عين على الجامعة والتعليم
يونس السكتاوي
تعد الجامعة معقلا حقيقيا لإعداد أجيال الغد والسهر على تربية وتعليم وتوجيه وإعداد الجيناتالعلميةالمؤسسة على المسؤولية السياسية والقانونية والدستورية والمعرفيةلأجل تشييد مستقبل مشرق متكامل البنيان علميا بكل توسلاته وتخصصاته ،الجامعة، بكل ما تحمل من رمزية ومعنى سيكولوجي ذهني يرمي ويوحي لمرحلة البناء والتأسيس لمنطلق أكاديمي يحوي بين أناته روافع العلم وآلياته المنهجية ووسائل كسب ضبطية النظمية المعرفية وتشكل ملامح التأهيل الطلابي لنسق التكوين إعدادا وإشرافا لمجمل مراحل التلمذة الجامعية وعلى أعين أرباب السهر على نجاح عملية النضج الإبستومولوجي واتساع التبني السياسي لأطر المستقبل لأجل واقع يليق بجغرافية ثقافتنا ومتنها الحضاري ،فلا يخفى إذن على كل والج لأدراجها ومشتم لنسيمها حالة البؤيس المدوي والصارخ الذي تتراءى من بنيتهووظيفته الهجينة بدأ من العينات المادية ،مدرجات،باحات،آليات البحث العلمي،بلغة السوسيولوجيا وتوسلاتها لمجتمع العينة أو منهجيا كتعبير بيداغوجي يترجم اللااستقراروالتخبط في الرؤى والتنافي التنظيري وسيادة الصراع السياسي على حتمية القيم العلمية والمعرفية المفترض توفرها في المناهج التعليمية لتتطابق أو لتتوائم مع الإستشراف المستقبلي والتنمية الشاملة من أجل غد واعد وشباب واعد يحضى بكرامة وطن وأمة لأجل تنمية مستدامة شاملة ،وإقلاع حضاري متراص واعيا بشروط النهضة واستيعاب مستجدات العصر .
فعلى أثير واقع تعليم جامعي مضمخ بالجروح التجريبية،مد ما يسمى استقلالا وبداية بناء الدولة فكرة ومفهوها ومؤسساتها التنظيمية ظل التعليم سيما الجامعي منه يسأل الخلاص من الأيديولوجيا وصخبها السياسي والفلسفي المسكوك بالصراع والتناحر ،
من خلال هذا المدخل العام لواقع التعليم الجامعي بالمغرب تبرز حالتين مأساويتين كنتيجة للشطط والهجانة الإستراتيجية لتدبير هذا الملف الحساس الذي يعد أساس كل تنمية ،سياسية واقتصادية وثقافية وعلمية واجتماعية.
_التسطيح المهول للمستوى المعرفي وآليات الكسب الثقافي .
_االقصف الممنهج للنخبة العلمية و إنتاج الخراب العلمي.
ليس هناك شك أن طلبة الجامعة بالمغرب يتعرضون لصور التجارب البيداغوجية كفئران تجارب المختبرات للصيغ التعاقدية المحتملة للإصلاح المنشود عبر مسلسل إصلاحات تتدحرج تيماته من إصلاح إلى آخر ،ومن مخطط إلى ميثاق إلى استراتيجية فاشلة قبل أن تبدأ تطبيقاتها على أرض الواقع، فمن ثنايا مختبرات السياسة التعليمية تتبدى الصور المشوهة للعلم والمعرفة من خلال حالة البؤس الأبجدي للطلبة والضياع المعرفي وغياب حب القراءة والتزود بالرصيد العلمي ومع غياب النشاط الثقافي وابتعاد حرم الجامعة العلمي من أية تحفيزات تؤشر على إشعاع ومضاتها أو تعبر عن مرحلة البداية الأكاديمية للتكوين الصارم وتحصيل المعارف العامة أو الخاصة ، تسطيح فضيع وتردي سرعان ما انتشر وعم مع سيادة التفاهة والتلخيص المؤدي للنجاح وتجاوز الوحدة بأقل مجهود وكفى،واعتماد الشبكة العنكبوتية موردا صحيا للبحث العلمي وذيوع سلوكات غريبة كشراء البحوث /إجازة/ماستر....، أما التواصل الثقافي وخلق فضاءات التمرس الفكري والإبداع والنشاط الحركي والإجتهاد وتذوق الإحتراق المعرفي ولذة القراءة فتلك قضية لا تعني المجمع الطلابي ولا تأخذ من اهتمامهم شيئا إلا نزرا يسيرا يعيش وحيدا شريدا تصطبغ عليه ملامح المسكنة والتلف والتيهان بين دروب خيالها الجامح ،فيكفي لباحث مبتدئ أن يلحظ الخراب الذي مني به مجتمع الطلاب وافتقاد إسار العلم ومحدداته البيداغوجية الأولية حتى يبدو أن التسلسل التراتبي الذي ينتقل فيه التلميذ وتجاوزه للمرحلة الثانوية وولوجه للجامعة مشكوك في إمكانياته وملكاته المعرفية التي من المفترض تأهيله لمقارعة عتبات الفكر وبناء مشاريع المفكرين والفلاسفة والمهندسين والقضاة والتقنيين والعلماء لإرساء قواعد التنمية والنهضة الوطنية على الأقل لوضع قدم راسخة داخل نظام دولي متوحش تتحاث ميكانزماته بمنظور لا يعترف إلا بالقوة السياسية والإقتصادية والعسكرية مما تستحيل معه الأمية والجهل المقننين الجاثمين على واقعنا العلمي الضارب في عمق مؤسساتنا التعليمية التي ينخرها الفساد ،وعلى وقع مسوخ الفكر العلمي وآلياته النقدية والتقنية يطيش العقل لفهم الإنحطاط المدوي المعبر عن استاتيكو ممزق لجسد التعليم ومخرب لرواده .
من جهة أخرى وبتتبع البراديغم الذي تشتغل عليه النخبة التعليمية تبرز مجموعة من الملاحظات الفاقعة الوضوح بعيدا عن المزايدات والمنظورات الإختزالية فأزمة التعليم أزمة منظومة بنيوية شاملة متعددة الأبعاد والدلالات والمجال الزمني المخترق مجتمعيا ضمن السياق المتوتر للبنية الثقافية وتعدد روافدها الأيديولوجيةعلى مستوى التصور السياسي للتركيبة الحكومية وصناع القرار الإستراتيجي في البلاد الذي يعد فيه التعليم العالي أهم قطاع يمكن تقييم حالته بالنظر لجدية السياسة التعليمية ورهان التقدم والتنمية والنهوض والإقلاع الحضاري ،وبه ومن خلاله وضع علامات ومؤشرات القوة العلمية .
النخبة المسؤولة على تدبير مؤسسة الجامعة تفتقد لأبسط شروط التنظيم الإداري والتسيير الناضج لحركية العمل التنظيمي كمرفق يحدد الحقوق والواجبات القانونية والأخلاقية من تبسيط وحسن سير وعمل هذا النشاط من جهة ،وتغول المسؤول التربوي وتحكمه الكامل في تحديد وإرجاء الإمتحانات من جهة أخرىوافتقاد الموضوعية في تنزيل النقط والمعايير المعتمدة في تقييم المستوى الحقيقي لكل وحدة ومادة وكثافة المواد وضيق الفترة سيما الدورة الخريفية و..و...الخ.
أما الفساد المستشري في بيع وشراء الكتب والحيل المعتمدة في التأكد من رصيد التجارة ونواتجها الربحية فلا تخفى على كل متتبع للشأن التعليمي بالجامعة مع بعض الإستثناءات النادرة والنادر لا حكم له.
كخلاصة لهذه الفاجعة الخطيرة المهددة لرهن أجيال المستقبل لمنطق الصراع السياسي والأيديولوجي ،فرغم اهتمام النخبة الفكرية والسياسية بمشكلة التعليم تظل الحلول ترقيعية سطحية تعكس ضعف بل وغياب أي أفق للنهوض بهذا القطاع الفقري المثقل بالهموم مع الهوة السحيقة بين الخطاب والممارسة ،فعلى سبيل الختم يكفينا عارا أن التقرير الدولية تتحدث عن تقدم قطاع غزة الفلسطيني وفق مؤشر الجودة على المغرب رغم الحصار والحرب والصراع وفقدان التوازن السياسي والإجتماعي