واتأثير فيه بالتنمية والتطور ؟